رئيس المنتدى الزراعي العربي: التغير المناخي ظاهرة عالمية مرعبة    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: «الزمالك قادر على تحقيق نتيجة إيجابية أمام دريمز»    بالمخالفة للدستور…حكومة الانقلاب تقترض 59 مليار دولار في العام المالي الجديد بزيادة 33%    مساعدات ب 3,6 مليار جنيه.. التضامن تستعرض أبرز جهودها في سيناء    بالصور.. نائب محافظ البحيرة تلتقي الصيادين وتجار الأسماك برشيد    التنمية المحلية تزف بشرى سارة لأصحاب طلبات التصالح على مخالفات البناء    عباس كامل في مهمة قذرة بتل أبيب لترتيب اجتياح رفح الفلسطينية    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    مباشر الدوري الإنجليزي - برايتون (0)-(3) مانشستر سيتي.. فودين يسجل الثالث    «ترشيدًا للكهرباء».. خطاب من وزارة الشباب ل اتحاد الكرة بشأن مباريات الدوري الممتاز    "انخفاض 12 درجة".. الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة الحالية    إليسا تطالب القضاء اللبناني باغاثتها لاستعادة قناتها بموقع «يوتيوب» (تفاصيل)    جمال شقرة: سيناء مستهدفة منذ 7 آلاف سنة وبوابة كل الغزوات عبر التاريخ    أحمد عبد الوهاب يستعرض كواليس دوره في مسلسل الحشاشين مع منى الشاذلى غداً    محمد الباز: لا أقبل بتوجيه الشتائم للصحفيين أثناء جنازات المشاهير    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    دعاء قبل صلاة الفجر يوم الجمعة.. اغتنم ساعاته من بداية الليل    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    لماذا حذرت المديريات التعليمية والمدارس من حيازة المحمول أثناء الامتحانات؟    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    هل الشمام يهيج القولون؟    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    العثور على جثة مسن طافية على مياه النيل في المنصورة    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    مدرب يد الزمالك يوجه رسائل تحفيزية للاعبين قبل مواجهة أمل سكيكدة الجزائري    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    وزير الرياضة يشهد انطلاق مهرجان أنسومينا للألعاب الإلكترونية    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    عودة ثنائي الإسماعيلي أمام الأهلي في الدوري    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    "ميناء العريش": رصيف "تحيا مصر" طوله 1000 متر وجاهز لاستقبال السفن بحمولة 50 طن    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    إصابة ربة منزل سقطت بين الرصيف والقطار بسوهاج    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    مدحت العدل يكشف مفاجأة سارة لنادي الزمالك    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



گوبنهاجن.. مدينة بعد التسامح

منذ أن تأسست كوبنهاجن في القرن العاشر، كقرية للصيد يعيش فيها الفايكنج، وحتي الآن، مرت سنوات كثيرة.
الماضي لم يغب عن المشهد البصري للمدينة، في كل محل ألعاب ثمة تماثيل صغيرة للفايكنج، بخوذاتهم الحديدية ذات القرون. تمثال حورية البحر يقف في حديقة لانجلاين ليذكر سكان المدينة بماضيهم المتعلق بالصيد والبحر، حورية البحر مأخوذة في الأصل من قصة للأديب الدانمركي الشهير هانز كريستيان أندرسون والذي يقف تمثاله منتصبا في حديقة قلعة روزنبورج. هذا بالطبع إلي جانب مدينة ألعاب تيفولي، والتي افتتحت باسم »متنزه تيفولي« عام 1843، وتعد ثاني أقدم مدينة ألعاب في العالم.
هناك شيء شديد العراقة والقدم في المدينة، يختبئ خلف قشرة سميكة شديدة الحداثة والتطور. العالم هنا يقع في نقطة ملتبسة بين البكارة والتطور التكنولوجي.
گوبنهاجن.. مدينة ما بعد التسامح
كان أسبوعاً لليقظة الفنية للمدينة، وللتواجد المصري فيها في نفس الوقت.
