مع تغير لغة العصر صار بإمكان الإنسان أن يستعيض عن صديقه بمصاحبة دولفين أو قط أو كلب وذهب المذهب ببعضهم أنك إذا أردت أن تعلم صديقك معنى الوفاء فأهده كلباُ لعله يتعلم منه ! وما ذهب الإنسان مذهبه إلى هذا المنحنى إلا بعد أن تأزمت الثقافة الفكرية والاجتماعية بعقولنا حتى لصار من الممكن أن نتلقى طعنات الظهر من أقرب الأصدقاء لنا ... الحقيقة أن مفاهيم العصر ليست هى السبب المباشر قدر مالها من تأثير فقط على الاسقاطات التي يعيشها الإنسان يومياً بسبب العوز والفقر والاحتياج وحب الذات والأنانية و التأمل في تحسن الأحوال ..والرغبة في تحسين الوضع الاجتماعي ..هذه كلها بقدر ماهى عوائق بحياة الإنسان بقدر ماتصير بوقت من الأوقات حجةً وذريعة لفعل أي سلوك مشين تجاه صديق ما ...حتى نخسره !! إنَّ الأمراض العضوية لاتركن لسبب تشخصيها إلا بإسقاط مباشر من أمراض نفسية تجري على الإنسان من تبعات ثقافة الحسد والتماهي والتحوير في الطبيعي من المشاعر إلى غير الطبيعي لنتذرع به بحجة الاحتياج والحاجة والضرورة والغاية التي تبرر الوسيلة ! فالصديق المعدوم مالياً ..لايمكن أن يبرر لنفسه استيلائه على أموال صديقة بحجة ظروفه و أن ما عندك ليس بعندي ....والصديقة التي تتلقف خطيب صديقتها أو تخرب علاقتها بأهلها لاحجة لها سوى أن ناقصة اجتماعياً أو شديدة الاحتياج للعاطفة أو المادة أو أو ألخ ... عادة هذه ذرائع خيانة الصداقة بأصدقائنا ..أضيفوا لهذا همالك ذرائع ترقى لمستوى المشاكل الشخصية ناتجة عن سلوك يرتكبه صديق تجاه صديقه قد لايلاقى الغفران بقلبه! ماهذه المبالغة الكبيرة ..!! حتى الرحمن يغفر . لاتقع الصداقة تحت أي بند من بنود الاختيار بحسب رأيي الشخصي ..فهي ليست اختياراً ..إنها تأتيك لوحدها فإما أن تستمر أخذاً وعطاء ورداً و إما أنْ تكون ردود أفعالك فاترة بحيث تنتهي بغضون أيام وتصبح من العلاقات الوقتية الزائلة ... الصداقة شئ ..والزمالة شئ آخر ...الصديق هو الرفيق ..للعمر ..للحظة ..للسنوات ..للحياة ..والزميل هو صديق مؤقت لساعات مؤقتة تشترك معه في ميوله واتجاهاته وقد تتطور العلاقة لتصبح صداقة . الاختيار لايقع على الصديق ..فهو أمر خارج عنا ...لأن الصديق يدخل حياتك ويكون أمامك أن تواصل معه وتتواصل أو لا ...وتترك فترة الاستكشاف تأخذ حينها ووقتها . لاتحاول اختبار صديقك فقد لايكون الوقت متماشياً معه ..وقد يضعه بموقع المتهم بأنه لايصلح لصداقتك ..لأن توقيتك يتضارب مع توقيته ..لإنه قد يكون هو الآخر مقيداً بظرف ما ولم يخبرك به بعد ! الحياة أفضل مخاضٍ لتجربة الصديق في أفراحنا و أحزاننا ..لأي سلوك نحونا ..في رصد ردود أفعاله تجاهنا ..في متابعته لنا في السؤال عنا ..لكن علينا أن ندرك أنها علاقة أخذ و رد ..أي يجب أن نفعل نحن كذلك ما يفعله الصديق تجاهنا ..وهذا خطأ يقع فيه الكثيرون فيصنف أنه هو من يجب أن يتم السؤال عنه و أنه هو من تُفعل من أجله التضحيات والمواقف ! طيب و أنت ماذا فعلت لي لأفعل لك !! هنالك كثيرون ممن أغناهم الله بعقلهم وبكبر مساحة قلوبهم يستحملون ويأتون على أنفسهم من أجل سعادة الصديق ..الذي لاير سوى مشاعره ونفسه فقط ..هؤلاء مهما كبرت قلوبهم و اتسعت عقولهم لنا ،هم بشرٌ مثلنا يحتاجون للكلمة الطيبة ..