السيسي للمصريين: ربنا نجانا في 2011    "المنشاوي" يترأس اجتماعًا لمناقشة خطة الأنشطة الطلابية بجامعة أسيوط الأهلية    رئيس الوزراء يترأس وفد مصر في القمة الرابعة والعشرين للسوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي (الكوميسا)    مسئول إيراني سابق: المسار الدبلوماسي بين طهران والدول الأوروبية لم ينتهِ بعد    "التحالف الدولي" يعيد تموضع قواته في سوريا لمواجهة بقايا "داعش"    انطلاق مباراة الفراعنة وجيبوتي بتصفيات المونديال    بسبب خلافات الجيرة.. حبس طرفي مشاجرة خلفت مصابين في المطرية    سعر الحديد مساء اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025    بيراميدز يحدد موعد استئناف تدريباته    إصابة جديدة تضرب دفاع ريال مدريد قبل الكلاسيكو    إطلاق فعاليات القافلة التنموية بقرية برنشت في العياط    من عمّان إلى نوبل.. عمر ياجي رائد الكيمياء الذي حوّل الهواء إلى مصدر للماء    في احتفالات انتصارات أكتوبر.. وزير الثقافة يفتتح قصر ثقافة حلوان بعد تطويره    شوقي الأخيرُ زمانُه.. جديد منشورات ضفاف والاختلاف    دعوى قضائية بوقف نشر صور متهمات وقاصرات على المنصات الإلكترونية    جيس ثورب مديرًا فنيًا للنادي الأهلي    د. عائد زقوت يكتب من الأراضي المحتلة: ناصر القدوة يعود إلى واجهة المشهد الفلسطيني مع قرب الاستحقاقات المقبلة    مدير صندوق مكافحة الإدمان يستقبل المدير التنفيذي للوكالة الأوروبية للمخدرات    نبيل فهمي ضيف صالون ماسبيرو الثقافي السبت    ألمانيا تمنح الشرطة صلاحية إسقاط الطائرات المسيرة بعد حوادث مطار ميونيخ    وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه ل3 متهمين بالإتجار فى المخدرات بسوهاج    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    نائب محافظ الأقصر يشارك في احتفال مصنع سكر أرمنت بانتصارات أكتوبر | صور    محافظ الجيزة يعتمد حركة مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    وكيل «تعليم البحيرة» يشهد ندوة «التعليم بين تحديات الحاضر ورهان المستقبل»    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 8 اكتوبر 2025 فى المنيا    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    احذر هذه الأطعمة على معدة فاضية.. تسبب مشاكل في الهضم    خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو.. والريادة الثقافية والحضارية موطنها مصر    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    تموين قنا: ضبط 295 مخالفة تموينية متنوعة خلال أسبوع    طارق العوضي: البرلمان الحالي غير مؤهل للنظر في «الإجراءات الجنائية»    بلخي: إعادة بناء النظام الصحي في غزة ضرورة إنسانية عاجلة    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    «فصل الشتاء».. نصائح للوقاية من الأمراض الموسمية    بلخي: اجتماع اللجنة الإقليمية بالقاهرة يناقش إصلاحات جذرية لمستقبل الصحة في المنطقة    مشاركة دولية غير مسبوقة في بطولة مصر لهواة للجولف 2025    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    موقف عصام صاصا بعد اتهامه فى مشاجرة وصدور حكم بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ    محافظ الشرقية: 1440 وحدة سكنية جاهزة للحجز ضمن مشروع أبراج الحريرى بالزقازيق    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    السيسي: الوضع الاقتصادي يتحسن يومًا بعد يوم.. ولسه الأفضل قادم    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    مصرع صغير وإصابة 3 آخرين في مشاجرة بالأسلحة النارية بسوهاج    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    اعرف اسعار الدولار اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الانتقام الإلهي.
نشر في شموس يوم 10 - 07 - 2015

كلّ كلمة في الكتاب المقدّس تفترض معنى إلهيّاً موجّهاً إلى قلب الإنسان ليدرك مقاصد الله. بيد أنّ الإنسان يُنزل المعنى الإلهيّ إلى مستوى عقله المحدود بدل أن يرتفع إليه. فيجعل الله على صورته، ويراه يغضب كالإنسان، وينتقم مثله، حتّى أنّه يتهيّأ له أنّ الله يتصرّف بردّات فعل كما يتصرّف هو. إنّ قراءة الكلمة الإلهيّة تتطلّب منّا ارتفاعاً قلبيّاً وعقليّاً نحو الله كيما نبلغ المعنى الأصيل للقصد الإلهيّ، ولا توجب البحث عن مقصد إنسانيّ بحتٍ ليرضي الإنسان أنانيّته وتسلّطه على أخيه الإنسان.
غالباً ما نقرأ الانتقام الإلهيّ على ضوء مفهومنا الخاطئ للعدالة، أو لنقل على ضوء مفهوم معيّن، بعيد عن الثّقافة المسيحيّة. فالعدالة الإنسانيّة المتأرجحة بين العقاب والثّواب، والعين بالعين، والثّأر، لا تلقى أصالتها في الفكر المسيحي. ذلك لأنّ الفكر الإلهيّ مغاير للفكر الإنساني، والمقاصد الإلهيّة تختلف جذريّاً عن المقاصد الإنسانيّة. " أفكاري ليست أفكاركم، ولا طرقكم طرقي، يقول الرّب." ( أشعياء 8:55). وإن نظر الإنسان إلى الإنتقام الإلهيّ، او غضبه أو محاسبته، يفهمه بمقاييسه الضّيّقة المرادفة لغرائزه وتعصّبه وكبريائه. إلّا أنّ المحبّة الإلهيّة أعظم من الكبرياء وأكبر وأرفع من محدوديّة الإنسان.
