رئيس إسكان النواب: مستأجر الإيجار القديم مُلزم بدفع 250 جنيها بدءا من سبتمبر بقوة القانون    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على حي تل الهوا بمدينة غزة    الأمم المتحدة: أكثر من 100 طفل قضوا جوعا في غزة ودعوات عاجلة للتحرك    اليوم، إعلان نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025 بالموقع الإلكتروني، اعرف الموعد    شاهد، كيف احتفى جنود إسرائيليون بقصف وقتل مدنيين فلسطينيين عزل في غزة (فيديو)    ترامب يمدد الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما    سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 12-8-2025 مع بداية التعاملات الصباحية    سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 قبل استهلال التعاملات    انخفاض أسعار الفراخ الأبيض في أسواق أسوان اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إطلاق مبادرة "أمل جديد" للتمكين الاقتصادي    اليوم، إعلان النتيجة الرسمية لانتخابات مجلس الشيوخ والجدول الزمني لجولة الإعادة    نتيجة تنسيق المرحلة الثانية أدبي.. الموقع الرسمي بعد الاعتماد    الخارجية الروسية: نأمل في أن يساعد لقاء بوتين مع ترامب في تطبيع العلاقات    أنس الشريف وقريقع.. مما يخاف المحتل ؟    غارات واسعة النطاق في القطاع.. والأهداف الخفية بشأن خطة احتلال غزة (فيديو)    وسائل إعلام سورية: تحليق مروحي إسرائيلي في أجواء محافظة القنيطرة    من سيئ إلى اسوأ، الصحف البريطانية تنقلب على محمد صلاح بعد بدايته الباهتة للموسم الجديد    "كلمته".. إعلامي يكشف حقيقة رحيل الشناوي إلى بيراميدز    وليد صلاح الدين: أرحب بعودة وسام أبوعلي للأهلي.. ومصلحة النادي فوق الجميع    مبلغ ضخم، كم سيدفع الهلال السعودي لمهاجمه ميتروفيتش لفسخ عقده؟    «زيزو رقم 3».. وليد صلاح الدين يختار أفضل ثلاثة لاعبين في الجولة الأولى للدوري    من هو الفرنسي كيليان كارسنتي صفقة المصري الجديدة؟ (فيديو صور)    بطل بدرجة مهندس، من هو هيثم سمير بطل السباقات الدولي ضحية نجل خفير أرضه؟ (صور)    مصرع شخص تحت عجلات القطار في أسوان    لتنشيط الاستثمار، انطلاق المهرجان الصيفي الأول لجمصة 2025 (فيديو وصور)    4 أبراج «في الحب زي المغناطيس».. يجذبون المعجبين بسهولة وأحلامهم تتحول لواقع    من شرفة بالدقي إلى الزواج بعد 30 عاما.. محمد سعيد محفوظ: لأول مرة أجد نفسي بطلا في قصة عاطفية    "كيس نسكافيه" يضع الشامي في ورطة بعد ترويجه لأغنيته الجديدة "بتهون"    24 صورة لنجوم الفن بالعرض الخاص ل"درويش" على السجادة الحمراء    بالصور.. أحدث جلسة تصوير ل آمال ماهر في الساحل الشمالي    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    تحارب الألم والتيبس.. مشروبات صيفية مفيدة لمرضى التهاب المفاصل    خلاف جيرة يتحول إلى مأساة.. شاب ينهي حياة آخر طعنًا بكفر شكر    موعد مباراة سيراميكا كيلوباترا وزد بالدوري والقنوات الناقلة    حزب شعب مصر: توجيهات الرئيس بدعم الكوادر الشبابية الإعلامية يؤكد حرصه على مستقبل الإعلام    التحفظ على أموال وممتلكات البلوجر محمد عبدالعاطي    وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية يعقد اجتماعاً موسعاً لمتابعة الأداء وتحسين الخدمات الصحية    أبرزها الماء والقهوة.. مسببات حساسية لا تتوقعها    "بلومبرغ": البيت الأبيض يدرس 3 مرشحين رئيسيين لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي    19 عامًا على رحيل أحمد مستجير «أبوالهندسة الوراثية»    أصالة تتوهج بالعلمين الجديدة خلال ساعتين ونصف من الغناء المتواصل    د. آلاء برانية تكتب: الوعى الزائف.. مخاطر الشائعات على الثقة بين الدولة والمجتمع المصري    محكمة الأسرة ببني سويف تقضي بخلع زوجة: «شتمني أمام زملائي في عملي»    رئيس «الخدمات البيطرية»: هذه خطط السيطرة علي تكاثر كلاب الشوارع    نجم الأهلي السابق: صفقات الزمالك الجديدة «فرز تاني».. وزيزو لا يستحق راتبه مع الأحمر    استغلي موسمه.. طريقة تصنيع عصير عنب طبيعي منعش وصحي في دقائق    «مشروب المقاهي الأكثر طلبًا».. حضري «الزبادي خلاط» في المنزل وتمتعي بمذاق منعش    انتشال سيارة سقطت بالترعة الإبراهيمية بطهطا.. وجهود للبحث عن مستقليها.. فيديو    كيفية شراء سيارة ملاكي من مزاد علني يوم 14 أغسطس    حدث بالفن | حقيقة لقاء محمد رمضان ولارا ترامب وجورجينا توافق على الزواج من رونالدو    أخبار 24 ساعة.. 271 ألفا و980 طالبا تقدموا برغباتهم على موقع التنسيق الإلكترونى    إطلاق منظومة التقاضى عن بعد فى القضايا الجنائية بمحكمة شرق الإسكندرية.. اليوم    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الأقصر يبحث مع وفد الصحة رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية بالمحافظة    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين اقدم حضارة عربية سجلها التاريخ الانساني بلستينا ارض كنعان
نشر في شموس يوم 20 - 05 - 2021

تكتسب فلسطين قدسية خاصة في قلوب المسلمين و المسيحيين العرب، ليس فقط لثبوت عروبيتها حيث سميت بارض كنعان نسبة إلى القبائل العربية السامية الذين بسطوا سلتطهم على البلاد طوال 1500 سنة (2500ق.م – 1000 ق.م)، ولكن ايضا لانها مهبط الرسالات السماوية التي اثبتها القرآن الكريم والاحاديث الصحيحة عن سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ففلسطين، هي الارض المقدسة، و هي مهجر ابو الانبياء إبراهيم عليه السلام بعد خروجه من بلدة اور في العراق عقب محاولة قتله من جانب قومه (1805 ق.م) وكان معه زوجته سارة و ابن أخيه لوط وغيرهم، بينما سماها القرآن الكريم بالأرض المباركة، كما ورد في محكم التنزيل قول الله تعالى : ( قلنا يا نار كوني بردا و سلاما على إبراهيم و أرادوا به كيدا فجعلناهم الآخرين ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ). ، وكذلك قوله تعالى: ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ) .
وقد أثبت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، تخصيص فلسطين بالتقديس في قوله: ( أن الله بارك فيما بين العريش إلى الفرات و خص فلسطين بالتقديس ) .
وروى ابن عساكر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن الأرض المقدسة ما بين العريش و الفرات. وهي ارض مقدسة و مطهرة فيها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وقد سماها المسيحيون بذلك لما لهم فيها من أماكن مقدسة وهي مهد سيدنا عيسى عليه السلام.
وهي الارض التي اختارها الله تعالى لرحلة الإسراء و المعراج كما ذكر المولى عز وجل في كتابه :
( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ).
كما انها ارض الرباط والجهاد، مصداقا لحديث صحيح رواه سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله: يا معاذ، أن الله عز وجل سيفتح عليكم الشام من بعدي من العريش إلى الفرات، رجالهم ونساؤهم وإماؤهم مرابطون إلى يوم القيامة، فمن اختار منكم ساحلا من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو في رباط إلى يوم القيامة.
وبقيت بيت المقدس قبلة المسلمين مدة ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، حيث تم تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة في منتصف شهر شعبان، وقيل في رجب من السنة الثانية للهجرة، لكن سرها لايزال خالدا الى قيام الساعة باعتبارها ارض المحشر والمنشر كما ورد في قوله تعالى: ( واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب )، الآية التي فسرها العلماء بأن سيدنا اسرافيل عليه السلام سينفخ في البوق من صخرة بيت المقدس و في هذه الديار يحشر الناس يوم القيامة.