رحلتنا إلي كوبنهاجن تزامنت فيها عدة أحداث. كانت البداية عندما قرر معهد الحوار المصري الدنماركي (ديدي) تنظيم رحلة للصحفيين الثقافيين المصريين إلي الدنمارك. جاء هذا بعد رحلة عكسية حدثت من أشهر للمحررين الثقافيين الدنماركيين إلي القاهرة، تضمنت رحلة المصريين إلي كوبنهاجن الزملاء سيد محمود، دينا قابيل، آتي متولي، كاتبي هذه السطور، يارا شاهين وهيلله شولار المنسقتين من معهد ديدي. في نفس الأسبوع المقرر للرحلة، كان ميعاد مهرجان "إيمدجز"، وهو مهرجان الصور السنوي الذي تنظمه مؤسسة الثقافة والتنمية الدنماركية، في أنحاء كوبنهاجن، كما تزامن هذا مع افتتاح مشروع "صًندوق الدنيا"، وهو عبارة عن شاشة افتراضية يمكن لأي عابر في المدينة تحميل أي صورة عليها تمثل مشاهده في القاهرة.
رحلة شيقة، برنامج جيد وبعض الحظ. كنا سعداء في كوبنهاجن، هذه حقيقة.

مطار هاديء، يبدو صغيرا، أنيقاً ببساطة، نصل إلي ضابط الجوازات الذي يبدو عجوزا، ابتسامة لطيفة ترتسم علي وجهه، يلقي نظرة سريعة علي جواز السفر، ثم يسلمه لك مرة أخري، نظرة ضابط الجوازات تختلف عن مطارات اخري في أوربا تحمل عادة شكا وتحفزا في وجوه القادمين خاصة من خارج أوربا، نظراتهم إلي جواز السفر تبدو مليئة بالشك في هذا القادم من الخارج، بينما في كوبنهاجن كانت النظرة مرحبة أكثر من كونها متشككة، وستظل الابتسامة اللطيفة تلاحق المرء في كل شوارع كوبنهاجن رغم كل برودتها.

لطف السكان لم يفارقنا علي طول الرحلة. نسأل عجوزاً وزوجته عن رقم عمارة في أحد الشوارع. يفتح العجوز موبايله علي خريطة العاصمة ليري أين الرقم، وعندما لا يفلح يذهب بعيدا إلي إحدي خرائط المنطقة المعلقة في الشارع. عشر دقائق ونحن مع زوجته. نعتذر لها عن الإزعاج الذي سببناه لها ولزوجها، فترد بابتسامة. نخبرها أن الدنماركيين ودودون للغاية، فتقول: "أنا وزوجي نحاول أن نعامل الناس جيداً لأننا نحب أن يعاملنا الناس جيداً". منطق غير منطقي، ولكن لا يمكنك ألا أن تكون ممتناً له.
قصة كريستيانيا
في أول يوم لنا في كوبنهاجن زرنا كريستيانيا. منطقة بوهيمية في قلب كوبنهاجن تشبه الكوميونة يباع فيها الحشيش والماريجوانا في الشوارع. وقفنا في طابور لشراء سيجارة. كان الواقف أمامنا من أصل باكستاني. سألنا من أين أتينا؟ فأخبرناه أننا من مصر. تأمل قليلاً ثم قال: "الناس في مصر يحبون الحشيش كثيراً". أخبرناه أن هذا أول يوم لنا في كوبنهاجن فضحك وقال: "هذه بداية جيدة لزيارة المدينة".

في بداية السبعينيات استولي الأهالي علي ثكنات عسكرية قديمة ومهجورة بقلب كوبنهاجن. كانوا يريدون السكن وهناك مساكن لا أحد فيها. سرعان ما تحولت المنطقة لمستعمرة تحررية. من أقاموها كانوا الجيل الذي خرج من تجربة ثورة 68. ولكن المنطقة ذمع مرور السنوات ذ لم تتخل عن طابعها التحرري هذا. الحشيش يباع علناً في الشوارع وبالطوابير. مع تحذيرين، لا لوجود العصابات، ولا للمخدرات القاسية مثل الهيروين والكوكايين. طيب، كيف تتحكمون في هذا؟ يحكي يورام، وهو واحد من أقدم السكان في كريستيانيا أن هذا تم عبر تقنين بيع الحشيش."لأنه يباع في العلن فنحن نستطيع التحكم به. لا تجارة سرية هنا". بين الحين والآخر تداهم الشرطة كريستيانيا، بين الحين والآخر تعقد إدارة كريستيانيا اتفاقا مع الحكومة. المعضلة أن كريستيانيا تحولت إلي منطقة سياحية. هي المعلم الثاني لكوبنهاجن بعد تمثال حورية البحر. كان لهذا حسناته ومساوئه أيضاً. يحكي لنا يورام إن كثيرا من زائري المنطقة يتعاملون معها بوصفها مزبلة. لا أحد ينظف وراءه. خارج بيته، ثمة كتابة بالانجليزية "هذا مكان للسكن، وليس مرحاضاً عفناً".

