الحجر الصحي بجنوب سيناء يتابع حالة الحجاج المصريين العائدين عبر ميناء نويبع    وزير العمل: 600 منحة مجانية لتدريب الشباب في مركز تدريب شركة الحفر المصرية    المشاط: 15.6 مليار دولار تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص منذ 2020 وحتى مايو 2025    هذه القافلة خنجر فى قلب القضية الفلسطينية    محمد يوسف يعاتب تريزيجيه بسبب إصراره على تسديد ركلة الجزاء أمام إنتر ميامي    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    كشف ملابسات تعدي أشخاص بالضرب على آخر في البحيرة    محافظ القاهرة يتفقد أعمال تطوير شارع أحمد زكى بدار السلام.. صور    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    الرئيس السيسي يؤكد لنظيره القبرصي رفض مصر توسيع دائرة الصراع بالشرق الأوسط    كاف يهنئ محمد صلاح: عيد ميلاد سعيد للملك المصري    وزير التموين يتابع مخزون السلع الأساسية ويوجه بضمان التوريد والانضباط في التوزيع    تنفيذ 25 قرار إزالة لتعديات على أراض بمنشأة القناطر وكرداسة    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    وزيرة التنمية المحلية تتفقد أعمال تنفيذ المرحلة الأولى من تطوير سوق العتبة بتكلفة 38 مليون جنيه    قرار قضائي عاجل بشأن عزل وزير التربية والتعليم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة    وصول جثمان نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي لمسجد عمر مكرم    عضو حزب المحافظين البريطاني: إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    100 ألف جنيه مكافأة.. إطلاق موعد جوائز "للمبدعين الشباب" بمكتبة الإسكندرية    نظام غذائي متكامل لطلبة الثانوية العامة لتحسين التركيز.. فطار وغدا وعشاء    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعي بكلياتها أكتوبر المقبل    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    فوز طلاب فنون جميلة حلوان بالمركز الأول في مسابقة دولية مع جامعة ممفيس الأمريكية    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    المؤتمر السنوي لمعهد البحوث الطبية يناقش الحد من تزايد الولادة القيصرية    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    ضبط 59.8 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وائل كفوري يشعل أجواء الصيف بحفل غنائي في عمّان 15 أغسطس    «الزناتي» يفتتح أول دورة تدريبية في الأمن السيبراني للمعلمين    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    أسعار الخضراوات اليوم الأحد 15-6-2025 بمحافظة مطروح    «أمي منعتني من الشارع وجابتلي أول جيتار».. هاني عادل يستعيد ذكريات الطفولة    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    فيلم سيكو سيكو يحقق أكثر من ربع مليون جنيه إيرادات ليلة أمس    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين اقدم حضارة عربية سجلها التاريخ الانساني بلستينا ارض كنعان
نشر في شموس يوم 20 - 05 - 2021

تكتسب فلسطين قدسية خاصة في قلوب المسلمين و المسيحيين العرب، ليس فقط لثبوت عروبيتها حيث سميت بارض كنعان نسبة إلى القبائل العربية السامية الذين بسطوا سلتطهم على البلاد طوال 1500 سنة (2500ق.م – 1000 ق.م)، ولكن ايضا لانها مهبط الرسالات السماوية التي اثبتها القرآن الكريم والاحاديث الصحيحة عن سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ففلسطين، هي الارض المقدسة، و هي مهجر ابو الانبياء إبراهيم عليه السلام بعد خروجه من بلدة اور في العراق عقب محاولة قتله من جانب قومه (1805 ق.م) وكان معه زوجته سارة و ابن أخيه لوط وغيرهم، بينما سماها القرآن الكريم بالأرض المباركة، كما ورد في محكم التنزيل قول الله تعالى : ( قلنا يا نار كوني بردا و سلاما على إبراهيم و أرادوا به كيدا فجعلناهم الآخرين ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ). ، وكذلك قوله تعالى: ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ) .
وقد أثبت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، تخصيص فلسطين بالتقديس في قوله: ( أن الله بارك فيما بين العريش إلى الفرات و خص فلسطين بالتقديس ) .
وروى ابن عساكر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن الأرض المقدسة ما بين العريش و الفرات. وهي ارض مقدسة و مطهرة فيها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وقد سماها المسيحيون بذلك لما لهم فيها من أماكن مقدسة وهي مهد سيدنا عيسى عليه السلام.
