تشرق الشمس كل يوم في بلادي .. ومائدة الفرح محجوبة عن الفقراء .. أكتظاظ الظن .. علامة من علامات الانحسار .. هناك حيث ابناء الامام علي يبثون الرجاء .. دماء تراق .. وأرواح تزهق .. علَّ أحمرار الشفق يندب ماء دجلة .. حين خضبه أنين شباب (سبايكر ) .. بلا وداع مضت الجموع .. بلا أكفان تلقتهم الارض .. ليس سوى نبرة عيد يتكرر .. يصدح من مآذن الدغارة .. الله أكبر .. وعلى وهج طريق الشامية ينزف الشلب .. وتتوجع الامهات .. الله أكبر .. عند حافة النهر صُبغت المساءات بلون الحناء .. حيث كان ينتظر ولدي هلال زفافه عند موعد أجازته .. قبل أن يلتحق بمقر عمله قال : لن أتأخر هذه المرة .. لقد طال أمد خطوبتي وأشتقت لعروستي .. كنت أحلم أن أرى نسله .. أن يكون لي حفيد من صلبه .. أشتري له الحلوى والهدايا .. شوق أمه يمتد حتى نخلة الدار .. حيث تضع الان شموع وداعه وهي تبكي بصمت .. وتردد بصوت موجوع : ( ردتك ما ردت دنيا ولامال .. ردتك تعدل حملي لومال .. ) دموعنا لاتكفي .. وحزننا سرمد .. يناغي السعفات المائلة .. تحت لهيب شوقنا المفزوع من لهجة الوداع .. أواسد الدكة التي جلس عليها .. أخر مرة قبل أن يودعنا .. أشم عطر أنفاسه .. بُني تعال .. لم أعد أطيق فراقك .. ما زالت عروسك تطلي راحتيها بالحناء .. وغرفتك التي جهزناها .. تحتفظ بعبقك .. ما زال السرير حيث وضعته بعيداً عن الشباك بالقرب من جهاز التبريد .. ولقد طلينا الباب بلون زهري .. أعرف جيداً كم تحب هذا اللون .. أخاف البكاء بصوت مسموع .. حتى لاتسمع أمك نشيجي وتبقى الليل بطوله تنتظر عودتك .. البارحة زرعت والدتك .. نبتة من زهرة تحمل ورود حمراء .. قالت : حينما يعود سيفرح لرؤيتها .. لم يعد باب غرفتك يئز .. فقد دهنته .. يمكنك أن ترى ذلك بنفسك .. تعال ستجدنا نشعل البخور كل ليلة حتى ندفع عنك الحسد .. طقطقة الحرمل تفزع الجن .. تعودنا على ذلك مُذ كنا صغاراً .. القمر في المحاق غداً سيظهر الهلال .. لذا سابقي باب الدار مفتوحة .. أنتظرك ولدي هلال .. فلا تغيب ..