تدير كريستيانيا شؤونها بنفسها، بمعزل تقريباً عن الحكومة. لدي الخروج منها ثمة لافتة كبيرة معلقة ومكتوبة بالدنماركية تقول "مرحباً بكم في الاتحاد الأوروبي". هكذا هو الأمر إذا. تعد كريستيانيا نفسها خارج الاتحاد الأوروبي. يؤكد يورام طول الوقت في حديثه علي أنه ليست هناك حرية بلا مسئولية. يتباهي بكوميونته: "لا يمكن أن يتم اتخاذ قرار بدون موافقة المسئولين عن كريستيانيا". وهل هناك تصويت علي القرارات؟ يجيب بحسم: "نظام الانتخابات ليس عندنا. عندما يرفض أحد الأعضاء قراراً ما نسأله لماذا رفض، وعند شرح أسبابه نحاول تعديل القرار ليوافق الجميع عليه". من هذه القرارات مثلا قرار السكن في كريستيانيا. بطبيعة الحال يرغب الكثيرون في السكني هناك، بسبب رخص أسعار الشقق مقارنة بسائر كوبنهاجن، وبسبب مناخ الحرية الذي توفره المنطقة. ولكن أهل المنطقة يجتمعون ليحددوا موقفهم من قبول هذا الشخص أو ذاك. الموضوع صعب. عندما تخلو شقة فإننا نقوم بالإعلان عنها في جريدة المنطقة ذ جريدة مجانية يصدرها أهل كريستينيانيا ذ وننظر في الطلبات المقدمة لدينا. أحيانا ما يكون هناك أربعون طلب وليس لدينا إلا شقة واحدة. لا نستطيع استقبال كل من نريد ليعيشوا هنا".
جسد مثالي علي الدراجة
كوبنهاجن مدينة صغيرة، منظمة، ذات شوارع متسعة للغاية، تجعل القادمين من العالم الحار يشتاقون للشوارع الصغيرة الضيقة، ولكن علي ما يبدو يهتم أهل المدينة بالشوارع الواسعة التي يمكن أن تستوعب عدداً أكبر من السيارات وبالتالي تحل مشكلة الزحام والسيارات.
بالاضافة إلي أن الدراجات هنا وسيلة المواصلات الاولي إذ يستعملها نصف سكان المدينة وذلك نظرا لارتفاع اسعار البنزين، ومشاكله البيئية ذ مسألة البيئة والاهتمام بها تحكم الكثير من الانشطة في الدانمارك ذ وايضا لكون المدينة منبسطة بدون مرتفعات او انخفاضات مرهقة، لذا يبدأ الدنماركي في تعلم قيادة الدراجة منذ سن الرابعة ويظل يقود دراجته حتي ارذل العمر.
علاقة الدانماركي بالدراجة علاقة قديمة تعود إلي منتصف القرن الثامن عشر تقريبا، وبدأت من الريف لسبب بسيط.. حيث لا يوجد في الدانمارك ذوبلاد الاسكندنافيا بشكل عام ذ حمير والاحصنة كبيرة الحجم وبطيئة الحركة لذا تصلح في نقل الاشياء الثقيلة بينما للتحرك الفردي كانت الدراجة هي الحال خاصة مع انبساط ارض البلاد، لذا تم تجهيز المدينة للتعامل مع الدراجات، حيث تضم الطرق حارة مخصصة لراكبي الدراجات وجميع الارصفة تحمل أماكن لترك الدراجات، وسائل المواصلات العامة ايضا، لديها ابواب مخصصة لراكبي الدراجات.
الدراجة تطبع المدينة بسماتها، فأجساد الجميع قوية، مشدودة، لا يهم ان كانت تميل إلي السمنة أو النحافة ولكنها تميل إلي الإكتمال، هكذا يجب أن يكون سائق الدراجة، أو بالاحري هكذا يجب أن يكون الإنسان، راكب الدراجة لا يتمشي بها، ولكنه يسرع بها، يجري، فتشعر أنك أمام مشهد سينمائي، صورة متحركة، يلتزم فيها الجميع بالجلوس الجيد علي الدراجة وبالتوقف في اشارات المرور في الوقت ذاته، والانطلاق بها في الوقت ذاته، في نظام يبقي عصياً علي الاستيعاب لأمثالي القادمين من مدن الفوضي.
