نقيب المحامين: أوهام "إسرائيل الكبرى" تعيد إحياء أطماع استعمارية بائدة    عميد كلية الصيدلة بجامعة الجلالة الأهلية تعلن عن مميزات برنامج "Pharm‐D"    وزير الخارجية: الحفاظ على الأمن المائي المصري لن يضر المصالح التنموية لدول حوض النيل    جولة ميدانية لرئيس شركة مياه الإسكندرية لمتابعة الأداء وتحسين مستوى الخدمات    وزير الخارجية يؤكد علي أهمية تعزيز التواجد الاقتصادي المصري في القارة الإفريقية    جيش الاحتلال: مستمرون في استخدام القوة لتفكيك سلاح حزب الله    البرهان متمسكا بدحر الدعم السريع: لا مهادنة ولا مصالحة    لقطات من وصول وسام أبو علي لأمريكا للانضمام لفريق كولومبوس كرو    الداخلية تكشف ملابسات فيديو لأشخاص مقيدة في سيارات نقل حال سيرها بالمنوفية    الحفاظ على النيل.. لقاء توعوي لذوي الهمم ضمن فعاليات قصور الثقافة    ناقدة فنية عن أزمة أحمد عبد العزيز مع معجب: الفنان ليس ملكية عامة بالكامل    نجاح جراحة نادرة لتركيب مفصل فخذ لمريض عمره 105 أعوام بمستشفى العجوزة    حالة الطقس غدا الجمعة 15-8-2025 في محافظة الفيوم    تأهل 4 مصريات لنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عاما    السبت.. عرض أولى حلقات حكاية "بتوقيت 28" على dmc    السكة الحديد: خفض مؤقت لسرعات القطارات بسبب ارتفاع الحرارة    تسليم لجان امتحانات الدور الثاني بالثانوية العامة لرؤسائها استعدادًا لانطلاقها السبت    رسميًا.. جدول امتحانات الثانوية العامة الدور الثاني 2025 كامل pdf    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    بماذا نأخذ سياسة هذه الجريدة؟    الزمالك يصرف مقدمات عقود لاعبيه للموسم الجديد ويعد بالانتظام في المستحقات    من مقاومة الاحتلال والملكية إلى بناء الإنسان والجمهورية الجديدة.. معارك التنوير مستمرة    25 ألف.. هل سيتم سحب فيلم "المشروع X"؟    عاجل.. الأهلي يتجه لطلب حكام أجانب لمباراته أمام بيراميدز بالدوري    اليوم.. آخر موعد لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 في 9 مدن جديدة (تفاصيل)    طريقة عمل الكيكة العادية فى البيت بمكونات اقتصادية    مستشفى صحة المرأة بجامعة أسيوط تنظم برنامجا تدريبيا عن معايير GAHAR للسلامة    قصور الثقافة بالمنيا تحتفي بوفاء النيل بعروض الفنون الشعبية    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    الرقابة المالية تصدر معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي    علشان يسرق فلوسه.. قليوبي ينهي حياة جاره المسن داخل منزله    إسرائيل تحذر لبنانيين من الاقتراب إلى مناطقهم الحدودية جنوب البلاد    بسبب خلافات أسرية.. الإعدام شنقاً للمتهم بقتل زوجته وإضرام النيران في مسكنهما بالشرقية    إي إف جي القابضة تواصل مسيرة النمو الاستثنائية بأداء قوي خلال الربع الثاني من عام 2025    الائتلاف المصري يستعد لمراقبة انتخابات الإعادة: خطط عمل وأدوات رصد للتنافسية داخل 5 محافظات    خارطة طريق للمؤسسات الصحفية والإعلامية    قرار قاسي في انتظاره.. تفاصيل عفو الزمالك عن فتوح وشرط جون إدوارد    «عيب يا كابتن».. هاني رمزي يرفض دفاع جمال عبدالحميد عن جماهير الزمالك في أزمة زيزو    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    ما حكم اللطم على الوجه.. وهل النبي أوصى بعدم الغضب؟.. أمين الفتوى يوضح    بيان رسمي.. توتنهام يدين العنصرية ضد تيل بعد خسارة السوبر الأوروبي    شقيقة زعيم كوريا الشمالية: لا نرغب فى تحسين العلاقة مع الجنوب.. وتنفي إزالة مكبرات الصوت    سعر الأسمنت اليوم الخميس 14- 8-2025.. بكم سعر الطن؟    «الأعلى للطاقة» يناقش توفير القدرة الكهربائية ل14 مشروعًا صناعيًا جديدًا    ضبط موظف بمستشفى لاختلاسه عقاقير طبية ب1.5 مليون جنيه    الداخلية تضبط عدة تشكيلات عصابية تخصصت في السرقات بالقاهرة    فرنسا ترسل تعزيزات لدعم إسبانيا في مكافحة الحرائق    رئيسة القومي للطفولة تزور الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة المقدمة للأطفال    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سحر العتبات قراءة في ديوان " على نوافذ صمتك"1 للشاعرة بهيجة البقالي القاسمي

العتبات أو النص الموازي ، هي نصوص مرافقة للديوان و متونه الشعرية،قد لا ينتظر منها ، أن تشرح أو تفسر أو توضح ، بقدر ما تشير و تلمح ، و تضيء الطريق نحو استخلاص الدلالة الابداعية و الفنية ، شكلا و مضمونا. نترجل عندها طامحين الى تحقيق مقاربة الإشارات الجمالية انطلاقا من الغلاف و رموزه ، مرورا بالعنوان و شعريته ، التي سنستخلصها عبر تفكيك وحداته التركيبية . ثم نتوقف قليلا عند الإهداء الغائب/الحاضر، قبل أن نبحر نحو عناوين قصائد الديوان، كعتبات ثانية . ثم نلتفت قليلا إلى عتبات الديوان الهامشية .
الديوان يقع في خمسة و ثمانين صفحة، تتوزع عبرها قصائد سبع. مغر بعتباته، فهي إشارات تعكس برهيف فني ، أشكالا و ألوانا و حروفا، ترشح بحمولة دلالية منطوقها الرمزي ، لا يقل شعرية عن القول الشعري للقصائد. لهذا و جدت نفسي أنيخ أمامها، لعلني أظفر ببعض أسرارها. و هي أصناف ثلاث :
الصنف الأول : عتبات كبرى و تمثلها : واجهة غلاف الديوان الدفة الأخيرة للغلاف عنوان الديوان الاهداء ، ذلك الغائب/الحاضر.
الصنف الثاني : عتبات صغرى ، و تمثلها عناوين قصائد الديوان ، وهي : كل العناوين لك – شلالات العيون – نبض على الشريان – سر بهاك – ألوان ليلتي – من قعر الكلام – كي تراني.
الصنف الثالث : عتبات هامشية ، لكن حضورها ثابت و له دلالته السيميائية ، بين ثنايا النص الموازي ، الذي تشكله العتبات. و تتبدى عبر نص " الشاعرة في سطور "المنتصب كهامش على يمين باطن صورة الغلاف الصورة الشخصية للشاعرة، في حجم صغير ، مذيلة بعنوان الديوان ثم اسمها كلمة تقديم الدكتورنجيب العوفي :" شاعرة تفتح نوافذ الصمت" العناوين الثلاث المثبتة على هامش باطن خلفية الديوان.
و بعيدا عن صخب التسميات ، و المفاهيم التي أثيرت حول " النص الموازي " أو العتبات و وظائفها ، أستأنس بهذا الخصوص ، بنص الشاعر المغربي محمد بنيس حيث يقول : " النص الموازي هو تلك العناصر الموجودة ، على حدود النص ، داخله و خارجه في النص تتصل به اتصالا يجعلها تتداخل معه إلى حد تبلغ فيه درجة من تعيين استقلاليته ، و تنفصل عنه انفصالا يسمح للداخل النصي، كبنية و بناء ، أن يشتغل و ينتج دلالته. كما يعرفه جيرار جنيت ، أحد رواد النقد الحديث، " النص الموازي هو ما يصنع به النص لنفسه كتابا. يقترح ذاته بهذه الصفة على قرائه، و على الجمهور عموما، أي ما يحيط بالكتاب من سياج أولي، و عتبات بصرية و لغوية."
