في ذات يوم , و في فصل الربيع , كان يوم ممطر , كان خميس أحمر , هي تدعى ليلى , لها وجه جميل و بسمة جميلة , في البادية , و صوت البهائم البكماء تسمع من بعيد , كان لها أب لطيف , يدعى عبد اللطيف , كان يعمل بمصحة في العالم القروي , عمله إنقاد الأرواح و إعطائها حياة ثانية . ” ليلى ” ذات الشعر الأسود الطويل الناعم , و الفم الأحمر المرصع , عينها سوداء , متوسطة القامة , رقيقة , جميلة , صديقاتها يلقبنها ب”حسناء القبيلة ” , تلك الحسناء التائهة في حب رجلين , أحدهما في سنها و الآخر يكبرها بضعف سنها , لها موعدين في الأسبوع تلتقي ب” وسام ” و هو شخص مثقف ,ذكي يتحدث أكثر من خمس لغات , كاتب و فنان مسرحي , يحب المسرح كحب الأرض للرمال الذهبية , ” ليلى و وسام ” ثنائي الحب الطاهر , أحبها هي لوحدها و لكينونتها , لكن هي أحبته هو و لثقافته التي لا نظير لها , جعلتهما يعيشان حياة سعيدة , و كعادتها صباح كل يوم سبت تلتقي” وسام ” , فيلهمها شعرا و حبا و لا يحب أن يكون عاشقا حتى يأذن لهما الرحمان بذلك , هو يحبها هي و قلمه و جزء من الخشب اللامع , هي تحبه هو و الآخر الذي تخصص له يوم الأحد ” علال ” إنسان ثري له خمسة عشر بقرة , ثلاثون خروف , و خمس ناقات , ست هكتارات , متزوج بزوجتين له طفلين , ذكر و أنثى ” براءة و سامي ” , ”ليلى” يتخذها عشيقة له , ” ليلى ” تارة ترفض و في حين آخر تخضع لإرضاء نزوات الخائن الفصامي , ” ليلى ” تقبل أحيانا حين يعانقها عناق شاد فيجعل منها كسلعة للاستهلاك , هي تظن أنه نصيبها , فتجمع بين رجلين اثنين , أحدهما في فترة الشباب و الآخر في فترة الكهولة , خانت , تعذبت , لكن هي تحبهما معا , لكن أغرها الطمع . ” ليلى ” تحس بأحاسيس مختلفة ما بين الحب و العشق و السعادة و الكآبة و الطمع و الخذلان , هي في قيد الجنون و لا تدري ما الذي عليها فعله و ماذا ستفعل للفض من هذه القصة الغرامية الزائفة التي جعلت منها سلعة متنقلة , لا ترضى لنفسها ذل و انقسام في الإحساس . ” الحاج عبد اللطيف ” ممرض في قبيلة أناسها طيبون , له مسكن لا للتفاخر إنما للمأوى فقط , غرفة , مطبخ , مرحاض بسيط , له بنته الكبرى تسمى ”حسناء القبيلة ” و ” مروى ” , ذهبت للمدينة من أجل إتمام دراستها الثانوية هناك , أما ” ليلى” فهي من هنا إلى هناك , أتعبه تنقلها المتكرر , لكن يمنح لها كامل الثقة و الحرية , ” فتيحة ” توفيت منذ زمن طويل , كانت زوجة حاضنة لفلذات أكبادها كجميع الأمهات , امرأة بدوية حرة , تجمع ما بين الأعمال المنزلية و الطرز كمصدر لجلب الماديات من أجل عيش كريم , فهي لها ورشة صغيرة لإنتاج الزرابي , إلا أنها لها مدخول ضعيف في فصل الربيع بالمقارنة مع فصل الخريف , حبها لزوجها جعلها إلى التضحية بنفسها لمواجهة الشرطة في قضية كاذبة دبرت ضد زوجها باتهامه بتهمة اختلاس بقرة ” علال ” الشيء الذي جعلها تقضي فترة سجنية قصيرة ,و في نفس اليوم الذي كانت ستتنفس فيه الحرية , توفيت زوجة ”عبد اللطيف ” . الجنازة هناك, الرجل يلوم نفسه, اضطرب نفسيا , و هي في القبر و هو لا زال في الدنيا لا زال يحبها و هي حبه الأول و