إنا أعطيناك الكوثر(1) فصل لربك وانحر(2) إن شانئك هو الأبتر(3) سورة الكوثر. هذه السورة خالصة لرسول الله صلي الله عليه وسلم كسورة الضحي , وسورة الشرح, يسري عنه ربه فيها, وبعده بالخير, ورد أن سفهاء قريش من أمثال العاص بن وائل, وعقبة بن أبي معيظ, وأبي لهب, وأبي جهل, وغيرهم, كانوا يقولون عن النبي صلي الله عليه وسلم إنه أبتر, يشيرون بهذا إلي موت الذكور من أولاده, فنزلت هذه السورة تمسح علي قلبه صلي الله عليه وسلم بالروح والندي, وتقرر حقيقة الخير الباقي الممتد الذي اختاره له ربه, وحقيقة الانقطاع والبتر المقدر لأعدائه. إنا أعطيناك الكوثر, والكوثر صيغة من الكثرة, وهو مطلق غير محدود, ومعناه: أنا أعطيناك ما هو كثير فائض غزير, غير ممنوع ولا مبتور, لا نهاية لفيضه, ومن ثم تركه النص بلا تحديد, يشمل كل ما يكثر من الخير ويزيد, واختلف أهل التأويل في الكوثر علي اقوال منها:: أنه نهر في الجنة, او: أنه حوض للنبي صلي الله عليه وسلم في الموقف, او: أنه النبوة والكتاب, او: أنه القرآن, الخامس: الإسلام. فصل لربك وانحر وجه المولي الرسول صلي الله عليه وسلم إلي شكر النعمة بحقها الأول, حق الإخلاص والتجرد لله في العبادة وفي الاتجاه, في الصلاة وفي ذبح النسك خالصا لله. إن شانئك هو الأبتر في الآية الأولي قرر أنه ليس أبتر بل هو صاحب الكوثر, وفي هذه الآية يرد الكيد علي كائديه, ويؤكد سبحانه أن الأبتر ليس هو محمد, إنما هم شانئوه وكارهوه. وصدق الله العظيم, وكذب الكائدون الماكرون.