جغرافيا استراتيجية تارخ عريق
يطلق اسم فلسطين على القسم الجنوبي الغربي لبلاد الشام، وهي الأرض الواقعة غربي آسيا، على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، ولفلسطين موقع استراتيجي مهم، إذ تعد صلة الوصل بين قارتي آسيا وإفريقيا، وتمتد منطقة فلسطين جغرافيا ونباتيا عبرحدود لبنان والأردن لتشمل المنطقة جنوبي نهر الليطاني والمنطقة المجاورة لنهر الأردن من الشرق قبل الانتداب البريطاني.
وقد سكن الإنسان أرض فلسطين منذ عصور تعود لمليون سنة، كما تدل الحفريات والآثار، وشهدت أرضها مراحل التطور الإنساني الأولى في التحول من الرعي إلى الزراعة، كما أن أول مدينة جرى تشييدها في التاريخ هي مدينة ( أريحا ) الواقعة شمال شرقي فلسطين وذلك نحو 8000 ق.م ، وفقا لما يذكره علماء الآثار.
وفي الألف الخامسة ق.م دخلت فلسطين سكان جدد من قلب الجزيرة العربية قبائل العموريين والكنعانيين ومعهم اليبوسيين الذين تفرعوا عنهم، عرفت فلسطين في النصوص الأكاديمية في الألف الثالث ق.م على أنها "أمورو" أو الأرض العربية، كما تطلق هذه النصوص على شرقي البحر الأبيض المتوسط ( بحر أمورو ) نسبة إلى الشعب الأموري أو العموري، وهو أول شعب سامي رئيس في سورية وفلسطين، وبعض الباحثين يرون أن الكنعانيين انبثقوا من العموريين انبثاق اليبوسيين من الكنعانيين.
وقد ورد في الموسوعة الفلسطينية أن بعض الباحثين يرون أن اسم أرض الملوريا – وهو أحد مرتفعات القدس- صححه العلماء على أنه أرض العموريين أو الأموريين.
وقد عرفت فلسطين، بأسماء أخرى أطلقتها الشعوب المجاورة لها، وفي ذلك يقول "مظفر الإسلام خان" في كتابه- تاريخ فلسطين القديم- " إن الأرض الفلسطينية الواقعة جنوبي سورية هي أرض صنعت التاريخ وصنع فيها التاريخ، وقد أطلقت شعوب كثيرة على هذه الأرض أسماء كثيرة، ولعل أقدم هذه الأسماء أسماء " خارو " للجزء الجنوبي، و" رتينو " للجزء الشمالي، اللذين اطلقهما قدماء المصريين،
وقد تكون كلمة " رتينو " تحريف كلمة سامية، أما خارو أو خورو فقد تكون تحريفاً لكلمة ( حوري ) وهم الحواريون المذكورون في التوارة.
ومع تعدد الوثائق التاريخية القديمة، فان أقدم اسم معروف لهذه الأرض هو ( أرض كنعان )، لأن أول شعب سكن هذه الأرض نسبة للكنعانين الذين قدموا من جزيرة العرب نحو 2500 ق.م. واسم فلسطين هو اسم مشتق من اسم أقوام بحرية، لعلها جاءت من غرب آسيا الصغرى ومناطق بحر إيجة حوالي القرن الثاني عشر ق.م ، وورد اسمها في النقوش المصرية باسم " ب ل س ت "، وقد أضيفت النون لاحقا للجمع، وقد سكنوا المناطق الساحلية، واندمجوا بالكنعانيين.
ويرى ثقات المؤرخين أن معظم أهل فلسطين الحاليين، خاصةً القرويين، هم من أنسال القبائل الكنعانية والعمورية والفلسطينية، ومن القبائل العربية التي استقرت في فلسطين قبل الفتح الإسلامي وبعده ، حيث اندمج الجميع في نسيج واحد، يجمعهم الإسلام واللغة العربية، حيث أسلموا واستعربوا تحت الحكم الإسلامي طوال ثلاثة عشر قرناً.
