المفكر الجزائرى الأستاذ أحمد كرفاح – الجزائر إن الشريعة الإسلامية قد وضعت للحافظة على الضروريات الخمس وهى: الدين والنفس والنسل والمال والعقل0 فمقاصد الشريعة التى أسماها بعض الفقهاء بالكيات الخمس أو الضروريات الخمس التى لاتسقيم الحياة ولا يؤمن الناس إلا بتوفرها وحمايتها فهى تتمحور حول حفظ حقوق الإنسان وحماية إنسانية الإنسان وتحقيق كرامة الإنسان0 كما أنه أى إنتهاك لحقوق الإنسان أو عدوان عليها يعد جريمة كبرى وخرقا لحدود الله0 هذا من جهة وممن جهة ثانية فإنه كل ما يضمن حفظ هذه الأ صول الخمسة فهو مصلحة وكل إنتهاك لهذه الأصول أو بعضها فهو مفسدة 0 كما أن هذه الأمور الخمسة هى وسيلة إلى تحقيق غاية كلية واحدة هى طبعا أن يكون المكلفون عبيدا لله فى التصرف والإختيار كما هم عبيدله بالخلق والإضطرار0 كما أن أحكام الشريعة الإسلامية جإءت تقصد أول ما تقصد إلىى حفظ معنى الحياة الإنسانية وإلى الإرتقاء بقيمها إلى الأفق الذى أراده الله منها0 وهوأفق أن يكون الإنسان خليفة لله تعالى فى الأرض 0 حيث لو إختلت هذه الحياة فيما قامت عليه من عنصرى الفطرة والتدين لإنهار معناها وفقدت قيمتها فلم يعد ينطبق عليها معنى الحياة الإنسانية 0 كما أن المقاصد هى مصالح الإنسان والمقاصد والمصالح وجهان لحقيقة واحدة هى سعادة الإنسان فى الدارين إبتداء وانتهاء 0 وأيضا مقاصد الشريعة لا تقوم فى الوجود والواقع إلا برعاية وتحقيق مصالح الإنسان المختلفة ولا رعاية لمصالح الإنسان دون إستحضار لمقاصد الشارع0 ويبقى القول بأن حقوق الإنسان هى جوهر مقاصد الشريعة الإسلامية فكل جزيئة من جزيئاتها هدفها الإرتقاء بالإنسان والحفاظ على حقوقه 00 وفى مقدمتها تخليص الإنسان من العبودية لغير الله عز وجل بكل أشكالها وصورها وإقرار حقه فى الإعتقاد وحفظ النفس وتزكيتها والإرتقاء بها 0 وتحرير عقل الإنسان من الأوهام والخرافات والأساطير وكذا عدم تغييب هذا العقل وتعطيله عن أداء وظيفته بأي وسيلة من الوسائل وتوفير الحماية للنسل حتى تستمر دورة الحياة 0 والحفاظ على الأعراض ضمانا لطهارة المجتمعات والحفاظ على المال لأن عصب الحياة ومن أهم مقوماتها والحفاظ على ترابط الأسرة وتماسك المجتمع 0 والحفاظ على البيئة المحيطة بالإنسان لكى يمارس الإستخلاف فى الأرض على حقيقته0 ولقد خلق الله الإنسان فى أحسن تقويم وأسجد له ملائكته وفضله على كثير مما خلقه تفضيلا وبعث محمد رسولا خاتما لأنبيائه ورسله بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويحررهم من أغلال العبودية ويهدى البشرية الحائرة إلى صراط الله المستقيم وإلى الفوز فى الدنيا والنجاة فى الآخرة 0 فالله كرم الإنسان وفضله 0 وهذا التكريم والتفضيل وهذه المنح وهذه العطايا الإلهية هى الأساس الصحيح الذى تقوم عليه حقوق الإنسان 0 ولذلك ينبغى أن تؤخذ بعين الإعتبار عند مناقشة أى قضية من قضايا هذا الإنسان خاصة الإنسان العربى ومناقشة أى حق من حقوقه فالإنسان الذى كرمه الله عزوجل وخلقه بيده وأسجد له ملائكته لايحق لأى أحد أن يذله أو يستعبده أو يهدر كرامته بأى صورة من الصور0 كما أن هذه حقوق تتصل