هاهي الأيام تمر تسحب خلفها الشهور ليكتمل عام بالتمام والكمال على بزوغ فجر أشرف ثورة في تاريخنا الحديث ، إنها الثورة التي ألقت بثمارها اليانعة فوق صحراء مصر ، الممتدة عبر ثلاثين عاما من القحط والفساد ، ثورة أجبرت العالم أجمع على احترام شباب كان البعض يحسبه في عداد الموتى ، هاهو يستيقظ من سباته ليلقن العالم درسا لن يسناه . احتفل الشعب المصري عن بكرة أبيه بمرور عام على ثورة 25 يناير ، تلك الثورة التي أعادت للمواطن مصري كرامته وهيبته ، وفرضت كلمته على جميع هياكل الماضي وإلاه الحكم الأبدي . خرجت الملايين في شتى ربوع مصر لتحيي أول ذكرى لهذه الثورة العظيمة ، خرج الأخوان الملسمون والسلفيون ، خرج الليبراليون والعلمانيون ، خرج المسلمون والأقباط ، خرج النساء والرجال ، خرج الشيوخ والأطفال ، الكل يدا بيد نحيي أول ذكرى في تاريخ مصرنا المجيدة ، مصرنا الحبيبة ، مصر العزة والكرامة . مهما اختلفنا في أسباب الخروج ومهما تعددت مسميات هذه الذكرى ، سواء كانت احتفال أو احتفاء او إحياء لذكرى ، يجب ألا ننسى أن في هذا اليوم منذ عام تقريبا توحد الجميع على قلب رجل واحد ولم يشتتنا أي شيئ . للأسف خرجنا اليوم والبعض يخون البعض ، منا من نسب لنفسه الثورة وأنكرها على غيره بلا دليل أاو حجة ، ومنا من رفع شعارات لا معنى لها ، ومن من قرأ الأخر بطريقة خاطئة . يجب أن نتعلم بعض الدروس من هذه الذكرى العطرة التي يفوح شذاها في شتى ربوع مصر وخارجها ، لتحيي الأمل في مستقبل أفضل ينعم فيه المواطن المصري بحريته وكرامته وحياته الكريمة أول الدروس التي يجب أن نتعلمها أنه لابد لنا أن نؤمن بمبدأ قبول الأخر وألا نصادر أراء الغير دون دليل ، لأن هذا يزرع بذور الفتنة والفرقة بين الصفوف ، لابد أن يسمع كل منا الأخر وان يكون الحوار هو اساس النقاش وليس الشجار والاتهامات المتبادلة ، فمن ينظر الى الميدان يجد هتافات مضادة ، الإخوان يتهمون التيارات الأخرى بالتهور ومحاولة الإفساد وإشاعة الفوضى وعدم الصبر وفي المقابل يواجه الإخوان اتهامات بالعمالة ومساندة المجلس العسكري وينتفي الحوار بيننا إلى الحد الذي يهدد مستقبل ثورتنا التي أعلنا جميعا أنها مستمرة ثاني الدروس هو مايتعلق بغياب المنطقية والتروي في بعض توجهات الشباب الثائر ، لا سيما الذي ينادي بنقل السلطة حالا الى قوة مدنية ، وأنا اتساءل وبصوت عالي إلى اي سلطة يتم نقل الحكم اليها ؟ هل هناك سلطة مؤهلة الآن لأن تحكم مصر ؟ ولا داعي لمن يدندن بأن تونس فعلت هذا ولم تسقط ..فكلنا يعلم حجم الفارق بين تونس ومصر ، المجلس العسكري أعلن عن جدوله الزمني فلم التسرع اذا ؟ وهو يسير في تنفيذ هذا الجدول بانتظام حتى الآن فلما العجلة ؟ ثالث هذه الدروس وهو مايتعلق بمجلس الشعب والذي أعلن عن موقفة مبكرا ومن أول جلسة ، حيث فجر أكرم الشاعر قنبلة في وجه كل من شكك في دور المجلس الحالي وأنه ذيل للمجلس العسكري وأنه نتاجا لصفقة سرية بين المجلس والاخوان ، أعلنوها صريحة بدموعهم منذ بداية الدورة البرلمانية ، مجلسا ثوريا منطقيا حقوقيا بعيدا عن المهاترات الكاذبة والبحث عن البطولات المزيفة كما يسعى إليها البعض. رابع الدروس وأخرها وهو نداء الى اخواننا المرابطين في ميدان التحرير ، إن مصر تحتاج للجميع ، كل الطوائف والقوى ، مصر تناديكم جميعا ، تناسوا خلافاتكم المنهجية ، وارفعوا راية مصر فوق كل الرايات ، كونوا يدا واحدة ، اعطوا المجلس فرصة لأن يمارس مهامه ، ودعوا المجلس ينفذ جدولة الزمني وكلنا نراقبه ، وفي حال اخفاقه لن يكلفنا الامر اكثر من زيارة لميدان التحرير ، لاتدعوا الفرقة تقصم ظهورنا وتشتت توحدنا ، فالثورة مانجحت الا باتحادنا ولن تكتمل الا بنفس الاتحاد ، لانقلل من احد ولا نهول من قيمة احد فالكل سواء والجميع على قدر المساواة امام مسؤولياته الوطنية حفظ الله مصر وادام عليها امنها واستقرارها