موافقة الرئيس المصرى الجديد عبد الفتاح السيسى، على إنشاء "بيت الزكاة"، استقبلها شيوخ وعلماء دين بالترحاب، وسط اشتراطات وتخوفات على الناحية الاقتصادية والسياسية من طريقة تنفيذ الفكرة، بغية الاستفادة منها بشكل مثمر. وخلال لقائه وفدًا من شيوخ وعلماء بالأزهر الشريف، أول أمس السبت، وافق السيسى على اقتراحهم بإنشاء "بيت الزكاة والصدقات المصرى"، كهيئة مستقلة تابعة للدولة يرعاها الأزهر، مشيرًا إلى أهمية تزويده ب"آليات متكاملة تضمن من خلالها الدولة حسن إنفاق الأموال فى المصارف الشرعية للزكاة، ووصول الصدقات لمستحقيها". قال عباس شومان، وكيل مشيخة الأزهر: "إن بيت الزكاة سيكون هيئة مستقلة يشرف عليها الأزهر، ولا يتبع أى جهة حكومية، تقوم بجمع الزكاة اختياريًا لتوزيعها على الفقراء والمستحقين الحقيقيين شرعاً". ومصارف الزكاة وتشمل الجهات التى تستحق الزكاة وهى 8 أصناف المذكورة فى قوله تعالى "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (سورة التوبة- آية 60). وأوضح شومان، فى تصريحات صحفية، اليوم الأحد، أنه "سيتم الإعلان عن إنشاء بيت الزكاة فور اعتماد مشروع قانون إنشاء بيت الزكاة رسميًا". ولفت إلى أن "الفكرة ليست وليدة الأمس، وإنما هى فكرة موجودة منذ شهور، وتم دراستها من خلال إجراء عدة جلسات". وبدوره قال سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف، معلقًا على المشروع، إنه "ما دام المشرف عليها أهل الثقة من العلماء الأجلاء سيكون خير عون للكثيرين من أهل الخير الذين لا يستطيعون توزيع صدقاتهم". وأضاف، فى تصريحات صحفية، أمس، إن "هذه الفكرة طُرحت منذ سنوات، ولكن لم تلق قبولا لعدم ثقة أصحاب الزكاة والصدقات فيمن سيقوم بالإشراف عليها"، على حد قوله. ووافقته الرأى آمنة نصير، أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، التى قالت إن "تنفيذ القرار سيدر على البلاد خلال سنوات قليلة المليارات من الجنيهات، وسيقضى تمامًا على الفقر، وبطالة الشباب". وأضافت، فى تصريحات صحفية لها، أمس، "هذا البيت سيغنى مصر عن أى مساعدات ومعونات خارجية، ويسمح لنا بالاعتماد على أنفسنا". وعلى الصعيد الاقتصادى، قال حامد محمود مرسى، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة السويس (شمال شرق)، إن "الفكرة جيدة، شريطة أن تكون بعيدة عن تدخل الدولة والسلطة التنفيذية". وتابع مرسى فى تصريح لوكالة الأناضول عبر الهاتف "لو جُمعت الزكاة من المصريين، وصُرفت فى مصارفها الشرعية المخصصة لها ستتلاشى أزمة الفقر فى مصر، وسيكون هناك فائض يمكن الاستفادة به فى مصارف أخرى". ومضى بالقول، إن "الفكرة تحتاج إلى أن تبتعد عن السلطة التنفيذية، وأن تقتصر علاقتها بالأزهر ودار الإفتاء فقط، مع مراجعة بعض الكيانات الأخرى التى أنشئت خصيصًا لأجل الغرض ذاته من جمعيات خيرية وأهلية". ومن الناحية السياسية، أبدى محمود العجمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة السويس، تخوفًا فما يتعلق بفكرة إنشاء بيت الزكاة، قائلا: "إنها ذات حدين يتحكم فى جدواها طريقة التنفيذ". وأضاف فى تصريح لوكالة الأناضول، أن "الفكرة تعود إلى عهد الخلفاء الراشدين (أربعة حكموا الدولة الإسلامية بعد وفاة النبى محمد) عندما كانوا يجمعون الأموال فى "بيت مال المسلمين"، الذى كان يجمع زكاوات المسلمين، ويصرفها فى مصارفها الشرعية". وأوضح العجمى، أن "ثمة ثقة بين الشعب (الدافع للزكاة) وبين الحكومة أو جهة الأزهر (المتلقية للزكاوات)، هى المسيطرة والمتحكمة فى مدى نجاح الفكرة من عدمه، وهو ما يتطلب أن ترفع الحكومة يدها تمامًا عن الفكرة، وتتولاها مؤسسة الأزهر منفردة". يذكر أن آخر تقرير لبحث الدخل والإنفاق الصادر عن "الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء" (حكومى)، نهاية عام 2013، قال إن "معدلات الفقر فى مصر تصل إلى نحو 26.3% من إجمالى عدد السكان"، البالغ 94 مليونًا، بحسب الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فى فبراير الماضى.