و هكذا سنحاول تفكيك السياج الأولي ، الذي به صنع ديوان " على نوافذ صمتك " ، للشاعرة بهيجة البقالي القاسمي ، هويته الشكلية ككتاب ، من أجل التعرف على وحداته البصرية و اللغوية ، أو ما يسمى بعتباته.
العتبات الأولى، و تشمل :
1 واجهة الغلاف
إنه بصفة عامة الفضاء البصري الذي يشكل الصفحة الأولى للغلاف. و باستقصائنا لوحداته، تواجهنا صورة الغلاف، البوابة الرئيسة، و عليها احتشدت عناصر الموكب الاحتفالي، توحدها علاقات شكلية و حسية، كالألوان و الحروف والمسطحات، كالصورة الشخصية للشاعرة، التي غمرت أكبر مساحة من واجهة الغلاف. ومن خلالها انبنى حضور يشع بالحركة و الفعل.
الحركة : تبديها الانحناءة الخفيفة لرأس الشاعرة ، المنكب على الكتاب ، في تركيز و تفاعل.
الفعل : تترجمه اليدان الممسكتان لدفتي الكتاب المفتوح ، في استعداد لتصفحه . و هو فعل يوحي بالألفة و التجاوب. بوح متبادل بين الشاعرة و الكتاب ،و وعود متبادلة ، تشي بها الجملة الصاعدة من الكتاب ، منتظمة في حروف تشكلت عنوانا ثانيا موسوما ب : "ومضات شعرية 1 " ، وهو عنوان له وظيفته الدلالية ، إذ يحدد هوية الشاعرة الإنسانية كأنثى مشرقة الحضور ، و هويتها الابداعية كشاعرة تسعى إلى إغناء التجربة الشعرية ببلادنا بأدواتها الذاتية من لغة و تخييل و رؤى جمالية و فكرية خاصة. العنوان الثاني خطف الأضواء من العنوان الرئيس ،فهو يشي بإصدارات شعرية مستقبلية، يكثفها رقم "1"، الذي يثبت أنه ما زال هناك ومضات شعرية أخرى قادمة.و هذا فعلا ما سنجده عند العتبة المثبتة على هامش باطن الغلاف الأخير للديوان ، حيث تعلن الشاعرة عن مشروعها الشعري المعنون ب " ثلاثية الومضات الشعرية " : أولها ديوان "على نوافذ صمتك "، الذي نحن بصدد قراءته . يليه عنوانان لا زالا تحت الطبع هما :" بين العين و النظر" و" أرواح في المدى ".
2 خلفية الغلاف:
دلالة النضج و الشموخ ، التي يرمز إليها اللون القمحي ، محفز خفي ، جعل الشاعرة ، تتركه ينساب و يهيمن على واجهتي الديوان ، يؤكد هذا المنحى الدلالي، الغلاف الخلفي للديوان ، و قصيدة : كما العشق " ، لسان حال الشاعرة ، الذي يعلن ذاتيتها المكتسبة/الناضجة و الشامخة ، انطلاقا من ضمير " أنا " الصريحة المتربعة على صدر البيت الأول من القصيدة " محظوظة أنا "، لتتوالى بعد ذلك ياء المتكلم في باقي أبيات القصيدة تمجد ميلاد " الأنثى الجديدة".
