ضمن أنشطة مخيم الإبداع ومحورها الأول "التجمعات والروابط الأدبية والثقافية" دار الحوار والمناقشة حول كيان ثقافى وأدبى مهم هو جمعية رابطة الزجالين وكتاب الأغانى. فى بداية الندوة أشار الشاعر محمد البهنساوى رئيس مجلس إدارة الرابطة إلى البعد التاريخى للجمعية حيث ذكر أن هذه الجمعية هى أقدم جمعية ثقافية مصرية حيث انشأت عام1931 والذى سعى إلى تأسيسها هو الشاعر محمد عبد المنعم المعروف بأبى بثينة ثم توالى بعده رؤساء مجلس إدارة آخرين ساهموا فى دعم الجمعية وإرساء قواعدها ومنهم الشيخ عبد الفتاح شلبى وهو من علماء الأزهر الشريف.. وقد توقف النشاط لفترة معينة بسبب بعض الآراء السياسية لشعراء منتمين للجمعية.. إلا أنها عادت لتمارس دورها من جديد. و أكد الشاعر محمد البهنساوى على الدور الحيوى والمهم للجمعية على ساحة المشهد الشعرى للعامية المصرية حيث تصدر الجمعية كتاباً سنوياً بعنوان بستان الأدب الشعبى يضم أعمالاً زجلية وأغانى وشعر عامية كما تقيم الجمعية ندوة أسبوعية يوم الثلاثاء من كل أسبوع بمقرها الكائن 58 شارع الجمهورية مما يجعل من الجمعية بمثابة مدرسة للأدب الشعبى بمصر لاسيما وأنها تضم فى عضويتها ألفين وخمسمائة عضواً.. ولقد ألقى مجموعة من الشعراء والزجالين عدة قصائد تحتفى بالمناسبات التى تمر بها مصر مثل المولد النبوى وعيد ثورة يناير منهم الشاعر هشام العربى الذى قدم قصيدة بعنوان النشور جاء فيها: قد ثار من ظن أنه إندرسا وتاه بين الشعب وانطمسا فأستل ما أبقت الروح من رمق يأخذ من ثغر تونس النفسا طوفانه كان طوق نجدته من الطواغيت أينما انبجسا كما تاه بين الضفاف ثم علا ضفة أن يسقط النظام ثم سرى وقدم الشاعر سليمان خليل سليمان قصيدة زجلية بعنوان «زمزم ميراث جدنا» تفاعل معه جمهور القاعة ولاقت استحسان الحاضرين جاء فيها: زمزم ميراث جدنا سيدنا إسماعيل سابه للمسلين والعرب ولكل أحبابه م الجنة نبعه جرى فى الكعبة وفى مكة لجل الحجيج ترتوى مع كل أنسابه ومصر ليها الشرف «هاجر» تكون منها جبريل جناحه ضرب فى الأرض طمنها فجر عشان أبنها زمزم تفرحها سقت الرعاة والغنم والطير يغنلها دعوة خليل الله الناس هنا تجيلها لبت فى أعلى سماه سبحانه سجلها لجل عيون طفلها سيدنا إسماعيل يرعاه والرزق زاد والكرم من كل زوارها كما قدمت مجموعة من الأطفال والطلائع أشعاراً وأزجالاً أكدت عمق مواهبم ومهاراتهم فى فن الإلقاء.. وفى مداخلة للشاعر مصطفى خلف أكد من خلالها على أهمية التعاون بين تلك الروابط العاملة فى مجال الثقافة لتعزيز الحراك الثقافى وتبادل الخبرات خاصة وأن الكيانات الأهلية فى مجال الثقافة تعتبر قليلة للغاية.. من هنا تتعاظم أهمية الترابط والتنسيق بين هذه الجمعيات المعنية بالأدب وبالأدباء فمن خلال التعاون المثمر الفاعل نستطيع تجاوز مشكلات كثيرة تواجه شباب الأدباء مثل مشكلة النشر فمن الممكن إحداث نوع من التعاون بين هذه الروابط فى مضمار نشر إبداعات الأدباء الشباب بل والكبار أيضاً من خلال سلاسل أدبية فى أو مجلة مشتركة أو نشرة غير دورية وهذا لن يتأتى إلا بالتواصل المثمر بين هذه الكيانات. بعدها ألقت الشاعرة الشابة نادية محمد قصيدة من شعر العامية لاقت استحسان وإعجاب الحاضرين جاء فيها: أيون بلدنا وحبنها دى بلدنا اللى عارفنها وشايفينها بتخنقنا من الأحزان ورغم جراحنا وعذابنا نموت فيها وشايلنها فى قلوبنا وعنينا كمان ومهما تتوه خطاوينا فى شوارعها لا بنبيعها ولا نقدر نبدلها بأى مكان ولو ينطق بقى ترابها هيتألم ويتكلم يسمعكوا أنين الجرح جواها لبعد خطاوى أحبابها اللى بتعلم وبتسلم على طريق الفراق ماشية وسيباها بترفض اللى سار فيها ولا بتمنع دفاع ثائر بيحميها ولا بتفرح ودهم أولادها راويها وشوفوا اللى حاصل ليها!! ده بإيديكوا ولا بأيديها؟؟ تعالوا يا نتغير نغير اللى جوانا ناحيتها ونرسم بكرة كسفينة ومينا يوم تجمعنا بفرحتها تلملم فينا فرحانة وباللى أيدينا منحاها ومش هنقول فى يوم تانى شراع مركبنا نظلمها ونقول هيه اللى كسراها أما الفقرة الثانية من فقرات مخيم الإبداع فقط تم تخصيصها لمناقشة ديوان «السفر فى الأسود» للشاعر محمد منصور. فى بداية الندوة ذكر الكاتب أحمد إبراهيم أن هذا الديوان هو العمل الإبداعى الثانى للشاعر محمد منصور حيث صدر له من قبل ديوان بعنوان «الأرض تشربها الدماء» وقد فاز الشاعر عن ديوانه الثانى بجائزة الدولة التشجيعية فى الشعر.. وقال ديوان «السفر فى الأسود» يقدس السفر فى الزمان والمكان. أما الدكتور حسام عقل فقد ذكر أن نصوص الشاعر محمد منصور تنبئ عن شاعر موهوب فهو يختار مفرداته بعناية.. وديوان «السفر فى الأسود» يمكن أن نطلق عليه ديوان القصيدة الواحدة التى قد تطول لتصل مائتى صفحة وهو فى مجمله يعد سباحة شعرية ضد التيار فى ظل بروز أنواع أدبية أخرى تتسم بالسرعة والتكثيف. ولقد تناص الشاعر كما قال عقل مع غيره من الشعراء الذين كتبوا عن السفر والرحيل والمبارحة كما أن للشاعر نفس طويل يذكرنا بالشاهنامة للفردوسى وغيره من أصحاب المطولات كذلك تقترب نصوص محمد منصور من فكرة الرفيق فى الرحلة إلا أنه اختار الذئب رفيقاً وهو بذلك يمارس سباحة كبرى ضد التيار سواء على مستوى الشكل أو الموضوع وبالتالى نجح الشاعر فى إنجاز مشروع إبداعى ملحمى يسبح ضد السائد المألوف من أنماط. وأضاف: كذلك هناك منحى يوتيوبي يلمحه كل قارئ للنص فالبحث عن عالم أفضل هو هدف الشعر «اعتماداً على تشكيلات تعتمد بالمفارقة أساساً لخلق عملية التخيل لدى المتلقى فهو يرحل مفرداً ولكن بحس جماعى وهدف يخص المجتمع فالشاعر يفقد صفته الفردية ويبذل من أجل غيره متلبساً صيغة الجموع ومتبنياً مطالب الجماعة. وهناك أيضا تناص مع الكتب السماوية فى بعض مواقع الديوان بالإضافة إلى حس صوفى يصاحب الشاعر عبر نصه الهادف إلى العدالة الاجتماعية واضعاً الجماعة نصب عينيه وهذا يعد انفتاحاً للتجربة الفردية على حس الجماعة. وفى رؤيتة النقدية للديوان أكد الناقد د. أيمن تعيلب أن فكرة الذئب ترمز للقهر الملازم لنا والمتمكن منا فالديوان يستكشف الوهم الموجود فى حياتنا الثقافية بصفة عامة كذلك أكد على أن شعرية محمد منصور هى شعرية بينية أى بين الواقع والخيال.. وقال: يحاول الشاعر من خلال نصه إعادة بناء وتشكيل العالم من جديد محولاً أن يكون ممتلكاً للأشياء ومتحكماً فيها لاسيما وأن العالم من حوله ليس مرتباً كما يحلو له هذا على مستوى جميع الأنساق السياسية والاجتماعية والثقافية كما أن الديوان يفتح باباً واسعاً للجدل والمناقشة حول الكائنات والأشياء. كذلك جاء الديوان بكامله كمجاز معرفي لا كعمل إيديلوجي ومن هنا كانت جماليات النص حيث تمكن من الإحاطة بالعديد من المفاهيم بعيداً عن المفاهيم التى كرس لها الجبروت السياسي وتابعوه من مثقفي السلطان.