لعلّ أفضل من اختبر الانتقام الإلهيّ، القدّيس بولس الرّسول. ( شاوول) اليهودي المتغطرس، السّاعي بكلّ قوّته لاضطهاد كنيسة الله وإبادة المسيحيّين، وقد لا نبالغ لو قلنا أنّه كان شبيهاً بمن يضطهدون المسيحيين اليوم، استحال إلى " بولس رسول الأمم" بنعمة فيض المحبّة الإلهيّة. " أما شاول، فكان ينفث صدره تهديداً وتقتيلاً لتلاميذ الرّب. فذهب إلى رئيس الكهنة، وطلب منه رسائل إلى مجامع دمشق، ليعتقل الرّجال والنّساء الّذين يجدهم هناك على مذهب الربّ ويجيء بهم إلى أورشليم." ( أع 2،1:9).
بلغ شرّ شاوول ذروته، ومن المؤكّد أنّه أصابه عمى روحيّ لا مثيل له، وعلى طريق دمشق، حيث كان ذاهباً لقتل المسيحيين الهاربين، كانت لحظة الانتقام الإلهيّ: " وبينما هو يقترب من دمشق، سطع حوله بغتة نور من السّماء، فوقع إلى الأرض، وسمع صوتاً يقول له: شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟" ( أع 4،3:9). لا يقول سفر أعمال الرّسل أنّ بولس ( شاوول) سمع صوتاً يصرخ ويهدّد، بل سمع صوتاً يقول.. ما يعني أنّ الرّبّ تكلّم بكل محبّة ورقة. لكنّ هذه المحبّة أسقطت شاوول على الأرض، وكأنّي به صُعق من فعل الكلمة. ( لماذا تضطهدني؟)، سؤال كافٍ لوضع حدّ لشرّ شاوول، وإخضاعه للمحبّة الإلهيّة، وخلقه من جديد، وتبديد كلّ تشويه في إنسانيّته.
هذا الاختبار العميق للانتقام الإلهيّ، ترجمه القدّيس بولس في رسالته إلى أهل رومة قائلاً: " لا تنتقموا لأنفسكم أيّها الأحبّاء، بل دعوا هذا لغضب الله. فالكتاب يقول: لي الانتقام، يقول الرب، وأنا الّذي يجازي. لقد أدرك بولس هذا الانتقام، وبلغ قدرته على تبديل الإنسان وخلقه من جديد، وتبيّن في عمق أعماقه انّ الانتقام الإلهيّ يرفع الإنسان إلى صورة الله. " لأنّ الله يريد أن جميع النّاس يخلصون وإلى معرفة الحقّ يبلغون" ( 1تيم 4:2).
( لا تنتقموا لأنفسكم أيّها الأحبّاء) يقول القدّيس بولس، لأنّ انتقامنا سلوك ثأريّ ومتكبّر، هدفه إبادة الآخر وحجب الرّحمة الإلهيّة عنه. وأمّا انتقام الرّبّ فهو خلق الإنسان من جديد ووضع حدّ لشرّه كي يرتفع إلى مستوى المحبّة الإلهيّة. ويقولها الكتاب بجمال آخر في الرّسالة إلى العبرانيين ( 31:10): " الويل لمن يقع في يد الله الحيّ." لأنّ من يقع في يدّ الله الحيّ، تتجلّى أمامه حقيقة شرّه وكبريائه، إلّا أنّه لا يقف عند هذا الحدّ، بل بنعمة المحبّة الإلهيّة يولد من جديد.
ويكمل القدّيس بولس قائلاً: " ولكن: إذا جاع عدوك فأطعمه، وإذا عطش فاسقه، لأنّك في عملك هذا تجمع على رأسه جمر نار. لا تدع الشّرّ يغلبك، بل اغلب الشّر بالخير." ( رومة 21،20:12). هاتان الآياتان تؤكّدان اختبار القدّيس بولس للانتقام الإلهيّ، فبهما يعلن بولس غلبة الخير على الشّرّ، ويبيّن قدرة الحبّ الإلهيّ الفائق التّصوّر، ويشرح الانتقام الإلهيّ بمفهوم الله وليس بمفهوم البشر. الشّر يولّد الشّرّ، والانتقام مسيرة من الشّرور المتتالية، وطريق لا تؤدّي إلّا إلى الهلاك. وأمّا المحبّة فهي القدرة الإلهيّة الّتي تخلق الإنسان من جديد، وتضع بين يديه سرّ الكلمة الإلهيّة ليحملها إلى العالم أجمع. في قواميس العالم، كلمة انتقام مرادفة للثّأر والحقد والعقاب، وأمّا في قاموس الله فهي مرادفة لفيض المحبّة المبدّلة للحياة الإنسانيّة.
ذاك هو الانتقام الإلهي: " حيث تكثر الخطيئة تفيض النّعمة" ( رومة 20:5)، وحيث يستفحل الشّرّ تفيض المحبّة الإلهيّة. والويل لذلك الإنسان المتكبّر الّذي يعتقد أنّه سيّد على العالم ويستطيع أن يستحكم بأخيه الإنسان، ويُخضعه إليه باسم الله. ستأتي لحظة، وليست ببعيدة، يقف فيها أمام الحقيقة، بل يهوي ويسقط أرضاً، ثمّ يسأل بتواضع كبير: " يا ربّ ماذا تريدني أن أعمل" ( أع 9:6).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.