سعر جرام الذهب بالصاغة مساء اليوم الجمعة، عيار 21 يسجل هذا الرقم    الكرملين: روسيا تريد سلاما دائما وليس هدنة مؤقتة في أوكرانيا    د. آمال عثمان تكتب: المرتزقة.. وتجارة الدم    تشكيل إنبي الرسمي لمواجهة الأهلي في كأس عاصمة مصر    ذا أثلتيك: صلاح يعود لقائمة ليفربول أمام برايتون بعد اجتماع مثمر مع سلوت    مؤتمر فليك: ريال مدريد لم يفقد المنافسة.. ولن أتحدث عن ألونسو    عمومية اتحاد التجديف تشيد بنتائج المنتخب المصري في البطولات الدولية والقارية    اعترافات مدرس بتهمة التعدي بالضرب على طالبة داخل مدرسة بالقاهرة    شاهد، ابنة محمد هنيدي تتألق في جلسة تصوير زفافها    عروض تراثية وفنون شعبية..«الشارقة للمسرح الصحراوي» يستعد لافتتاح الدورة التاسعة    رشح أم إنفلونزا.. كيف تميز بينهما وتحمي نفسك؟    علي ناصر محمد: حكم جنوب اليمن شهد نهضة تعليمية وتنموية    وزير الثقافة ينعى الناشر محمد هاشم.. صاحب اسهامات راسخة في دعم الإبداع    علي ناصر محمد تحدث عن تشكيل المجلس اليمني المشترك بين الشمال والجنوب    الجبهة الوطنية أكبرهم، 12 مقعدا خسائر الأحزاب في انتخابات ال 30 دائرة الملغاة    تعاون مصري - ياباني لتعزيز تنافسية المشروعات الصناعية| فيديو    إشادات دولية بالإنجاز الحضاري.. المتحف الكبير يصنع طفرة سياحية غير مسبوقة    اتحاد الصناعات: 1822 مشروعًا تديرها سيدات في مجالات غذائية مختلفة    «الإفتاء» تواصل قوافلها إلى شمال سيناء لتعزيز الوعي ومواجهة التطرف    ضبط 42102 لتر سولار داخل محطة وقود لبيعها في السوق السوداء    تجارة عين شمس تتوج أبطال كأس عباقرة أصحاب الهمم    نقيب العلاج الطبيعى: إلغاء عمل 31 دخيلا بمستشفيات جامعة عين شمس    سويلم: العنصر البشري هو محور الاهتمام في تطوير المنظومة المائية    اكتشاف معماري ضخم.. العثور على بقايا معبد الوادي في أبوصير| صور    مفاجأة سارة.. هشام طلعت مصطفى يرصد 10 ملايين جنيه دعمًا لبرنامج دولة التلاوة    ما حكم زيارة المرأة الحائض للمقابر والمشاركة في الغسل؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز شراء سلعة لشخص ثم بيعها له بسعر أعلى؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس المجلس الأوروبي: يجب تحويل التعهدات بتلبية الاحتياجات المالية لأوكرانيا إلى واقع    رئيس مجلس الوزراء يستعرض أبرز أنشطته الأسبوعية: استثمارات جديدة ودعم البحث العلمي وتعزيز الأمن الغذائي    دوري المحترفين.. الصدارة للقناة والداخلية يهزم مالية كفر الزيات    مجلة تايم الأمريكية تختار مهندسى ال AI شخصية عام 2025    الليلة.. كنوز التلاوة وسر 100 أسطوانة للشيخ محمد رفعت في فيلم الوصية الوثائقي    الصحة: «فاكسيرا» تبحث مع شركة e-Finance إنشاء منظومة إلكترونية متكاملة لخدماتها    طبيب عروس المنوفية: كانت متوفية من ساعتين ورفضت منحهم تصريحا بالدفن    الأوراق المطلوبة للتعيين بوظيفة مندوب مساعد بقضايا الدولة دفعة 2024    أمن سوهاج ينجح في تحرير طفل مختطف خلال ساعات.. وضبط المتهمين    مدرب برايتون: أتمنى مشاركة محمد صلاح غداً.. وأزمته مع ليفربول لا تهمنا    "بحوث الصحراء" ينظم ورشة عمل حول الخبرات المصرية في تطبيقات المؤشرات الجغرافية وتحدياتها    226 طن مواد غذائية، قافلة صندوق تحيا مصر تصل بشاير الخير بالإسكندرية    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    مصر تعزز التحول الأخضر بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للعمران والبناء المستدام    كأس إنتركونتيننتال.. يورتشيتش يعاين ملعب "أحمد بن علي المونديالي" قبل مواجهة فلامنجو    ضبط طرفي مشاجرة بالإسكندرية بسبب خلاف مالي    نجوم العالم