الحاكم: تقرر بعض الأمثال أن : - سيف السلطنه طويل ! كذلك لابد من وحدة الحاكم ، لأن : - المركب اللى فيها ريسين .. تغرق ! - إذا كترت النواتيه غرقت المراكب ! ويتوعد الحاكم الظالم بمصير محتوم : - يا ظالم لك يوم ! لكنه يكاد يئن من الشكوى حين يقول : -حكم القوى على الضعيف ! ولذلك كان الشعب المصرى ينعم بالطمأنينه عندما ينام الحاكم ، والمقصود هنا النوم الحقيقى ، لأنه لا يمارس سلطاته المطلقة فى الظلم والتذكيل : - نوم الظالم عباده ! وهناك بعض الأمثال المصريه التى ترصد بعض اللمحات الهامة فى سلوك الحكام ، ومن ذلك : - زى الحاكم .. مالوش إلا اللى قدامه - ذل العزل يضحك من تيه الولايه ! ولذلك توصى بعض الأمثال الناس (المساكين) بمجاراة سياسة الحكام لكى ينجوا من الظلم ، أو تنالهم بعض الخيرات : - ارقص للقرد فى أو دولته وفى غير دولته ما ترقص لوش - اللى بياكل عيش السلطان يضرب بسيفه ! لكن فى المقابل من ذلك أمثال تدعو الناس إلى الابتعاد تمامًا عن محيط السلطان ، لأنه لا يأتى منه إلا الشر ! - السلطان .. من بعد عن السلطان ! - من أكل مرقة السلطان احترقت شفتاه ولو بعد حين ! ومع ذلك فإن المصريين حين يخلون إلى أنفسهم ، ويأمنون من شرور الحاكم يمكنهم أن يفضفضوا برأيهم فيه : - السلطان ينشتم فى غيبته ! أما المثل الذى يقول : - ابن الحاكم يتيم ! فلست أدرى بالضبط : هل المراد به أن حال ابن الحاكم يشبه اليتيم حيث لا يتفرغ له والده ، أم أن الحاكم تنتهى حياته عادة بالقتل على أيدى منافسيه ، وهكذا يتحول ابنه إلى يتيم حقيقى ! وعلى أى من التفسيرين فإنه يصور مأساة الحاكم الذى يسبب المآسى للمحكومين ! -مصر على الرغم من عدم عثورى إلا على مثليْن اثنين ، ذكرت فيهما مصر بالتحديد ، فقد خصصت لهما عنوانا مستقلاً لكى أبين أن صمت الأمثال عن ذكر مصر يرجع إلى طول فترات الاحتلال الأجنبى التى كانت تمر بها ، وأن هذا الصمت لا يعنى عدم وجود أمثال مصرية فى هذا الشأن الهام ، ولكننى أتوقع أنها وجدت ، لكنها ما لبثت أن اختفت بفعل فاعل ! والدليل على صدق توقعى فى هذا الصدد أن المثلين الباقيين يتحدثان عن خيرات مصر لكل من الغريب عنها ، والمحتل لها . ومن يدرى فلعل البحث الذى ما زال يجرى عن الأمثال المصرية فى نجوع مصر وقراها وأحيائها الشعبية يعثر على بعض "المصريات" التى تكمل عناصر هذا الموضوع الهام . يقول المثل الأول : - مصر للغريب أول سنة ، تضيق زى الميم وتانى سنة تفتح زى الصاد وتالت سنة تتسع زى الراء والتحليل المبدئى البسيط لهذا المثل يظهر أنه من إنشاء العصر الإسلامى ، وخاصة بعد انتشار اللغة العربية المكتوبة ، ويبدو أن واضع المثل كان مثقفا، لأنه اعتمد على (كتابة) اسم مصر ، فى حين أن الطابع العام للأمثال المصرية أنها من صنع أشخاص شعبيين ، لم يعطوا