لقد عرف القانون الوضعى بأنه مجموعة من القواعد المطبقة فى مجتمع معين فى وقت معين وتكون ملزمة للأفراد فى المجتمع بما تملكه السلطة العامة فيه من عنصر الإجبار 0 كما أنه على الرغم من الإنتقادات التى وجهت إلى مدرسة القانون الوضعى 0 فإن هذه المدرسة قد أسهمت بدرجة كبيرة فى تشكيل الأساس الفكرى الذى أنبنت عليه عملية تقنين حقوق الإنسان على المستويين العالمى والإقليمى على حد سواء0 وبالذات فيما يتعلق بتحديد مضمون هذه الحقوق ونطاق التمع بها ناهيك عن تقرير الضمانات الكفيلة بحمايتها0 كما أن الغاية من القوانين الوضعية هى غاية نفعية محدودة تتمثل فى إستقرار المجتمع على أى نحو وهى غاية يحرص عليها واضعوا القانون كل الحرص حتى ولو إقتضاهم الأمر فى بعض الأحيان أن يحيدو ا عن مقتضى قواعد الأخلاق والدين0 كما أن معانى الخير والشر أو العدل والظلم لا تتمتع بصفة الثبات أو حتى الصحة المطلقة لكل الناس فى أى مكان0 ذلك لأنها نتيجة تفكير بشرى 0 والتفكير البشرى عرضة للتغيير والزوال والإختلاف بتغير الظروف والمكان والزمان0 وقيل أيضا أن الجماعة التى يعيش فى كنفها الفرد ويتفاعل مع أعضائها إنما هى أصل الحقوق التى يتمتع بها 0 وهذا معناه حصر تمتع الإنسان بحقوقه فى موطن محدد أو بيئة معينة 0 بينما التصور الإسلامى يحفظ للإنسان كرامته وحقوقه فى كل مكان يذهب إليه أو يعيش فيه بغض النظر عن دينه وانتمائه وعن موطنه الأصلى 0ولقد إستغل بعض الحكام على مر التاريخ مصطلح الحق الإلهى فى إستعباد الناس وظلمهم وهضم حقوقهم وكذا الإعتداء على حرماتهم 0 ففى المرحلة السابقة للإسلام0 كان الملوك يستعبدون الناس ولم يكن ليدور فى خلد هؤلاء الطواغيت أى منهم أن للأمة عليه واجبات وحقوقا بل كانوا يرون أن ما تقدمه لهم الأمم من مراسم الخدمة والولاء والخضوع المذل والتضحية بالنفس والنفيس لأجلهم ليس إلا واجبا مقدسا يقومون به تجاه العرش المحروس0 فجاء الإسلا فنسف هذه الفكرة من أساسها ورد العبودية كلها لله وحده وفرض على الحكام تبعات ومسئوليات تناسب مركزهم فى الأمة فرأى الناس فى معظم أنحاء المعمورة الولاة المسلمين يرعون مصالحهم وينهضون بأعباء المسئولية كاملة فى الوقت الذى لا يتميزون فيه عن الأمة بكبير فرق0 كما سادت نظريتين هما نظرية الحق الإلهى المباشر وتنص هذه النظرية على أن الحاكم حتى وإن كان من البشر فالله يمنحه السلطة ويخصه وحده بممارستها وهذا مما يترتب عليه إنتفاء مسؤلية الحاكم على كل تصرف يصدر عنه أمام المحكومين 0 أما النظرية الثانية فهى نظرية الحق الإلهى غير المباش وتنص هذه النظرية على أن الإختيار يتم بواسطة الشعب 0 كما أن إختيار الشعب للحكام بمقتضى الحق الإلهى غير المباشر لا يعنى أنه سيكون حاكما صالحا بالضرورة بل قد يدفعه الإعتقاد بتدخل الإرادة الإلهية فى إختياره إلى الطغيان والإستبداد0 أما الإسلام فلا يعرف هذه النظريات بل الحاكم فى نظرالشريعة الإسلامية مكلف بالقيام على شئون العباد والبلاد ومسئول أمام الله عزوجل و مسئول أمام الأمة عن تقصيره فى أداء ما كلف به0 كما أن مملكة الله فى الأرض تقوم بأن تكون شريعة الله هى الحاكمة وأن يكون مرد الأمر إلى الله وفق ما قرره من شريعة مبينة وواضحة0 0 كما أنه قد أصبحت الأنظمة المستبدة فى عالمنا العربى ترفع الشعارات الدينية عند الأزمات تحرم فئة من المواطنين من حقوقهم المشروعة وتحاسبهم على النيات التى لا يعلمها إلا الله من جهة وتخيف الشعوب من وصول أنصار التيار الإسلامى للحكم من جهة ثانية 0 ويبقى القول بأن المسئولية