بسم الله الرحمن الرحيم (إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر *) الحمد لله : سورة الكوثر هي أقصر سور القرآن الكريم فيها ثلاث آيات بينات. وهي سورة مخصوصة بحق النبي محمد صلى الله عليه وسلم فالله تعالى يخاطب فيها حبيبه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم : ( إنا أعطيناك الكوثر ) والكوثرهو الخير العميم أو الكثير أي أعطاه الله تعالى النبوة والرسالة والكتاب ( القرآن الكريم ) والعلم والهدى والخلق العظيم وانتشار دينه ( دين الإسلام ) في الأفاق في الأرض والسماء بين الإنس والجن وباقي المخلوقات. وتفضل الله تعالى امة محمد صلى الله عليه وسلم فجعلها خير الامم وجعلهم لا يجتمعون على ضلالة وان اجتماعهم حجة مهما مر الزمان وجعل ذكره صلى الله عليه وسلم الذكر الحسن والأثر الطيب في كل مكان وزمان وقيل ان الكوثر نهر في الجنة اعطاه الله تعالى الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحوضه من اوسع الأحواض واسناها وافضلها فقد ورد عن انس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم اغفى اغفاءة خفيفة فرفع راسه مبتسما اما قال لهم واما قالوا له : لم ضحكت يارسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال اني نزلت علي آنفا سورة فقرا ( بسم الله الرحمن الرحيم انا اعطيناك الكوثر… حتى ختمها قال : اتدرون ما الكوثر؟ قالوا : الله ورسوله اعلم . قال : هو نهر اعطانيه ربي عز وجل في الجنة وعليه خير كثير ترد عليه امتي يوم القيامة . وعن صفة هذا النهر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب والماء يجري على اللؤلؤ. وفي حديث اخر يجري على الدر والياقوت ماؤه اشد بياضا من اللبن واحلى من العسل . وانيته بعدد نجوم السماء من شرب منه لايضمأ ابدا . أما الآية الثانية ( فصل لربك وانحر ) وتعني مخاطبة الله تعالى لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يخلص في عبادته وعمادها الصلاة ويجعلها خالصة لله تعالى لما تفضل عليه من الخير والنعم وما أعطاه بما فيها ( الكوثر ) ويجعل صلاته لربه العظيم وحده وأن اجعل ما تنحر من ذبائح في يوم النحر أو في غيره خالصة لوجه الله تعالى وليس لغيره واستقبل القبلة عند النحر فهو الذي اسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة وقيل هي التوجه نحو القبلة في الصلاة و رفع اليدين اثناء التكبير . وقيل سأل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ( ماهذه النحيرة التي أمرني بها ربي ) فقال جبريل عليه السلام : ليست بنحيرة ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديدك اذا كبرت ) ولطالما الله تعالى مهتم بشؤونك يا محمد ( صلى الله عليه وسلم) فصل لربك سائر الصلوات المكتوبة والنافلة وانحر الأضاحي في موعدها أي في عيد الأضحى اي صل ثم انحر الأضحية بعد صلاة عيد الأضحى هذه بشارة خصها الله تعالى للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وامته فضلا من الله واحسانا منه . أما الاية الثالثة ( إن شانئك هو الأبتر ) والأبتر هو المنقطع عن الخير والعمل الصالح او المنقطع الذكر . وشانئك تعني مبغضك او عدوك كائنا من كان فهو مقطوع ذكره من خير الدنيا وخير الأخرة وقد حقق الله تعالى له صلى الله عليه وسلم في شانئيه في زمنه ما يستحقونه من الخذلان والخسران، ولم يبق لهم إلا سوء الذكر . اما الحبيب المصطفى محمد ( صلى الله عليه وسلم )- فليس منقطع ذكره فهو ينبوع الحكمة والفضيلة ورسول الرحمة للانسانية ترد عليه كل النعم وعلى مدى الدهور وليس بمنقطع منها شئ وتنزل عليه وعلى كل من اتبعه سبل السلام باحسان الى يوم القيامة . وقد قال الأمام الحسن السبط رضي الله عنه : (عنى المشركون بكونه أبتر: أنه ينقطع عن المقصود قبل بلوغه، والله بيّن أن خصمه هو الذي يكون كذلك). وقيل في سبب نزول هذه السورة المباركة ان العاص بن وائل السهمي كان واقفا بباب المسجد الحرام فمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان ولده القاسم قد مات ولم يبق له ولد ذكر فاستوقفه وتكلم معه ولما دخل العاص الى المسجد سألوه أصحابه صناديد قريش ورجالها عن من كان يتكلم معه فقال لهم : ذلك الأبتر أي المقطوع الأثر وقال : دعوه فإنه رجل أبتر لاعقب له فإذا هلك انقطع ذكره، فأنزل الله تعالى هذه السورة المباركة تطيبا لروحه الشرفة . وصلّ اللهم ربنا على نبيك محمد الذي أعليت ذكره، وأذللت شانئه، صلاة تبقى ما بقي الدهر وسلم تسليما جميلا . وقد وجدت اختلافات وتأويلات بين المفسرين في هذه السورة المباركة كثيرة لم أجدها في غيرها.وهذا ما استلهمته من هذه السورة المباركة . والله تعالى اعلم اميرالبيان العربي د. فالح نصيف الكيلاني العراق- ديالى – بلدروز