3 العنوان
يشغل العنوان الرئيس " على نوافذ صمتك " بصيغته و تركيبته الشكلية، المسافة الفاصلة بين صورة جسد الشاعرة و الكتاب الذي بين يديها، في موقع هو أقرب فيه إليها من الكتاب ، بصفته صادر عنها ، حامل لخطابها . و هو من هذا الموقع ، ينبئ عن رحلة سفر قطعها المتن الشعري للديوان ، بين ذات الشاعرة، و الكتاب المفتوح، في انتظار رحلة أخرى إلى حيث يوجد المتلقي . تكلل كل ذلك ، حروف متراصة تؤلف اسم الشاعرة. تعلو هامتها ، كإكليل نصر أنثوي ، استحقته بعد فوزها باختراق الصمت ،و تجاوز الإقصاء بكل تجلياته الاجتماعية و الفكرية و الثقافية .
إن لغة العنوان الشعرية ابتداء من المكون الحرفي الأول " على " الذي يفيد الاستعلاء ، توحي لنا باختيار " الأنا" الشاعرة لموقعها ، حيث تلتقط الشاعرة/الأنثى مرة أخرى درع الصمت ، تلقي عليه صيغة المخاطب . تشرع له في متخيلها ، نوافذ مفتوحة على احتمالات عدة كالإنصات و التواصل و الانطلاق اتجاه " الآخر" بصفته طرف ثان يشاركها وجودها. كما يمكن أن نقرأ العنوان، كونه يختزل تمركز قصائد الديوان حول ذات الأنثى و جوانبها، من خلال ثنائية الصمت و النوافذ... الصمت الذي يوحي بالانغلاق و النوافذ و إشاراتها الدلالية، كالعبور مثلا من الصمت إلى حيث النوافذ المشرعة على كل أصوات الكون.
4 الاهداء
إنها إحدى مكونات فضاء البدايات ، التي ينبني عليها النص الموازي، و يعرفه الناقد المغربي بنعيسى بوحمالة أنه :" تقليد ثقافي ينم بلا شك عن لباقة أخلاقية ، إن لم تكن واجبة ، فهي على الأقل مستحبة" ، و الشاعرة لم تخنها اللباقة بقدر ما أسعفتها القصيدة . اتخذت من " كاف المخاطب"، متكأ لها في لعبتها الشعرية، واللبنة الذهبية في البناء الفني لديوانها، انطلاقا من العنوان " على نوافذ صمتك ". ألغت مسافة الإهداء المباشر، لتضعه على رأس متواليات القصائد، وبالعنوان الصريح:" كل العناوين لك" ، إذ لا لبس و لا تمويه . إنه إهداء بصيغة الأنثى . إبداع مضعف، متميز و مدهش. يقول الدكتور عبد الرحيم جيران 3 " إن الخلق الفني، يتطلب حضور الوعي." و الشاعرة بحذفها عتبة " الإهداء" ، أعادت تشكيل فضاء عتباتها ، بفنية ووعي ذاتيين ، صاغت بهما " تحفة وجودها" بتعبير ميشيل فوكو. و بهذا أصبح الاهداء العتبة الغائبة/الحاضرة. غائبة بشكلها التقليدي ، حاضرة في خلق فني حداثي، هيأته الشاعرة من أنفاس " الأنا " الشاعرة و " الأنت" المخاطب ، فانصهرت قصيدة " كل العناوين لك" ،إهداء مدبجا شعرا هادرا بأصوات تتراوح بين النبر والصراخ ، و الهمس ، و النبض،و الشدو، ...قصيدة بكل أصوات الحياة ، مما تقوله القصيدة بهذا الخصوص :
حقا في صراخه صراخي
* * *
همس عازف
تناغمت حروفه
رسمه النبض على الشريان
* * *
شدو ناعم
بنسيم هدوء ليلة
أسامره باشتياق و حنين
و من فطنة الشاعرة ، أنها ولدت االمفارقة بين الصمت ، و الصوت المتعدد ، كي تبرز تلك العلاقة المتوترة ، بين ذات الأنثى، و موضوع صوت كينونتها المكبوت، و حقها في التعبير عن القبول و الرفض ، و في الوجود الفعلي و الكامل.