فى الإسلام هى واجب و الواجب فى الإصطلاح :هو ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه فالصلاة والزكاة و الصيام والحج وكذا عدل الحاكم وحكمه بأحكام شريعة الإسلام والمساواة أمام القانون كلها أمور واجبة يثاب من وجبت عليه ويعاقب إذا تركها0 كما أن مسألة الشعور بالواجب تعتبر من أخطر المشكلات الأخلاقية التى عانت منها الأمم على مدار التاريخ0 كما أنه من جهة ثانية بسبب فقدان هذا الشعور بالمسئولية دخلت كثير من المجتمعات البشرية فى مشاكل التفكك والفوضى واللامباة وبالتالى كانت النتيجة النهائية التخلف 0ويتمثل شكل الواجب بالنسبة لحقوق الإنسان أساسا بحمايتها من الإنتهاك وبعدم حرمان أصحابها منها وتمكينهم من ممارسة هذه الحقوق فى إطار من حكم القانون0 كما أن للإنسان فى الحياة فى حياته: واجبات الفرد تجاه ربه وهى توحيده والإخلاص فى عباده والإلتزام بأوامره واجتناب نواهيه والتقرب إليه بفعل الطاعات والقربات0 كما أنه على كل مسلم ومسلمة واجبان : الأول: العمل بالدين بعبادة الله وحده لاشريك له وطاعة الله ورسوله وفعل ما أمر الله به واجتناب مانهى الله عنه 0 الثانى : الدعوة إلى الله عزوجل والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر0 ثانيا: وجبات الفرد تجاه نفسه 0 حيث نفس الإنسان هى أعز ما يملك ولذا فعليه أن يزكيها ويلزمها بطاعة الله عزوجل واجتناب مانهى عنه0 وأن ينقذ نفسه من العذاب فى الدنيا والآخرة فلا يشرك بالله عزوجل ولايظلم الناس أو ينتقص من حقوقهم وأن يحافظ على جسمه فلا يسرف فى الطعام والشراب ولايتعاطى المحرمات التى تهدم البدن وتصيبه بالعلل والأمراض كالزنا والتدخين وشرب الخمور والمسكرات وإدمان المخذرات0 ثالثا: وجبات الفرد تجاه أسرته فلزوجته حقوق منها أن يوفر لها الطعام والملبس والمسكن الملائم وأن يحسن معاشرتها وألا يهجرها إلا فى البيت0 وأيضا للأولاد حقوق منها أن يحسن إختيار أمهم وأن يحسن إختيار أسمائهم وأن يعلمهم شيئا من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يوفر لهم الطعام والشراب والملبس0 رابعا: وجبات الفرد تجاه المجتمع حيث على فرد تجاه المجتمع الذى يعيش فيه واجبات والتقصير فى أدا ء هذه الواجبات يؤدى بالمجتمع إلى الضعف والوهن ويجعله عرضة للإختراق من قبل الأعداء المتربصين به0 كما أن هذه الواجبات يمكن تقسيمها إلى قسمين0 الأول: واجبات تجاه الآخرين بأن يؤدى حقوقهم وأن يتعاون معهم على ما فيه خير وصلاح للمجتمع كله0 الثانى : واجباته إتجاه البيئة التى يعيش فيها بأن يحافظ عليها من جميع أشكال التلوث وأن يحافظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة 0 كما أن الشريعة الإسلامية قد إشترطت فى إستعمال الإنسان لحقوقه ألا يضر بمصالح الغير وأن ذلك متفقا مع مصلحة الجماعة لذلك فالحق فى الشريعة يستلزم واجبين0 الأول: واجب على من عدا صاحب الحق أن لا يقف فى سبيل هذا الحق 0 الثانى : واجب على صاحب الحق نفسه أن يكون إستعماله لحقه خاليا من إلحاق الضرر بغيره0 ويبقى القول بأن للحق مغزى سلبى فقط مؤداه أنه لا يجوز منع صاحب الحق من إستعمال حقه متى توافرت الشروط المقررة لإستعماله وأهمها طبعا ألا يسئ صاحب الحق إستعمال حقه بينما الواجب ذو مضمون إيجابى يتميز به عن الحق مؤداه طبعا أنه يجب على المكلف القيام بأدائه إلا كان مستحقا للعقاب0 وقد قيل بأن فكرة الحق والواجب قد ظهرتا فى نفس الوقت لذلك فهما متلازمتان ويبقى مفهوم الواجب مرتبط بمفهوم الحق لأن الإرتباط بينهما ترابط تناوب وتلازم 0