وكادت ان تتوه في اروقة الذاكرة شئ افتقدناه بل وافتقدنا من كانوا يصنعوه باتقان وهذا الشئ موجود في السوق المصري وايضا في الخليج الا وهو (العجوة) وقد يقول قائل وما الفرق ؟ اقول الفرق في النظافة ثم (التكنيك) كما يقول علماء الطبخ المنتشرين في الفضائيات الآن حيث ان (العجوة) وكانت تسمي (كوريه korray) بالنوبية التي كانت تصنع في النوبة الغريقة مختلفة كلية عن تلك المتداول في السوق المصري والتي لاتخلو من حبات الرمل ولكننا كنا في النوبة الغريقة نقوم بتحضيرها وتصنيعها بطريقة مختلفة تماما. فكنا نجمع البلح المعروف باسم (كوريه korray) ايضا بعد تمام نضجه ويتم الضغط عليه برفق للتخلص من النواة وكذلك القشرة الخارجية وترص في اواني فخارية مصقولة وتسقي بشراب البلح السميك الذي كان يصنع من البلح الجاف بعد سحقه وطبخه . حيث كان يغطي بهذا الشراب العجوة المرصوصة طبقة طبقة وهو في حالة الغليان وتترك فترة من الزمن وغالبا كنا نستخدمها في الشتاء وكانت تؤكل ايضا مقلية بالسمن البلدي ..والبلح او العجوة كنا نأخذها ونأكلها مباشرة فور جمعها من النخيل وبدون غسيل . حيث ان الجو الجاف الذي كان يلف المنطقة لم يكن ليسمح للاتربة ان تترك عليها اثرها او تلتصق بها..وقد ذكر الفنان محمد وردي في اغنية من اغنياته (العجوة) حيث قال (سمرا شايغال كوريناكيل دوركي) اي ان حبيبته السمراء تتقن عمل الشاي وتضفي عليه طعم العجوة وطبعا الجيل الجديد الذي ولد ونشأ في النوبة المستنسخة لم يتذوق تلك العجوة ولا يعرف عنها شئ .. #يحيي_صابر