في عشر دقائق تحصي أمينة، ابنة الزميلة آتي متولي، مئة دراجة تمر أمام عينيها. كما في سائر مدن أوروبا، فهناك شوارع مخصصة للدراجات، ولكن الخلاف في الكم. أي دنماركي لديه دراجة، في زيارة سابقة لم نعثر علي دنماركي واحد بكرش. قيل لنا: "لأن السمينين لن تروهم في الشارع. هم يركبون سياراتهم". في هذه المرة تفرسنا في راكبي السيارات. هم أيضاً بلا كروش. شيء محبط.
علي العموم، ولهذا، يبدو الإنسان السمين في كوبنهاجن وكأنه كنز. يشعرنا بإنسانية ما انطوت عليها المدينة ونسيتها. يورام، رفيقنا في منطقة كريستيانيا. يثير الابتسام بكرشه الضخم ونبرته الثقيلة. يشبه إلي حد ما البطل الأمريكي هومر سمبسون. الحمدلله! هناك بشر في هذه المدينة.
الوقت بالنسبة لاهل المدينة صيف، وهذا يعني بالنسبة لهم ان الجو حار، وان الشمس تغرب في حدود التاسعة مساء، وان المرء يمكنه ان يرتدي ما يشاء من ملابس خفيفة، قبل هجوم الشتاء القاسي ببرودته وليله الطويل.
اجساد النساء تبدو مثالية، لسن كما موديلات عرض الازياء شديدات النحافة، ولكنهن مكتملات متماسكات، حتي النساء لا يبدون مترهلات، الملابس القصيرة علي الجميع، لذا تبدو افخاذ النساء حال قيادتهن للدراجة وكأنها نموذج لما ينبغي ان يكون عليه الجسد الانساني، يمتليء باللحم والعضلات في تناسق اظن ان نمط الحركة هو خالقه الاول.
لا أعرف لم يختفي الجانب الحسي عند رؤية نساء كوبنهاجن، لسن سيئات أو يبدون باردات كما يمكن أن يوحي الجو البارد للطقس وللمدينة، ولكن ربما لأنهن مثاليات، عند رؤية انطلاق الدراجات والنساء والنساء والفتيات بملابسهن القصيرة جدا وأجسادهن المشدودة لا يلتفتن سوي للطريق تشعر كما لو كانت عدد من التماثيل اليونيانية تنطلق في الشارع، هن نموذجيات لدرجة ان الواحد يغرق في تأمل في هذا الاكتمال الذي يبدو نظريا أكثر من التركيز علي اي الواقفات أكثر جمالا أو حسية من الاخري، ومع كل المساحات المكشوفة من أجساد النساء لا تسجل الجرائم الجنسية من تحرش أو اغتصاب نسبة تذكر من معدل الجريمة في البلاد، التي تبدو كما لو كانت تجاوزت مرحلة الجريمة الجنسية إلي ما بعد ذلك.

لأهل المدينة طريقتهم في التعامل مع اجسادهم، وفي التعامل في لحظات ازدحام الاجساد في المحطات العامة، داخل وسائل المواصلات، في الحفلات، وما شابه يحافظ الجميع علي المساحة المناسبة لنفسه وللآخر الواقف بجواره، ولا تبدو مسألة العري تشغل بال أصحاب المدينة فمن المشاهد العادية ان تشاهد امرأة تعدل ملابسها الداخلية علي رصيف المحطة في انتظار القطار، او تخلع النصف العلوي من ملابسها في مقهي هاديء كي تتمكن من إرضاع وليدها بشكل أكثر راحة.
ثمة الكثير من الحمامات العامة المشتركة للرجال وللنساء معا، وفي الكثير من الحمامات الرجالية لا توجد فواصل بين المباول المعلقة علي الحائط، ولكن لا يوجد من ينشغل بمتابعة الاخر، فحيز الفرد الجسدي محفوظ من قبل الاخرين، قبل ان يكون مسألة يدافع عنها الفرد نفسه.

