p style=\"text-align: justify;\"حسن زايد يكتب : لو رغبت كمصري أن اكتب مدافعاً عن القضية الفلسطينية ، وقد تنامي إلي علمي موقف حماس من مصر التي تمثل العمق الإستراتيجي للدولة الفلسطينية . أقل ما يوصف به هذا الموقف أنه موقف عدائي يتسم بالخيانة والعدوانية والخسة ، فمع غض طرف نظام مبارك عن شبكة الأنفاق التي حولت الحدود المصرية الفلسطينية إلي غربال ، تعبر منه واليه صور التجارة المشروعة وغير المشروعة ، كما تعبر منه الأسلحة للفصائل المقاومة للدولة الصهيونية . فإذا بهذه الشبكة الغربالية تصبح منفذاً لقوي حماس العابرة للحدود المصرية ، بقصد ضرب مصر في بطنها ، والمناطق الرخوة منها ، مساعدة لجماعتها الأم جماعة الإخوان في السطو علي الثورة والسلطة . فقامت هذه القوات الحمساوية بضرب السجون وفتحها ، وضرب أقسام الشرطة وحرقها ، ومهاجمة المحاكم وإشعالها ،والسطو علي مقار أمن الدولة ونهبها ، وقتل المتظاهرين في الميادين بقصد تأجيج الثورة حتي لا يخبو أوارها . وإدخال مصر في حالة فوضي أمنية عارمة ، مع ظهور ما يطلق عليه الطرف الخفي الطرف الثالث الذي انكشفت سوءته ، عندما تحول إلي الطرف الثاني . لو رغبت كمصري أن اكتب مدافعاً عن القضية الفلسطينية ، p style=\"text-align: justify;\"وقد تنامي إلي علمي موقف حماس من مصر إبان ثورة يونيه ، حين دفعت بالجماعات المتطرفة إلي سيناء كي تخوض حرباً إرهابية ضد قوات الجيش والشرطة ، وتوفر لهذ الجماعات الأسلحة والغذاء والكساء والغطاء . حين تحالفت مع قطر وأمريكا وتركيا في مؤامرة كسر مصر الدولة وتفتيتها ، وجعل أهلها شيعاً متقاتلة ، فلا تقوم لها قائمة كدولة مركزية في المنطقة . لو رغبت كمصري أن اكتب مدافعاً عن القضية الفلسطينية ، فلابد أن أبتلع الغصة التي تملأ حلقي مما فعلته حماس ، p style=\"text-align: justify;\"ولابد أن أقنع نفسي بأن حماس ليست الفلسطينيين ، وأن غزة ليست حماس ، وأن القضية ليست قضية فلسطين وحسب ، وانا أعلم أن الأمر لن يحتاج إلي جهد لفعل ذلك . والواقع أن القضية الفلسطينية في حاجة إلي كل مواطن عربي في سبيل الذود عنها ، رداً علي من يمكن أن يقول بأن القضية ليست في حاجة إليك . فما حدث من عدوان علي غزة تنفطر له القلوب ، ويدفع كل كائن بشري يملك قطرة من دم إلي التفاعل مع هذه القضية في سبيل نصرتها . فلقد جوبه أهل غزة العزل بأعتي أسلحة العصر تصب فوق رؤوسهم الحميم ، فلم تترك صغيراً أو كبيراً أو شيخاً عجوزاً أو إمرأة إلا وجعلته كالرميم ، فقد كانت رائحة الشواء البشري من تحت الأنقاض تزكم الأنوف ، والمنازل لم تترك فيها حجراً علي حجر ، ولم يتبقي من الحجر إلا شظاياه . ذلك هو الحصاد المُر للهجمة البربرية الصهيونية علي غزة . ومن الصعب القول بانتصار فصائل المقاومة علي العدو ، بما يسمح ويتيح فرض إملاءات علي الجانب الإسرائيلي ، وإجباره علي القبول بهذه الإملاءات وفقاً لموازين القوي المتخيل أو المأمول ، لأن موازين القوي المادية بين القوتين مختل اختلالاً فائقاً لصالح العدو . نعم ، قد تكون نيران المقاومة قد أوقعت بعض الخسائر المادية والبشرية والنفسية في الجانب الإسرائيلي ، ولا ريب أن ذلك أوجعهم علي نحو من الأنحاء ، p style=\"text-align: justify;\"ولكنه ليس الوجع الوجودي الذي يدفع اسرائيل إلي التسليم بالمطالب الفلسطينية . وصحيح أن اسرائيل قد فشلت في نزع سلاح حماس وتدمير الأنفاق ، إلا أنه ليس الفشل الذي يدفعها إلي الإستسلام ورفع الراية البيضاء . وهذه الهجمة وضعت القضية علي محك تساؤل لابد منه إذا كان هناك من يريد بهذه القضية خيراً مؤداه : هل حماس بالفعل حركة مقاومة ؟ . p style=\"text-align: justify;\"وأنا لا أضع هذا السؤال بقصد التشكيك ، وإيغار الصدور، تجاه فصيل مقاوم ، من أجل قضية العرب الأولي ، ولا أضعه من منطلق الخلفية التي رسمتها حماس بريشتها الدموية في أذهان المصريين عن دور حماس في عبثية القتل التي مازالت تعمل آلتها في الجسد المصري ، ولكن فقط أرغب في الوقوف علي حقيقة موقف حماس . فحماس كما أعلن قادتها هي الذراع العسكرية للإخوان التي لا يقتصر امتدادها علي الكيان الصهيوني ، إذا امتدت إليه بدوافع وطنية ، ولكنها تمتد إلي جهات وجبهات أخري خارج الأراضي المحتلة ، وليتها تفعل ذلك وفقاً لأجندة مقاومة الإحتلال ، ولكنها تفعله وفقاً للأجندة الإخوانية ، التي لا تؤمن بالوطن كمفهوم أرض وجغرافيا وتاريخ ، ولكنها تؤمن بوطنية العقيدة التي لاتعرف وطناً ولا حدوداً ولا أرضاً ، لأن وطن الأرض والحدود حفنة من التراب النتن كما وصفه سيد قطب في المعالم ، وكما قال به وحكي عنه البنا في الرسائل . فكيف لأناس هذا فكرهم الذي اتخذوه عقيدة دون العقيدة أن يدافعوا عن وطن الأرض والحدود ؟ . p style=\"text-align: justify;\"دعك من قصة أنها صنيعة اسرائيلية ابتدعت من أجل نسف القضية ، وتفتيت الصف ، ومنح الذريعة تلو الذريعة للصهاينة لممارسة نازيتهم علي الشعب الفلسطيني ، ودعك من المؤامرات المحاكة وهي طرف فيها ، وآخرها ما صرحت به ليفني للقناة السابعة ، من أنهم يعرفون السلاح المكدس لدي حماس ، والذي سمحوا بتسريبه ، وتمويله ، بقصد إقامة مشروع غزة الكبري في سيناء ، كإمارة تحارب الجيش المصري وتنهكه ، تمهيداً لتفكيكه ، p style=\"text-align: justify;\"دعك من كل هذا ، وابحث في العقيدة الإخوانية عن مفهوم المسلم ، سنجد أن المسلم الحق هو الإخواني دون غيره ، وما المحبين والمتعاطفين معهم إلا وقوداً لدعوتهم ، يتم التضحية بهم حين تكون الجماعة في حاجة إلي دماء نازفة ، سواء لخلق مظلومية تكسبهم التعاطف ، والتعاطف يجلب المساعدات ، أو بقصد تشويه خصومهم المتوهمين الذين يؤثرون علي مشروعهم سلباً . فيتم تصدير الوقود البشري في المواجهة ، فإن لم تقتلهم أسلحة عدوهم من الأمام قتلوهم هم من الخلف ، وقد شاهدنا ذلك في البؤرة الصديدية المسماة \" اعتصام رابعة العدوية \" في مصر . فهل يصح اعمال ذات المنهج الإخواني في الحالة الفلسطينية ؟ . أظن أن القضية الفلسطينية كي تكون مقاومة مؤثرة وفاعلة سواء كانت مقاومة سلمية أو مقاومة مسلحة لابد وأن تعمل دون الإرتباط بأجندات خارجية ، وأن تكون الأجندة الحاكمة لحركتها أجندة فلسطينية خالصة ، ويوم أن تتخلص حماس من أجندتها الإخوانية ستكون إضافة هامة لفصائل المقاومة ، وليست خصماً عليها ، p style=\"text-align: justify;\"فهل تسعي الفصائل الفلسطينية إلي ذلك دون انحيازات لخيارات خارجية ؟ . وهل ستتركها اسرائيل وأمريكا تسعي إلي ذلك ؟ . يوم أن يحدث ذلك ستتحرر فلسطين من البحر إلي البحر ، ستصبح فلسطين كل فلسطين . حسن زايد