بالإنسان وتتصل بوجوده على الأرض 0 وفى عصرنا هذا الحاجة إليها والمطالبة بها أصبحت أشد نظرا لما تشهده هذه الحقوق فى كل المجالات من إنتهاكات منظمة وإهدار لإنسانية وكرامة هذا الإنسان العربى المسلم لذا لابد اليوم من إبراز مكانة حقوق الإنسان فى الإسلام وكونها جوهر مقاصد الشريعة وتسليط الضوء على أزمة حقوق الإنسان العربى وبيان سبل حماية هذه الحقوق من الإنتهاك 0 لأن العصر الحديت يشهد ردة وعودة لعصور الظلم والطغيان والجاهلية فى ثوب جديد0 والشعوب العربية اليوم نكست على عقبيها فى مجال حقوق الإنسان 0 فهناك إعتداء على حرية الإعتقاد وهناك مظاهر جديدة للعبودية والرق وهناك إنتهاك لحرمة جسم الإنسان حييا وميتا حيث لاحظنا إنتهاك حرمة الإنسان حيا فى الرئيس العراقى صدام فى لخظات إعدامه 0 كما لاحظنا إنتهاك حرمة الإنسان ميتا فى جثة العقيد معمر القذافى بعد إغتياله 0 كما أن هناك إعتداء على أموال الناس وأعراضهم فى كثير من البلدان العربية 0 كما أن هناك إنتهاك لسيادة كثير من الدول العربية وانتهاك لحقوق الشعوب العربية وإذلالها وحرمانها من حقووقها المشروعة فى تقرير مصيرها وففى مقاومة الإحتلال وفىى التمتع بخيراتها وثراوتها كالوضع القائم فى فلسطين اليوم 0 كما أن حياة كثير من الشعوب العربية قد صارت جحيما لا يطاق فىى ظل المعاناة اليومية المستمرة مع الققر والجهل والمرض وانعدام الأمن وانتشار الفساد ومحاربة الفكر ومصادرة الرأى0أقول هذا فى وقت لانجد فيه صدى لحقوق الإنسان فى واقعنا العربى المعاصر هذا فى وقت قد طرحت فيه قضية حقوق الإنسان فى الساحة العالمية فالعالم كله قد أصبح يتحدث عن حقوق الإنسان حتى القوى الكبرى التى تنتهك هذه الحقوق بل إن هذه القوى قد أصبحت تستخدمم حقوق الإنسان للضغط على الدول الصديقة وإرهاب الدول الممانعة التى ترفض الإنضوا ء تحت لواء النظام العالمى الجديد0 كما أنه على الرغم من كثرة الإعلانات والمعاهدات والقوانين التى صدرت حول قضية حقوق الإنسان إلا أن هذه الحقوق لا تجد من يطالب بها ولا تجد من يطبقها على أرض الواقع بل هذه الحقوق قد أصبحت تنتهك من قبل واضعها 0 وهذا مما قد أصبح يتطلب وقفة جماعية لوضع هذه هذه القوانين وهذه الإتفاقات موضع التنفيذ0 كما أنه علينا اليوم كعرب أن نهتم وأن نبصر شعوبنا بحقوقهم على المطالبة بها لأنه ما ضاع حق وراءه مطالب 0 والكثير من الحققوق تنتهك فى بلداننا لأننا قد أصبحنا لا نطالب بها إما جهلا بها وإما خوفا من بطش الحكام وأعوانهم 0 كما أن هناك كثير من الحقوق لا تؤخذ إلا إنتزاعا من الجبابرة والمستبدين فى عالمنا العربى0 بل أن هناك حقوق لا يجوز التنازل عنها مطلقا كحرية الدين والمعتقد ولا يحق لأحد أن يكره غيره عليها0 كما أنه من حقوق الإنسان أن يعيش آمنا وأن يعيش بكرامة و ألا تنتهك حرماته وخصوصياته وكل ذلك من الأمور التى يجب أن يدافع عنها الإنسان0 كما أن المشكلة فى عالمنا لم تعد فى إصدار التشريعات والقوانين لحماية حقوق الإنسان من الإنتهاك 0 وإنما فى الحماية الفعلية لهذه الحقوق وكذا إيجاد الطرق والوسائل والضمانات الكفيلة بالمحافظة عليها0