النساء في النوبة الغريقة وكما ذكرت سابقا كن عصب الاقتصاد وكن لايضيعن وقتا الا في الواجبات الضرورية… فالطيور والماشية التي تمثل الغذاء بالنسبة للبيت في النوبة كانت مسئولية النساء فكن يقمن بتغذيتها ورعايتها واذا استدعي الامر الي العلاج كن تتكفلن بذلك … وكذلك تفنن في استغلال الخامات التي كانت تذخر بها بلادنا ..فمثلا النخل كما يهب لنا الغذاء كان ايضا يهب لنا خامات تم استغلالها استغلالا مفيدا .. فالمرأة النوبية خلال فترة الشتاء تكون قد صنعت العديد من الاطباق التي كنا نستخدمها في تغطية الطعام وكذلك كنا نستخدمها ايضا بدلا من الصواني والتي تسمي (شوويرshowear ) وابدعن وتفنن في تزيينها حيث كانت تستخدم جذع السباطة(العرجون) التي تحمل البلح بعد تنشيفها ثم يتم وضعها في الماء واستخراج عيدانها الرفيعة ولفها ايضا من سعف النخيل بعد تنشيفها وصبغها بطريقة دائرية لا تخطأ علي الاطلاق وللتزيين كانت تستخدم اعواد القمح التي تصبح تبنا بعد درسها كانت تستخدم تلك الاعواد الذهبية اللامعة بعد صبغها في تزيين تلك الاطباق وكان منها ايضا الاطباق الصغيرة التي تسمي (كاراج karraj) وايضا كانت تصنع من نفس المادة ما كنا نسميه (كونتي konty ) وهو وعاء علي شكل سلطانيه ولكن ذو حجم كبير يصل قطره الي متر تقريبا كنا نحفظ فيه ونحمل به ايضا .. وكذلك من سعف النخيل بعد تلينها بالماء وتقطيعها الي شرائح صغيرة يتم عمل الابراش والبرش كان من اثاث المنازل في النوبة الغريقة حيث يتم فرشها علي المصاطب مثل الحصر وكذلك علي الارض للجلوس عليه وايضا للنوم وكان يتم ذلك بطريق النسج اليدوي لتلك الشرائح (نيتي) مثل الشرائط العريضه ويتم لصقها بعضها ببعض بواسطة نفس الشرائح وبابرة كبيرة كانت تسمي (نيبر)حتي يصبح مثل الحصير .. وكن يقمن بتلك الاعمال وهن يتسامرن مستغلين اشعة الشمس متدفئات بها قبل التوهج (مشكا كاكينتاني)اي التدفأ بأشعة الشمس ..فقد كان فصل الشتاء قبل ظهور المشروع المشترك بين قريتي توشكي وارمنا حيث لا زراعة فرصة تم استغلالها جيدا من سيدات القرية في المشغولات اليدوية النوبية الجميلة وقبل كل ذلك كانت المرأة في النوبة الغريقة تقوم بملئ الازيار حاملة الماء علي رأسها من النيل الذي كان يبعد عن البيوت وخاصة في الصيف حوالي نصف كيلو !! بالاضافة الي انها كانت تقوم باعداد الطعام حتي الخبز لم يكن هناك افران ولكن المرأة كانت تقوم بخبز ما يعرف ب (الكابد) او (الجراية) من عجين دقيق القمح المخلوط بدقيق الذرة الرفيعة .. اما الان فحدث ولا حرج فالمدنية طغت علي حركة الحياة في القرية فأصبحت المرأة النوبية تطبق ما تشاهدها في التليفزيون .. تفضل استخدام التوك توك عندما تذهب الي السوق الذي لايبعد عن ابعد البيوت غير عشر دقائق مشيا .. وهكذا تغيرت وتبدلت فعرفت الطريق الي المستشفيات ..يحيي صابر