اللوحة للفنان امين الصيرفي الدراسة النقدية ل. د السيد العيسوي النص من وحي اللوحة لترفع روحي ولتثبت هيبتي حتي يوقرونني ارباب الكون أيها التائه بين ضبابية خوفك وزرقة يقيني اّن لك أن تجتاز صخور مستحيلك وملوحة موجك الشبق للجراح اّن لك أن ترتب للخيال أرضا جديدة... وصبحا لم يولد بعد وأنت أنت هناك أو هنا مازلت متأملا أعراس النخيل في بلوربحيرتك الفلسفية وحيد تواجه سموات الغربة وقصيدة قلبك المتوهجة علي الضفة الثانية أيه التائه بين كوابيس الجدب وأحلام الماء ما الذي تخبأه المرايا وما خاتمة الركض بين أوردة النهايات و شرايين البداية ... وما معني الرحيل بين ازمنة الحلم وقد تعري مجهولنا فبدا وعيك كظل مسيح مصلوب الحكاية 2 أزوريس انا هنا انادي صوتك المبحوح صمتا يا ازوريس أنا هنا . نظرةعين خجلي , حفيف شوق بحرير فساتيني أرضك هنا شغفك أنا......... وللغد قصة تمزج دمي بالنيل وانت رب قلبي أنفاسه الخضراء , قدر تحت السكين 3 كوجهه هاديء والحب في كفه يدفق.. الشوق روافدا كان أزوريس منذ التقينا شاردا المطر بين عينية يزرع كوناً مجدبا ازوريس كغيبه , يعاند الحزن متفردا وبدمه حزن يعانق سيده صبري الجميل اهترأت ثيابه والفرح من جيبي تساقط ازوريس :أيا حبا علي العمر استوي أيامي تائهة ولم يزل علي كفك خطي شعري كواعبا أزوريس كخوفي , يشاكس الحب مترددا يطارد الليل بينما هو بقلبه صلوات ملاك ,اسطورة بعث , دموع رثاء قوة الآلهة والحب نبع ماء قيثارة نهار ينقش الاسماء والسماء ويصنع المعجزة إضاءة نقدية لعمل شعري وآخر تشكيلي في ضوء فكرة تلاقي الفنون وتداخلها: استلهام جيد للوحة مفعمة بالمعاني التي تجذر فينا مشاعر وأحاسيس جمعية تنتمي لآلاف السنين تنحدر في الدماء ساكنة في الوعي الجمعي بلغة عالم النفس الشهير كارل يونج... فنحن هنا أمام نصين يتناديان، كل منهما له بصمته الفنية الخاصة التي تنطلق من منطلقات فنية مغايرة، ولكنها كلها تدخل في حيز إشباع الذائقة، بأدوات فنية مختلفة. على مستوى النص ما أروع هذا التعبير: ( أيها التائه بين ضبابية خوفك وزرقة يقيني آن لك أن تجتاز صخور مستحيلك ) فهناك نداء لأعماق الذات، ربما للذات الفرعونية داخلنا بالمعنى الإيجابي، هناك استيحاء لقدرات خاصة داخل الذات، تدعو الشاعرة لاستنهاضها كاللوحة تماما.. من الجميل أن العين في اللوحة (العين الصغيرة) يواكبها تعبيريًا قول الشاعرة: (لترفع روحي ولتثبت هيبتي حتي يوقرونني ارباب الكون) ثم قولها: (آن لك أن ترتب للخيال أرضا جديدة... وصبحا لم يولد بعد ) فالعين هنا -حسب قراءتي- هي عين استشرافية، هي عين المستقبل، وهي عين الروح ، وهي عين الحضارة أيضًا، لذا نستطيع أن نفهم لماذا تكررت العين باتساع أكبر، إنها الدعوة إلى البعث والنهوض من جديد، أسطورة الانبعاث، فالعين القديمة، يراد لها أن تنبعث من جديد، وفي صورة أفضل، وهو في نفس الوقت ما تقوله كلمات النص، التي تنادي الإنسان (المصري خاصة) بعبور صخور المستحيل: (آن لك أن تجتاز صخور مستحيلك) وكذلك قولها: (لترفع روحي ولتثبت هيبتي حتى يوقرني أرباب الكون) ولنلاحظ روح الصياغة،وكأننا أمام ترتيلة فرعونية في معبد فرعوني، فالاستيحاء والتماس، بل التناص بين العمل الأدبي واللوحة بلغ درجة عالية من العمق والتجلي المشترك. إن عبقرية اللوحة تنعكس على هذا التعبير العبقري دون أدنى مجاملة: (آن لك ن ترتب للخيال أرضا جديدة... وصبحا لم يولد بعد ) هذا التعبير الفذ يوازيه في الصورة ذلك الوجه المختبئ أو المختنق في أعلى اللوحة في مكان أقرب إلى المركز، وهو اختناق عنكبوتي، يوحي بأن الشخصية المصرية يجب أن تنخلع من معوقات التخلف وتبحث عن موقعها المركزي في الكون، فقد (آن لك ن ترتب للخيال أرضا جديدة... وصبحا لم يولد بعد ) وهل هناك أروع من هذه الصياغة في توليد طاقة البعث والبناء في الإنسان المصري؟!! ثم تستشرف الشاعرة روح الفنان وهو في سكرات الموت/الفن حين تقول له: ( أيها التائه بين كوابيس الجدب وأحلام الماء ما الذي تخبئه المرايا وما خاتمة الركض بين أوردة النهايات و شرايين البداية ... وما معني الرحيل بين ازمنة الحلم وقد تعري مجهولنا فبدا وعيك كظل مسيح مصلوب الحكاية ) إنه العذاب الأبدي الذي يمارسه كل فنان يحلم بوعي أمة وحضارة جيل، حيث يصلب الشاعر على كلماته، والفنان على ألوانه ولوحاته، وهو ما يعكسه هذا التداخل في اللوحة كبوح مختنق يبحث عن منفذ بين الزحام! ولا ننس -إذا تأملنا اللوحة في هذا السياق- أن النقوش الفرعونية هنا هي محاولة أو دعوة لمحاولة قراءة الماضي والاستفادة من تجربة الأجداد الفذة في فكرة الحضارة والبناء، فالأحرف أو رسم الأحرف لم يأتِ هباء، إنما جاء لدلالة مقصودة، وهذه هي قراءتي لها. ومن خلال هذه القراءة للماضي نستطيع أن ننقش المعجزة على جبين الدهر، ولعل هذا يوازيه في النص الأدبي قول الشاعرة: (والحب نبع ماء قيثارة نهار ينقش الاسماء والسماء ويصنع المعجزة ) فكلمة النقش هنا، وارتباطها بالمعجزة، لا أستطيع أن أفصله عن وعي أو لاوعي الشاعرة وهي تقرأ هذه النقوش وتفك رمزيتها أو طلاسمها عبر قراءتها الشعرية للوحة التي تفيض بأسمى المعاني! وهكذا يستطيع النص أن يقول الكثير، وتستطيع اللوحة أن تقول الكثير، ولكنا اكتفينا بتأمل الرابط الفني والحضاري بين العملين بصفة عامة، في عمل تشكيلي- شعري ربما يكون فريدا. وفي ربط نقدي تشكيلي شعري، لعله جديد أيضًا بشكل أو بآخر، وإلا فكل عمل له جماله واستقلاليته رغم ذلك، فلننظر إلى النص النثري على سبيل المثال بمزيد من التذوق، إن صوت الشاعرة هنا يمكن أن يمثل - على المستوى الرمزي العميق- مصر، كما يمكن أن يمثل أوزوريس فكرة اللقاح، ومن خلال هذين الاثنين يتولد النماء والبعث والخصب على كل المستويات... ولذا يكثر النداء الضمني هنا تعبيرا عن الرغبة والتوق لفعل الوجود/الخصب، بحيث تعاد دورة الحياة/الخلود من جديد عبر هذا التشبث الحميم عبر صوت الأنثى. وفي المقابل على مستوى العمل التشكيلي نستطيع أن نخرج بقراءات خاصة، ويكفي أن نتأمل انتشار اللون الأصفر والذهبي في اللوحة، وأرى أن لذلك دلالتين: الأولى هو تذكرتنا بالعصر الذهبي لحضارتنا الذي يملأ فضاء الماضي، والثانية هي محاولة استعادة بريق الماضي، وملء فضاء الحاضر بهذه الإنجازات الذهبية، فاللون هنا وطريقة توزيعه وارتباطه بالنقوش والعين وسيطرته على فضاء العمل، يوحي بكل معاني الاعتزاز بالماضي والرغبة في ملء فضاء الواقع بإنجازات تماثل عصرنا الذهبي أو عصر حضارتنا الذهبي، ولذا فاللون وطريقة توزيعه وارتباطه بالحقول الدلالية والجمالية للوحة وعلائقه بالجزئيات والرموز المحيطة به، يصنع لنا نوعا من الحافز، ويثير فينا الحماسة بشكل متوهج، ويستنفر أقصى طاقات النهضة لدينا، وكأنه يذكرنا برنين الذهب وبريقه في آن، لكل من يقدر هذا المعدن الثمين على سبيل المثال -و كلنا نقدره بدافع الفطرة أو الأعراف- وهكذا تنطق اللوحة بالكثير والكثير من المعاني، وذلك راجع إلى ما فيها من رموز وشفرات وحقول دلالية ولونية متعانقة ومتعالقة.. تحياتي للشاعرة القديرة Himat Mostafa El Hogarate على نصها الراقي الممتع، وللفنان التشكيلي Amin Elserafy على لوحته المشعة بالجمال والألق كروحه. وإني لسعيد بالقراءة النقدية او التذوقية التي حاولت أن تشق لها طريقا بين العملين..كون ذلك تجربة جديدة إلى حد ما على منهجي النقدي، وإن سبقتها محاولات ...