تتناول غالبية الأقلام موضوع أزمة كورونا الكارثية من منطلق كيفية إدارة الدول المختلفة للأزمة ، ومن الجلى للجميع أن لحظة ظهور أول حالات للكورونا ، داخل عدة دول غربية بعد ظهورها في الصين، انتابتنا حالة من الهلع في منطقتنا العربية، نظرا لما بدر من تصريحات صادمة تشاؤمية متخبطة، من هذه الدول الكبرى المتقدمة علمياً واقتصادياً ، واكبها في البدايات إلقاء اتهامات من الولاياتالمتحدةالأمريكية على الصين، متهمة إياها بكونها تسببت في ظهور هذا الوباء القاتل، وبالعكس كان اتهام الصين، فكان المشهد وكأنهم يتقاذفون بكرة من لهيب تصيب شظاياها المتناثرة أرجاء الكون، وتتسبب في موت اعداد من البشر من مختلف الجنسيات، ولكن مع الوقت استطاعت الصين ان تسيطر على الأزمة بإلتزام الشعب وصرامة إدارة الأزمة، في الوقت الذى يستمر التخبط والهلع وعدم القدرة على وقف انتشار الفيروس بدول الغرب، مع ارتفاع في حالات الوفيات. أما إدارة الأزمة في منطقتنا، وفي مصرنا الغالية فقد تبدل الهلع إلى نوع من الطمأنينة و الهدوء النفسي، النابع من العقيدة والإيمان، والتكافل الذى زرع داخل شعوبنا المسلم و المسيحي في خدمة الوطن، هذا هو صمام الأمان الملازم للمرحلة، الإنتماء الأسرى والوعي، إرادة الإنسان في الحياة تجعله يبحث ليعرف عدوه، وكيفية انتصاره عليه، وحماية نفسه وأهله وبلده فكان التكافل المجتعي، وتكافل الشعب والدولة التي أعطت الأولوية لحياة المواطن المصري ، سواء داخل مصر أو خارج حدودها فكفلته ، وأعادته لأرض الوطن معزز مكرم، رغم ما تعانيه الدولة من ضغوطات، في الوقت الذى قامت الدول العظمى بعمل تصريحات “فجة” تفيد بأن مراعاة إقتصاد الدولة، أهم من حياة المواطنين المسنين !! . ان دور الدولة في إدارة الازمة هو دور قوي، و مشرف فعال إذا ما قورن بإدارة الأزمة المتخبطة في دول العالم المتقدمة، ليس هذا بغرور ولكنها حقيقة ووقائع مثبتة ، فقد عانت مصر كثيراً، ومرت بحروب وأزمات على مر التاريخ ، وإلى الآن نعاني وقد واجهنا صنوف من الأزمات (آخرها السيول التي عانت منها مصر ماقبل الكورونا بفترة بسيطة)، وقاومنا واكتسبنا صلابة وقدرة عالية على احتمال المصاعب والكوارث، نعم لقد تحصنا من الصدمات المتتالية، فكان هذا الأداء المتميز سواء كان على مستوى الدولة -التي تدير هذه الأزمة بإقتدار- أوعلى مستوى الشعب القادر دائما – بإذن الله -على مواجهة الأزمات شريطة ان يلتزم الشعب بجميع فئاته، بما تمليه عليه تحديات الأزمة ،وهنا دور الدولة التي تقوم باستخدام وحشد كل إمكانيات مؤسساتها للقيام بدورها على أكمل وجه، الإعلام الوطني والخاص، لنشر التوعية والمتابعة للمواطن بكل شفافية .. القوات المسلحة المصرية والداخلية للحفاظ على الأمن ، وتنظيم الحركة وإدارة الحظر بانضباط واقتدار، أبناء مصر وجيشها الأبيض الباسل المخلص، وأيضا وزن الاقتصاد المصري في ظل الظروف الراهنة، حتى يشعر المواطن بالأمان النفسي والثقة بقدرات الدولة .. إن إدارة الأزمات أصبحت صفة لصيقة بنا، وتكفل لنا النجاح بأن نخرج منها بأقل الخسائر، ولكن بشرط أن يشعر الجميع انهم في بوتقة واحدة، نحن في نفس السفينة، المصير واحد، يجب علينا ان نستوعب تماما أنه لا مجال للمجازفة أو المتاجرة ، أوعدم الوعي وعمل تصرفات غير محسوبة مثل الإعتراض على إجراءات الحظر أوغيره عن طريق الخروج للطرق في حين كان يسهل الإعتراض بوسائل أخرى، لا تعرض الأبرياء لإنتقال العدوى مثل عرض ما يريدون في رسائل مسجلة مثلاً.. فالنتائج ستصبح كارثية كمن ينتحر وبأخذ معه الجميع، لذا واجبنا نشر الوعي، والوقوف ضد أي جهالة بكارثية الوضع .. هنا إرادة الشعب والتزامه هو المحك للخروج من هذه الأزمة .. نعلم ان بعد اجتياز هذه الغمة ستتغير مكانة الدول اقتصاديا، وسياسيا كل حسب قوته، وقدرته على إدارة الأزمة، والخروج منها بأقل الخسائر .. فدعونا نخرج منها أقوياء سالمين بإذن الله. دعواتنا جميعا إلى الله بنجاة البشرية من براثن هذه الأزمة القاتلة . حفظ الله مصر .. والوطن.