كان الفرن يرسل إلىّ الخبز الطازج كل صباح .. وكان الفران حبيبي .. يحمل الأرغفة العشرة إلى بابي يوميا.. يكتب قصيدة جديدة على وجه الرغيف الثالث.. أحتفظ به قليلا .. أحفظ الأبيات ثم آكله حتى تكون لدي ديوانا .. حشوت الفساتين التي يوصلها لزبائني بقصائده وأرسلتها إليه .. أصدر ديوانا وذاع صيته، لكن الشهرة أكلت مخيلته فصام عن الشعر وأثمله اليأس. أرسل إلىّ الفرن فرانا جديدا يكتب الشعر ويحلم بديوان طازج .. يشطر الخبز الإفرنجي ويضع كلماته بداخله لآكلها حبا وهياما .. أدمنتها فحكت له بنطالا وقميصا محبرين بأبياته وبعثتهما إليه .. أصدر ديوانه.. ثم زهد في الشعر وهجره ففقد خبزه طزاجته. في يوم .. كتبت أنا الشعر وأصدرت ديوانا .. فاتهماني بسرقة أعمالهما .. ولما أصدرت المحكمة حكما ببراءتي .. ولما علما أن كل ما أكتبه من رجال أفكاري .. انتحرا.