تقليل الاغتراب.. موقع التنسيق يواصل إتاحة التسجيل للمرحلتين الأولى والثانية    التضامن الاجتماعي تقرر مد فترة معرض "ديارنا للحرف اليدوية والتراثية"    الإسكان توضح كيفية تلقى طلبات مستأجرى الإيجار القديم لحجز وحدات بديلة    ترامب: أريد رؤية الصحفيين يحصلون على حق الوصول إلى غزة    11 لاعبا يغيبون عن الأهلى أمام فاركو الليلة.. أبرزهم العش وعمر كمال    تفاصيل بدء تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادي    الأرصاد تحذر: اضطراب الملاحة بهذه المناطق ونشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة    تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر.. أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات    محمود سعد: أرقام تحاليل أنغام تتحسن لكن موصلتش لمرحلة الخروج من المستشفى    إعلام إسرائيلي: الجيش شكل وحدة خاصة مهمتها اغتيال الصحفيين في غزة    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت 47 مليونا و230 ألف خدمة مجانية خلال 30 يوما    «سيناريو متكرر».. ناشئو الفراعنة لكرة اليد يودعون المونديال    رئيس معهد التخطيط القومي يستقبل المدير التنفيذي للمبادرة الدولية لتقييم الأثر    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 15 أغسطس في سوق العبور للجملة    أربعة أطراف ومصلحة واحدة| من يربح من لقاء ترامب وبوتين المُرتقب؟    ضبط المتهم بالتخلص من والده في قنا    ألمانيا تدعو الحكومة الإسرائيلية إلى وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية    الأمين العام لحزب الله: نثمن دعم إيران لنا بالمال والسلاح والمواقف السياسية    تامر حسني: «محمد منير ساعدني وقت ما كان فيه ناس بتحاربني»    خاص| من الكشري للبامية.. أكلات مصرية مفضلة ل «السفير الهندي»    انعقاد أولى جلسات الحوار المجتمعي حول التعاونيات الزراعية    سلطة المانجو والأفوكادو بصوص الليمون.. مزيج صيفي منعش وصحي    الأنبا إيلاريون يشارك في احتفالات نهضة العذراء بوادي النطرون    انخفاض أسعار الذهب عالميًا.. والأوقية تسجل 3339 دولارًا    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    السيطرة على حريق شب داخل مطعم بالزقازيق وإصابة شخص    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    غدا.. انطلاق تصفيات مسابقة دولة التلاوة الكبرى بالتعاون بين الأوقاف والشركة المتحدة    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    ضبط مليون قطعة أدوات كهربائية مقلدة ومغشوشة فى القليوبية    في ظروف غامضة.. وفاة ربة منزل بطهطا في سوهاج    هشام حنفي يقدم نصيحة خاصة ل ريبيرو قبل مواجهة فاركو    انتهاء مهلة إصدار محفظة الكاش مجانا في بنك القاهرة اليوم    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    علاء زينهم: عادل إمام كان يفتخر بكفاحي وعملي سائق تاكسي قبل المسرح    سعر السكر والزيت والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15- 8- 2025 والقنوات الناقلة    لاعب الأهلي السابق يوضح سبب تراجع بيراميدز في بداية الدوري    حكام مالي العسكريون يعتقلون جنرالين وآخرين في مؤامرة انقلاب مزعومة    اليوم، الإدارية العليا تبدأ في نظر طعون نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    محمد عباس يدير مباراة الزمالك والمقاولون بالدوري    لا تتجاهل هذه العلامات.. 4 إشارات مبكرة للنوبة القلبية تستحق الانتباه    أول ظهور للفنانة ليلى علوي بعد تعرضها لحادث سير بالساحل الشمالي (فيديو)    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    لافروف ودارتشييف يصلان إلى ألاسكا حيث ستعقد القمة الروسية الأمريكية    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    مفتي الجمهورية: «إسرائيل الكبرى» أكذوبة وخرافة استعمارية لتبرير التوسع في المنطقة    بيراميدز يخوض ودية جديدة استعدادا للمواجهات المقبلة في الدوري    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    #رابعة يتصدر في يوم الذكرى ال12 .. ومراقبون: مش ناسيين حق الشهداء والمصابين    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحدود، من النَّقل إلي العقل (رؤية جديدة للحدود في الشريعة) المناسبة : أسلمة الحكم
نشر في شموس يوم 08 - 11 - 2012


(3) حدّ الردّة :
باستعراض مادة (ردد) في المعجم، منها الارتداد أي الرجوع عن الشئ، والردّة منه
وفيما يخصّ الدين، ارتدّ اي ترك دينه، وخرج منه، ورجع عن اعتناقه، والعمل بمقتضاه ..
