حزب المؤتمر يطلق حملات توعوية ميدانية بالتزامن مع الدعاية لانتخابات "الشيوخ"    تنسيق الجامعات 2025.. موقف الطالب الذي يتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات؟    رئيس جامعة المنوفية يوقع اتفاق شراكة مع "لويفيل الأمريكية"    «350 من 9 جامعات».. وصول الطلاب المشاركين بملتقى إبداع لكليات التربية النوعية ببنها (صور)    وزارة العمل تعلن بدء اختبارات المرشحين للعمل بالإمارات (تفاصيل)    وزير الدفاع اليوناني يعزي بطريرك الروم الأرثوذكس في شهداء كنيسة مار الياس    أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 19 يوليو 2025 بأسواق الأقصر    الآن بعد آخر انخفاض رسمي.. سعر الذهب اليوم السبت 19-7-2025 وعيار 21 يسجل هذا الرقم    الصناعات الغذائية تساهم فى التنمية الاقتصادية باستثمارات 500 مليار جنيه    الاثنين 21 يوليو.. بدء صرف مرتبات شهر يوليو 2025 للعاملين بالدولة    الرئاسة السورية تحث جميع الأطراف على الالتزام بوقف إطلاق النار وإنهاء الأعمال العدائية في السويداء    حماس تدعو إلى حراك عالمي لإنقاذ أهل غزة من الموت قصفا وجوعا وعطشا    الصحة الفلسطينية: قطاع غزة يمر بحالة مجاعة فعلية يفرضه الاحتلال الإسرائيلى    تيسير مطر: مصر والسعودية حجرا الزاوية لتحقيق السلام في المنطقة    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضى السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    بعد أزمة حفل الساحل.. فتوح يسطر رقما سلبيا تاريخيا في الزمالك    إيقاف قيد الإسماعيلي 3 فترات.. مفاجأة بشأن إخفاء خطاب فيفا    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    ب80 مليون يورو.. بايرن ميونخ يقدم عرضًا مغريًا لضم نجم ليفربول    طقس الإسكندرية اليوم.. رياح نشطة وانخفاض طفيف في الحرارة والمحسوسة 35 درجة    حملات الدائري الإقليمي تضبط 8 سائقين متعاطين المخدرات و870 مخالفة مرورية    نتيجة الثانوية العامة 2025.. مصادر: الدرجات مطمئنة وجيدة    إعادة الحركة المرورية على طريق القاهرة الإسكندرية الزراعى بعد تصادم سيارتين    تأجيل محاكمة عمر زهران فى اتهامه بسرقة مجوهرات شاليمار شربتلى    انطلاق مهرجان العلمين بنسخته الثالثة.. الكشوطى: 43 يوما من الفن والترفيه    انطلاق مهرجان صيف الأوبرا 2025 بجمهور كامل العدد وأمسية صوفية مميزة    على أنغام «أخاصمك آه».. هاندا أرتشيل ترقص مع نانسي عجرم في زفاف نجل إيلي صعب (صور)    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 5 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 3 أيام    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث مع الرئيس الإقليمي لشركة جانسن إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في أسوان    14 فكرة تساعدك على تبريد جسمك فى الأيام الحارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    أكثر من 170 قتيلا جراء الفيضانات في باكستان    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم السبت 19-7-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    ضبط 3 سائقين بتهمة السير عكس الاتجاه بالقليوبية    معارض فنية عن التراث الدمياطي وحكاية تل البراشية بثقافة دمياط    «الأرصاد» تحذر: طقس اليوم شديد الحرارة على معظم الأنحاء    غيط: الإسماعيلي مهدد بخصم 9 نقاط من رصيده ثم الهبوط.. ويحتاج ل 1.8 مليون دولار    القطار الأسرع والأكثر راحة.. مواعيد "تالجو الإسباني" اليوم السبت 19-7-2025    أسعار البيض اليوم السبت 19 يوليو 2025    مين عملها أحسن؟ حديث طريف بين حسين فهمي وياسر جلال عن شخصية "شهريار" (فيديو)    زينة.. عام سينمائي غير مسبوق    بعد التوقف الدولي.. حسام حسن ينتظر استئناف تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    عيار 21 يترقب مفاجآت.. أسعار الذهب والسبائك اليوم في الصاغة وتوقعات بارتفاعات كبيرة    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    رئيس حكومة لبنان: نعمل على حماية بلدنا من الانجرار لأي مغامرة جديدة    مصدر أمني يكشف حقيقة سرقة الأسوار الحديدية من أعلى «الدائري» بالجيزة    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    مصرع طفلة غرقًا في مصرف زراعي بقرية بني صالح في الفيوم    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزوة ( الدقون ) !