فلسطين في صفحات التاريخ
تشير الآثار إلى أن الإنسان سكن فلسطين منذ العصر الحجري القديم ( 500 ألف – 14 ألفاً ق.م ) ، كما يشير العصر الحجري الوسيط ( 14 ألفاً – 8 آلاف ق.م ) إلى وجود أشكال حياة حضارية عرفت بالحضارة النطوفية الذين حولوا حياة الانسان الاول من الرعي والصيد الى الزراعة.
وعندما قدم الكنعانيون من جزيرة العرب ( نحو 2500 ق.م ) أنشأوا ما لا يقل عن مائتي مدينة وقرية في فلسطين، مثل مدن بيسان وعسقلان وعكا وحيفا والخليل وأسدود وبئر السبع وبيت لحم.
وسميت فلسطين ب" أرض كنعان "، كما نصت عليها تقارير قائد عسكري عند ملك- ماري- ووجدت بوضوح في مسألة " أدريمي "- ملك الالاح- تل العطشانة من منتصف القرن الخامس عشر ق.م. وأقدم ذكر لهذه التسمية في المصادر المسمارية من " توزي " ، وهذه الصيغة تقارب كثيراً الصيغة التي وردت في رسائل " تل العمارنة ".
ويذكر الدكتور فيليب حتى في كتابه ( تاريخ سورية ولبنان وفلسطين ) أنه قد أطلق كنعان في أول الأمر على الساحل وغربي فلسطين ثم أصبح الاسم الجغرافي المتعارف عليه لفلسطين وقسم كبير من سورية.
كما يذكر " البروفيسور روبنسون " في كتابه ( تاريخ اسرائيل ) أن الاسم كنعان يستخدم في بعض الأحيان كلفظ له طابع الشمول، يميز سكان فلسطين الذين سكنوها منذ القدم، ويبدو أنه يشمل "الفينقينين "، وهكذا فإن الاسم الذي سبق الاسم " فلسطين " بكل أشكالها اللفظية، أو الاسم الرئيس بين أسمائها السابقة هو الاسم كنعان وهذا الاسم أو الكلمة لا زال حياً حتى الآن.
ولما نزل الفلسطينيون، وفقا لبعض ثقاة العلماء أقرباء الكنعانيين- الساحل الكنعاني الجنوبي حوالي 1185 ف.م أدعى الساحل باسمهم " فلسطين " وأطلقت هذه التسمية من قبيل تسمية الكل باسم الجزء، وقد ورد ذكر اسم " الفلسطينيين " في عدد من المصادر المصرية، وخاصة على اللوحات الجدارية لمدينة " هابو " من أيام " رمسيس الثالث " سماهم المصريون باسم Pist.
كما ورد ذكرهم في المصادر الآشورية في صيغتين متقاربتين، فغالباً ما يكون أصل كلمة فلسطين- فلستينا- التي ترد في السجلات الأشورية في أيام الملك الآشوري " أددنيراري الثالث 800 ق.م " إذ يذكر هذا الملك على مسلته أنه في السنة الخامسة من حكمه أخضعت قواته " فلستو " وأجبرت أهلها على دفع الجزية، وفي عام 734 ق.م جعل الملك " تغلات بيلاسر الثالث " أرض فلستيا هدفاً له .
ووفقا لهذه النصوص التاريخية والمتنوعة، ان مصطلح " الساحل الفلسطيني " يقصد به الأرض الفلسطينية الممتدة بين سيناء جنوباً وغور الأردن شرقاً، وقد استعمل الإغريق هذا اللفظ بادئ الأمر للدلالة على المنطقة الساحلية، وتتركز صيغة التسمية عند المؤرخ اليوناني "هيرودوتس 484 – 425 ق.م على أسس آرامية بالستاين ونجد عنده أحياناً أنه اسم يطلق على الجزء الجنوبي من سورية أو سورية الفلسطينية بجوار فينيقية وحتى حدود مصر.