في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    أمطار خفيفة في مناطق متفرقة بالجيزة والقاهرة على فترات متقطعة    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    نانت «مصطفى محمد» ضيفًا على أنجيه في الدوري الفرنسي    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    رامي عياش: أحلم بدويتو مع محمد منير وفؤش.. وانتظروا تعاونى مع أحمد سعد    وزارة التضامن تشارك بورشة عمل حول تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    مصر تتوج بفضيتين في الوثب العالي والقرص بدورة الألعاب الأفريقية    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حق تقرير المصير واستخدام القوة في العلاقات الدولية ...شنكاو هشام
نشر في شباب مصر يوم 08 - 06 - 2011

في ميثاق الأمم المتحدة في فصله الأول البند الثاني من المادة الأولى والتي نصت على: « إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس إحترام المبدأ الذي يقتضي بالمساواة في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك إتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام».
وعلى الرغم من ان هذا البند لم يحدد الوسائل الكفيلة بإنجاز هذا الحق، إلا إن الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال توصياتها وقراراتها أكدت على أن الكفاح المسلح هو احد الأدوات المشروعة كما في توصياتها عام 1964 رقم 2109 ا و كذلك في التوصية رقم 3314 لسنة 1974، وقد ميزت القرارات والتوصيات المقدمة من الجمعية العمومية بين الكفاح المسلح والإرهاب حيث قيدت الكفاح المسلح بمواجهة الاحتلال الأجنبي والعنصرية، وقد اثبت الكيان الصهيوني عنصريته في أكثر من مرة ومناسبة كان آخرها الإصرار على يهودية الدولة فضلا عن جريمة الاحتلال وجرائم أخرى أهمها عدم الخضوع لقرارات الأمم المتحدة، ومن هنا جاءت أهمية التذكير بهذا الحق باعتباره واحد من أهم الحقوق الفلسطينية الواجب التمسك بها.
شنكاو هشام *
حق تقرير المصير مبدأ أساس للنظام العالمي، ينبثق عن بزوغ الديمقراطية والفكرة الوطنية، ولكنه لم يصبح معيارا فعالا يتم تطبيقه على قدم المساواة على النطاق العالمي إلا عند تأسيس منظمة الأمم المتحدة. فقد ظهر حق تقرير المصير على أيدي زعماء الثورة الفرنسية الذين أعلنوا استعدادهم لمساندة الشعوب المتطلعة للحصول على حقها في تقرير مصيرها، كما تقرر هذا الحق منذ المحاولات الأولى لتدوين قوانين الحرب في مؤتمر بروكسيل عام 1874، ومؤتمر لاهاي 1899، ثم اتفاقية لاهاي سنة 1907، ولم يشهد ميثاق عصبة الأمم تفصيلا لهدا الحق بل إغفالا له على حساب تدعيم وضع القوى الاستعمارية في البلاد والأقاليم التي استولت عليها، ثم عاد هذا الحق إلى الظهور في بروتوكول جنيف 1945، وأشار إليه ميثاق الأمم المتحدة في الفصول الحادي عشر إلى الثالث عشر الخاصة بإدارة الأقاليم الموضوعة تحت الوصاية، وأشار إليه كذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، ثم أكدته اتفاقية جنيف عام 1949، وإعلان استقلال البلدان والشعوب المستعمرة سنة 1960، ويظهر من ذلك أن القوانين والأعراف التي وضعت لتحكم الحروب الدولية هي ذاتها التي نظمت حركات المقاومة الوطنية وحروب التحرير كما اعتبرت محكمة نورنبرغ لمحاكمة مجرمي الحرب في مبادئها
أولا - حق تقرير المصير، صوره ومدلوله:
تعريف حق تقرير المصير
تعددت تعريفات حق تقرير المصير وتدور جميعها حول حق الشعوب المقهورة في أن يكون بيدها زمام أمرها وتقرر لحاضرها ومستقبلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ومركزه الدولي وهذا هو المفهوم الواسع لحق تقرير المصير، وأما مفهومه الضيق فيعني الاستقلال؛ لأن الاستقلال هو الهدف النهائي الذي ترجو الشعوب تحقيقه وهي تمارس هذا الحق.