وهي الارض التي اختارها الله تعالى لرحلة الإسراء و المعراج كما ذكر المولى عز وجل في كتابه :
( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ).
كما انها ارض الرباط والجهاد، مصداقا لحديث صحيح رواه سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله: يا معاذ، أن الله عز وجل سيفتح عليكم الشام من بعدي من العريش إلى الفرات، رجالهم ونساؤهم وإماؤهم مرابطون إلى يوم القيامة، فمن اختار منكم ساحلا من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو في رباط إلى يوم القيامة.
وبقيت بيت المقدس قبلة المسلمين مدة ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، حيث تم تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة في منتصف شهر شعبان، وقيل في رجب من السنة الثانية للهجرة، لكن سرها لايزال خالدا الى قيام الساعة باعتبارها ارض المحشر والمنشر كما ورد في قوله تعالى: ( واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب )، الآية التي فسرها العلماء بأن سيدنا اسرافيل عليه السلام سينفخ في البوق من صخرة بيت المقدس و في هذه الديار يحشر الناس يوم القيامة.
جغرافيا استراتيجية تارخ عريق
يطلق اسم فلسطين على القسم الجنوبي الغربي لبلاد الشام، وهي الأرض الواقعة غربي آسيا، على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، ولفلسطين موقع استراتيجي مهم، إذ تعد صلة الوصل بين قارتي آسيا وإفريقيا، وتمتد منطقة فلسطين جغرافيا ونباتيا عبرحدود لبنان والأردن لتشمل المنطقة جنوبي نهر الليطاني والمنطقة المجاورة لنهر الأردن من الشرق قبل الانتداب البريطاني.
وقد سكن الإنسان أرض فلسطين منذ عصور تعود لمليون سنة، كما تدل الحفريات والآثار، وشهدت أرضها مراحل التطور الإنساني الأولى في التحول من الرعي إلى الزراعة، كما أن أول مدينة جرى تشييدها في التاريخ هي مدينة ( أريحا ) الواقعة شمال شرقي فلسطين وذلك نحو 8000 ق.م ، وفقا لما يذكره علماء الآثار.
وفي الألف الخامسة ق.م دخلت فلسطين سكان جدد من قلب الجزيرة العربية قبائل العموريين والكنعانيين ومعهم اليبوسيين الذين تفرعوا عنهم، عرفت فلسطين في النصوص الأكاديمية في الألف الثالث ق.م على أنها "أمورو" أو الأرض العربية، كما تطلق هذه النصوص على شرقي البحر الأبيض المتوسط ( بحر أمورو ) نسبة إلى الشعب الأموري أو العموري، وهو أول شعب سامي رئيس في سورية وفلسطين، وبعض الباحثين يرون أن الكنعانيين انبثقوا من العموريين انبثاق اليبوسيين من الكنعانيين.
وقد ورد في الموسوعة الفلسطينية أن بعض الباحثين يرون أن اسم أرض الملوريا – وهو أحد مرتفعات القدس- صححه العلماء على أنه أرض العموريين أو الأموريين.
وقد عرفت فلسطين، بأسماء أخرى أطلقتها الشعوب المجاورة لها، وفي ذلك يقول "مظفر الإسلام خان" في كتابه- تاريخ فلسطين القديم- " إن الأرض الفلسطينية الواقعة جنوبي سورية هي أرض صنعت التاريخ وصنع فيها التاريخ، وقد أطلقت شعوب كثيرة على هذه الأرض أسماء كثيرة، ولعل أقدم هذه الأسماء أسماء " خارو " للجزء الجنوبي، و" رتينو " للجزء الشمالي، اللذين اطلقهما قدماء المصريين،
وقد تكون كلمة " رتينو " تحريف كلمة سامية، أما خارو أو خورو فقد تكون تحريفاً لكلمة ( حوري ) وهم الحواريون المذكورون في التوارة.
ومع تعدد الوثائق التاريخية القديمة، فان أقدم اسم معروف لهذه الأرض هو ( أرض كنعان )، لأن أول شعب سكن هذه الأرض نسبة للكنعانين الذين قدموا من جزيرة العرب نحو 2500 ق.م. واسم فلسطين هو اسم مشتق من اسم أقوام بحرية، لعلها جاءت من غرب آسيا الصغرى ومناطق بحر إيجة حوالي القرن الثاني عشر ق.م ، وورد اسمها في النقوش المصرية باسم " ب ل س ت "، وقد أضيفت النون لاحقا للجمع، وقد سكنوا المناطق الساحلية، واندمجوا بالكنعانيين.
