أصل فكرة تخصيص موعد الإحتفال ب “الأم” ظهرت بأماكن مختلفة في العالم بالقرن الثامن عشر ،لاقت الفكرة استحسان من البعض في ذلك الحين، وكانت تقابل بالرفض من البعض الآخر، بحجة انه يجب ان تكون الأم مكرمة طيلة العام، و أنه ليس من العدل اختصار الإحتفال بها ليوم واحد ، ثم كان من خلال ( آنا جارفيس) الأمريكية التي أثارت القضية بشدة مرة أخرى عام 1908 ، أما في مصر فقد اعتدنا على تكريم الأم يوم 21 مارس من كل عام، كونه أول يوم بفصل الربيع، تيمناً بأجمل فصول العام حيث يمتاز بالمناخ الجميل وسخاء الطبيعة، وخصوبة الأرض والعطاء الربانى للبشر ، وكان وراء إقامة إحتفالية “عيد الأم المصرية” قصة صغيرة قصها علينا أحد أطرافها وهو الصحفي الكبير الراحل أ / على أمين رحمه الله، حيث كان يجلس بمكتبه وجاءت إليه إحدى الأمهات العجائز، وكانت رقيقة الحال تروي له كيف انها ظلت تشقى على أولادها بدون زوج وأفنت عمرها وصحتها ومالها عليهم، وما ان وصلوا إلى بر الأمان، حتى تنكروا لها واعطوها ظهورهم .. وبالطبع تأثر تأثراً شديدا، فما كان منه إلا أن مضى في تبنى اقتراحه بتخصيص يوم لتكريم الأم المصرية والعربية لما تبذله من عناء، وتفاني لا يقارن . وكان هذا من خلال موقعه كصحفى، ومن خلال عموده الأشهر حينذاك بعنوان “فكرة”، واختلفت الآراء في ان تكون الإحتفالية لعدة أيام (حوالى الأسبوع) أم مجرد يومما واحداً، وبعد اقتراع من القراء كان القرار بيوم واحد هو كاف لتكريم الأم، كرمز وتقدير لما تكابده من تضحيات وعطاء طوال العام، وتحدد يوم 21 مارس للإحتفال بالأم وتقديرها .. فكان تقدير من الأبناء و تكريم من الدولة للأم المثالية . فيما سبق بالعقود السابقة، كان يتم اختيار الأم المثالية بمعاير تتضمن قيام الأم بدور مزدوج فتكون هي الأم، والبديل في نفس الوقت للأب المٌعيل،والمسئول الأساسى عن الأسرة .. ومع اختلاف ظروف الحياة الاقتصادية، وتزايد موجة الغلاء، وكثرة النسل وقضية التضخم السكانى خاصة بالأماكن الفقيرة، والأسر المعوزة .. اصبح من المألوف نزول المرأة إلى سوق العمل، حتى احتلت مكان الرجل في الأعمال التي فيها نسب خطورة، مثل قيادة الميكروباص والتاكسي،التوكتوك، كمساعد لعامل البناء، و غيره من المهن التي دخلتها المرأة، والأم المُعيلة فيها في تحدى كى تعيل أطفالها وأسرتها .. إذن فقد اختلفت معايير التضحية للأم وتعاظمت مع تجديات الحياة .. ولن نختلف أن هناك أولوية لهذه الشريحة المناضلة بشرف، وقوة وعزيمة،و التي رأينا تكريم الدولة لهن من خلال استضافة سيادة الرئيس لكثير من هذه النماذج المُشرفة، التي لم تسعى للظهور أو للتكريم قط، لكنها كانت منصهرة تحت وطأة تحديات القدر . في رأيى أن كل ” أم ” على وجه الأرض تستحق التكريم لما تبذله من تضحيات دون انتظار مردود سوى ان تصل بأبناءها إلى بر الأمان .. كما أن هناك من لم يلدن فعلياً، ولكنهن أعطوا لأطفال، وأبناء الغير بنفس القوة ، وبكل الحب لأبناء الغير، قد يكن من العمات أو من الخالات، أومن خارج الأسرة، ولكنهن كن هبة من الله تعالى، ورحمة، لمن فقد أمه بأى صورة من الصور،ولهن كل الثواب، والتكريم والتقديربداخلنا جميعاً . عندما نتكلم عن التكريم المستحق، والإعتراف بالجميل في المقام الأول، وجب علينا ذكر أمهات الشهداء .. نقدم لهن ولأسرهن كل الدعاء الصادق من القلب .. لقد اكرمهن الله بشهادة الأبناء البواسل، فلذات أكبادنا جميعا شعب مصر، فهم من حافظوا على حياة كل مصري يعيش اليوم على أرض مصر الطاهرة بسلام، لكم ان تسعدوا بزفاف أبناء مصر الأطهار إلى جنة الخلد .. ومهما قمنا بتكريمكم فقد سبقنا الله بتكريمكم وأرواح أبناء مصر الأبرار .. لكُنَ السعادة والصبر، والفخر، ولتكن جنة الخلد مستقر ونُزلاً كريماً لشهداء الوطن . أعتذر لكل من تقدم لى بدعوة تكريم بمناسبة “عيد الأم ” .. فمهما قدمت من تضحيات وعطاء في سبيل أولادي أو أسرتي، أو في عملى التطوعي فإنه يتضاءل ويخجل أمام عطاءات غيرى . كل عام وكل أم على وجه الأرض بكل الخير والسعادة و العطاء .