يولد الإنسان على الفطرة، تلك المقولة التى اعتنقها كثير من رواد العمل النفسى، انبثاقا من الشريعة الإسلامية، إلا أن تشكيل الشخصية يعتمد على مكتسباتها الحياتية وخبراتها الاجتماعية، فنجد ما يسمى بالشخصية المتزنة والشخصية الوسواسة والشخصية المضطربة، إلا أن النوع الثالث الأكثر بروزاً فى المجتمعات الرأسمالية التى تنتابها حالات القلق والاكتئاب الدائمين، نتيجة العفوية المفرطة فى تعاملاتهم الاجتماعية والعملية مع الآخرين. يقول الدكتور السيد القاضى استشارى العلاج النفسى والسلوكى، إن الشخصية العفوية نتاجاً لأسرة ضعيفة الاحتكاك الاجتماعى بالآخرين، متقطعة العلاقات ومنطوية كنسق مغلق وبما يولد لدى الفرد العفوى تلقائية الخبرة، التى لم يكتسبها بقدر ما استمرت معه عفويته التى تشكل لديه عديد من العوائق والمشكلات النفسية، فدائما ما يجنى الشخص العفوى نتائج تعاملاته مع الآخرين من القلق الذى تتعدد مصادره إما لثقته بأشخاص ليسوا أهلا لها أو ذكر مواقف لا يجوز التحدث عنها علنا وتسبب له هذه المواقف عدداً من مشاكل اللوم والعتاب، من جانب الآخرين الذى قد يصل معه إلى حد العنف اللفظى والجسدى. واوضح القاضى أن هذه الشخصية دائما ما يشعر صاحبها بشعور المؤامرة عليه، وأن المحيطين به لا يحبونه وينبذونه , بما يشكل فى شخصيته الانطوائية المفرطة, واحتباس المشاعر والانفعالات, الأمر الذى ينعكس سلبا عل إصابته بعدد من المظاهر المرضية كالوسواس القهرى والقلق الدائم الذى قد يصل فى حالات كثيرة إلى الاكتئاب الحاد. وأكد القاضى أنه يجب التعامل مع أسرة هذا الشخص باعتبارها مصدر ما يعانيه هو، من اضطرابات, من خلال تحويله إلى نسق مفتوح له من المخرجات والمدخلات من العلاقات، والتفاعلات وتكرار تجارب النجاح والفشل لأعضائها مع التوجيه والإرشاد، لا العقاب والتوبيخ, كذلك يثقل هذا الأسلوب المفتوح من علاقات الأسرة خبرات حياتية كبيرة، وناجحة لدى الشخص بما يحوله إلى شخصية متزنة فى علاقاته وانفعالاته وسلوكياته وبما يقلل لديه فرص حدوث آثار سلبية ناتجة من العفوية المفرطة لديه والتى تقلصت نتيجة من تم علاجه بمصدر هذه العفوية وهى الأسرة.