ويرى ثقات المؤرخين أن معظم أهل فلسطين الحاليين، خاصةً القرويين، هم من أنسال القبائل الكنعانية والعمورية والفلسطينية، ومن القبائل العربية التي استقرت في فلسطين قبل الفتح الإسلامي وبعده ، حيث اندمج الجميع في نسيج واحد، يجمعهم الإسلام واللغة العربية، حيث أسلموا واستعربوا تحت الحكم الإسلامي طوال ثلاثة عشر قرناً.
فلسطين في صفحات التاريخ
تشير الآثار إلى أن الإنسان سكن فلسطين منذ العصر الحجري القديم ( 500 ألف – 14 ألفاً ق.م ) ، كما يشير العصر الحجري الوسيط ( 14 ألفاً – 8 آلاف ق.م ) إلى وجود أشكال حياة حضارية عرفت بالحضارة النطوفية الذين حولوا حياة الانسان الاول من الرعي والصيد الى الزراعة.
وعندما قدم الكنعانيون من جزيرة العرب ( نحو 2500 ق.م ) أنشأوا ما لا يقل عن مائتي مدينة وقرية في فلسطين، مثل مدن بيسان وعسقلان وعكا وحيفا والخليل وأسدود وبئر السبع وبيت لحم.
وسميت فلسطين ب" أرض كنعان "، كما نصت عليها تقارير قائد عسكري عند ملك- ماري- ووجدت بوضوح في مسألة " أدريمي "- ملك الالاح- تل العطشانة من منتصف القرن الخامس عشر ق.م. وأقدم ذكر لهذه التسمية في المصادر المسمارية من " توزي " ، وهذه الصيغة تقارب كثيراً الصيغة التي وردت في رسائل " تل العمارنة ".
ويذكر الدكتور فيليب حتى في كتابه ( تاريخ سورية ولبنان وفلسطين ) أنه قد أطلق كنعان في أول الأمر على الساحل وغربي فلسطين ثم أصبح الاسم الجغرافي المتعارف عليه لفلسطين وقسم كبير من سورية.
كما يذكر " البروفيسور روبنسون " في كتابه ( تاريخ اسرائيل ) أن الاسم كنعان يستخدم في بعض الأحيان كلفظ له طابع الشمول، يميز سكان فلسطين الذين سكنوها منذ القدم، ويبدو أنه يشمل "الفينقينين "، وهكذا فإن الاسم الذي سبق الاسم " فلسطين " بكل أشكالها اللفظية، أو الاسم الرئيس بين أسمائها السابقة هو الاسم كنعان وهذا الاسم أو الكلمة لا زال حياً حتى الآن.
ولما نزل الفلسطينيون، وفقا لبعض ثقاة العلماء أقرباء الكنعانيين- الساحل الكنعاني الجنوبي حوالي 1185 ف.م أدعى الساحل باسمهم " فلسطين " وأطلقت هذه التسمية من قبيل تسمية الكل باسم الجزء، وقد ورد ذكر اسم " الفلسطينيين " في عدد من المصادر المصرية، وخاصة على اللوحات الجدارية لمدينة " هابو " من أيام " رمسيس الثالث " سماهم المصريون باسم Pist.
كما ورد ذكرهم في المصادر الآشورية في صيغتين متقاربتين، فغالباً ما يكون أصل كلمة فلسطين- فلستينا- التي ترد في السجلات الأشورية في أيام الملك الآشوري " أددنيراري الثالث 800 ق.م " إذ يذكر هذا الملك على مسلته أنه في السنة الخامسة من حكمه أخضعت قواته " فلستو " وأجبرت أهلها على دفع الجزية، وفي عام 734 ق.م جعل الملك " تغلات بيلاسر الثالث " أرض فلستيا هدفاً له .
ووفقا لهذه النصوص التاريخية والمتنوعة، ان مصطلح " الساحل الفلسطيني " يقصد به الأرض الفلسطينية الممتدة بين سيناء جنوباً وغور الأردن شرقاً، وقد استعمل الإغريق هذا اللفظ بادئ الأمر للدلالة على المنطقة الساحلية، وتتركز صيغة التسمية عند المؤرخ اليوناني "هيرودوتس 484 – 425 ق.م على أسس آرامية بالستاين ونجد عنده أحياناً أنه اسم يطلق على الجزء الجنوبي من سورية أو سورية الفلسطينية بجوار فينيقية وحتى حدود مصر.