العتبات الثانية : و تمثلها عناوين القصائد ، الموزعة بين دفتي الديوان، ويبدأ تراصها ، بقصيدة :
1 شلالات العيون
و فيها تتغنى الشاعرة، بصخب الصمت الناطق بالمقل بدل اللسان .و مما تقوله القصيدة ، في هذا السياق الدلالي :
أي شهادة أكثر تعبيرا
عن صمت ينصت لشلالات العيون
وهي قصيدة مطولة تمجد الصمت في حضور المخاطب ذلك " الأنت" الصامت/الناطق. تقول الشاعرة :
كلما فتحت نوافذي ووجدت الصمت
أتساءل أين أنت؟
2 نبض على الشريان
تستمر الشاعرة في لعبة الثنائيات و التضاد لتصنع عالمها الشعري .توظف اللغة العادية، لسبك صياغة شعرية، ترقى بها إلى الفنية.تقول في المقطع الثاني من قصيدة " نبض على الشريان":
نصف حياتي أقرؤك
و نصفها الثاني أكتبك
لا يهم أن أضعف أمامك
أراك الأقوى
ثم تضيف في مقطع آخر ، يبدو أن العنوان يمتح منه ، و في نفس خط الثنائيات :
بين حب و عشق
أراك وحدك المدون على الشريان
3 سر بهاك
في قصيدة " سر بهاك " تسترسل الشاعرة في التغني بذاتيتها الأنثوية في علاقتها بالآخر ، في تصالح واع و ناضج ،و متكافئ الحضور،و في نفس الخط الإبداعي الذي خصصته لقصائد ديوانها ، حيث الثنائيات و المفارقات ،خامتها التخييلية و اللغوية ، تقول :
تزداد فرحتي كلما رأيت القمر نهارا
و كلمني ليلا
4 ألوان ليلتي
كلما توغلنا في قراءة أسرار العتبة الثانية ، فتحت لنا القصائد أبوابها . ترفع عنا الحجب، و تكشف لنا تمفصلات العلائق النصية بين متوالياتها، أي ما يدعوه رولان بارث بالنسيج . ففي قصيدة " ألوان ليلتي " ، نجد الشاعرة ، بعد استحضارها لمخاطب في قصيدة " سر بهاك" ، تعود لتصوغ ذاتها في حضوره ، تغرق في غنائية تنصت لذات الأنثى بصيغة " الأنا ". تقول :
قطفتها
لونتها
إنها لي
ضعها على قبري
***
كم أتمنى أن تتبدل الأدوار
تحل الشمس ليلا و القمر نهارا
بل أتمنى أكثر
أتذوقك يا قمري ليلا و نهارا
و بك أسكر
تكريس متحرر للحلم الأنثوي...وانعتاق بوح الذات الأنثوية، من ربقة صمت الكبت.
5 من قعر الكلام
بينما يتربع جنون الحلم، على تل الصور الشعرية ، لدى الشاعرة بهيجة البقالي القاسمي، وبعدما رسمت لنا من كومته ، خرائط تغير نمط الطبيعة ، و فسحت للحلم ، طموحات تجسد الأحاسيس و الأبعاد الوجدانية الأنثوية الصرفة.نجدها في قصيدة " من قعر الكلام "، تقع تحت سحر الحكمة، و ذائقة نضج التجربة المعرفية و الإنسانية لديها. فهي رغم تمسكها بذلك المخاطب الحميم، حاضرا في القصيدة، كوتد رئيس لخيمة شعريتها ، عمدت في هذه القصيدة ، إلى تنويع إبداعي ، من خلال التطرق إلى مواضيع المعرفة الإنسانية العامة ، كالتنظير للكتابة، عندما تقول :
الإبداع لا يوجد في صنبور
متى أردنا المزيد نفتحه
و هي حالة توحد و صلح مع الذات ، و اندماج محقق بفتح القاف الأولى في حقل الفعل الانساني ، و حق التعبير المكتسب ، بعد نجاحها في " إنطاق " الصمت.
