" (2) أنتم الجالسون على حافة اليأس، ترقبون الموت، أو تهربون منه وهو يلهث وراءكم، تشجّعوا! أنتم المتروكون وحدكم في بستان الزّيتون، تبكون من شدّة الوجع والحزن، وتخافون كأس الاضّطهاد المرير، تشجّعوا! نحن أمراء في بلاط ملك عرشه الصّليب، وتلاميذ لمعلّم معرفته جهالة عند النّاس وحكمة النّاس عنده جهالة. وليس التّلميذ أعظم من معلّمه، فكما أنّ المعلّم وهو العود الأخضر سار بخطى ثابتة في طريق الجلجلة، كذا التّلميذ ينبغي أن يحفّر الأرض بخطى المحبّة كي يتمجّد. وحسبنا أن نكون تلاميذاً يجتازون كلّ امتحان بقوّة كلمة المسيح الحيّ. " لا تخافوا، ها أنا ذا معكم حتّى انقضاء الدّهر" يقول الرّب الإله، وهو الكلمة الحقّ والمحبّة الحقّ. لا تخافوا ولا تهابوا شيئاً، وإن تعبتم طوال ليل حالك قاتم، ارموا الشّبكة لأجل كلمته فتحصدوا نعمه. تشجّعوا لأنّ الرّب قريب. " ثقوا أنا قد غلبت العالم " (3) " اغضبوا ولا تخطئوا "، يقول الرّبّ الإله. وإنّي أرى بعض الإخوة يغضبون ويلعنون ويتمنون الشّرّ لمضّطهديهم. ألم يقل السّيّد " صلّوا لمضطّهديكم؟ ". ولم يقل هذا الكلام ليخدّر عقولنا ويدخل اليأس إلى قلوبنا وإنّما لأنّ الصّلاة قوّة حقيقيّة وفاعلة، تطيح بكلّ شرّ، فيكون للخير الغلبة في قلب الإنسان. إخوتي، إنّه زمن الصّليب بامتياز، إنّه زمن الجدّ والجهاد الرّوحي، والإيمان بالمسيح الحيّ ليس نظريّة، كما يقول أبونا " متى المسكين "، بل هو قوّة قادرة على تغيير الحياة. ويقول السّيّد: " من أراد أن يتبعني، فليحمل صليبه ويتبعني"، ولنا الخيار. فإمّا أن نرتفع كما السّيّد على صليب المجد، وإمّا أن نتّخذ طريقاً آخر. نحن لا نولد مسيحيين بل نصير مسيحيين، ولمّا لبسنا المسيح صرنا مسيحاً آخر، وإن اخترنا أن نتبعه فلنحمل صليبنا ونتبعه. وما تعلّمتموه وتسلّمتموه وسمعتموه ورأيتموه فبهذا اعملوا ( فيليبي 4)، لقد تعلّمنا الحبّ حتّى الموت من السّيّد، وتسلّمنا رسالة المحبة والحكمة ورأينا مجد الرّبّ يتجلى غفراناً على الصّليب. من يلعن ويشتم ويتمنّى الشّرّ كمن يدعو المسيح للنّزول عن الصّليب، أو كمن ينظر المسيح على الصّليب ويبكي وينوح فقط. والسّيّد لا يريد نواحاً عليه بل يريد لنا الفرح لأنّه ارتفع لتكون لنا الحياة. تشجّعوا، لأنّ الرّبّ قريب. كاتب الأيقونة: أيمن نعمة/ سوريا