صور تقرير المصير
حق تقرير المصير له صورتان أساسيتان؛ إحداهما على المستوى الداخلي، والأخرى على المستوى الخارجي أو الدولي، فعلى المستوى الداخلي يعني حق الشعوب في اختيار شكل الحكم الذي يلائمها وتنظيم شؤونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأما على المستوى الدولي فإن حق تقرير المصير له بعدان، أحدهما سلبي، ويعني حق الشعب في الانفصال عن الدولة.
وممارسة حق تقرير المصير يكون غالبا بالطرق السلمية من خلال الاستفتاء، وقد تكون من خلال الوسائل العنيفة التي تقوم بها حركات التحرير الوطني، وإذا كان ميثاق الأمم المتحدة قد تضمن النص على حق الشعوب في تقرير مصيرها، إلا أنه لم يبين الوسائل التي من خلالها يمكن الحصول على هذا الحق، الأمر الذي تكفلت به الجمعية العامة بما أصدرته من قرارات أكدت فيها شرعية استخدام القوة للوصول إلى تقرير المصير.
ثانيا - استخدام القوة العسكرية وحق تقرير المصير
الحق في الكفاح المسلح
يعتبر الكفاح المسلح أو المقاومة المسلحة، الصورة الأكثر استخداما لممارسة حق تقرير المصير، حيث لا تجدي الوسائل السلمية مع الممارسات التعسفية للقوى الاستعمارية والعنصرية، ومن ثم ثار النقاش حول مدلول الكفاح المسلح المشروع، وحول مدى شرعيته، وتمييزه عن الإرهاب الدولي، فالكفاح المسلح يعني استخدام القوة من أجل الوصول إلى تقرير المصير، فالكفاح يعني مقاومة الأمر الذي يستلزم المقاومة، ويكون ذلك عن طريق السلاح، فهو الاستخدام المشروع للقوة المسلحة من أجل الاستقلال، فهو عمل عسكري شعبي مشروع لمقاومة محتل أجنبي، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت الدول الاستعمارية على موعد مع مقاومة شرسة، فحصلت دول إفريقية عديدة على استقلالها من فرنسا بعد مقاومة عسكرية عنيفة قادتها حركات التحرير الوطني في هذه البلدان،
كما خرجت بريطانيا بأسلوب مماثل من الأراضي التي كانت خاضعة لاستعمارها وسيطرتها. وعندما تدخلت الهند عام 1961 في إقليم غوا، وهو أحد المستعمرات البرتغالية ، وقامت بضمه لأراضيها بصفته جزءا مستعمرا من إقليمها، ظهرت خلافات حادة حول الحق في استخدام القوة العسكرية ضد القوة الاستعمارية أثناء مناقشة ضم هذا الإقليم إلى الهند.
