رغم ان بداياتي كانت مدنية الا انني كنت اتضايق من سكن الشقق بعد ان تعودت علي البيوت الواسعة الكبيرة حيث ان البيوت في النوبة الغريقة كانت تقام علي مساحة لا تقل عن الف متر وكانت الغرف كبيرة للغاية وواسعة ويبدو ان ذلك كان له اثره الايجابي في الناحية الصحية حيث ان قوة الابصار ترتبط بمدي الرؤية في الصبا والتهوية السليمة مع الجو الجاف يمتنع معها امراض الحساسية ونظام البيوت عند المدخل كان هناك صالة كبيرة تسمي الدهليز ثم عدة غرف كبيرة وكان هناك مايسمي (الديواني والهاسل) حيث كانت تعتبر غرفة النوم للرجل وزوجته وكانت عبارة عن( سويت )داخلي منفصل له باب داخلي والديواني كان طوله يزيد علي عشرامتار وبعرض اربعة امتار حيث كان يعتبر المجلس او الصالون وفي المقابل غرفة النوم تسمي (الهاسل) وما بين الديواني و(الهاسل) منطقة مكشوفة بمساحة لاتقل عن ثلاثين متر مربع ملحق به حمام وكان الديواني يتم تزيينه بأطباق (الشووير والكاراج) المصنوعة من سعف وسباطة النخيل وكذلك كانت توضع لفات (البرش) علي اوتاد كانت تدق في اعلي الحائط بالاضافة الي ذلك كانت اطباق الصيني ايضا تثقب وتعلق بجوار الاطباق المصنوعة يدويا السالف الاشارة اليها وكانت ايضا هناك أطباق الشاي الصيني بأشكالها المختلفة تثبت في الحائط مع المحارة فكل ذلك كانت تعطي منظرا جميلا فريدا افتقدناه في النوبة المستنسخة وغرفة كبيرة كنا نقوم بتربية الطيور والارانب . وكان يلحق بالبيت غرفة اخري كبيرة لتربية الماعز والخراف واخري للبقر والحمار ..وحوش البيت كان كبيرا للغاية وكانت ترص في نهايته الصوامع المبنية من الطين المخمر الممتزج بالتبن وتوضع بنظام متدرج اثنتان كبيرتان كانتا تخزن فيهما الذرة التي كانت تكفي البيت والطيور عاما كاملا ثم اثنتان متوسطتان فيهما القمح واثنتان اصغر لتخزين البلح والفول وقد كان يتم تخزين البلح والفول بوضع كمية من الرماد في القاع ثم يغطي البلح ايضا بالرماد وبالتالي لم يكن يفسد بواسطة السوس ومنذ سنوات قليلة عرفت معلومة من المرحوم خالي الذي اعطاني كمية من البلح فقلت له عسي ان لاتفسد بالسوس فقال لي طالما مضي عليها شهر طوبة ولم يفسد البلح تأكد من عدم فساده ولو لمئة عام..سبحان الله وفعلا كانت لدينا كمية من البلح اتينا بها من النوبة الغريقة انتاج نخيلنا التي غرقت وحتي عهد قريب كان موجودا لدينا اكل منها اولادي …#يحيي_صابر