عندما يكون عقلاء القوم طائفيون فماذا تنتظر من البقية ,على المجتمع وعلى الدنيا السلام هذه هي الحقيقة , العقلاء هي طبقة المتعلمين والمثقفين وأصحاب الوجاهة والمكانة الإجتماعية والعلمية والدينية حتى ! تلك الطبقة طبقة العقلاء من المفترض أن يكونوا عقلاء مع أنفسهم ومع محيطهم لانهم دعامة للإستقرار والسلم الإجتماعي فالناس تنظر إليهم بإستمرار إلى أقوالهم وأفعالهم ترصد كل شاردة وواردة فكل شيء يصدر منها يكون بعين الإعتبار عند العوام . بعض المنتمين لطبقة العقلاء المفترضة يؤججون من حيث لا يعلمون الطائفية والمذهبية فصمتهم عن النقد وغيابهم عن الساحة بلا مبرر يجعلهم منخرطين بشكل غير مباشر في التأجيج فالصمت إما أن يكون موافقة أو هرباً من سهام من يسعى بكل وسيلة ممكنة لإحداث بلابل وقلاقل طائفية ومذهبية داخل جسد المجتمع الواحد وبالمقابل تجد منتمين لتلك الطبقة الغيرعاقلة يؤججون الطائفية والمذهبية ويحشدون الأصوات بطرق شتى و ويقيمون المنابر لإيقاد نيران تحرق الجسد الواحد وتقضي على القيم والتعايش والتعددية التي تموت في اليوم أكثر من الف مرة , فكل خطبهم وخطاباتهم وتعبيراتهم لا تخرج عن توزيع الألقاب والتٌهم والنقد الجارح لمن يخالفهم وإختلاق الصراعات وتصيد الأخطاء وتحميلها أكثر مما تحتمل حتى أصبحوا حطب لنار تكاد تنفض رمادها في يومٍ من الأيام . من المحيط غرباً وحتى الخليج شرقاً ونحن جزء من تلك الدائرة الكبيرة في الأحلام المثقلة بالهموم , يعيش بداخلها فيروسات تطلق على نفسها طبقة العقلاء وهم أبعد عن ذلك الوصف والتوصيف , طبقة عاقلة في الظاهر لكنها في الباطن ليست عاقلة بل جاهلة غائبة صماء بكماء , تقتات على الإختلاف والصراع تعيش في الأوهام ترى أن وجودها سبب لحياة البشر وهي لا تعلم أن وجودها دمار ونذير شؤم على المجتمعات , وجود تلك الطبقة الغير عاقلة يعود إلى الجهل الذي أصاب المجتمعات وجعلها تهرب من مشاكلها بإتجاه من يدعي المعرفة والعلوم والمكانة الدينية جهل مركب طبقاته بعضها فوق بعض , فلو أن تلك الطبقة عاقلة كما تدعي لما نصبت نفسها وصية على المجتمعات فالمتدين يظن بنفسه أنه وصي الله في الارض والمثقف يظن أنه فيلسوف زمانه والمتعلم يظن أنه منقذ البشرية من التخلف وجميعهم يعملون على تكريس الجهل والتبعية فالوصاية هي البداية الفعلية للتطرف بشتى صورة وأشكالة وهل يخرج خطاب التأجيج عن الوصاية قطعاً لا فالتاجيج يعتمد كلياً على الوصاية وعلى عبارة انا الصح وهم الخطأ وذلك غيض من فيض . لا ننكر وجود اصوات عاقلة متعلمة مثقفة ومتدينة تسعى لنشر السلام والوئام بطرق شتى , خطابها متوازن لا تتدخل في الخصوصيات ولا توقد النيران في العموميات همها التعايش والتعددية والمحافظة على السلم الإجتماعي قدر الإمكان تؤمن بأن المجتمعات متعددة الإتجاهات والمعارف كالأرض متعددة التضاريس , تلك الأصوات يقف بوجهها من يدعي العقلانية ويتبعه جٌهال القوم بعاطفة وحماسة لا مثيل لها , أصوات لا تستطيع مواجهة الجٌهال ومدعي العقلانية لكنها تستطيع خلق أطروحات تحد من تطرف العقلاء وتهديء من سرعة إندفاع الجٌهال قليلاً وقد نجحت في فترات معينة وفشلت في مراحل متعددة لظروف خارجة عن إرادتها فسطوة المتطرف أكبر واشد مما قد يتخيله العقل . الأصوات العاقلة تعيش أسوأ مراحلها فهي تقاتل على عدة جبهات فكرية وإنسانية وإجتماعية ونهضوية يحاربها مدعي العقلانية نهاراً وينال منها الجٌهال ليلاً وينتابها الحلم بغد مشرق ونهضة فكرية شاملة قبيل إشراقة الصباح , يغشاها الامل متبعة للحوار طارحة للتساؤلات والحلول معتمدة على القيم الإنسانية في محاولاتها التقريبية مبتعدة عن الشوائك مخافة زيادة الفجوة التي باتت عصية عن الردم في الوقت الراهن , في يوم من الايام سيكون لتلك الأصوات الحضوة في المجتمعات فهي لم تقتات على الصراعات ولم تخلق كوارث ومصائب بالمجتمعات ! متى يعود العقلاء إلى الصواب , إلى العقل وصوته الذي لا يموت حتى وإن مات صاحبه , متى يكونوا عقلاء أإذا أفاق الجٌهال من غفوتهم أم إذا حلت الكوارث بالمجتمعات فالخطاب الطائفي والمذهبي لن يبقى خطاباً فقط بل سيتحول لنار تحرق كل شيء ولن ينجو منها احد حتى من يظنون أنهم العقلاء لن ينجوا فهم الزارعون والحاصدون ومن زرع لا بد له أن يحصد ما زرعه في يوم من الأيام فمتى يعودوا إلى الرشد والصواب ! ..