تاريخ موائد الرحمن مائدة الرحمن هو اسم يطلق على مائدة إفطار تقام في أيام الصيام لدى المسلمين سواءً في شهر رمضان أو في يوم عرفة، وهناك من يتبرع للقيام بها في أوقات أخرى, ويعتقد البعض أنها خاصة بالفقراء والمساكين فقط،ولكن قد يستخدمها من لا يسعفه الطريق في الوصول إلى بيته بسبب العمل أو ما شابه. …. بدأت موائد الرحمن فى مصر أيام الليث بن سعد الذي كان فقيهاً, وكان ثرياً, إلا أنه كان في رمضان لا يتناول إلا الفول, بينما يقيم موائد الرحمن ويقدم فيها للصائمين أشهى الأطعمة وخصوصاً الهريسة حتى عرفت باسم هريسة الليث …. ويروى أن أحمد بن طولون حاكم مصر ومؤسس الدولة الطولونية هو أول من رأى في شهر رمضان مناسبة كريمة لاستثمار الفضائل؛ فأمر بدعوة أغنياء وحكام الأقاليم في أول يوم من رمضان إلى وليمة فاخرة تضم أشهى الطعام والشراب فلما فرغوا منها خطب فيهم وقال : "جمعتكم لأعلمكم طريق البر بالناس وأخبرهم بأنه يعلم جيداً أنهم ليسوا في حاجة الى هذا الطعام والشراب" , واضاف ولكن آمركم من الآن أن تفتحوا بيوتكم ، وتمدوا موائدكم للسائل والمحروم ، ومن لاينفذ هذا الأمر يتعرض لأشد العقاب" . وأمر ابن طولون بأن يعلق هذا القرار في كل مكان … كان الأثرياء في عصر أحمد بن طولون يرسلون خدمهم إلى الطرق والشوارع والأسواق للبحث عن الصائمين وإحضارهم لتناول طعام الإفطار ، والطريف أنهم كانوا في بعض الأحيان يأتون بهم بالقوة لتناول الطعام إرضاء لسادتهم . …….. اما فى العصر الفاطمى فيعتبر الخليفة العزيز بالله الفاطمى أول من اقام موائد الرحمن الرمضانية والتى عرفت بإسم "السماط" حيث كان يعد مائدة كبيرة في قاعة الذهب بقصره تمتد من الليلة الرابعة من رمضان حتى الليلة السادسة والعشرين، ويدعى إليها كبار رجال الدولة والأمراء والوزير وقاضي القضاة . …. امر العزيز باقامة سماطا كبيرا يفطر عليها أهل الجامع العتيق (عمرو بن العاص)، كما أقام طعامًا في الجامع الأزهر مباحًا لمن يحضر في شهور رجب وشعبان ورمضان، وكذا باقى في المساجد الكبرى وكان يخرج من مطبخ القصر في شهر رمضان 1100 قدر من جميع ألوان الطعام، توزع كل يوم على المحتاجين والضعفاء. حتى بلغت نفقات شهر رمضان مدة 27 يوما ثلاثة آلاف دينار. ………. دار الفطرة بنى الخليفة الفاطمي العزيز بالله دارا سميت "دار الفطرة" خارج قصر الخلافة بالقاهرة، وقرر فيها صناعة ما يحمل إلى الناس في العيد من حلوى وكعك وتمر وبندق، وكان يبدأ العمل بدار الفطرة من أول رجب إلى آخر رمضان، و يعمل في هذه الدار مائة صانع للحلوى وغيرها من المأكولات، علاوة على ما هو مرتب لخدمتها من الفراشين الذين يحفظون رسومها ومواعينها، وكان يصرف على أجرة الصنّاع والمواعين خمسمائة دينار. ….. وجرت العادة في هذا العصر, أنه فى النصف الثانى من شهر رمضان كان يحضر الخليفة الفاطمي العزيز بالله إلى دار الفطرة ومعه الوزير فيجلس الخليفة على سريره، ويجلس الوزير على كرسي ، ويدخل معهما قوم من الخواص، ليشاهد الخليفة ما بالدار من الاصناف المعمولة والمعبأة مثل الجبال …… كان العزيز بالله يوزعها بنفسه من ربع قنطار إلى عشرة أرطال إلى رطل واحد وهو أقلها، ليستفيد منها الأمراء والفقراء، حيث توزع عليهم أصنافها كل على قدر منزلته ، وذلك في أوانٍ لا تُرد، ثم ينصرف الخليفة ووزيره بعد أن ينعم على مستخدمي الدار بستين دينارا. ….. وهكذا استمرت موائد الرحمن على امتداد 1143 عاماً ، حافظ عليها المصريون وأقاموها في طول البلاد وعرضها للصائمين من غير القادرين وعابري السبيل. …………… وعمار يا بلدى عمار, وكل عام وحضراتكم جميعا بخير