بقلم الفنان والباحث السوري. عبد القادر الخليل لكن هذا غلاف اللوحة, والغلاف لايعطي ملامح الجمال التامة. احلام، هذا اسم لوحة الفنان الايطالي فيكتوريو كوركوس. لوحة انجزها في عام 1896. اقف امام هذه اللوحة لأغذي نفسي وثقافتي واعطي قراءة عن هذا العمل الفني الجميل. الى القارء اقول؟ ليس كل الفارق بين الجمال هو الابيض والاسود؟ فهناك بين هذين اللونين كثير من الالوان الرمادية وفيها الجمال. الفكرة هنا هي انني اشير الى امرين, الواقعية والتعبيرية, ليس تجسيد الواقع امر يضر البصر؟ وليس التعبيري فقط جاء كأسلوب لمعالجة امراض البشر. العمل الجميل هو الذي يحكي عن شيء مفيد كان من الواقعية ام من التعبيرية او من اي اسلوب كان. في هذه اللوحة الواقعية حين نقرؤها نرى ان الفنان لم يرسمها ليعطي اظهار جمال الفتاة فقط؟ , بل انه رسم اللوحة بفصاحة الواقعية, وفي بهجة التعبيرية. لهذا قلت ليس كل ابيض هو ابيض, وليس كل لون اسود هو اسود. نظرة الفتاة تحكي الكفاية عن اهداف اللوحة, يُجسد الفنان نظرة غائصة في بحور الذكريات, ويرسم وجه فيه كثير من العتاب, وفيه كثير من الاسئلة وفيها لمن يريد الجواب. تقول اللوحة, لقد مضى الربيع. ونحن في فصل الصيف. تعبيران ظاهران في الوان اللوحة, بغض النظر عن عمر الفتاة. الاخضر الذي هو ثوب الفتاة اصبح عفني وفقد قوة اللون الاخضر الذي نراه في القبعة. شمس الصيف هضمت اللون الاساسي, شدة الحراة تأكل الالوان. ونرى الصيف ساطعأ في لون الجدار. لقد فقدت الفتاة كثيرا من ايامها في سبيل العلم وجلست في مقعد الحياة وتسأل وتعاتب نفسها ايضا, هل اصابت بما ضحت؟ فقدت ربيع العمر من اجل العلم, لكن هل يُقًدر المجتمع هذه التضحية وهذه الاتعاب؟ وتقول؟ لقد فقدت كثير من ايام الحب,وفقدت فرص الشباب, وهكذا تُعبر عنها الزهرة التي اصبحت يابسة وسقطت اوراقها تحت المقعد. وتضيف مازلت احافظ على البراءة ونحن في اواخر الصيف وبعد الصيف يأتي الخريف. والى هذا تشير بعض اوراق الشجر المتساقطة. والخريف في افكار بعض المجتمعات هو فصل التقاعد. وفي العامية نقول ان يعطي الدور لغيره. فهل الفتاة هي التي اخطأت في تضحيتها وفي خسارتها جزء من العمر؟ ام ان هناك اخطاء اجتماعية جاهلية هي التي جائت في القرون الوسطى وفي الجهل والظلام الثقافي؟ وهذه الاخطاء مازالت تعيش في افكار بعض الرجال وهم الذين يتابعون العلم ، لكن فقط لمصالحهم الخاصة؟ وحين يبحثون عن شريكة العمر؟ منهم من يختار صغار العمر وهم اطفال. هذه اللوحة من قرن التاسع عشر, لكن مازالت واقعية بين كثير من البشر. وهي تعبيرية, وكم اتمنى ان ارى في بعض تصميمات الفنانين نوع من هذا؟ مع كل هذا نرى ان الفنان والفتاة يحافظون على شيئين , الفتاة تحافظ على القراة والكتب,وتقول لنفسها العلم هو الذي يرفع الرأس. والفنان يحافظ على الامل في لون مغلفات الكتب. ومع ان الفتاة تنظر نظرة عتاب, ايضا في وضع يدها تحت رأسها ولباس كفيها هم رمز الفخر في العمل والاصل. اضاءة يقدمها لكم الفنان والناقد الفني السوري من اسبانيا. عبد القادر الخليل