وما ذُكِر عن هذا المعني في القرآن، قوله تعالي :
" ... ومن يَرْتدِدْ منكم عن دينه فيَمُتْ وهو كافر فأولئك حَبِطَت أعمالُهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النَّار .." البقرة 217
" يا أيها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينِه فسوف يأتي الله بقوم يحبهّم ويحبّونَه ..."
المائدة 54
ونفهم من هذه الآيات الصريحة أن عقوبة الارتداد عن الدين عقوبة أخروية، موكول أمرها بالكامل إلي حكمة خالق الدنيا والآخرة، وعلمه ورحمته، وأن ليس هناك أيّة عقوبة دنيوية تتعلق بحدود او ما شابه .. في آية البقرة، يحذر رب العالمين المرتدّ من إحباط العمل، اي انه يضيع هباءاً ولايترتّب عليه جزاء ولا ثواب .
وفي آية المائدة يَعِد الله من ارتدّوا بقدرة الله المطلقة علي استبدالهم بأقوام يحبهم ويحبونه، في لمسة مشبّعة بالحنان والشفقة -في رأيي- فلله المَثَل الأعلي، أنت حينما ينصرف عنك أحدهم، وينقطع عنك، ولا يبادلك ودّاً بودّ، ألا تشعر بجرح وأذي، وتصبّر نفسك بأن هناك من يحبك ويحفظ لك الودّ ويبادلك المشاعر الطيبة؛ فما بالنا بربّ العزّة والجلال .. الذي رُوِيَ عنه سبحانه انه قال في حديث قدسي :
" أخْلُقُ، ويُعبَد غيري؛ أرزق، ويُشْكَر سواي " !
أما مسألة الاستتابة ثلاثة أيام، وإلاّ فهو القتل ! فالمصدر فيها مرويّات و أحاديث موضوعة، لا تمتّ للقرآن بصلة، بل تناقضه وتتصادم معه؛ يقول تعالي :
" لا إكراه في الدين .." البقرة 256
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .. " الكهف 29
" ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غنيٌ كريم " النمل 40
" من كفر فعليه كفره .. " الروم 44
" .. ومن كفر فإن الله غنيٌ حميد " لقمان 12
" لست عليهم بمصيطر .." الغاشية 23
فكيف نفهم هذه الآيات الكريمة إلاّ في ظل كل ما يؤكد علي مفهوم الحريّة الفرديّة المطلقة،
والذي تنبني عليه مسئولية الإنسان الكاملة عن أفعاله، فيصبح اسم الله العدل مفهوماً ونافذاً؛
فالله بقوته وقدرته وعدله المطلق ما كان ليحاسب مُكْرَهاً، ولا مضطراً أبداً؛ لانه بذلك إنما يخلق مجتمعاً من المنافقين الكذّابين الذين يضطرون دائماً لإظهار غير ما يُبطِنون؛ والمنافق في الإسلام ليس له جزاءاً في الآخرة إلاّ (الدرك الأسفل من النار) أعاذنا الله
وفي هذا السياق، يقول الباحث الإسلامي أحمد ماهر ما يلي :
يعبر قوله تعالى في الآية التالية عن حرية الدخول والخروج أكثر من مرة في الإسلام مما يؤكد عدم قتل المرتد: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً}النساء137.