وقد استعمل هذه التسمية الذين اتبعوه من كبار المؤرخين أمثال : سترابو وديودوروس وبطليموس وبليني، ومع مرور الزمن حل اسم بالتسين محل الاسم الشامل سورية الفلسطينية، وقد أصبح اسم فلسطين في العهد الروماني ينطبق على جميع الأرض المقدسة، وقد صك الإمبراطور فسباسيان هذا الاسم على نقوده التي أصدرها عقب قهره لليهود عام 70م، وبذلك أعطاها الصفة الرسمية، وورث البيزنطيون هذا الاسم عن الرومان، ومن بالستين انبثقت كلمة فلسطين العربية.
كل الوثائق لا تدع مجالا للشك بعراقة الارض الفلسطينية، وأن الإنسان الفلسطيني قد امتلك هذه البقعة المباركة من الأرض من حوالي المليون سنة مضت.
عروبة القدس من خلال أسمائها
تذكر المصادر التارخية أن أول اسم عرفت به القدس، هو الاسم الذي سماها به سكانها الأصليون "الكنعانيون " وهو " يرو- شاليم " أو " يرو – شلم " وشالم وشلم اسم لإله كنعاني معناه السلام.
ورد أول ذكر لمدينة القدس كتابة في الوثائق التي عثر عليها في " عبلاء- تل مرديخ- في شمال سورية، وهي وثائق مكتوبة على ألواح من الآجر بالخط المسماري وبلغة سامية غربية، وترجع إلى أواسط الألف الثالث ق.م، وترد في الوثائق أسماء عدة مدن منها- سالم- التي يرجح البعض أنها تشير إلى القدس.
لكن أول اسم ثابت لمدينة القدس وهو " اورو سالم " أو " اورو شالم " إنما ورد فيما يسمى بنصوص اللعنة، وهي تتضمن أسماء البلدان والمدن والحكام الذين كانوا فيما زعم من أعداء مصر، وكانت العادة هي كتابة أسماء الأعداء على الأواني الفخارية ثم تحطيمها في أحد طقوس السحر التأثيري، أي الذي يرمي إلى التسبب في سقوط الأتباع العصاة، وثبت أن تاريخ تلك الأواني يرجع إلى فترة حكم الفرعون " سيزوسترس الثالث 1878-1842 ق.م " وكانت كلها أسماء تسع عشرة مدينة كنعانية من بينها اورو سالم.
وهناك من يذهب في أصل أورو سالم أو اورو شالم إلى أن الاسم مكون من مقطعين " سالم أو شالم " وهو إسم إله، وأورو: وهي كلمة تعني أسس أو أنشأ، فيكون معنى الاسم " اورو سالم" أسسها سالم، ويعتبر الاسم اسماً عمورياً، بدليل أن أول اسمين لأميرين تاريخيين من القدس هما: " باقر عمو " و" سزعمو " وهما اسماه عموريان، والعموريون، هم سكان كنعان الأصليون، ولغة العموريين تدعى غالباً الكنعانية.
ويتضح من ذلك أن التسمية أورشليم التي يحاول الصهيونيون عدها من الأسماء العبرية هي في الحقيقة كلمة كنعانية عربية أصيلة، وكيف تكون كلمة أورشليم عبرية واللغة العبرية لغة حديثة جداً ولدت في القرن الرابع ق.م وتبلورت في القرن الخامس الميلادي وبعده.
وبعد نصوص اللعنة بحوالي خمسمائة عام، عاد اسم اورو سالم مرة ثانية فيما يعرف بألواح تل العمارنة، وهي ست رسائل بعث بها " عبدي خيبا "- ملك أورو سالم في القرن الرابع عشر ق.م- إلى فرعون مصر " اختانون " يشكو فيها من الخطر الذي تتعرض له مدينته من جرّاء هجمات ما يعرف بالعبيرو.
كما أن " سليمو أو سالم " ذكرت في سجلات " سنحاريب " ملك أشور في عداد المدن التي تدفع له الجزية، وقد ظل اسم أورشليم شائعاً منذ ذلك العهد إلى يومنا هذا ومنه جاء الاسم الإفرنجي "جيروزاليم " .