الأخير الذي أنتج منها ابنتين رائعتين ظل يحبها حبا شديدا . ” ليلى ” و كعادتها كل يوم سبت أمام شجرة للقاء ملهمها , الشاعر وسام , الذي يحبها عن صدق و تحبه عن صدق لكن مصابة بسكيزوفرينيا الحب , لها قلب للفكر و قلب للطمع , محصورة ما بين إحساسين , و تخجل من نفسها , في ملقاها مع الفتى البدوي الشرس المثقف يحدثها و يقول , ” أنت وردتي , وردتي أنت فكيف لا أن شفتيك أرقى من حروفي المبثوثة بين سطوري , جعلتني تائها في حبك , جائع اشتقت لقلمي و أرى وجهك الأجمل , لا أتخيل نفسي دونك , فأنت نصف جسدي و روحي ” و هي تسمع كلمات نابعة من الوجدان تحرك يديها كعلامة على التوتر و الخوف و الفرح و السعادة , سكيزوفرينيا المشاعر و حبها الصادق ل “وسام جعلها تقبل له يده الناعمة و هي تقول ” يدك أشرف مني و أفكارك أنبل مني , و أنت الوفاء عينه ” هو المسكين لا يفهم أنها مصابة بسكيزوفرينيا الحب و المشاعر المختلطة و يسألها ” لا يا حبيبتي , حشى لله أن أكون أنا الأرقى الأنبل الأوفى الأشرف فأنا مجرد كائن حي حلمي أنت ” تأثرت من كلامه فانصرفت و قالت له ” أحبك , أحبك , أحبك , أحبك , أحبك , أحبك ” و هي تبكي و تنوح في مشهد رومانسي درامي يتساءل لماذا كررت أحبك , لماذا لم تسمع قصيدتي لليوم فكنت مشتاق لإلقائها عليها , لكن سألقيها للشجرة لتحس و بصوت أعلى من أجل إسماعها أحرفه الموزونة , و هو يلقي بقصيدته للشجرة , أحست الشجرة فبكت و سقطت أوراقها في فصل الربيع , تحدثت قالت له , ” ليس هناك دموع صافية , راجع نفسك ” اندهش ” وسام” فظن أنه مجرد تخيل و لم يفهم ما قيل , ” الحاج عبد اللطيف ” على موعد مع الحصة الرياضية الأسبوعية , و هو يسمع كلمات شاعرية منبعثة من أعماق الفؤاد , استوقفه اسم ” ليلى ” , على ما يبدو أنه ظن أنها بنته الكبرى ” ليلى ” , صغي الحاج عبد اللطيف كثيرا , تذكر المرحومة ” فتيحة ” لما كان يخاطبها بكلمات شاعرية , تذكر الشباب و علاقة الحب التي أنتجت بنتين ” ليلى و ليليا ” , فسقط أرضا , بكى , بكى كالطفل الصغير . عادت ” ليلى للبيت ” , تأملت صورة والديها و أمعنت النظر في أمها , محاورة أمها ,( أنت الطاهرة الشريفة , أنا التي تعيش بين رجلين , أحدهما يحبني و الآخر يعشقني أردت العيش من أجلك و أن أكون مثلك ,لكن طمعي منعني , فأنا عاشقة المال , ” وسام ” شاب وسيم مثقف يحبني و يكتب و يبدع من أجلي أما ” علال ” فهو يعشقني و لا يحبني قد يكون محب لكنه يحبني جسدا لا روحا , و لا خلقة لا خلقا , و أنا أحببت ” وسام ” , و جعلته فأر تجارب أما ” علال ” جعلته كالبقرة السوداء الحلوب كلما احتجته أذهب لكن , هو أنا فقط عشيقته , تمنيته أن يطلب مني الزواج , أمي أنا حائرة ما بين الأمرين , هل أصارح ” وسام ” إنني بعت نفسي بأقل الأثمان , أم أذهب عند ” علال ” و أجعله مجرد كلب من الكلاب الضالة هو مجرد خائن , خان زوجتيه , الحيرة تستوقفني ) . عاد ” الحاج عبد اللطيف ” من الغابة و كعادته يجد ابنته تحضر له كأس برتقال مع قطعة من الكعك , فكان العكس , اليوم جاء و على وجهه غم و حزن و هم , و هو يرى وجه ” ليلى ” التعيس عانقها بشدة و