المدارس المصرية اليابانية تعلن بدء التواصل مع أولياء الأمور لتحديد موعد المقابلات الشخصية    عيار 21 يفاجئ الجميع بعد قرار المركزي.. أسعار الذهب تنخفض 240 جنيها اليوم بالصاغة    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الرئيسان السيسى وبايدن يتفقان على دفع كميات من المساعدات والوقود لأهالى غزة.. العدل الدولية تأمر إسرائيل بوقف أى عملية فى رفح الفلسطينية.. بوتين: شرعية زيلينسكى انتهت    شهداء في قصف إسرائيلي على شمال قطاع غزة    ميلان يختتم مشواره فى الدوري الإيطالي أمام ساليرنيتانا الليلة    حملة اعتقالات واسعة في إيران بسبب طائرة "رئيسي"    خالد أبو بكر: مصر لن تقبل فرض الأمر الواقع.. والموقف المصري تجاه غزة مشرف    بمشاركة سامح شكري.. تفاصيل مباحثات ماكرون مع مسئولين عرب إزاء حرب غزة    ميتروفيتش: السعودية لديها مشروع رياضي ضخم    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    ضياء السيد: حظوظ الأهلي والترجي في التتويج بدوري أبطال إفريقيا 50 - 50.. وهذه نصيحتي للاعبي الأحمر    نتيجTك هن HEREا.. استعلم الآن نتيجة الشهادة الإعدادية الإسكندرية الترم الثاني ب رقم الجلوس أو الاسم    بعد القبض عليه.. من هو سفاح «سيدات التجمع» ولماذا عزل الصوت عن غرفة نومه؟    مصدر يكشف ل فيتو تفاصيل ليلة القبض على سفاح التجمع بعد مطاردة مثيرة مع الشرطة    تصادف وجوده، لحظة استخراج جثمان طفل من تحت أنقاض عقار الإسكندرية المنهار (صور)    سقوط سفاح التجمع في قبضة الأمن    أجواء حارة والعظمى في القاهرة 33.. حالة الطقس اليوم    إصابة . في حادث انقلاب أتوبيس علي طريق السخنه بالسويس    مخرج "رفعت عيني للسما" عن جائزة العين الذهبية بمهرجان كان: السر في الصعيد والفيلم لمس مع الناس    أستاذ أمراض القلب يحذر من بعض الأدوية الشائعة: من الممكن أن تكون قاتلة    5 أضرار ل دهون البطن.. منها ضهف المناعة    حياة كريمة بدمياط.. توقيع الكشف بالمجان على 1282 شخصا خلال قافلة طبية بأبو عدوى    محمد إمام يوجه رسالة ل علاء مرسي بمناسبة زواج ابنته    احذروا كتائب السوشيال.. محمد الصاوي يوجه رسالة لجمهوره    «بيعاني نفسيا».. تعليق ناري من إسماعيل يوسف على تصريحات الشناوي    أزمة جديدة بين الأهلي وانبي بسبب حمدي فتحي.. وموقف ال3 صفقات    بعد تصدرها التريند.. أبرز المحطات الفنية ل ياسمين رئيس    عمرو أديب عن نهائي دوري أبطال إفريقيا: عاوزين الأهلي يكمل دستة الجاتوه    مصرع طفل دهسته سيارة في القليوبية    الأهلي والزمالك في ألعاب الصالات.. اكتساح أحمر.. ولقب وحيد للأبيض    وزير الخارجية الأمريكي يعلن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لكييف    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني في جميع المحافظات عبر بوابة التعليم الأساسي 2024    خبير اقتصادي: الحرب بالنسبة لأصحاب القضية تتطلب التضحية بالنمو الاقتصادي    حظك اليوم| برج الحوت 25 مايو.. نشاط وحيوية لتحقيق الأهداف    وليد عبدالعزيز يكتب: المقاطعة أهم أسلحة مواجهة الغلاء.. «المُستهلك سيد السوق»    محافظ الغربية: إزالة 8 حالات تعدي ومخالفات بناء بالغربية| صور    تعرف على أدوار القديس فرنسيس في الرهبانيات    تصل ل10 آلاف جنيه.. بشرى سارة بشأن انخفاض أسعار الأضاحي    جيرونا ينهي موسمه باكتساح غرناطة.. وصراع مشتعل على الهداف    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق بداية الأسبوع السبت 25 مايو 2024    العصبية خسرتني كتير.. أبرز تصريحات أحمد العوضي مع عمرو الليثي    الفنان أحمد عبد الوهاب يحتفل بعقد قران شقيقته بحضور نجوم الفن (صور)    حجاج صينيون يضعون علامات على رؤوسهم أثناء دخول الحرم المكي.. ما القصة؟    