هي ريشة، لون وقضية أسير، إرادة و إصرار لتحديد المصير، كفاح و نضال في سبيل التحرير، روح و جسد فدى الّتنوير. اعتقادها بخضرة أرض الحنين، يرويها جهاد الوطنيين من عكا لرفح لجنين، رجالا و نساء وحتى الذي مازال في الرحم جنين، الكل حالفي يمين، الوطن لنا رغما عن الظالمين الطامعين، عازمة أن تكون في وجه الغاصبين رياح الخمّاسين و لسيادة فلسطين الحصن المتين، صامدة رغم قساوة سنوات الاعتقال والأنين، رغم جبروت الطاغين، لها كبرياء المنتصرين، فمهما تطول السنين لابد أن يصير الفرج وضّاح مبين. إيمانها بأن الشمس لابد لها من الشروق وأن الحرية من أهم الحقوق، هي المناضلة والفنانة التشكيلية الفلسطينية أريج عروق. مرحبا، أهلا و سهلا بك سيدتي أهلا "أريج عروق" هي نشيد كتبت كلماته القضية القومية، لحّنه الاعتقال، عنّاه النضال وسجّلته القيم الإنسانية، فهل يمكن أن تسمعيننا مقطع منه؟ أنا فتاة فلسطينية ناضلت من أجل القضية الفلسطينية والدفاع عن هويتها وهوية شعبها. نعم "أريج عروق" مناضلة، "أريج عروق" فنانة تشكيلية، "أريج عروق" أسيرة محرّرة، "أريج عروق" صرخة حريّة، "أريج عروق" ابتسامة وطن جريح، "أريج عروق" فلسطينية، لماذا كل هذه النعوت تتصف بها "أريج عروق"؟ أريج هي جزء من رائحة فلسطين، فأنا جزء من الوطن، فأنا فنانة تشكيلية و واجب علي أن أدافع عن حقي وحق شعبي ببقاء الوطن حر فلا بد من التضحية من أجل حريته وبقائه. يقول الفيلسوف والاقتصادي الألماني "جون ستيوارت ميل" "الحياة بالنسبة لمن حاربوا وخاطروا بكل شيء لها نكهة خاصّة يستحيل على من يتمتّعون بالحماية أن يشعروا بها"، هل بتدين مرونة مع هذا المعتقد؟ نحن شعب ثائر ومناضل، كل الشعب الفلسطيني قدّم للوطن من أجل أن يحيا حياة كريمة، هنالك من كان شهيدا ومن كان جريحا ومن كان أسيرا وهنالك من قدّم الأسير والجريح والشهيد من عائلة واحدة من أجل الوطن وحريته ليحي من بعد حياة كريمة خالية من الاحتلال. تعتقد الكاتبة و الروائية الأمريكية "بيرل باك" بأنه "لا يمكن لأحد كان دائما حرا أن يستوعب القوّة المدهشة للأمل في الحرية الذي يتمتّع به من ليسوا أحرارا"، حسب تجربتك مع الأمل والحرية، هل من عبرة يسوقها لنا هذا المدلول وهل يأتي متناغما مع معمعان الواقع؟ نحن شعب حر ونحب ونريد الحرية ولولا وجود الأمل لدينا ما كان لدينا القدرة والصمود على مواجهة الاحتلال وحتى أيضا قهر السجان بصبرنا ووحدتنا، هذا هو سلاحنا كان داخل المعتقلات. ما هي ملامح الحرية في السجون؟ ملامح الحرية لدينا ببقائنا وصمودنا ولقد حوّلنا المعتقلات إلى مدارس وجامعات، حوّلنا المعتقل إلى مدرسة ومجتمع نعيش فيه من خلال الندوات الثقافية والعلمية المستمرة لكي يعلم السجّان انه أسر الجسد ولكن لا يستطيع أن يأسر العقل و الروح. "بالإرادة حولنا ذلك المعتقل إلى مدرسة وجامعة من خلال اهتمامنا بالتعليم والمعرفة"، هل من خلال هذه التجربة تجعليننا نتصالح مع فكرة الأديب والشاعر الفرنسي "فيكتور هوغر" القائلة بأنه "من يفتح باب مدرسة يغلق باب سجن"؟ طبعا بالإرادة نفعل كل شيء، والتعليم والمعرفة ليس فقط تغلق باب السجن أيضا نحرر أرضنا وندحر الاحتلال من خلال تمسكنا بالثوابت الوطنية التي نؤمن بها. عندما يبتل الأمل بدمع التنهيدة هل يمكن أن يزهر؟ لابد من التضحية من أجل البقاء والاحتلال ظلام دامس ولكن لن يدوم ولا بد من أن تشرق شمس الحرية. يقول المفكر والفيلسوف اللبناني "كمال جنبلاط" "الوعي والحرية شيء واحد"، ما مدى إخلاصك لهذه الفكرة؟ نعم، من خلال وعينا وإيماننا المطلق بحرية فلسطين وذلك من خلال اهتمامنا والإلمام بالتعليم والمعرفة هو وعينا بحرية فلسطين وإيماننا أن الاحتلال لن يدوم. هل هذه الثقة تجعلنا نرجّح كفّة الميزان لقول الفيلسوف الصيني "كونفوشيوس" بأنه "حتى أعظم حيتان البحر ليس لها أي قوّة في الصحراء"؟ طبعا ثقتي بأن الاحتلال سيزول ولن تدوم قوته، نحن الأقوى من خلال تمسكنا بأرضنا ودفاعنا عن الأقصى والقدس الشريف التي هي عاصمة دولة فلسطين ولابد من زوال الاحتلال. هل يعني هذا أنك تتفاعلين مع المفهوم القائل بأن "الأرض التي تسقى بالدم لا تنبت إلا الاستقلال"؟ أكيد نحن شعب قدّم الكثير من الشهداء وسيقدم حتى ينهي الاحتلال ونحصل على الاستقلال. من أقوال"هوغر" أيضا "في قلبي زهرة لا يمكن لأحد أن يقطفها"، إلى أي حد "فلسطين" زهرة في قلب المناضلة "أريج عروق"؟ فلسطين هي أمي وأرضي ووطني وبلدي وهوائي الذي أتنفسه، لن اسمح لأحد أن يحرمني هواء فلسطين. "السياسة فن"، كيف يتعايش الفن السياسي مع الفن التشكيلي في دواخل المناضلة والفنانة التشكيلية "أريج عروق" وبماذا يتّسم منطق النقاش بينهما؟ صحيح السياسة فن، بالنسبة لي لقد كنت أسيرة سياسية داخل المعتقلات الإسرائيلية وحوّلت المعتقل إلى معرض من خلال فني، لقد قمت برسم 30 جدارية وجميعها رسومات فلسطينية من خلال رسم الأقصى ورسم القدس القديمة. بعد الاعتقال قمت بعمل 3 لوحات عن الأسيرات الفلسطينيات وعملت عدة رسومات مع وزارة شؤون الأسرى وعملت جدارية الإرادة والحرية في بلدة عرابة قضاء مدينة جنين بمناسبة يوم الأسير دعما وتقديرا لصمود الأسير المحرر "خضر عدنان" لإضرابه عن الطعام. فأنا اعتبر الفن هو السياسة والسياسة هي فن جزء لا يتجزأ، فاتجهت بفني من اجل الدفاع عن القضية الأولى في فلسطين وهي الأسرى، وهي تجربة ومعاناة عشتها وشعرت بها و لامستها، فأحاول أن أوصل للجميع جزء من معاناة الأسرى داخل المعتقلات. "لن أتوقف عن الدفاع عن الوطن وخاصة عن الأسرى الذين يعانون داخل المعتقلات وأردت الاستمرار بالدفاع و سيكون سلاحي هو ريشتي ولوني فهذا اعتبره أقوى من أي شيء"، هل نعتبر هذا توافق مع رأي الفيلسوف الألماني الأميركي "هربرت ماركوز" "الثورة الجمالية الدائمة هي وظيفة الفن" و قناعة بقول الكاتب و الفيلسوف الفرنسي "فولتير" "كل فن يحمل نورا إلى الآخر"؟ طبعا فأنا اعتبر الكلمة من خلال الكاتب والريشة من خلال الفنان التشكيلي هي ثورة ونضال ودفاع عن قضية يؤمن بها وأعتبرها أقوى وأشد إيلاما من الرصاصة أو الحجر أو البندقية لأنها تبقى راسخة وموجودة في الذاكرة وسيكون تأثيرها أقوى من أي شيء. "كنت أرسم داخل المعتقل"، هل كان ذلك نوع من اللجوء، هل كان تحدي أم كنت تعبّرين عن حالة ضيم تامّة واختناق أم هو حالة من حالات الوعي و الإدراك ؟ وأنا داخل المعتقل أردت أن أعمل شيء من أجلي ومن أجل الأسيرات ليشعروا بأمل وتفاؤل، ولتجديد نفسية الأسيرات قمت بعدة تجارب بالبهارات وجدتها جيدة للرسم فبدأت بالرسم على الجدران، قمت بعمل ثلاثين جدارية من البهارات فكانت ألواني وقمع السجائر والإسفنج الفرشة كانت ريشتي، فكان هذا شعورا رائعا أن تعمل من لا شيء عملا فنيا رائعا فكان تحديا جميلا مع وجود مفاهيم ومعتقدات أومن بها مثلتها بفني وأدركت بدخول الأمل والسعادة إلى قلوب الأسيرات. كيف كانت ردّة فعل السجّان تجاه أعمالك؟ كانوا متفاجئين بما فعلت كيف رسمت ذلك و بماذا رسمت و كانوا مبهورون. هل تعتبرين هذا الانبهار انتصارا عليهم وعلى عدوانهم؟ طبعا انتصارا عليهم بفكري من خلال أعمالي و قدرتي على تجسيد ذلك الفكر و إننا شعب مثقف و متعلم و يدرك مفهوم الحرية. عندما تطرح ذاكرة المناضلة "أريج عروق" أحداث 48 شهرا من الاعتقال، ما هي اللوحة التي يرسمها تحديدا إحساس الفنانة التشكيلية "أريج عروق"؟ أذكر عندها قدرتي على الصبر و الصمود و بإرادتي القوية منحتني القدرة على مواجهة عدوي و تحمّل تعذيبهم و هذه الإرادة يملكها جميع من هم داخل المعتقلات الإسرائيلية و تبقيهم صامدين. اخترت الجدران لرسم وجه إنسان، حمل فزعا و أحزان، مدجّجا بطرق التعذيب أشكالا و ألوان، فكان الناتج مضمون يحاكي الوجدان، لماذا وجه الإنسان؟ اخترت وجهان فلسطينيان وجه امرأة فلسطينية ووجه رجل لعمل جدارية عن الأسرى الفلسطينيين، وجه الرجل كان عجوز فلاح تبدوا على ملامحه المعاناة والصمود والصبر والصرخة وتم تجسيد ملامحه من خلال معاناة الأسرى وأساليب التعذيب التي يتعرض لها الأسير الفلسطيني. أما المرأة الفلسطينية جسّدتها في المقدمة لأنها تناضل بجانب الرجل وأيضا لأنها أم الأسير أولا وزوجته وأخته وابنته وهي أيضا السيرة، ووضعت في ملامح وجها دمعة الأم وتم تجسيد ذلك بأسلوب الشبح الذي يتعرض له الأسير وزينتها بحلي ألا وهو القيد لأن القيد أصبح زينة للمرأة الفلسطينية تفتخر به وتتزين به وبالقيد يحاول إسكاتها ولكنها تصرخ تطلب الحرية وترفض هذا الاحتلال والقيد. وأيضا قمت بعمل الأقصى و الكنسية لان السجن لا يفرق بين مسلم و مسيحي أو بالأحرى الاحتلال. رمزت من خلال الحصان لأصالته وقوته وزينته بزخارف فلسطينية فهو يرمز إلى الحرية وأن الحرية ستتحقق. يعني شجرة المعاناة المورقة للحزن و الشجن و الحرقة و الألم يمكن لها أن تثمر ابتسامة؟ هنالك مثل يقول "لا ينقطع المرح من الدنيا لأن الناس يموتون ولا ينقطع الجدّ من الدنيا لأنهم يضحكون"، فأعمق الابتسامات تلك التي تخرج من ضلوع الوجع والحزن والألم. "كاد المريب أن يقول خذوني"، أي من المواقف التي تعرّضت لها المناضلة والفنانة التشكيلية "أريج عروق" جعلت إحساسها ينفتح على بوّابة هذا الشعور؟ طبيعتي لا أحب الندم على شيء أقدمت عليه ولكن أتعلم أن لا أقع في الخطأ مرة أخرى، أحب دائما النظر إلى المستقبل و لا انظر إلى الماضي اعتبر ه شيء حدث و انتهى، بالنظر إلى الخلف لن أرى ما هو إمامي، أنا إنسانة طموحة لا أحب ولا ارغب أن يحدّه احد وحتى إذا فشلت لا يعني ذلك أنها نهاية الحياة، استمر و أتعلم من فشلي. عندما تفكر المناضلة والفنانة التشكيلية "أريج عروق" بالقيام بمعرض خارج الأراضي الفلسطينية، أي ثقافة تحبّذ التعامل معها وأي اتّجاه سيأخذه فحوى المعرض؟ أفضل الثقافة العربية كثيرا وأحب الفن العراقي كثيرا وأيضا الفن الإيراني لأن الفن الإيراني معظمه يميل إلى الخط العربي وزخرفته، كما أحب التعامل بثقافتي الفلسطينية التي نشئت عليها أاظهر للخارج التراث الفلسطيني من خلال الزخارف الفلسطينية، وسيكون فحوى المعرض عن نضال المرأة الفلسطينية وما قدمته من أجل البقاء والحرية فهذه هي ثقافتي و ثقافة المرأة الفلسطينية و صمودها وتعلمها وحفاظها على تراثها من خلال الزخارف الفلسطينية خوفا عليه من الاندثار. شكرا لك المناضلة و الفنانة التشكيلية "أريج عروق" على علو إحساسك و نبل عطائك دامت إرادتك علياء و فلسطينك أجمل حسناء ودائما في حلل البهاء و إلى اللقاء. شكرا لك.