أكد تريفور مكفارلين المحرر المساهم - أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في "ذي إيكونوميست"، أن جاذبية الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للمستثمرين في تزايد مستمر، في حين تعاني الكثير من المناطق الأخرى حالة عدم التيقن من منظور استثماري، مشيراً الى أن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تسعى دوماً لتسهيل أعمالها من أجل أن تكون أكثر جذباً للمستثمرين الأجانب . أشار مكفارلين الى أن استضافة الاحداث العالمية الكبير مثل نجاح دبي في استضافة معرض إكسبو الدولي 2020 وفوز قطر باستضافة كأس العالم ،2022 قد عززت من جاذبية الاماراتوقطر ومكانتهما على مستوى العالم . كما تُضاف إلى تلك العوامل الجهود الكبيرة المتعلقة بالاصلاحات التنظيمية بدول الخليج خلال العقد الماضي والتي حسّنت التصورات حول بيئة الأعمال في المنطقة . وعلى الرغم من تلك العوامل، لا تزال المنطقة تمثل بعض المخاطر بالنسبة للمستثمرين، خاصة أن مسيرة تحوّلها من الاعتماد على النفط إلى نمو أكثر توازناً لم تتحقق على نحو ثابت . جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته شركة "ميرك سيرونو" لعرض نتائج التقرير الذي أجرته وحدة "ايكونوميست انتيليجانس يونيت" لإلقاء نظرة على البيئة الحالية في دول مجلس التعاون الخليجي والعوامل التي تؤثر في مستقبلها كبيئة تشغيلية للمستثمرين الأجانب، ويعزز تقرير "بيئة الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي" ثقة المؤسسات العالمية بأسواق الشرق الأوسط التي أصبحت أكثر جذبا مع توفر البنية التحتية المتطورة . مخاطر كبيرة وقال مكفارلين إن نتائج التقرير تفضي إلى أن بيئة الأعمال في الامارات ودول المجلس قد تحسنت إلا أن هنالك مخاطر كبيرة لا تزال موجودة، حيث تمثل الاقتصادات ذات معدلات النمو المرتفعة وانخفاض الأعباء الضريبية وتحسّن اجراءات الحصول على تصاريح البناء وتسجيل العقارات وخاصة في دبي علامات واضحة على هذا التحسن، وتقر عدة دراسات دولية، ومنها تقرير البنك الدولي حول "سهولة القيام بالأعمال وتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي "تقرير التنافسية العالمية" بهذه التوجهات وتمنح تقييماً عالياً لمعظم دول الخليج . ولكن لا تزال هناك تحديات متعددة تشمل الإجراءات الضعيفة لحماية المستثمرين وقوانين الإفلاس العقابية . تنفتح المنطقة على نحو متزايد أمام تملك الأجانب، الا أن القيود المتبقية تبطئ حركة تدفق الاستثمار الأجنبي، حيث يُسمح بتملك الأجانب للشركات بنسبة 100% في بعض الحالات على الأقل في جميع دول مجلس التعاون الخليجي . ولكن جهود التخلص من القيود المستمرة على التملك والتي تحمي قطاعات معينة لمصلحة مواطني دول المنطقة مازالت تواجه الصعوبات . استراتيجية الإنفاق السخي وأضاف أن معظم دول المنطقة نجحت في حماية استقرارها خلال الأزمة المالية والربيع العربي عبر الإنفاق السخي، ومن الامثلة عليها دبي وابوظبي وقطر، ولهذه استراتيجية آثار اقتصادية طويلة الأمد حيث أدت الأزمة المالية التي بدأت عام 2008 إلى إحداث صدمة شديدة وقصيرة الأمد في المنطقة، وقد تعافت دول المنطقة منها إلى حد كبير ويعود السبب في ذلك عموماً إلى استراتيجية الانفاق السخي من دول المنطقة بهدف ضمان الاستقرار . ويثير ذلك التساؤلات حول الجدوى الاقتصادية لهذه الاستراتيجية ويزيد الضغوط لتكوين اقتصادات أكثر تنوعاً في مصادر دخلها ومكتفية ذاتياً . ويشير التقرير أيضاً إلى أن الاضطراب السياسي زاد اهتمام صناع القرار في دول مجلس التعاون الخليجي إلى معدل البطالة المرتفع بين الشباب والاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي قد تتسبب بها البطالة، وتشجع كل دول الخليج أو تفرض مستويات محددة من أعداد الموظفين المواطنين، ولكن فروقات بسيطة يتم دمجها في هذه البرامج ومن أمثلة ذلك برنامج "نطاقات" في السعودية الذي يهدف إلى محاولة