اهتمامًا للكتابة ، وإنما كان تركيزهم الأساسى على تجارب الحياة المستمدة من الواقع . -ديار مصر .. خيرها لغيرها (أو لغريبها !) المفارقة أدرك الشعب المصرى العديد من المفارقات التى تحدث أو تبدو فى المواقف المتضادة والمتقابلة، واستطاع أن يستخرج منها (المغزى الحقيقى) للحياة. وعلى الرغم من أن هذه المفارقات تتميز بالأسلوب البلاغى الجميل ، والطابع المركز إلا أن (المعانى) التى يمكن أن تستخلص منها عميقة ومتنوعة ، وتحتاج إلى شروح وتفصيلات ، لكننا هنا سوف نقتصر على الإشارة السريعة اليها . فمن ذلك إن الإنسان قد يكون ضعيفا أو مستضعفا ، ثم عندما تتاح له الفرصة للتمكن يتحول إلى إنسان مختلف تماما ، فتصدر منه أفعال مناقضة لموقفه الأول . - بعد ما ركب .. حرك رجليه ! ومن ذلك الإنسان الذى يناقض مظهره ما يحاول أن يبدو عليه فى المجتمع : - نزهى ، وأقرع ! - فقرا .. ويمشوا مشى الأمرا ! ومن ذلك الإنسان الذى يكون فى حال سيئة، ويخشى مما هو أهون منها : - نايم فى الميه .. وخايف م المطر ! ومن ذلك الإنسان الذى يقدم له المعروف ، فلا يحفظ جميل مَنْ قدمه له : - يركب بلاش .. ويغامز (يعاكس) مراة الريّس! ومن ذلك الإنسان المحنك فى صنعته ، لا يستطيع أن يطبقها على نفسه أو بيته : - باب النجار مخلع ! وهناك أمثال مصرية تدين أحيانا جهل علماء الدين - عمايم على بهايم ! أو نفاقهم : - يفتى على الإبره .. ويبلع المدره ! - ضلالى وعامل إمام .. والله حرام أما الإنسان الأحمق ، فيستهزئ من غبائه المثل التالى : - نقول : تور ، يقول : احلبوه ! والإنسان المهمل أو الغائب عما بين يديه : - ابنه على كتفه ، وبيدور عليه ! والمرأة الحمقاء التى لا تهتم ببكاء طفلها ، وتذهب لمراعاة ابن الجيران: - فاتت ابنها يعيط ، وراحت تسكت ابن الجيران ! والإنسان الغافل عما يدور حوله ، أو كما نقول حاليا لا يعرف جيدًا حالة السوق فهو الذى : - يبيع الميه .. فى حارة السقايين ! أما الشخص الذى لا يجيد مهنته ، أو لا يتقن عمله ، فإنه حين يقوم بعمل يؤدى إلى أسوأ النتائج : - جه يكحلها .. عماها ! وهناك الشخص الذى يذهب لأداء شعيرة الحج تقربًا إلى الله تعالى ، وغفرانا لذنوبه ، ولكنه يأبى إلا أن يجمع مع الحج التجارة : - حج وتجاره ! وهناك الشخص الذى يخرج لتحقيق هدف معين ، فيعود وقد حقق أمرًا مناقضا له تماما : - راحت تاخد بتار أبوها .. رجعت حبله - طلعت ترحم ، نزلت تتوحم وهناك الشخص الذى إذا حلت به مشكلة ولو بسيطة أسقط فى يده ، ولم يعرف كيف يتصرف للخروج منها : - يعوم فى شبر ميّه كما أن هناك الشخص الذى يكثر الحديث عن شىء، فإذا حان موعد فعله تراجع عنه - يشتهى الحرب ، ويكره اللقا وهناك الشخص الذى تعلمه شيئا ، فيسبقك إلى منازعتك فيه ، وحجبه عنك : - علمناه الشحاته .. سبقنا على الأبواب