نشر في شباب مصر يوم 17 - 04 - 2011

لم يعد خافيا على احد ان مصر تشهد حراكا سياسيا واسعا ، من كافة الاتجاهات والأحزاب السياسية ، يتزعمها تنظيم الاخوان المسلمين ، والحركات السلفية الاسلامية ، التى ظهر جليا انها تسابق الزمن ، لانتهاز الفرصة الذهبية ، واقتناص امتيازات سياسية طالما حاولت السعي لها منذ اكثر من ثلاثة عقود مضت ، كانت تمنعها السجون والزنازين والقبضة الأمنية الحديدية من تحقيقها ، وجعلت دورهم يقتصر على المنابر والعمل الدعوي..
بعد سقوط النظام الفرعوني السابق ، تسابقت التنظيمات الدينية فى مصر بالإدلاء بتصريحات ، لايمكن وصفها فى نظري بأقل من ( قمة السذاجة ) السياسية ، وتظهر تخبطا هائلا فى أبسط مبادئ العمل السياسي وهي التحكم فى التصريحات على الأقل ، واسنادها لمتحدث رسمي عن كل تيار ، بدلا من ترك كل من له منبر يدلى برأيه بأسلوب واندفاع شخصي يخالف احيانا فكر التيار الذي ينتمي اليه ، وبالتالى يحسب الخطأ على التيار كله وليس على المتحدث فقط !... هذا التخبط خالف كل التوقعات التي كانت سائدة قبل انهيار النظام ، بأن التيارات الدينية وتتزعمها جماعة الاخوان المسلمين هي الاكثر تماسكا وتنظيما ووجودا فى الشارع المصري ، وأكثرهم حرفية فى ادارة النزاع السياسي مع أى طرف كان..
الحاصل فى الساحة الآن من ورود اخبار عن انشقاقات ونزاعات داخلية فى الاخوان ، وتصريحات غير مسؤولة اطلاقا من طرف بعض رموز التيار السلفى ، مثل الشيخ يعقوب بتصريحه الشهير ( غزوة الصناديق ) ، خلق مدا هائلا من الاستنكار والاعتراض على ( مفهوم الدولة الدينية ) تلقائيا ، ناهيك عن الهجوم الشرس الذي تقوم بيه الأحزاب والرموز الليبرالية المنادية بالدولة المدنية ، والتى تأتيها الفرص تباعا على أطباق من ذهب ، لكيل الاتهامات للتيارات الدينية ، وزيادة ترهيب المجتمع من ( خطر التشدد ) الذي يريد أن يفترس مصر!
تحولت مصر فجأة الى ساحة نزاع ديني بين التيارات الاسلامية من جهة ، والليبراليين والأقباط من جهة أخرى ، وأصبحت كلمات التخوين اعتيادية تماما ، مع اصرار كل طائفة على ( استبعاد الآخر ) بصفة كاملة ، والإصرار بأن الآخر شرير جدا ، ولا يريد الا الفساد فى بر مصر..
الحقيقة اننى كنت ومازلت أحد المتحمسين لشكل ما من أشكال دولة الدينية فى مصر ، بعيدة عن كل النماذج المطروحة حاليا ، ولكنها تظل تحت مفهوم الدولة الدينية ، ربما لأنه من الأمور الشبه متعارف عليها فى مصر ، ان الدين له أهمية خاصة عند الاغلبية الساحقة لهذا الشعب ، بشقيه الإسلامي والمسيحي ، ولو لم يكن مواظبا على اداء شعائر الدين ، إلا أن احترامه لرجل الدين هو شيئ أساسي فى تكوينه ، و تراه ممتدا فى الطبيعة المصرية منذ تقديسه واحترامه للرهبان والكهنة فى الأزمان الغابرة..حتى لو اتضح له فيما بعد أن هؤلاء الكهنة كانوا سببا فى خداعه فى أمور كثيرة يقدمها هو عن طيب خاطر طمعا فى رضا الآلهة ، فيأخذونها هم ويقدمونها الى الفرعون ليرضى هو عنهم !