في الليل..الشوارع شبه خالية من حين لآخر تعبر سيارة مسرعة أو دراجة انهي صاحبها أو صاحبتها سهرته، نقف في انتظار اشارة المرور من أجل العبور، ولأن الشوارع خالية لم نعبأ بالانتظار طويلا حتي تسمح لنا الاشارة، لذا عبرنا الطريق لتظهر فجأة دراجة يقودها رجل عجوز ممشوق القوام، يتفادنا الرجل وينظر لنا ويبتسم من حيرتنا وسط الطريق.
كانت ابتسامة العجوز ونظرته كأنه يقول "يالهذه الكائنات العجيبة!" كانت نظرة تشبه كثيرا عندما تراقب في مطبخك عددا من النمل يحاول اجتياز ملعقة علي المنضدة وهو يحمل قطعة خبز، ساعتها تترسم علي وجهك ابتسامة وان تتابع تخبط تلك "الكائنات العجيبة" قبل ان تلقي عليهم بقليل من الماء كي تتخلص منهم.
ما بعد التسامح
في كوبنهاجن يمكن ملاحظة الغرباء بسهولة، فأهل البلاد واضحو الشقرة، وما عداهم غرباء، من الاسود الزنجي، إلي الوجوه المتوسطية كالعرب والمصريين، إلي اسيا بتنوعها الهندي والصيني، وحتي أبناء البلقان تختلف شقرتهم عن شقرة أبناء البلاد، ولكن في كوبنهاجن لا أحد يلتفت لأحد.
الحجاب في الشوارع لا يثير شهية أحد للنظر، الماشون في الشوارع خطواتهم سريعة، عيونهم مركزة علي هدف ما، وليس لديهم وقت للتوقف امام امرأة محجبة أو سوداء، او غير ذلك.
عندما كانت مجموعتنا تستقل مواصلة عامة، قطارا أو حافلة كنا نتحدث معا بلغتنا ونضحك بصوت عال، لكن لم تثر وجوهنا "الغريبة" ولا اصواتنا غير المألوفة انتباه أحد، لم يستدر أحد ذات مرة ليتفحص الغرباء، لم نكن مثيرين للاهتمام، علي عكس ما يمكن أن يحدث في مدن أوربية أخري أكثر جنوبا.
كوبنهاجن لا تبدو مدينة متسامحة، ولكنها مدينة تجاوزت مرحلة التسامح، فالتسامح يعني بشكل من الاشكال الاهتمام بشأن الآخر ولكن بدلا من رفضه او مهاجمته، سنقبله ونسامح مع اختلافه، لكن في كوبنهاجن لا يهتم احد بأمر أحد من الاساس، فأنت كغريب لست مهما لي بالقدر الذي قد يدفعني للاهتمام بشأنك سلبا أو ايجابا، المهم فقط ان نحافظ علي المساحات التي تفصل بيننا كوحدات تتحرك في نفس المحيط.
كوبنهاجن مدينة باردة، طقسها بارد، ومدينة منظمة، ونظامها يخلق برودة هو الاخر، المسألة لا تتعلق هنا بدرجة الحرارة بقدر ما تتعلق بنمط الحياة. هنا كل شيء محسوب وبدقة، لذا لا مجال للافلات من النظام، كل التفاصيل مرتبطة بالاخري في تناسق يجب علي المرء أن يظل منتبها طوال الوقت كي لا يفقد خط سيره وبالتالي يدهسه النظام.
توفر الدولة للمواطن التعليم والعلاج بشكل مجاني، وبالتأكيد الخدمات العامة الاخري، وفي المقابل يدفع المواطن نسبة ما بين 40٪ إلي 60٪ من دخله في صورة ضرائب، لذا ما يبقي للمواطن من راتبه يكفل له ما يمكن ان نسميه حد الكفاف بالمستوي الدنماركي، فتفاصيل الحياة مرتفعة الثمن جدا، لذا لا يمتلك المواطن العادي مثلا رفاهية العشاء في الخارج طوال ايام الاسبوع، والرحلات والاجازات وماشابه يجب حساب مواعيدها بدقة شديدة حتي لا تخرج عن المقدر له وبالتالي يعجز المرء عن سدادها. المواطن الدنماركي يشبه جسده، هذا الجسد عديم الزوائد والترهلات، هكذا تمضي حياته بلا زوائد مالية، يجب ان يعمل طوال الوقت علي اقتصاد حاجاته كي يستطيع مواصلة الحياة نفسها.