لقد انقسمت الدول حينذاك إلى موقفين؛ هما دول اعتبرت استمرار الاستعمار البرتغالي من أعمال العدوان، وخرق المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة؛ لأنه يشكل جزءا من الهند بينما ذهبت دول أخرى إلى وصف الإجراء الهندي بأنه يشكل بذاته خرقا لأحكام المادة 2/4 من الميثاق.
دافعت دول المستعمر الاشتراكي ودول العالم الثالث عن وجهة نظرها وفحواها أن القانون الدولي أصبح يعترف بحق حركات التحرر الوطني باستخدام القوة ضد المستعمر أو المحتل. وأن هذه القاعدة القانونية الدولية عامة التطبيق تنطوي على استثناء من الحكم الوارد في المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة، رغم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت عام 1960 بموجب التوصية رقم 1014 الخاصة بإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة بحق تقرير المصير لهذه الشعوب. إلا أن الإعلان لم يتضمن أي إشارة لحق حركات التحرير الوطني باستخدام القوة لنيل حقها في تقرير المصير، ولعل الموقف الغربي المعارض لمواجهة النظرية التي دافع عنها المعسكر الاشتراكي ودول العالم الثالث هي التي كانت وراء عدم تكريس هذا الحق في الصكوك الدولية الأخرى، خاصة المتعلقة بتصفية الاستعمار وتحرير الشعوب المستعمرة بهذا الحق، فكان أول اعتراف على يد الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال التوصية رقم 2109 الصادرة عام 1964. وإذا كان الأمر كذلك يكون للشعب الخاضع للاستعمار أو الاحتلال حق طبيعي وأصيل في الدفاع عن النفس، يمتد ليشمل إخراج المعتدي من أرضه وبلده.
تجنب إعلان الجمعية العامة الخاص بمبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة لعام 1970 البحث مباشرة في حق الشعوب في استخدام القوة، وبحق الدول في تقديم العون والمساعدة لها، ويظهر أن هذا الموقف جاء لتحقيق نوع من التراضي أو التوافق بين استخدام القوة ضد الشعوب بصورة تحرمها من حقها في تقرير المصير وفي الحرية والاستقلال.
فاستخدام القوة العسكرية من جانب “إسرائيل” ضد الشعب الفلسطيني الذي يمارس كفاحا مسلحا ضد واحد من أشد القوى الاستعمارية والعنصرية في التاريخ، يعد خرقا لمبدأ ثابت في القانون الدولي، وهو حق الشعوب في تقرير مصيرها، فالالتزام الدولي واقع على عاتقها بعدم زجر الشعب الفلسطيني أو منعه بسبب كفاحه للحصول على حريته واستقلاله.
ويتضمن إعلان مبادئ العلاقات الودية لعام 1970 إشارة صريحة للشعوب التي تعارض أو تقاوم أي تدبير زجري بسبب ممارستها لحق تقرير المصير، دون أن يحدد الإعلان المقصود بهذين المصطلحين أو دلالتهما، والملاحظة ذاتها تنطبق بالنسبة لتوصية الجمعية العامة رقم لسنة 1974 والتي صيغت بألفاظ وعبارات غامضة بغية إقرارها بالتوافق والتراضي من قبل الدول الأعضاء.
فهذه التوصية الخاصة بتعريف العدوان تقضي في مادتها السابعة بأنه ليس من هذا التعريف ما يمكن أن يمس علي أي نحو ما هو مستقى من الميثاق ومن حق تقرير المصير والحرية واستقلال الشعوب المحرومة من هذا الحق بالقوة، والمشار إليها في إعلان مبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة، وبحق الشعوب في الكفاح من أجل الهدف الذي تريد أن تحققه، وذلك من أجل التماس الدعم وفقا لمبادئ الميثاق.