سعر الفراخ البيضاء والأمهات والبيض بالأسواق فى بداية الأسبوع السبت 25 مايو 2024    محمد شبانة يعلن مقاضاة إسرائيل بسبب «صورته».. وعمرو أديب: «دي فيها مليون شيكل» (فيديو)    أبو هشيمة يعلن مد فترة استقبال الأفكار بمسابقة START UP POWER لنهاية يونيو    مؤسس طب الحالات الحرجة: أسعار الخدمات في المستشفيات الخاصة ارتفعت 500% ولا توجد شفقة    تكوين: لن نخوض مناظرات عقائدية تخص أي ديانة فهذا ليس في صميم أهدافنا    أبو بكر القاضي: قانون"تأجير المستشفيات" يُهدد استقرار الاطقم الطبية    5 أعراض تدل على الإصابة بأمراض القلب    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع وعلى الحاج أن يتعلم أحكامه قبل السفر    الوضع الكارثى بكليات الحقوق «2»    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    من صفات المتقين.. المفتي: الشريعة قائمة على الرحمة والسماحة (تفاصيل)    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الانتقام الإلهي.
نشر في شموس يوم 10 - 07 - 2015

كلّ كلمة في الكتاب المقدّس تفترض معنى إلهيّاً موجّهاً إلى قلب الإنسان ليدرك مقاصد الله. بيد أنّ الإنسان يُنزل المعنى الإلهيّ إلى مستوى عقله المحدود بدل أن يرتفع إليه. فيجعل الله على صورته، ويراه يغضب كالإنسان، وينتقم مثله، حتّى أنّه يتهيّأ له أنّ الله يتصرّف بردّات فعل كما يتصرّف هو. إنّ قراءة الكلمة الإلهيّة تتطلّب منّا ارتفاعاً قلبيّاً وعقليّاً نحو الله كيما نبلغ المعنى الأصيل للقصد الإلهيّ، ولا توجب البحث عن مقصد إنسانيّ بحتٍ ليرضي الإنسان أنانيّته وتسلّطه على أخيه الإنسان.
غالباً ما نقرأ الانتقام الإلهيّ على ضوء مفهومنا الخاطئ للعدالة، أو لنقل على ضوء مفهوم معيّن، بعيد عن الثّقافة المسيحيّة. فالعدالة الإنسانيّة المتأرجحة بين العقاب والثّواب، والعين بالعين، والثّأر، لا تلقى أصالتها في الفكر المسيحي. ذلك لأنّ الفكر الإلهيّ مغاير للفكر الإنساني، والمقاصد الإلهيّة تختلف جذريّاً عن المقاصد الإنسانيّة. " أفكاري ليست أفكاركم، ولا طرقكم طرقي، يقول الرّب." ( أشعياء 8:55). وإن نظر الإنسان إلى الإنتقام الإلهيّ، او غضبه أو محاسبته، يفهمه بمقاييسه الضّيّقة المرادفة لغرائزه وتعصّبه وكبريائه. إلّا أنّ المحبّة الإلهيّة أعظم من الكبرياء وأكبر وأرفع من محدوديّة الإنسان.
لعلّ أفضل من اختبر الانتقام الإلهيّ، القدّيس بولس الرّسول. ( شاوول) اليهودي المتغطرس، السّاعي بكلّ قوّته لاضطهاد كنيسة الله وإبادة المسيحيّين، وقد لا نبالغ لو قلنا أنّه كان شبيهاً بمن يضطهدون المسيحيين اليوم، استحال إلى " بولس رسول الأمم" بنعمة فيض المحبّة الإلهيّة. " أما شاول، فكان ينفث صدره تهديداً وتقتيلاً لتلاميذ الرّب. فذهب إلى رئيس الكهنة، وطلب منه رسائل إلى مجامع دمشق، ليعتقل الرّجال والنّساء الّذين يجدهم هناك على مذهب الربّ ويجيء بهم إلى أورشليم." ( أع 2،1:9).