لكن بالتأكيد يستطيع المواطن السفر والتنزه والسياحة خاصة خارج بلاده مرتفعة الاسعار، لكن يجب ان تبقي كل التفاصيل تحت سيطرة النظام.
كوبنهاجن تبدو كما لو كانت تمثيل -يطمح أن يكون نموذجيا- للافكار الاوربية عن الحداثة والديموقراطية والدولة والفرد والخصوصية والعمارة والبيئة. فتفاصيل المدينة تبدو مبهرة أيضا لأبناء الجنوب الاوربي الذين يبدون أيضا كمهاجرين، ولكن من درجة اعلي قليلا من أبناء الجنوب الاكثر جنوبا مثل العرب والافارقة والاسيويين.
كوبنهاجن والقاهرة.. كوبنهاجن والآخرون
غريب بعض الشيء..تأتي مشاكلنا عادة ذ في هذا الجزء من العالم الذي نعيش فيه ذ من عدم وجود نظام، اذ نحن نعيش داخل نظام معطل، نظام ربما وجد في زمن آخر ولكنه توقف عن العمل، ونبت حوله انظمة اخري هي التي تصرف حياتنا تقريبا بشكل كامل.
فنحن نظريا نمتلك دولة وقانونا ونظاما للتأمين الصحي وشبكة مواصلات عامة، ولكن لا شيء من هذه المصطلحات يؤدي دوره كما يجب، ولا شيء من هذه المفاهيم يشبه الموجود هنا في هذا الجزء من العالم، لذا احيانا عند الحديث عن مصر مع احد الدنماركيين وكي تنقل له الصورة الحاصلة في مصر، تجد نفسك تنزلق في شرح تاريخي يصل احيانا إلي القرن التاسع عشر، كي تجعله يفهم لماذا تؤدي نفس المؤسسات ذ التي تحمل نفس الاسماء في البلدين مثل الدولة او الشرطة او وزارة الثقافة - أدوارا تكاد تكون غريبة تماما عما يعرفه عنها.
هنا المشاكل تأتي من قسوة النظام، الذي يحاصر الجميع ويطالبهم طوال الوقت بالالتزام بالقواعد، ولا مكان لمن لا يستطيع الالتزام سوي البرد في الشارع وبالتالي الوحدة وبشكل اكثر اختصارا الموت.

مثلاً، في أكبر صحيفة دانماركية، الدي آر، نجلس مع محرري الجريدة، مثلهم مثل محرري البوليتيكِن، وصحيفة الويك إند الثقافية، لا يبدو أن لديهم صعوبة في فهم المشهد المصري السياسي. المشهد صعب، وفي الغالب يتفهم الجميع صعوبة اتخاذ موقف في ظل الصراع الحالي، ما يبدو عصياً علي الفهم. هو تفاصيل الحياة اليومية. نشرب سيجارة مع ريكي، إحدي المحررات في المجلة. لا تخفي
دهشتها إزاء جميع التفاصيل، جميع التفاصيل، اضطرار المصريين للاشتغال بأعمال أخري غير أعمالهم الرسمية. الاهتمام بأن يكون لك عمل رسمي لن تستفيد منه مادياً بعد ذلك، وجود اقتصاد بديل بجانب الاقتصاد الرسمي في مصر. يعلق الزميل سيد محمود علي المشهد الدنماركي قائلا: "الاشتراكية ماعدتش غير علي البلد دي في العالم". كل شيء في الدنمارك رسمي، كل شيء مخطط ومميكن منذ لحظة الميلاد وحتي الوفاة. من يمكنه فهم الفوضي المصرية في بلد كهذه؟

هل تأتي مشاكل المهاجرين من قسوة النظام وعدم قدرة المهاجرين من بلاد اقل نظاما واكثر فوضي علي التأقلم مع الايقاع الاسكندنافي؟