استبدال نظام الحصص الصارم بقوانين أكثر دقة تتحسس احتياجات قطاعات معينة وتأخذ مسألة توفر المهارات بعين الاعتبار . وتتعقد مبادرات التنويع الاقتصادي في بعض دول مجلس التعاون الخليجي بسبب حقيقة مفادها أن القطاعات القوية، بما في ذلك شركات الخدمات المالية في دبي والبحرين وشركات الطيران في الإماراتوقطر، هي قطاعات راسخة في الدول المجاورة . ويتوقع الخبراء ردود أفعال متباينة في المنطقة حيث تتخذ بعض الدول نهجا أكثر تساهلاً، بينما تختار دول أخرى ما يسمى ب"رأسمالية الدولة" لإنشاء قطاعات جديدة . ويشير ذلك إلى احتمال بروز انقسامات مستقبلية في السياسات الاقتصادية بالمنطقة، ما يضع تحديات من نوع خاص أمام المستثمرين . مؤشر للمستقبل وقال دريم سامر، المدير العام، ميرك سيرونو الشرق الأوسط، إن نتائج التقرير لا تعتبر مقياساً لحالة الاستثمار الراهنة فحسب، وإنما مؤشر لما سيحدث في المستقبل، مضيفاً أنه "في عام ،2012 وقعت ميرك سيرونو اتفاقية شراكة مع شركة الإنتاج الدوائي الإماراتية "نيو فارما"، وتعد هذه الاتفاقية الأولى من نوعها وتتضمن إنتاج وتوزيع منتجات "ميرك سيرونو" في الشرق الأوسط، استناداً إلى خبرة الشركة المباشرة في إدارة الأعمال والمشروعات التجارية بالتوافق مع معطيات التقرير، وإلى بيئة الأعمال التي تتسم بالشفافية والتوافق ما يجعلها بيئة استثمارية مثالية" . واستند التقرير في نتائجه إلى بحوث مكثفة تتضمن مراجعات للعديد من المؤشرات العالمية التي تتضمن بيئة الأعمال التجارية بالإضافة إلى المقابلات الشخصية مع المسؤولين الحكوميين وخبراء الاقتصاد في القطاع الخاص والخبراء الأكاديميين في المنطقة الخليجية . التحرر من اقتصاد النفط قال سوريش باي، المدير العام، لشركة نيو فارما: "إن التحرر من الاقتصاد القائم على النفط والتوجه نحو التصنيع والإنتاج يعتبر نقلة نوعية ومتميزة على مدار العقود الماضية، فالرؤية تهدف إلى تقليل الاعتماد على المصادر الطبيعية، وهذا أدى إلى المزيد من الاستثمار في بنى الإنتاج التحتية، وما يعزز هذه الرؤية الموقع الجغرافي المتميز والجاذبية الاقتصادية والتنوع الثقافي والدعم الكبير من الحكومة، ما يعني أن الإمارات تمتلك جميع العناصر للتطور والنمو والريادة" . كما يعتبر التنوع أساساً جوهرياً لاستدامة الاقتصاد في المنطقة ودعم الاستثمارات، لهذا تسعى حكومات الدول الخليجية إلى التركيز على قطاعات السياحة والتمويل والاقتصاد القائم على المعرفة في دعم التعليم وقطاع التمويل والقطاع الصحي . وهناك الكثير من المؤشرات الإيجابية فيما يخص قطاع الرعاية الصحية على المدى المتوسط والبعيد مع توقع المزيد من الاستثمارات في الأفق، وتعكس مسألة العرض والطلب وجود زيادة في عدد المشترين على حساب الموردين لهذا تتمثل خطط الحكومة في تشجيع الشراكات بين القطاعين الخاص والعام لتعزيز أجواء الثقة . وفي المرحلة الأولى فإن نيوفارما ستنتج منتجين من منتجات ميرك سيرونو وهما "يوثيروكس"، وهو علاج هرموني يتطلب بيئة معقمة جداً خلال الإنتاج والتعبئة، ودواء "غلوكوفاج"، الدواء الأساسي لعلاج المصابين بالنوع الثاني من السكري ويساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم، وقد بدأ إنتاج الدواءين ومن المتوقع طرحهما في الأسواق في الربع الأخير من العام 2014 . وقد عززت نيو فارما قدراتها الإنتاجية بتطوير واستقدام الآلات الحديثة لزيادة طاقتها الإنتاجية إلى 300 مليون حبة دواء . وأضاف سوريش باي: "لقد أكملنا المرحلة الأولى مع نيوفارما وتضمنت نقل التكنولوجيا المطلوبة وسنكون جاهزين للإنتاج التجاري بعد الحصول على موافقات وزارة الصحة، ونحن متفائلون بالمستقبل خاصة مع الدعم الكبير الذي حظينا به من الهيئات الصحية، وهذا أمر تمتاز به الإمارات ويضعها في مصاف الدول العالمية في جاذبية بيئة الأعمال والاستثمار، ونتطلع لطرح الدفعة الأولى من الدواء وتوفيره بكميات كافية للمرضى في الربع الأخير من هذا العام" .