ولكن هذا ما كان ليرضي فقهاءنا القدامي الذين نحافظ علي ما تركوه من تراث في الأزهر، فنعلم أبناءنا الإرهاب باسم الإسلام؛ فبمنهج السنة الثالثة الثانوية أزهري واسمه الاختيار لتعليل المختار، وفي ص366 تحت عنوان أحكام المرتد ما يلي حرفيا:[وإذا ارتد المسلم والعياذ بالله يُحبس ويعرض عليه الإسلام وتُكشف شُبهته فإن أسلم وإلا قُتل]؛ فكيف يُقتَل المرتد والله تعالى يقول: "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ .... " الكهف29؛
فمعنى قوله تعالى: فَلْيَكْفُرْ أنه كان مسلما قبل الكفر..
إن المشجعين لقتل المرتد يتخذون من الحديث النبوي المزوّر على رسول الله تكأه لهم في تلك المناهج الضالة، حيث روي بكتب الصحاح أحديث تشجع على قتل المرتد، بل تشجع على أن يستنبط من يستنبط بأن هذا مرتد وذاك باق على الإسلام، فعندهم حديث: (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ.). وحديث ( لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ)،
لذلك فهم يؤكدون على وجود حكم قتل المرتد من خلال تلك المرويات، ونجد أن جميع أعمال الإرهاب والقتل في مجتمعات المسلمين علي مدى التاريخ كانت بفتاوى مؤسسة علي [روايات من بدل دينه فاقتلوه ] الواردة في كُتب الحديث وهي من صُنع البشر.
- النصوص الإلهية الدالة على عدم قتل المرتد وعدم إجبار الناس أو إرهابهم للبقاء في الإسلام يقول تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس:99)
إذن لا إكراه في دخول الدين الإسلامي ولا إكراه على البقاء فيه، وان الله قد شرع التوبة للمرتد.
ورسول الله، والذي أوتى الحكمة، والحكمة هي الرشاد، فليس من الحكمة ولا من التطبيق الواعي للقرءان القنوط من رحمة الله والحكم بعدم إمكان توبة المرتد، بينما نتشدّق بأنّ رحمة الله تدرك الفارّين من دين الله إلى ما قبل الغرغرة، وأن إفتاء الأئمة الأربعة بشأن عقوبة المرتد ليس بحجّة على كتاب الله الذي جعل له توبة وكفل له حرية العقيدة؛ كما وأن تصرفات بعينها قد تصدر من الفرد لا تعطينا الحق أبدا للحكم عليه بالارتداد.
هذا فضلا عن أن المنهج العملي لرسول الله الذي سطّره عمليا في صلح الحديبية بعد قيام دولة الإسلام بالمدينة المنورة يبيح للناس ترك دين الإسلام دون عقوبة، في الوقت الذي كانت فيه القلوب غضّه في ريعان الإيمان ويخشى عليها الفتنة من أي فرد يرتد،
فعلى ذلك وبالقياس الصحيح في حال وجود أمّة إسلامية فإن السنّة العملية تحتّم علينا ألا يقتل الفرد المرتد حتى لا يكون البقاء في الإسلام إرهابا من حد القتل المزعوم ودعوة لممارسة النفاق خوفا من سيف الإسلام، وإنه لو حذت الشرائع التي قبلنا (اليهودية والنصرانية) حذونا ما وجدنا مسيحيا يدخل في دين الإسلام..... فهل هذا لأنهم يطبّقون دينهم السمح في عدم قتل المرتد عن النصرانية ! وكيف نعيب عليهم إجبارهم من يسلم منهم بواسطة الضغط الاجتماعي العودة إلى النصرانية أو اليهودية ؟؟؟
ولابد لأهل الإسلام من مراجعة دقيقة لحكم المرتد ومراجعة دقيقة أكثر في الحكم على من لم يصرّح علنا بالارتداد رغما عن ظاهر ما يبدو من أعماله التي تبدو لنا ارتدادا، وألا نقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ..
المصادر :
- (كيف كان خُلُقُه القرءان) ا. أحمد عبده ماهر
وعن مجموعة مقالات الكاتب (بروزاليوسف)
تحت عنوان (أيّ شريعة تريدون)
- ( في ظلال القرآن )..... سيد قطب
- ( الإسلام و الإيمان / منظومة القيم ) د. محمد شحرور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.