"نوربوره" أو "الميناء الشمالي" حي المهاجرين في كوبنهاجن، او بشكل اكثر دقة الحي المختلط، حيث يسكن المنطقة خليط من جنسيات العالم من عرب واتراك وبلقانيين وأفارقة واسيويين، للوهلة الاولي لا يبدو المكان مختلفا عن بقية انحاء المدينة، فالشوارع مازلت علي اتساعها، والمباني وعمارتها لم تختلف عن الاحياء الاخري، فلسنا هنا في أحياء المهاجرين المعروفة في دول اوربا الجنوبية بعشوائيتها وافتقارها للخدمات او فوضاها المعمارية. لكن بعد قليل من التجول في الحي تبدو الفوضي البصرية التي يتميز بها المكان في الافصاح عن هويته، فالمنطقة مليئة بالمحلات والمطاعم "الاثنية" مطاعم هندية وصينية وتايلاندية وعربية وتركية ومحلات كثيرة للفلافل والشاورمة، ولافتات المحلات اوقات كثيرة مكتوبة بلغة بلاد اصحابها، وملتزمة ايضا بطابع تلك البلاد، لذا تجد لافتات كبيرة صاخبة الالوان مختلفة الحروف، وحتي لو كتبت بحروف لاتينية فهي تدل علي مفاهيم اقرب لمفهوم العالم القادمين منه أكثر من العالم الذي يعيشون فيه مثلking of flafel" « و تجد فجأة لافتة بالعربية "تصليح جميع انواع الكومبيوتر" وهكذا، علي العكس من باقي محلات المناطق الاخري التي تلتزم نمطا اكثر اوربية في الاعلان الهاديء او الصاخب عن نفسها.
التنوع الاثني في المنطقة وبالتالي تعدد خياراتها في الاكل والشرب، ورخص اسعارها مقارنة مع باقي المدينة، يدفع بالكثير من الدنماركيين للسكن في الحي الذي يمنح قاطنيه مزايا أكثر رحابة. فالحي لم يتحول إلي جيتو مغلق علي المهاجرين ولكنه مازال منطقة مفتوحة للجميع ويتمتع أبناء المدينة "الاصليون" بالمزايا التي أضافها المهاجرون علي المنطقة.

عشاء يجمعنا مع عدد من أبناء الجيل الثاني لمهاجرين عرب مصريين وعراقيين وفلسطينيين، شباب يعد ناجحا بالمفهوم الدنماركي، فكلهم خريجو جامعات، ويعملون في وظائف جيدة، طبيب، موظفة في مكتب استشارات، مدرسة، وهكذا.
بعد التعارف والمجاملات التقليدية، وبعد ان فرغنا من الشكل الرسمي التقليدي لمثل هذه المقابلات، وبدأ الحديث يأخذ مجري عاديا خصوصا ان بعض المدعوين يعرفون بعضهم البعض، هنا يمكن تلمس "مشكلة الهوية" التي تحاصر ابناء الجيل الثاني في مختلف دول اوربا، يبدو السؤال واضحا في تفاصيل الحديث وان كان يظل بلا اجابة واضحة سوي اجتهادات الافراد الذاتية.
فمثلا مسألة الزواج تحتل قدرا من تفكير الشبان والشابات، فبالنسبة للشاب تبدو الفتيات الدانماركيات غير ملائمات نظرا لاختلاف "طبعائهن" عما اعتاده في منزله من أمه او اخته، وبرغم ان اغلب من قابلناهم وصلوا الدنمارك في اعمار صغيرة او ولدوا من زيجات مختلطة، لكن تبقي مسألة القيم والعادات مسيطرة علي اذهانهم.
بينما بالنسبة للفتيات تبدو المسألة اكثر تعقيدا، حيث انهن ناجحات بالمفهوم الدانماركي، بينما ليس سهلا ان تجد شابا عربيا علي نفس المستوي من النجاح الاجتماعي وان ينجذب احدهما للاخر. ويبقي الحال الاسهل ان يتم الزواج بالنسبة للشاب من احدي قريباته ويستقدمها من البلاد الاصلية، أو تتزوج الفتاة "العريس المناسب" بنفس الطريقة التي يحدث بها الزواج التقليدي في البلاد العربية، لتكون النتيجة ارتفاع نسب الطلاق داخل الجاليات العربية في الدانمارك.