وتستهزى الأمثال المصرية من الشخص الذى يحاول التظاهر أمام الناس بما لا يتفق مع حقيقته وفى المقابل من ذلك ، هناك أشخاص بارعون فى خداع الآخرين : - وداه البحر ، وجابه عطشان ! ولا شك أن المخدوعين كثر ، لأنهم لا يشغلون عقولهم ، وإذا استشاروا لم يحسنوا اختيار من يستشيرونهم : - خد الشور .. من راس التور ! وأحيانا تكون بعض الأيام صعبة ، والظروف ضاغطة ، وفى مثل هذه الحالة ينبغى على الجميع الانضباط والالتزام ، لكننا نشاهد من يتجاهلها تماما، فيكون منظره مخزيا : - ادلعى يا عوجه .. فى السنه السوده ! وقد تحاول أن تنصح شخصا بنصيحة مخلصة ، لكنه يركب رأسه ، ويتبع أهواءه حتى يقع فى كارثه : - خليه على هواه ، لما ييجى ديله على قفاه ! ومهما حاولت تعليم شخص غبى ، فإنه لن يستفيد - تبات تعلم فى المتبلم .. يصبح ناسى ! ولا تتردد بعض الأمثال المصرية من تحديد الأسباب المؤدية إلى النتائج ، وذلك على الرغم من أن أصحابها يزعمون غير ذلك : - يكبوا القهوة من عماهم ،ويقولوا : خير من الله جاهم !! وتتمثل أكثر مظاهر خداع المجتمع فى ذلك الشخص الذى يرتكب جريمته ، ثم يشارك فى التنديد بها : - يقتل القتيل ، ويمشى فى جنازته ! ومن المفارقات المضحكه ، حالة الفقراء الذين لا يمتلكون شيئا على الإطلاق ، ثم يستعيذون بالله من عيون الحساد : - خزانه من غير باب ، ويقولوا : يا الله يكفينا شر الحساد ! كذلك من المفارقات أن الناس قد تحسد شخصًا مسكينا على ما فى يده من رزق بسيط : - الكحكه فى إيد اليتيم عجبه ! وأحيانا نجد إنسانا لا يريد أن يفارق الشخص الذى يؤذيه باستمرار : - القط يحب خناقه ! ومن أذكى الأمثال المصرية ، ذلك الذى يطمئن الخياط على أن أجرته مضمونه ، بما تحت يديه من ثياب يخيطها للناس ، فإذا لم يدفعوا له أجرته تمكن من الحصول على ما يقابلها من ثياب : - أجرة الخياط تحت إيده ! وهناك شخصان ينتهى بهما عملهما إلى نتيجة هزيلة جدا ، وأحيانا لا شىء على الإطلاق : - صام صام .. وفطر على بصله ! - طلع من المولد .. بلا حمص ! -روح الفكاهة لا يمكن أن نغادر الأمثال المصرية ، وخاصة حين نبحث فيها عن فلسفة الشعب المصرى، دون أن نتعرض لمجموعة من الأمثال تتميز بخفة الدم ، التى يمكن تحليلها بأنها نوع من الرصد الفكاهى للأحداث والشخصيات التى تمتلئ بها الحياة ، ولا يستطيع أن يتوقف عندها سوى شعب عركته التجارب الصعبة ، وتمكن من تجاوزها ليس فقط بالصبر عليها ، وإنما أيضا بالسخرية منها ، وصياغة النكتة اللاذعة حولها : - جه للعُمْى ولد قلعوا عينه م التحسيس ! - حسنهْ .. وانا سيدك ! - جينا نساعده فى دفنه أبوه خد الفاس ، وهرب ! - إيش ياخد الريح م البلاط ؟! - إيه تعمل الماشطه فى الوش العكر ؟! - جنازة غريب .. لا وراه ، ولا قدامه ! - جاريه وصينيه .. على بدنجانه مقليه !