للحب ,,للحنان ..للسؤال ...للاهتمام ..لكلمة ترفه عنهم وترفع معنوياتهم ..وتشعرهم أنهم بالوجود . لاتوجد مقاييس لاختيار الصديق ..صدقوني ..و إلا فلن نختار أبدا..يوجد فقط معيار ثابت وهو الأخلاق ,,,نعم الأخلاق مبدأ نتفق عليه كلنا ...فلابد من صديق خلوق تتطبع به ..ويتطبع بك ...فهي إذاً علاقة تبادلية يتغلب فيها الأكثر إيجابية ويصبح محبوباً من الآخر . يُقال من ضمن جمائل الصداقة {كن لماعاً } وهنا لا أقصد كنْ منافقاً أو صاحب رياء لصديقك ..ولكن أقصد بها كن لماعاً ...برفع معنوياته بالكلمة اللامعة الطيبة الأثر ..فإذا سألك عن لباسه وهو بسيط امدحه بدون مبالغة و إذا سألك عن أداء قام به اثنٍ عليه وشجعه ...هذا المبدأ يسمى بالدعم النفسي للصديق . إنَّ الذم والترصد لسلوك الصديق وبث العبارات السلبية له لايترك في نفسه إلا أثراً بالدونية منك ...ولايخلق منه شخصاً واثقاً بنفسه ، بل أنك تحاول بهذا أن تجعله تابعاً لك للأسف ! يجب أن نتعلم فن إبقاء الصديق ..بالكلمة الطيبة ..والسؤال ..والتهادي فإن الهدية تلطف القلوب وتؤلف بينها ..وكذلك التبادل ... أما الأشياء التي أنصح بها الكل فهى : لاتجعل صديقك يتغلغل لداخل حياتك حتى ليصبح هو المشرف على بيتك . لاتفتح المجال لصديقك بأن يتدخل بتصحيح أية أخطاء قد ترتكبها أنت فليست هذه بتضحية ولن تكون كذلك {هذا زج به للمأزق } كن لماحاً ,,ولاتكن وجاعاً ..أي بمعني إذا آلمك منه شئ المح له بلطف ولكن لاتؤلمه حتى لايشعر أن السوء بينكما هو كذلك علاقة تبادلية . لاتكن ناقصاً إذا ابتلاك الله بنقيصة ..بل ثق بصديقك واستمر معه وكن واثقاً أن هنالك علاقات محبة وشعور تنشأ بين الناس عامله بثقة ..وكما تحب أن يكون موجوداً بوقت أزماتك كن هنالك دون أن يدعوك لذلك ..ولتكن دائماً صاحب المبادرة ...ولايمنع هذا من أنْ تترك الحبل قليلاً له ليشده هو ببعض المرات . لاتتسرع بالحكم على صديقك بأي موقف قد يحصل بينك وبينه ..انصح بالتزام الصمت ..ثم الصمت ..ثم الصمت ..اعطه الوقت ليشعر أنك تنتظر التبرير منه ..سيأتي لك لامحالة و إن تأخرْ لاتترد على لب التبرير فقد يكون خجولاً مما فعله بك أو لايستحى مما جربه عليك {وهنا لك أن تختار الترك أو إعطاء فرصة جديدة له } لاتجعل صديقك عادة لك ...تدمنها طوال الوقت ..اترك للشوق فرصته وللسؤال مساحته وللقاء حرارته . لاتتحدث طوال الوقت عن نفسك واعطه مساحة ليتحدث إليك . لاتتلكم كثيرا عن كل شئ يخصك ويخصك ...احتفظ ببعض التفاصيل لك مثل تفاصيل العائلة ..الأهل ..والخصوصيات الدقيقة جداً . يجب أن تفصل بين سلوكك وسلوكه تجاه الأصحاب والمحيط ..لاتجعل هنالك عملية ربط بينكما ..فهذا خطأ كبير الصداقة موجودة ..وتدوم تبعاً للمعطيات السابقة ..والكلمة الطيبة خير من الكلمة الخبيثة ...والكلمة الطيبة صدقة ...لاتحسب نفسك إذا غادرت صديقك أو غادرك أنه يحق لك إفشاء أسراره أو التقول عنه ..اتق الله فيه واترك للزمان فرصته لإصلاح ذات البين أو خلق فرصة جديدة للتصالح ..فإذا حصل هذا وفعلته ..لن تكون نادماً أبداً على أي سلوك مشين قمت به ... شكري وتقديري الخاصين لكل المداخلات على الصفحة ودمتم بكل خير أنتم و أصدقائكم ...