مصر دولة يستحيل فصل الدين فيها عن السياسة ، ولو ان هذا النموذج – فصل الدين عن السياسة – تم تطبيقه بطريقة ناجحة ، فستكون المرة الأولى التى ينجح فيها نموذج علمانى فى تاريخ بلد لم يخل فيه أثر واحد من ذكر الدين او الآلهة ، ومعظم آثاره – ان لم تكن كلها – ذات مدلول ديني ، تتنوع مابين معابد ومقابر ومومياوات ، وفلسفات حول الموت والبعث وضرورة الاستعداد لملاقاة اليوم الآخر ، ورضى الآلهة عن الفرعون والشعب..الخ !...تخيل أن يأت فى آخر الزمان و يناد المنادي فى هذه الأرض : افصلوا الدين عن السياسة ، نريدها دولة مدنية لا مجال فيها للخطاب الديني للتوجيه السياسي للناس او للحاكم !!...هذا سابع المستحيلات فى نظري ان يتحقق فى الواقع على الأرض ، مع امكانية تحقيقه فقط على الورق ، كأى شيئ آخر فى مصر ..
فى تقديري ، سيلعب الدين حتما دورا مهما الفترة المقبلة ، وهو ليس بالأمر السيئ او المشين أبدا ، فقط عندما تجيبنى على السؤال الذي يطرح نفسه : من يمثل الدين حقا فى هذا البلد ؟.. هذه البلاد بها مؤسسات وتوجهات دعوية اسلامية لها نفس المنبع ، ولكنها مختلفة فى المجرى والمصب ، يمثل أهمها الازهريون والسلفيون والاخوان ، وكل منهم يهاجم الآخر بشكل او بآخر ، بطريقة تجعل الناس فى حيرة من أمرهم : من نصدق ؟ من نتبع ؟! من نثق فيه بأن يكون مؤهلا لتطبيق هذه الشريعة عن رضا وتوافق من الناس بأنه الأصلح لذلك ؟ الأزهر المتهالك الذى نخر الفساد عظامه على مدى نصف قرن كامل ؟أم الدعوة السلفية المتشددة المستوردة من جزيرة العرب وترتدي الجلباب والغطرة والعقال ؟ ام الفكر الاخوانى الذي طالما خاض فى شبهات كثيرة غير محسومة تاريخيا فى قضايا اغتيالات وتوترات فى مصر منذ نشات الجماعة ، والتهم الموجهة لهم دائما بالمتاجرة بالدين ؟... وعلى الجهة الاخرى كنيسة مضطربة محملة بالقلق دائما ، والتشدد وحدة الخطاب الدينيى المتزايد مؤخرا من بعض العناصر ، وأفكار فانتازية راسخة عن ( الغربة فى الوطن ) ، الى جانب تيار قبطي قادم من الخارج اصبح له صوتا مؤخرا يؤخذ فى حسبان صناع القرار الداخلى ، بغض النظر عن توجهاته وهل هي فى مصلحة مصر حقا ام مصالح دول اخرى تدعمهم ؟
فكرة تطبيق جوانب متعددة من الشريعة فكرة مقبولة لدى شريحة كبيرة من المصريين العاديين البسطاء ، وربما الغير متدينيين كذلك ، ولكن السؤال الملح مرة أخرى : من سيطبق هذه الشريعة ؟ هل سيطبقها من يقول : لو مش عاجبك عندك تأشيرات أمريكا وكندا ؟ هل سيطبقها من لا يصافح الآخرين ، ولا يضع حتى يده فى يدهم لمجرد اختلافه معه فى المنهج ؟هل هذا معقول ؟ هل سيطبقها من يعلو وجوههم الامتعاض فورا بمجرد سماعهم لكلمة ( نصاري ) و ( ليبراليين ) و ( علمانيين ) وتيارات مدنية اخري ، وأنهم شركاء الوطن ؟ هل سيطبقها من يقطعون آذان الناس المشتبه بهم ، او يطاردون الناس بالترهيب قبل حتى أن يكونوا أولياء امر ؟! هل سيطبقها من يقول : مدنية يعنى ايه؟يعنى أمك تقلع الحجاب !!...هل هؤلاء يطبقون امر الله اصلا فى تنفيذهم لقوله : " ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " و قوله " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " ؟
أرى أن الأيام المقبلة فى مصر ستشهد المزيد من الاحتدام السياسي باسم الدين ، ماظهر منه حتى الآن مجرد نسائم ماقبل العاصفة ، اذا استمر الغياب الكامل لدور الأزهر المصري والكنيسة المصرية عن اداء واجبهمها الديني والدعوي ، وافساح المجال للتيارات الدينية الاخرى المتشددة سواء اسلامية او مسيحية للعب بحرية على الساحة السياسية والفكرية ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.