وقد استعمل هذه التسمية الذين اتبعوه من كبار المؤرخين أمثال : سترابو وديودوروس وبطليموس وبليني، ومع مرور الزمن حل اسم بالتسين محل الاسم الشامل سورية الفلسطينية، وقد أصبح اسم فلسطين في العهد الروماني ينطبق على جميع الأرض المقدسة، وقد صك الإمبراطور فسباسيان هذا الاسم على نقوده التي أصدرها عقب قهره لليهود عام 70م، وبذلك أعطاها الصفة الرسمية، وورث البيزنطيون هذا الاسم عن الرومان، ومن بالستين انبثقت كلمة فلسطين العربية.
كل الوثائق لا تدع مجالا للشك بعراقة الارض الفلسطينية، وأن الإنسان الفلسطيني قد امتلك هذه البقعة المباركة من الأرض من حوالي المليون سنة مضت.
عروبة القدس من خلال أسمائها
تذكر المصادر التارخية أن أول اسم عرفت به القدس، هو الاسم الذي سماها به سكانها الأصليون "الكنعانيون " وهو " يرو- شاليم " أو " يرو – شلم " وشالم وشلم اسم لإله كنعاني معناه السلام.
ورد أول ذكر لمدينة القدس كتابة في الوثائق التي عثر عليها في " عبلاء- تل مرديخ- في شمال سورية، وهي وثائق مكتوبة على ألواح من الآجر بالخط المسماري وبلغة سامية غربية، وترجع إلى أواسط الألف الثالث ق.م، وترد في الوثائق أسماء عدة مدن منها- سالم- التي يرجح البعض أنها تشير إلى القدس.
لكن أول اسم ثابت لمدينة القدس وهو " اورو سالم " أو " اورو شالم " إنما ورد فيما يسمى بنصوص اللعنة، وهي تتضمن أسماء البلدان والمدن والحكام الذين كانوا فيما زعم من أعداء مصر، وكانت العادة هي كتابة أسماء الأعداء على الأواني الفخارية ثم تحطيمها في أحد طقوس السحر التأثيري، أي الذي يرمي إلى التسبب في سقوط الأتباع العصاة، وثبت أن تاريخ تلك الأواني يرجع إلى فترة حكم الفرعون " سيزوسترس الثالث 1878-1842 ق.م " وكانت كلها أسماء تسع عشرة مدينة كنعانية من بينها اورو سالم.
وهناك من يذهب في أصل أورو سالم أو اورو شالم إلى أن الاسم مكون من مقطعين " سالم أو شالم " وهو إسم إله، وأورو: وهي كلمة تعني أسس أو أنشأ، فيكون معنى الاسم " اورو سالم" أسسها سالم، ويعتبر الاسم اسماً عمورياً، بدليل أن أول اسمين لأميرين تاريخيين من القدس هما: " باقر عمو " و" سزعمو " وهما اسماه عموريان، والعموريون، هم سكان كنعان الأصليون، ولغة العموريين تدعى غالباً الكنعانية.
ويتضح من ذلك أن التسمية أورشليم التي يحاول الصهيونيون عدها من الأسماء العبرية هي في الحقيقة كلمة كنعانية عربية أصيلة، وكيف تكون كلمة أورشليم عبرية واللغة العبرية لغة حديثة جداً ولدت في القرن الرابع ق.م وتبلورت في القرن الخامس الميلادي وبعده.
وبعد نصوص اللعنة بحوالي خمسمائة عام، عاد اسم اورو سالم مرة ثانية فيما يعرف بألواح تل العمارنة، وهي ست رسائل بعث بها " عبدي خيبا "- ملك أورو سالم في القرن الرابع عشر ق.م- إلى فرعون مصر " اختانون " يشكو فيها من الخطر الذي تتعرض له مدينته من جرّاء هجمات ما يعرف بالعبيرو.
كما أن " سليمو أو سالم " ذكرت في سجلات " سنحاريب " ملك أشور في عداد المدن التي تدفع له الجزية، وقد ظل اسم أورشليم شائعاً منذ ذلك العهد إلى يومنا هذا ومنه جاء الاسم الإفرنجي "جيروزاليم " .
ومن أسماء القدس القديمة أيضاً " يبوس " نسبة إلى اليبوسيين، وهم فرقة من الكنعانيين سكنوا القدس وحولها، وهم الذين أصلحوا التحصينات القديمة على الآكمة، وقاموا ببناء الحي الجديد على المنحدر الشرقي بين السور وقمة التل.
وفي هذه الفترة أخذ اسم " يبوس " و" اليبوسيين " يظهر في الكتابات الهيروغليفية، ويبدو أن اليبوسيين قد تلو العموريين في سكني المدينة خلال النصف الأول من الألف الثاني ق.م، وأطلق على القدس اسم " يبوس " وهو الاسم الثاني لمدينة القدس بعد أورشاليم، وقد سماها الفراعنة في كتاباتهم الهيروغليفية " يابيثي " و" يابتي " وهو تحريف لاسم يبوس الكنعاني اليبوسي، وفي رأى انفرد به الأستاذ محمود العابدي في كتابه- قدسنا- أن اليونانيين سموها-هروسوليما- ولكن مؤرخهم " هيرودوتس " سماها " قديس " كما سمعها من سكانها العرب المعاصرين له.
وفي زمن الرومان حول الإمبراطور " هادريان " مدينة أورشليم بعد أن استولى عليها ودمرها عام 122م إلى مستعمرة رومانية، ويدل اسمها إلى "إيليا كابيتولينا" وصدر الاسم إيليا لقب عائلة هادريان، وكابيتولين جوبيتر هو الإله الروماني الرئيس، وظل اسم " إيليا " سائداً نحو مائتي سنة، إلى أن جاء الإمبراطور " قسطنطين " المتوفي عام 237م، وهو أول من تنصر من أباطرة الرومان – فألغى اسم إيليا وأعاد للمدينة اسمها الكنعاني، ولكن اسم إيليا شاع وظل مستعملاً، كما نجد ذلك في العهدة العمرية والشعر العربي.
وبعد الفتح الإسلامي أطلق على هذه المدينة أسماء: القدس، وبيت المقدس، والبيت المقدس، ودار السلام، وقرية السلام، ومدينة السلام، وكل هذه الأسماء التي قصد منها التكريم والتقديس لم يعش منها سوى اسمين: القدس وبيت المقدس، وتعني الأرض المطهرة أو البيت المطهر، وخصوصاً أن تقديسها ثابت بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد حافظ العرب المسلمون على هذه القداسة منذ أن افتتحوها منذ أربعة عشر قرناً من الزمان.
اسم فلسطين:
دلت السجلات الرافدية والسورية الشمالية على أسماء المناطق الواقعة جنوب بلاد الشام، وذلك في الألف الثالثة قبل الميلاد، وكانت تعرف بلاد الشام كلياً في تلك الفترة باسم " أمورو " أو الأرض الغربية، أما فلسطين؛ فقد عرفت منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد بأرض كنعان ( كما دلت عليها مسلة أدريمي والمصادر المسمارية ورسائل تل العمارنة )، وغالباً فإن أصل كلمة فلسطين هي (فلستيبا) التي وردت في
السجلات الأشورية، إذ يذكر أحد الملوك الأشوريون سنة 800 قبل الميلاد أن قواته أخضعت ( فلستو ) وأجبرت أهلها على دفع الضرائب.
وتتبلور صيغة التسمية عن هيرودوتس على أسس آرامية في ذكره لفلسطين " بالستين "، ويستدل أن هذه التسمية كان يقصد بها الأرض الساحلية في الجزء الجنوبي من سوريا الممتدة حتى سيناء جنوباً وغور الأردن شرقاً.
بينما اسم فلسطين في العهد الروماني ينطبق على كل الأرض المقدسة، وأصبح مصطلحاً اسمياً منذ عهد هدربان وكان يشار إليه دائماً في تقارير الحجاج المسيحيين.
أما في العهد الإسلامي فكانت فلسطين جزءاً من بلاد الشام، ويقول ياقوت الحموي في معجم البلدان: أن فلسطين هي آخر كور الشام من ناحية مصر، قصبتها بيت المقدس، ومن أشهر مدنها عسقلان، والرملة، وغزة، وقيسارية، ونابلس، وبيت جبرين. وقد عُرفت فلسطين باسم "جند فلسطين" أثناء التقسيمات الإدارية للدولة الإسلامية، ومنذ تلك الفترة وفلسطين تحمل هذا الاسم.
سارة طالب السهيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.