بلغ شرّ شاوول ذروته، ومن المؤكّد أنّه أصابه عمى روحيّ لا مثيل له، وعلى طريق دمشق، حيث كان ذاهباً لقتل المسيحيين الهاربين، كانت لحظة الانتقام الإلهيّ: " وبينما هو يقترب من دمشق، سطع حوله بغتة نور من السّماء، فوقع إلى الأرض، وسمع صوتاً يقول له: شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟" ( أع 4،3:9). لا يقول سفر أعمال الرّسل أنّ بولس ( شاوول) سمع صوتاً يصرخ ويهدّد، بل سمع صوتاً يقول.. ما يعني أنّ الرّبّ تكلّم بكل محبّة ورقة. لكنّ هذه المحبّة أسقطت شاوول على الأرض، وكأنّي به صُعق من فعل الكلمة. ( لماذا تضطهدني؟)، سؤال كافٍ لوضع حدّ لشرّ شاوول، وإخضاعه للمحبّة الإلهيّة، وخلقه من جديد، وتبديد كلّ تشويه في إنسانيّته.
هذا الاختبار العميق للانتقام الإلهيّ، ترجمه القدّيس بولس في رسالته إلى أهل رومة قائلاً: " لا تنتقموا لأنفسكم أيّها الأحبّاء، بل دعوا هذا لغضب الله. فالكتاب يقول: لي الانتقام، يقول الرب، وأنا الّذي يجازي. لقد أدرك بولس هذا الانتقام، وبلغ قدرته على تبديل الإنسان وخلقه من جديد، وتبيّن في عمق أعماقه انّ الانتقام الإلهيّ يرفع الإنسان إلى صورة الله. " لأنّ الله يريد أن جميع النّاس يخلصون وإلى معرفة الحقّ يبلغون" ( 1تيم 4:2).
( لا تنتقموا لأنفسكم أيّها الأحبّاء) يقول القدّيس بولس، لأنّ انتقامنا سلوك ثأريّ ومتكبّر، هدفه إبادة الآخر وحجب الرّحمة الإلهيّة عنه. وأمّا انتقام الرّبّ فهو خلق الإنسان من جديد ووضع حدّ لشرّه كي يرتفع إلى مستوى المحبّة الإلهيّة. ويقولها الكتاب بجمال آخر في الرّسالة إلى العبرانيين ( 31:10): " الويل لمن يقع في يد الله الحيّ." لأنّ من يقع في يدّ الله الحيّ، تتجلّى أمامه حقيقة شرّه وكبريائه، إلّا أنّه لا يقف عند هذا الحدّ، بل بنعمة المحبّة الإلهيّة يولد من جديد.
ويكمل القدّيس بولس قائلاً: " ولكن: إذا جاع عدوك فأطعمه، وإذا عطش فاسقه، لأنّك في عملك هذا تجمع على رأسه جمر نار. لا تدع الشّرّ يغلبك، بل اغلب الشّر بالخير." ( رومة 21،20:12). هاتان الآياتان تؤكّدان اختبار القدّيس بولس للانتقام الإلهيّ، فبهما يعلن بولس غلبة الخير على الشّرّ، ويبيّن قدرة الحبّ الإلهيّ الفائق التّصوّر، ويشرح الانتقام الإلهيّ بمفهوم الله وليس بمفهوم البشر. الشّر يولّد الشّرّ، والانتقام مسيرة من الشّرور المتتالية، وطريق لا تؤدّي إلّا إلى الهلاك. وأمّا المحبّة فهي القدرة الإلهيّة الّتي تخلق الإنسان من جديد، وتضع بين يديه سرّ الكلمة الإلهيّة ليحملها إلى العالم أجمع. في قواميس العالم، كلمة انتقام مرادفة للثّأر والحقد والعقاب، وأمّا في قاموس الله فهي مرادفة لفيض المحبّة المبدّلة للحياة الإنسانيّة.
ذاك هو الانتقام الإلهي: " حيث تكثر الخطيئة تفيض النّعمة" ( رومة 20:5)، وحيث يستفحل الشّرّ تفيض المحبّة الإلهيّة. والويل لذلك الإنسان المتكبّر الّذي يعتقد أنّه سيّد على العالم ويستطيع أن يستحكم بأخيه الإنسان، ويُخضعه إليه باسم الله. ستأتي لحظة، وليست ببعيدة، يقف فيها أمام الحقيقة، بل يهوي ويسقط أرضاً، ثمّ يسأل بتواضع كبير: " يا ربّ ماذا تريدني أن أعمل" ( أع 9:6).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.