تقر التوصية رقم 3314 لسنة 1974 من خلال هذا النص بحق الشعوب في الكفاح ممارسة لحقها في تقرير المصير دون أن توضح الأشكال المقبولة لهذا الكفاح، أو الصيغة التي بجب أن يتخذها كي يكون مشروعا، ويذكر في هذا المجال أن الدول الاشتراكية والدول النامية سعت قبل إقرار هذه الصكوك وبعد إقرارها إلى التأكيد أن النصوص المذكورة أعلاه تعني بالضرورة تمتع حركات التحرير الوطني بحق استخدام القوة للحصول على حقها في تقرير المصير في مواجهة الدول المستعمرة أو المحتلة .
وقد نجحت هذه الدول بالفعل في تجاوز غموض الصكوك الدولية المشار إليها أعلاه إزاء مسألة طبيعة الكفاح الذي تتمتع به الشعوب المستعمرة، وشكله الناجم عن أسباب إجرائية تمثلت الرغبة في الحصول على توافق دولي بشأنها. وذلك من خلال إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عددا من التوصيات التي أوضحت فيها بجلاء أن حركات التحرير الوطني تتمتع بحق الكفاح المسلح ضد الاستعمار أو الاحتلال أو أنظمة الفصل العنصري في ممارسة حقها في تقرير المصير.
من الملاحظ أن الجمعية العامة استخدمت في توصياتها التي أقرت فيها بحق حركات التحرير الوطني بالكفاح المسلح لفظ المشروعية وليس لفظ القانونية.
لم تحظ توصيات الجمعية العامة سواء العامة منها أم المخصصة لمعالجة حالات بعينها. والتي تضمنت صراحة النص على حق الشعوب بالكفاح المسلح ضد سلطات الاستعمار، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد درجت الجمعية العامة مند سنة 1973 على تخصيص الفقرة الثانية من توصيتها السنوية التي تصدرها بخصوص أهمية التحقيق العالمي لحق الشعوب في تقرير المصير، والتشريع في احترام الإنسان للتأكيد على الكفاح المسلح كوسيلة مشروعة لنيل الاستقلال والحرية، واستبدلت هذه الصيغة نهائيا عام 1911 بعبارة أخرى هي استخدام كافة الوسائل المتاحة لنيل الاستقلال والحرية، كما أقر إعلان الجمعية العامة الخاص بعدم جواز التدخل الصادر بمقتضى توصية الجمعية العامة رقم 132 و103 سنة 1981 بحق الدول وبواجبها في دعم حق الشعوب في تقرير المصير.
الحق في الحصول على مساعدة عسكرية من دولة ثالثة من أجل حصول الشعوب المستعمرة على حقها في تقرير المصير:
أثيرت مجموعة من علامات الاستفهام حول إمكانية تلقي الشعوب المستعمرة أو المحتلة أو الخاضعة لنظام فصل عنصري معونة عسكرية من قبل الغير لتسهيل مهمتها في بلوغ ما تسعي إليه. وقد انقسمت الدول حول هذه المسألة شأنها في ذلك شأن موقفها بالنسبة لتمتع الشعوب المستعمرة أو المحتلة بالكفاح المسلح. أما فيما يتعلق بمقررات الأمم المتحدة، فيمكن القول إن التوصيات الصادرة عن الجمعية العامة بالتوافق والتراضي أكدت حق تقديم المعونة العسكرية، فانبرت دول عديدة أغلبها من الدول الغربية إلى تفسير هذه التوصيات تفسيرا ضيقا بالقول إن المعونة المقصودة هنا هي المعونة الإنسانية وليست العسكرية.
ومن الناحية العملية لا تكون الدول المحاذية أو المجاورة لشعوب تحت الاحتلال أو الاستعمار راغبة في التمسك بحق استخدام القوة لمساعدة حركات التحرير الوطنية الممثلة لهذه الشعوب.
