قال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ان اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه، في نار جهنم، خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبداً). الغريب ان البعض قد يصد عن الكلام عما يفعله المنتحرون اليوم والأعجب تراهم يبررون ذلك بأنهم مساكين ومظلومون والأعجب من هذا كله ان البعض يعتبرون ما فعلوه شهادة ! الله يقول {كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} وهذا يقول كان مسكينا مظلوما {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}؟ ولقد بوب البخاري في صحيحه (باب لا يقول فلان شهيد) وذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (الله اعلم بمن يجاهد في سبيله والله أعلم بمن يكلم في سبيله). قد يقول قائل كيف الله رحيم بي وانا فقير أو مسكين ولدي الديون أو تمر الأيام وليس لدي شيء أكله؟ اعلم يا رعاك الله ان هذا بلاء والله يبتلي المؤمن ليهذبه وليس ليعذبه! والواجب على المؤمن عند البلاء ان يصبر ولا يجزع او يتضجر. قال صلى الله عليه وسلم: (ان الله اذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي له الرضا، ومن سخط عليه السخط) وقال تعالى مخاطبا المؤمنين: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} قد لا يعجبه البعض الصبر ويقول أنتم لا تمرون بالظروف التي أمر بها ولذلك تقولون اصبر بكل سهولة.فالرد هو ان الأمر من الله وليس من عند أنفسنا لأنه قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} فالله يبشرك في هذا الموضع وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ان اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، وهنا قال الله انه معك ! فماذا تريد أكثر من هذا؟ وقال {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} وهنا وصف الصابرين بالصدق والتقوى .وابن عباس رضي الله عنهما له تفسير عظيم في الصبر فقال: (أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الاساءة، فاذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم) ثم قد يقول الى متى أصبر؟ فيا سبحان الله، الله يأمر بالصبر ويقول عن نفسه أنه معهم ووصفهم بالصدق والتقوى وهذا يقول الى متى أصبر؟ تصبر الى ما شاء الله!. قال صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن ان أمره كله خير، وليس ذاك لأحد الا للمؤمن، ان اصابته سرّاء شكر، فكان خيراً له، وان أصابته ضرّاء صبر، فكان خيراً له) وقال (ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه الا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة) فانظر كيف نلت الفضيلتين! الفضيلة الأولى ان الله يحبك والفضيلة الثانية أنك تؤجر على صبرك. فتأمل أيها اللبيب كيف تستطيع ان تجعل هذه المصيبة الى نعمة وتقلب المحنة الى منحة.ومن هنا يتبين لنا تحريم الانتحار من وجهين، الأول: ان الله نهى عن ذلك وتوعد من يقتل نفسه بقوله (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا)، والثاني: كما نهى عن ذلك أيضا أمر بضده وهو(الصبر). وفي الختام أقول ما يدريك ان بعد الانتحار ستكون في راحة تامة وتعيش بسعادة وهناء؟ {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}؟ مع ان ذكرنا الوعيد الشديد المتعلق بالمنتحر؟ فمن يفعل هذا الفعل كمن لا عقل له لأنه لم يستطع ان يتحمل مشقة الدنيا فذهب الى المشقة الموعود بها وعذاب أعظم من الذي كان فيه! نسأل الله السلامة والعافية.