الحياة في الدنمارك مثالية. مثالية فعلا. لا خطأ واحد. أحبطنا هذا قليلا، طيب ماذا عن داخل البيوت. في عرض ستاند أب كوميدي يحكي الفنانون الدنماركيون عن حياة قوامها البؤس والسكر والفشل. يحكي واحد عن العادة السرية التي يمارسها أمام أفلام البورنو: "عندما أقوم بجنس حقيقي مع صديقتي يراودني شعور أنني أخون جهاز الكمبيوتر". آخر سمين وملتح يسخر من شكله "لا أحد سيهتم بي بعد الموت. سيقول الأصدقاء لبعضهم أنني مت. وسيكون الرد: أوف! حقا! طيب، ماذا كنا نقول". العرض شارك فيه عمر مرزوق، واحد من فناني الستاند أب كوميدي من أصول مصرية ممن استطاعوا النجاح في الدنمارك. تبدو دعابته قائمة علي اللعب علي مفهوم "الإرهاب". يحكي عن أخيه أسامة الطيار. اسمه وحده يرعب المسافرين، خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر وتورط أسامة بن لادن بها. يحكي قصة عن أخيه عندما واجهته مشكلة فنادي علي مساعده "جهاد". اسم جهاد تسبب في ذعر أكبر لراكبي الطيارة. سائر فقرات عرض الستاند أب كوميدي كانت تبدأ بمصر، وكان هذا لافتاً، حول ما إذا كانت 30 يونيو ثورة أم انقلاباً، وحول حظر التجوال الذي فرضه الجيش في الشوارع. أينما كنا نسير كان الشأن المصري يحاصرنا. في حوار جانبي مع عمر مرزوق، يحكي أنه من السيدة زينب بالقاهرة. تبدو لكنته قديمة بعض الشيء، ومتابعته لجديد الكوميديا في مصر ضعيفة. هو أكثر تورطاً في المشهد الدنماركي. أعد حلقة يوماً عن الحياة الجنسية والعاطفية لفتيات عربيات محجبات. "حتي هذه اللحظة لا يمكن لهؤلاء الفتيات السير في هذا الشارع علناً". لماذا؟ نسأله. يجيب: "هناك متطرفون إسلاميون كثيرون هنا".

ازمة الهوية تزداد تعقد مع الاجيال المتأخرة من المهاجرين المتأثرين بالطابع الاسلامي المنتشر في البلاد العربية منذ الثمانينيات وبالتالي يواجه هؤلاء مشاكل تتعلق بالاختلاط، وبنظام التعليم المتقدم من ناحية، والذي يفرض علي الفتاة تحديدا نمط حياة غالبا لا يتوافق مع قيم الاب مثل دروس تعليم السباحة المختلطة بين البنين والبنات، او ارخاء اللحية وغير ذلك من المظاهر "الاسلامية" التي لا تسمح بالاندماج بسهولة داخل المجتمع "الاوروبي".
ويزداد التعقد عند معرفة ان المصدر الديني للمعرفة بالنسبة لهذه الاجيال الحديثة الهجرة هو النسخة الوهابية من الاسلام برعاية دول الخليج، ليبرز تساؤل كبير حول دور مؤسسة ضخمة كالازهر تعتمد في دعايتها دائما علي انها تمثل الاسلام "الوسطي" و"المعتدل". اذ يمكن لهذه المؤسسة ان تساعد تلك الاقليات علي الاندماج في مجتمعاتها الجديدة عبر ابتكار فقه جديد يلائم احتياجاتها ويساهم في تحجيم أزمة الهوية عند الجيل الجديد. ولكن تبقي الازمة ان جمود الخطاب الديني لا يرتبط فقط بالجاليات الاسلامية في اوروبا ولكن بالاساس في عمق البلاد العربية وفي عمق مؤسساتها الدينية وعلي رأسها الازهر بكل دعايته عن "الوسطية" التي يمثلها.
عانينا من مشكلة في كتابة هذا المقال. بعد أن زرنا كوبنهاجن بدعوة من معهد ديدي للحوار المصري الدنماركي وبعد أن استمتعنا بالمدينة الدنماركية أتي وقت الكتابة. نحن، نائل ومحمد، سنكتب موضوعا واحداً، كان هذا قرارنا في البداية، وهذا منطقي، فنحن تشاركنا الكثير من الخبرات في المدينة، ولكن ماذا عن الخبرات التي لم نتشاركها، ماذا عن المناطق والحوارات والأفكار التي كانت من نصيب أحدنا دون الآخر؟ في النهاية، قرر كل منا أن يكتب عن نفسه. وكيف يميز القارئ بين الصوتين؟ الإجابة: ليس من الضروري أن يميز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.