و النقد الاجتماعي، عندما تقول:
ما أقسى الكلمة الطائشة
كالرصاصة التائهة
و الحكمة في قولها :
متى كانت الألقاب تصنع الفنان؟
و الشواهد الانسان؟
القصيدة تنطق بالمواقف الخاصة للشاعرة ، اتجاه بعض مظاهر الحياة ، مما يؤكد توازنها الذاتي بين العقلي و الوجداني ، و هي ثنائية تبصم ذاتها الشاعرة ، على مدى قصائد الديوان ، بتفاوت شعري ملحوظ .
6 كي تراني
هي امتداد لقصيدة " قعر الكلام " ، غير أنها ذات خصوصية أنثوية في علاقتها بالذات لما تشدو بالأنا قائلة:
أنا متعبة بصدقي
فلا تسألني عن الباقي
أومن بالسقوط
غير أني أرفض الانكسار
و بالآخر : الشريك الحميم ، و الأسرار الخفية التي تجمعهما ، عندما تقول:
إذا ما انعدمت الغيرة
ابحث عن سبب لخلقها
فذاك سر الاستمرار
هي " القصائد السبع " للصمت،و ما عدد " سبعة " إلا حامل للمؤشر الرمزي و الدلالي ، لثنائية الرجل و المرأة ، حسب ما قادتنا اليه القصائد من نتائج محتملة الاستقراء حيث يكون رقم " سبعة " عتبة خفية لعلاقة الصمت بالأعداد السبعة لألوان الضوء المرئي ، التي استوحت منها الشاعرة ، ألوان الحقائق المشتركة بين الرجل و المرأة . تلك الحقائق التي غيبها الصمت، و طوقها بأعراف و تقاليد ساهمت في توتر علاقة الأنثى بنصفها الآخر.يؤكد هذا ، وظيفة الثنائيات و التضاد الذي يعتبره النقاد عنصر أساس في عملية الانزياح ، التي بها يصنع الشاعر لغته الشعرية، وكذلك تقنية انتقال الضمائر بين " الأنا" و الأنت".
أسكنت الشاعرة موضوعة " الصمت "، منها الوريد. مارت أمواجه في شرايينها، أصداء لذات الأنثى المتمردة على كل أنواع الصمت، فنطق الشعر.
العتبة الثالثة :
هي عتبة هامشية ، و ظيفتها تقنية ، و إن كانت لا تخلو من لمسة الشاعرة الجمالية ، في اختيار الأحجام و الألوان و الأشكال، و المواقع بين دفتي الديوان لكل وحدة من وحداتها. حضورها جلي على حدود الديوان الداخلية . يساهم في شكله مضمونه.. تتبدى من خلال:
أ النص الذي يعرف بالشاعرة المعنون ب : " الشاعرة في سطور "المنتصب كهامش على يمين باطن صورة الغلاف .
ب الصورة الشخصية للشاعرة، في حجم صغير ، مذيلة بعنوان الديوان ثم اسمها، قبل أن يتكرر وجودها عند كل قصيدة من قصائد الديوان .
ج كلمة تقديم الدكتورنجيب العوفي :" شاعرة تفتح نوافذ الصمت" .
د عنوان المشروع الشعري الحالي ، للشاعرة ، متكاملا : " ثلاثية الومضات الشعرية " ، و تفصيل عناوين دواوينه الثلاث : 1 على نوافذ صمتك ، المثبتة على هامش باطن خلفية الديوان 2 بين العين و النظر 3 أرواح في المدى.
.
بقلم : الزهرة حمودان
1 " على نوافذ صمتك " : ديوان للشاعرة بهيجة البقالي القاسمي : ط 1 فبراير 2014
2 كتاب :" الشعر العربي الحديث، بنياته و إبدالاتها التقليدية" ، للشاعر المغربي محمد بنيس
منشورات دار توبقال للنشر الطبعة 1 سنة 1986 ، ص 76.
3 كتاب " العتبات". الصادر سنة 1987، للناقد الفرنسي جيرار جنيت
4 كتاب " سراب النظرية" : الدكتور عبد الرحيم جيران ، دار الكتاب الجديد المتحدة ط 1 : 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.