p style=\"text-align: justify;\"ثقوا أنا قد غلبت العالم (يوحنا 16/ 33) (14) p style=\"text-align: justify;\" نحن سفراء المسيح، وكأنّ الله نفسه يعظ بألسنتنا. فنناشدكم باسم المسيح أن تتصالحوا مع الله. (2 كورنتس 5/20). p style=\"text-align: justify;\" السّفير هو مبعوث يُرسَل ليمثّل وطنه في الوطن المبعوث إليه، كما أنّ السّفير هو المصلح بين قومين. وبما أنّه يمثّل وطنه، بل يصبح هو وطنه في الوطن المرسل إليه، يحمل كلّ ما في وطنه من جمال وحضارة ورقيّ أخلاقيّ. ونحن سفراء المسيح ونمثّل وطن من أرسلنا، ملكوت السّماء، ملكوت المحبّة. فهل نحن سفراء بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى؟ وهل نفتح قلوبنا وبصائرنا وضمائرنا لتنهل من محبّة الله ليعظ فينا؟ p style=\"text-align: justify;\" كي نمثّل وطننا علينا أن ندرك تفاصيله وذلك بإدراكنا للمسيح. لا يكفي أن نحمل اسمه، بل يجب أن ندخل في تفاصيل المسيح كي نمنحه للعالم نوراً وخلاصاً، وكي نكون سفراء حقيقيين يحملون رسالة المحبّة الّتي تصالح بها الله مع العالم. ولمّا كان السّفير هو المصلح بين قومين، ولمّا كنّا سفراء المسيح فعلينا أن نصلح بين بعضنا البعض. فالمسيح المنتصر يأبى أن يكون الإخوة متخاصمين فيما بينهم. فنحن لسنا إخوة بالرّوح وحسب، بل نحن إخوة بالدّم، بدم يسوع المسيح. p style=\"text-align: justify;\" يقول الرّبّ، في يوحنا ( 13/34-35): مثلما أنا أحببتكم أحبّوا أنتم بعضكم بعضاً، فإذا أحببتم بعضكم بعضاً، يعرف النّاس جميعاً أنّكم تلاميذي. p style=\"text-align: justify;\"بمحبّتنا لبعضنا البعض نكون تلاميذ حقيقيّين للسّيّد وبها يرى العالم وطننا السّماوي الّذي يدعو الله الجميع إليه. بالمحبّة الأخويّة نحن سفراء للمسيح وكأنّ الله نفسه يحبّ فينا، فنكون نوراً في العالم حتّما يرى مجد المسيح المنتصر، ويدرك أنّ الوطن الحقيقيّ هو ملكوت المحبّة. تشجّعوا لأنّ الرّبّ قريب. p style=\"text-align: justify;\" ثقوا أنا قد غلبت العالم (يوحنا 16/ 33) (15) p style=\"text-align: justify;\" إرحمني يا الله، أنا الخاطئ! ( لوقا18/13) p style=\"text-align: justify;\" هذه الآية الممزوجة بالرّحمة والتّواضع والإنسانيّة، يتفوّه بها قلب من كان قريباً من النّور. والنّور هو المسيح، وكلّما كان الإنسان مرتبطاً به أدرك عمق ذاته وسعى إلى الاكتمال به. p style=\"text-align: justify;\"لا تدعو هذه الآية للشّعور بالذّنب أو الاستسلام للضّعف البشريّ، وإنّما ترشدنا إلى نقطتين أساسيّتين: الأولى، الرّحمة الإلهيّة، والثّانية إدراكنا لأهمّيّة اللّجوء إلى هذه الرّحمة والغوص في غوار ذواتنا والإصغاء إلى ضمائررنا على ضوء محبّة الله حتّى نتنقّى من كلّ ما يمكن أن يشوّه صورتنا الّتي هي على صورة الله ومثاله. p style=\"text-align: justify;\" يقول القدّيس إسحق السّرياني: p style=\"text-align: justify;\"اتضع ترَ مجد الله فى داخلك، لأنّه حيث ينبت التّواضع، من هناك ينبع مجد الله.\". p style=\"text-align: justify;\"والتّواضع يعني أن نكون صادقين مع أنفسنا بما يكفي لنعلم أنّ طبيعتنا البشريّة ناقصة وتخضع للضّغف البشريّ، وبالتّالي هي بحاجة إلى قوّة تعينها على هذا الضّعف وتنتشلها من النّقص. هذه القوّة هي الله، ومنه نستمدّ كلّ قوّة لندرك أعماق نفوسنا فنرفع حسناتنا ونحاول التّخلّي عن سيّئاتنا حتّى نصل إلى ملء قامة المسيح. ولا نتبيّن هذه السّيّئات إلّا على ضوء مجد الله، لأنّه الشّمس الّتي تجعلنا نرى نفوسنا الملطّخة. p style=\"text-align: justify;\" علينا أن نردّد باستمرار هذه الآية حتّى ندع الله يبلغ بنا إلى حيث لا نستطيع البلوغ وحدنا، كما يقول القدّيس أغسطينس، وحتّى نرتقي إلى إنسانيّتنا الكاملة واثقين أنّ رحمة اللّه أكبر من خطيئتنا، مثابرين على الاتّحاد بيسوع المسيح حتّى نتقوّى به. والثّقة هي \" أنّنا نستطيع كلّ شيء بالمسيح الّذي يقوّينا ( فيليبي 4/ 13). تشجّعوا لأنّ الرّبّ قريب. مادونا عسكر/ لبنان