ثمة سوابق عديدة تدعم هذه الفكرة، ولم تكن الدول المحايدة لجنوب إفريقيا أو المجاورة للمستعمرات البرتغالية أو ل”إسرائيل” على سبيل المثال راغبة بالتمسك بحق كهذا لمساعدة حركات تحرير وطني تعمل فوق أقاليمها، فهذه الدول أنكرت أنها تمد حركات التحرير الوطني الناشئة فوق أراضيها بالمعونة خشية من تعرضها لأعمال عسكرية من جنوب إفريقيا والبرتغال أو “إسرائيل”؛ لأن هذه الأخيرة سبق أن استخدمت القوة العسكرية ضد الدول المجاورة لها.
كانت حركات التحرير تنشط فوق أقاليمها، وادعت هذه الدول الثلات أنها تستخدم القوة دفاعا عن النفس ضد هجوم عسكري من الدول المجاورة، وعلى أساس أن امتناع الدول المجاورة عن اتخاذ التدابير اللازمة لإيقاف نشاط هذه الحركات أو لإخراجها من أراضيها فرض عليها شن هجمات عليها، لم يقر المجتمع الدولي بحجة هذه الدول؛ وذلك لأنها استخدمت القوة العسكرية ضد شعب مستعمر ومحتل يكافح لممارسة حق تقرير المصير. جاء رفض الحجة من دول المعسكر الاشتراكي ودول عدم الانحياز، أما الدول الاستعمارية فلم ترفض هذه الحجة بشكل مطلق.
إن القانون الدولي يتسم وفقا لتعبير البروفيسور كاسيز بالحيادية تجاه مسألة تقديم دولة ثالثة معونة عسكرية لحركات التحرير الوطني، فالدولة الثالثة لا تملك الحق قانونا بمنح مساعدة كهذه لحركات التحرير، كما أنها لا تخرق أحكام القانون الدولي إن أقدمت على تقديم مساعدتها العسكرية، ويجب ألا ترقى بأي حال من الأحوال إلي إرسال قوات عسكرية، فالتدخل العسكري المباشر دعما لحركات التحرير الوطني يخرج من نطاق المعونة العسكرية التي قد تقدم لحركات التحرير وفقا لأهداف ومبادئ الميثاق، وكما هو معلوم فإن أهم من هذا هو تهديد السلم من جراء التدخلات العسكرية المباشرة الداعمة لحركات التحرير الوطني، وخلافا لهذا فإن تدخلا عسكريا ضيقا ومحدودا له الأثر غير المباشر، وقد لا يهدد السلم الدولي تهديدا كبيرا أو واسعا.
وختاما، لا بد من التأكيد على أن استخدام القوة في إطار الحق في تقرير المصير في النظام القانوني الدولي المعاصر يقتصر على الشعوب الخاضعة لسيطرة أجنبية، أو لنظام فصل عنصري، فثمة تلازم عضوي بين تصفية الاستعمار وهذا الحق، ولا يجوز بتاتا الإقرار بحق مماثل خارج نطاق تصفية الاستعمار أو الاحتلال، وهذا ما أيده سلوك الدول عقب انهيار الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا السابقة، فلم تعترف الدول بأي محاولة هادفة لتوسيع ممارسة حق في تقرير المصير خارج نطاق تصفية الاستعمار، والحكم ذاته ينطبق في الانفصال، فالقانون الدولي لا يعترف بهذا الحق أو باستخدام القوة للانفصال عن دولة قائمة وعندما تقترن المقارنة بالانفصال.
بالرغم من أن حق تقرير المصير من الحقائق المعترف بها على مستوى المواثيق الدولية التي تمت الموافقة عليها من طرف الدول، فإن هذا لم يتم ترسيخه، ولم يستطع أن يدرك وجوده إلا عندما استشعرت الشعوب المستعمرة أن لها حقا في التحرر وتقرير مصيرها دون وجود هيمنة استعمارية تحد من وجودها ومن ممارسة سيادتها على مقدراتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. وبهذا فإن اللجوء إلى القوة العسكرية من تقرير حق المصير سوف يظل من صميم التوجهات الخاصة لحركات المقاومة والتحرير، التي ترى في القوة العسكرية أداة لتحقيق حق تقرير المصير وجعله أمرا واقعيا.
باحت في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.