ومن أسماء القدس القديمة أيضاً " يبوس " نسبة إلى اليبوسيين، وهم فرقة من الكنعانيين سكنوا القدس وحولها، وهم الذين أصلحوا التحصينات القديمة على الآكمة، وقاموا ببناء الحي الجديد على المنحدر الشرقي بين السور وقمة التل.
وفي هذه الفترة أخذ اسم " يبوس " و" اليبوسيين " يظهر في الكتابات الهيروغليفية، ويبدو أن اليبوسيين قد تلو العموريين في سكني المدينة خلال النصف الأول من الألف الثاني ق.م، وأطلق على القدس اسم " يبوس " وهو الاسم الثاني لمدينة القدس بعد أورشاليم، وقد سماها الفراعنة في كتاباتهم الهيروغليفية " يابيثي " و" يابتي " وهو تحريف لاسم يبوس الكنعاني اليبوسي، وفي رأى انفرد به الأستاذ محمود العابدي في كتابه- قدسنا- أن اليونانيين سموها-هروسوليما- ولكن مؤرخهم " هيرودوتس " سماها " قديس " كما سمعها من سكانها العرب المعاصرين له.
وفي زمن الرومان حول الإمبراطور " هادريان " مدينة أورشليم بعد أن استولى عليها ودمرها عام 122م إلى مستعمرة رومانية، ويدل اسمها إلى "إيليا كابيتولينا" وصدر الاسم إيليا لقب عائلة هادريان، وكابيتولين جوبيتر هو الإله الروماني الرئيس، وظل اسم " إيليا " سائداً نحو مائتي سنة، إلى أن جاء الإمبراطور " قسطنطين " المتوفي عام 237م، وهو أول من تنصر من أباطرة الرومان – فألغى اسم إيليا وأعاد للمدينة اسمها الكنعاني، ولكن اسم إيليا شاع وظل مستعملاً، كما نجد ذلك في العهدة العمرية والشعر العربي.
وبعد الفتح الإسلامي أطلق على هذه المدينة أسماء: القدس، وبيت المقدس، والبيت المقدس، ودار السلام، وقرية السلام، ومدينة السلام، وكل هذه الأسماء التي قصد منها التكريم والتقديس لم يعش منها سوى اسمين: القدس وبيت المقدس، وتعني الأرض المطهرة أو البيت المطهر، وخصوصاً أن تقديسها ثابت بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد حافظ العرب المسلمون على هذه القداسة منذ أن افتتحوها منذ أربعة عشر قرناً من الزمان.
اسم فلسطين:
دلت السجلات الرافدية والسورية الشمالية على أسماء المناطق الواقعة جنوب بلاد الشام، وذلك في الألف الثالثة قبل الميلاد، وكانت تعرف بلاد الشام كلياً في تلك الفترة باسم " أمورو " أو الأرض الغربية، أما فلسطين؛ فقد عرفت منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد بأرض كنعان ( كما دلت عليها مسلة أدريمي والمصادر المسمارية ورسائل تل العمارنة )، وغالباً فإن أصل كلمة فلسطين هي (فلستيبا) التي وردت في
السجلات الأشورية، إذ يذكر أحد الملوك الأشوريون سنة 800 قبل الميلاد أن قواته أخضعت ( فلستو ) وأجبرت أهلها على دفع الضرائب.
وتتبلور صيغة التسمية عن هيرودوتس على أسس آرامية في ذكره لفلسطين " بالستين "، ويستدل أن هذه التسمية كان يقصد بها الأرض الساحلية في الجزء الجنوبي من سوريا الممتدة حتى سيناء جنوباً وغور الأردن شرقاً.
بينما اسم فلسطين في العهد الروماني ينطبق على كل الأرض المقدسة، وأصبح مصطلحاً اسمياً منذ عهد هدربان وكان يشار إليه دائماً في تقارير الحجاج المسيحيين.
أما في العهد الإسلامي فكانت فلسطين جزءاً من بلاد الشام، ويقول ياقوت الحموي في معجم البلدان: أن فلسطين هي آخر كور الشام من ناحية مصر، قصبتها بيت المقدس، ومن أشهر مدنها عسقلان، والرملة، وغزة، وقيسارية، ونابلس، وبيت جبرين. وقد عُرفت فلسطين باسم "جند فلسطين" أثناء التقسيمات الإدارية للدولة الإسلامية، ومنذ تلك الفترة وفلسطين تحمل هذا الاسم.
سارة طالب السهيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.