في المستشفي وبينما كانت والدة الفتاة الشابة المتوفاة في قبضة أزمة انهيار عصبي عام مثيرة للرعب ، تم نقل الجثمان إلي التشريح لتحديد سبب الوفاة .. عجز الأطباء عن تحديد سبب النزف الشديد الذي عانته وعجزهم الأكبر عن إيقافه جعل الجميع متلهفين للتقرير الخاص بعملية التشريح لأنه كان هو الأمل الوحيد لهم في تحديد سبب الوفاة الغامضة غير مفهومة الأسباب ! في الحجرة البيضاء المعقمة المحكمة الإغلاق وضعت الجثة العارية الملفوفة بملاءة قطنية خفيفة علي منضدة مستطيلة وسطعت فوقها أنوار قوية تتيح للطبيبين رؤية كافة التفاصيل الدقيقة للجسد الشاحب الملقي أمامهما في دعة .. كانت عملية التشريح نفسها غريبة إذ ليس ثمة توصيف قانوني دقيق لها .. فلا يمكن إعتبارها عملية تشريح قانونية جنائية كالحالات التي تحدث في جرائم القتل والعدوان البدني الذي ينتهي بالموت ولم تطلب جهة رسمية القيام به .. لكن العملية برمتها تمت تحت مزاعم والدة المتوفاة بأنها تعرضت لشيء غير عادي علي يد مجموعة فتيات من سنها آذنيها بشدة وتسببن في موتها .. لكن أي نوع من الإيذاء والتحاليل التي أجريت للفتاة وهي راقدة في المستشفي ، وقبل حصول الوفاة ، أكدت أنها لم تتسمم أو تتناول مواد غريبة بأي شكل من الأشكال ؟! لكن في النهاية فإن الأطباء الذين ؟أشرفوا علي محاولات علاج " كالي " هم الذين كانوا راغبين حقا في إجراء ذلك العمل ليعرفوا طبيعة العدو الكامن في جسد الفتاة والذي هزمهم كلهم خلال بضع ساعات ! عملية تشريح روتينية وغير روتينية في نفس الوقت وبحضور ممثل عن الولاية تم شق الجسد .. وكانت العملية كلها مصورة عبر الفيديو كما تشترط القوانين السارية في الولاية .. وبعد الوصف الظاهري الدقيق للمظاهر الخارجية للجثة تمت عملية شق الجذع بدأ من أعلي الكتفين مرورا بالصدر ووصولا إلي أدني نقطة من عظمة الصدر علي شكل حرف Y .. بدئ في فحص الأعضاء الداخلية عضوا عضوا بينما كانت " بيني " المعتوهة تفعل شيئا مثيرا للرعب في شقتها الآن ! ... كانت " بيني " قد طلبت في نحو الثالثة مساء من " مولي " الحضور إلي شقتها فورا .. كانت الفتاة تمتلك شقة خاصة بها في ضاحية صغيرة معزولة أشترتها من أموال خصصها لها أبيها للاستقلال بحياتها إن هي أرادت ذلك .. لكن كان من الواضح أن البنت غير راغبة في الانفصال عن أمها بالذات .. كانت " مولي " مغتاظة منها جراء تجاهلها لمكلماتها الهاتفية لها طوال الصباح لكنها قررت الذهاب بسبب شدة قلقها وتوجسها من موضوع موت " كالي " المفاجئ الذي حسبته سيعلق في رقابهن في النهاية .. ظنت أن صديقتها قلقة مثلها وترغب في بحث نفس الموضوع .. لكنها كانت مخطأة تماما فالأمر لم يخطر علي بال " بيني " مطلقا كما أن الأمر الذي تريدها بشأنه لا علاقة له بموت " كالي " .. وإن كان له علاقة ب" كالي " نفسها ! وجدت " مولي " نفسها هناك في الشقة الصغيرة بصحبة " بيني " لكنهما لم يكونا لوحدهما .. فقد كانت " تيرالا " هناك بالإضافة إلي ثلاث بنات أخريات لا تعرفهن .. تعجبت " مولي " مما كان يبدو عليهن من جدية وصرامة ورعب رغم أنها لا تري مبررا لذلك في وسط شقة صغيرة تقدم إليهن فيها الشيكولاتة الساخنة وتبث أغاني رومانسية حالمة .. كانت " بيني " تجلس هناك مرتدية رداء مكشوفا وتغطي ذراعيها النحيلتين بكمية هائلة من الأساور الغليظة المختلفة الأشكال وتضع علي رأسها ما يشبه عمة ضخمة مدورة لها ريشة علوية غريبة الشكل .. كان منظرها فظيعا لكن ما قالته بعد ذلك كان أكثر فظاعة : " كلوا جيدا ( قالت وهي تدفع لهن أطباقا مليئة بطعام غير واضح الهوية ) فسنحتاج قوتنا كلها الليلة ! " نظرت البنات لها بدهشة ثم تبادلن النظرات فيما بينهن .. أجرت " بيني " تعارفا سريعا بينهن فعرفت كلا منهن اسم الأخرى الأول فقط .. مضت لحظة من الصمت حتى أصاب الملل " مولي " التي تساءلت بصوت خفيض : " بيني .. ماذا يحدث هنا ؟! " دخنت " بيني " بشراهة ونفخت سحابة كثيفة من الدخان من جوفها ثم ردت بلا مبالاة : " سنبدأ حياة جديدة الليلة ! " نظرت البنات لها غير مستوعبات لما يجرب لكن " بيني " سرعان ما أوضحت لهن كل شيء : " سيصلون الآن وسترون كل شيء ! " لم تكد تنهي جملتها حتى دق الباب .. هرعت " بيني " لتفتح وأدخلت رجلين يحملان صندوقا طوليا مزعج الشكل لكونه شبيها بصناديق الموتى المرعبة : " ما هذا ؟! " سألت " تيرالا " التي توترت نظارتها علي أنفها وانزلقت مترين لأسفل فنهرتها " بيني " آمرة إياها بأن تخرس .. خرست "تيرالا " لكن الباقيات لم يصمتن .. ذهب الرجلان بعد أن تركا لها مفتاحا ذهبيا صغيرا وهمس أحداهما في أذنها بجملة طويلة لم تسمع منها الفتيات حرفا واحدا .. ذهب الرجلان وبقيت البنات بمفردهن .. مع الصندوق ! تطلعت إليهن " بيني " وهي تعرف ما يعتمل في نفوسهن من فضول وخوف .. أخيرا قامت بفتح الصندوق وأمسكت غطاءه بيدها وقالت قبل أن ترفعه : " إذا أرادت إحداكن الانسحاب فلتفعل ذلك الآن ! " أمعنت النظر إليهن خاصة " مولي " لكن واحدة منهن لم تنطق كاشفة رغبتها في الانسحاب من هذا كله .. أخيرا حررت " بيني " الغطاء ورفعته لأعلي .. كان الصندوق مبطنا بالحرير الأزرق من الداخل .. فراش من الحرير الأزرق والزنابق البيضاء ترقد فوقها " كالي " ! لقد كانت جثة " كالي " هي التي تقبع في الصندوق .. شهقت " مولي " و" تيرالا " فزعا .. أما الباقيات فقد لذن بالصمت العنيد : " ماذا .. ماذا ستفعلين ؟! " سألتها " تيرالا " لكنها لم تعرها التفاتا أصلا وكأنها لا تراها : " هش .. لا صوت ! " بدت " بيني " مخيفة في تلك اللحظة .. وبدت مخيفة أكثر وهي تسحب الغطاء الرقيق الذي يغطي جسد " كالي " ليظهر جسدها عاريا من تحته وخيوط جرح التشريح ظاهرة علي صدرها وجذعها كله .. بصقت فتاة خلف ظهورهن وبدت علي البقية علامات الإشمئزاز : " ماذا فعلت ؟! " سألتها " مولي " مذعورة لكنها لم تجب عليهن بل قالت لهن بهدوء : " أيتها الفتيات ! ما دمنا قد وصلنا إلي هذه المرحلة فأعلمن إنه لا سبيل للتراجع .. والموت ينتظر الخائنة منكن ! " " ماذا تفعلين .. كيف سرقت جثة الفتاة ؟! " صرخت فيها " مولي " فاقتربت منها وألصقت وجهها بها .. بدت " بيني " مخيفة وعيناها تلمعان بلون غامض وجسدها متصلب كقطعة صلب والقسوة تظل من عينيها : " لا أسئلة ! أنا القائدة الآن .. لا أسئلة ! " خرسن كلهن بما فيهن " مولي " و" تيرالا " .. بينما مدت " بيني " يدها تلمس جسد " كالي " الميتة بسعادة : " ستكونين خالدة للأبد .. ستحين فينا وسنحيي بك ! " مخبولة .. وجدت " مولي " الفرصة لتقرر أخيرا لكن " بيني " لم تمنحهن الفرصة لعمل أي شيء : " والآن ؟! " سألت فتاة منهن فردت " بيني " وهي تلمس الجسد البارد بطرف أصبعها وكأنها تلمس ماسة صغيرة ثمينة : " الآن .. سنمزق هذا الجسد الجميل ! " قفزت معدة " مولي " صارخة وأشاحت " تيرالا " بوجهها وسقطت نظارتها علي الأرض دون أن تعني ، لفرط ذعرها ، بالتقاطها ولاذت الباقيات بصمت عنيد مخيف : " سنمزقها .. إنها الكاهنة ! التي يسري السر في عروقها ومن عروقها سنستمد الحياة .. الحياة الأبدية .. سنأكلها ! " صرخت " مولي " وتراجعت حتى التصقت بالحائط وكتمت فمها براحتي يديها معا : " ستحصل كل منا علي قطعة منها .. وستأكلها ! وخلال لحظات سنكون خالدات .. وحتى أبواب الجحيم لن تقدر علينا ! " أنتظروا حلقات كأس الدم يوما بعد يوم في العاشرة مساء بالتبادل مع يوميات كاتب رعب