حرارة و قال لها ” أحبك , أحبك ” أجابت بقبلة و بكت , مسح لها دموعها الغائرتين حزنا , حدثها عن سماع شاب تحت الشجرة يلقي بأبيات شعرية غزلية لشجرة اسمها ” ليلى ” , تبكي ” ليلى ” و تقول , ” كم تمنيت أن يكون لي زوج مثل أمي “, عانقها أكثر من الأول , و قال ” أمك كانت وفية لدرجة فضلت السجن لها على أن أسجن ” , أحبك . في اليوم التالي , وفي صباح يوم الأحد ها هو موعد ” علال ” تحت الشجرة بدوار آخر , حاول إغوائها , تحدثوا قليلا , قال لها , هيا للبيت كما العادة , قالت لا يمكنني أن أكون سلعتك , فأنت لست لي و أنا لست لك , فأنت لهن و هن لك , لا و لم تلمسني , ضحك و قال , فهمت قصدك و إذا به يظهر لها خاتم من ألماس مزخرف بالزمرد الحر , فانقلب رأيها و قالت ” أ هذا لي ” أحبك , قال ” و أنا أعشقك , هيا بنا ” قالت ” إلى أين قال ” إلى مصدر سعادتنا نحن الاثنين , إلى مقر نزع الخوف و الحياء و الخجل ” قالت ” بصفتي من ” قال ” بصفتك ” عشيقتي المفضلة ” تقول ” هذا يعني أن لك عشيقات كثيرات ” قال ” نعم لي أنت و هي و هي و هي و هي و هي و هن ” قالت ” إذن أنا جزء منهن ” قال ” أنت هن جزء منك ” قالت ” هيا ” بعد حوار مطول اكتشفت فيه ” علال ” الذي لا يحب و إنما يعشق , ندمت و فكرت في جمعهن زوجاته الشرعيات و الاتفاق من أجل الإطاحة به و بنزواته , قلن الزوجات , ” نحن نعرف و نحن أيضا نحب فيه خيراته أما هو فقط للعشق ” ” ليلى ” , بعد وفاة أمها و حب والدها لها و سفر أمها و طرد الزوجات لها و خيانتها للحبيب ” وسام ” , قررت الخروج من أجل إيقاف المهزلة فالتقت بالعشيقات و الزوجتين و شعيب و وسام , لتضعهم أمام أمر الواقع , ” وسام ” كان يحضر قصيدة ليوم السبت لتصادفه باتصال عاجل من أجل لقاء قبل الموعد , أسرع ” وسام”, بوشعيب غير برنامج نزواته يظن أنه هو الوحيد صاحب الميعاد , سيصدمون بالواقع المر الذي لا مفر منه , تعترف ” ليلى” و أمام الجميع أنا أحب ” وسام ” و كنت أعشق ” علال ” , أنا أعترف لك يا ” وسام ” و أصارحك لأنك أنت اكتشفت فيك الحنين و الحب و الوفاء والتضحية فأنت كل مالي و كل ما لي , صفعها ”علال ” ,فصفعه وسام ليصير ” علال ” عدو العشيقات , و المصابة بسكيزوفرينيا الحب بطلة في أعين الوفي , و الزوجتين هن الخائنات حيث كن جزء من ضحايا مقدم الدوار , ” علال ” و الزوجتين و العاشقات كل يخون الكل , إلا ” وسام ” و” الحاج عبد اللطيف ” هم الأوفياء في زمن الفصام و زمن الغدر , أما ” ليلى” هي المذنبة التي غفر لها الوفي . ” الحاج عبد اللطيف ” يستقبل ” وسام ” و يهنئه على ما فعل و إنقاد شرف العائلة , فكان مهر” ليلى ” مصحف و عرسها زيارة مقام سيد الأولين , و كان بيتها خيمة من ثوب و طعامها خبز و ماء هذه حكاية ” ليلى و وسام ” , انتصار الحب عن العشق و الفقر هو فقر الفكر ليس فقر الهندام . ” وسام ” و بعد بضع سنوات أصبح من أكبر الشخصيات المعروفة في الوطن العربي و العالم كتب ثلاث مئة رواية و ست مئة مسرحية , ليدخل إلى التاريخ من بابه الواسع , كأن الله يخبر ليلى , ” عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم ”