لا يختلف الرئيس / على عبد الله صالح عن غيره من الرؤساء العرب الذين دفعوا شعوبهم للثورة عليهم فى تونس و مصر و ليبيا من نواح كثيرة ، فنظام الحكم اليمنى هو نظام أسرى مستبد انزلق باليمن الى هاوية الفقر ونفق الفساد و غياهب القهر ، و انفصمت العلاقة بين السلطة و الشعب طوال اكثر من ثلاثين عاما هى مدة حكم على صالح ، فلم يعد الرئيس يستمع الى الشعب و لم يعد الشعب يثق بالرئيس ، و بالتالى اصبح كل منهما فى وادٍ و كل منهما يغنى على ليلاه ، الرئيس يريد توريث السلطة لابنه و من ثم كان العمل على قدم و ساق لتعديل الدستور بحيث لا يسمع لغير الابن بالترشح خلفاً للاب ، أما الشعب فكان يهتف طالباً الحرية و ينادى بالاصلاح و يفنى من أجل لقمة العيش دون جدوى اندلعت ثورة الشعب ضد رئيسه العائش فى قصره لا يسمع و لا يفهم ، طالبه الشعب بالاصلاح فرفض ، و طالبه بمحاكمة المفسدين فأبى ، وطالبه باجراء انتخابات حرة مبكرة فامتنع و أعتقد ان الثورة مجرد احتجاجاتٍ سرعان ما تنتهى ، و لم يجرؤ احدٌ من وزرائه او حاشيته على مواجهته بالحقيقة و لم يفهم بان الاحتجاجات هى الثورة ، إذ لا يزال الرئيس / على صالح يفتقد النصيحة المخلصة من المقربين منه و لا يزال يضع اصابعه فى اذانه و يُغمض عينيه دون الاعلام الحر فلا يسمع أو يرى احداث الثورة إلا بنظارة إعلامه الرسمى ، فالثوار- لدى الاعلام اليمنى الرسمى - مجرد قلة شباب غاضب ابدى مطالب استجاب لها على صالح و بالتالى فان عليهم ان يعودوا الى منازلهم ؟! و تأتى صور الصحف الرسمية و التلفاز اليمنى غاية فى السذاجة حين ينقل صور مظاهرة تضم عشرين رجلا يناشدون الرئيس البقاء فى السلطة الى الابد و كأن الشعب كله مع الرئيس ، بينما يترك ميدان التغيير فى صنعاء الغاص بالالوف التى تهتف برحيل على صالح و كذلك سائر الميادين فى كافة المحافظات التى احتشد فيها عشرات الالوف على مختلف اعمارهم و فئاتهم و الوانهم السياسية تهدر صياحهم :" إرحل من اجل المستقبل " او " ارحل من اجل الوحدة الوطنية " او " كفاية 33 سنة " و غير ذلك من عشرات الشعارات و الصيحات التى يسمعها كل العالم عبر كافة الفضائيات الا الفضائية اليمنية وحدها ، و الغريب العجيب ان الاعلام اليمنى الرسمى - تبعا لما يزعمه الرئيس / على صالح - يصور تلك الثورة على انها مؤامرة اجنبية ضد الشعب اليمنى ؟! و ان الثائرين يرغبون فى اعادة الامامة او الانفصال !! واذا كانت احتجاجات و اعتصامات و مظاهرات و هتافات مآت ألوف اليمنيين خلال خمسة اسابيع متواصلة فى كافة انحاء البلاد تطالب بإسقاط نظام على صالح و التخلص من حكمه الاستبدادى الفاسد لم تصل بعد الى اسماع الدكتاتور ، فان علي الثوار الانتقال اليه و اسماعه صوت الشعب عبر الهتافات المدوية التى تطالب بإسقاطه و رحيله .. علي الثوار أن يحتشدوا من خلال مظاهرة مليونية يوم الجمعة القادم ( 25 مارس 2011 ) أمام القصر الجمهورى بصنعاء حيث يتحصن على صالح ، لتدوى صيحاتهم تلعن الدكتاتورية و تطالب بإسقاط الرئيس و نظامه و انتقال السيادة للشعب الثائر ، و هنالك قد يفتح الرئيس نافذة القصر ليرى الملايين تهتف ضده و ضد نظامه الفاسد و ضد مؤسساته المزورة و ضد عهده و سياساته ، بعد ان تخلى عنه المحيطون به من قادة جيش و سفراء و وزراء و اعضاء برلمان و محافظون و مشايخ و رؤساء قبائل و انضموا الى الثوار ، حتى اصبحت الدولة على شفا هاوية ، الشعب كله ضد الرئيس الذى يتحصن فى قصره محاطاً بالحرس الجمهوى وبعض الجيش ، و يهدد بالحرب الاهلية !! ان الرئيس / على صالح هو المسئول الاول عن الضربة البربرية ، حيث قاد ميليشا القناصة الذين وجهوا رصاص بنادقهم الى الشباب المعتصمين فى ساحة التغيير ، ذلكم الشباب الذى يقود ثورة سلمية ، فتلقوا الرصاص بصدورهم العارية فاستشهد خمسين قتيلا و سقط مآت الجرحى من زهرة ابناء اليمن فى يوم واحد ، ليصل عدد الشهداء الى اكثر من مائة شهيد حتى الان فلتكن اذن تلك المظاهرة الحاشدة امام القصر الجمهورى يوم الجمعة القادم هى الاعلان الرسمى للرئيس على صالح بالرحيل و الاستجابة لمطالب الشعب ، ليتاكد الشعب من صحة ما يقوله الرئيس / على صالح :" لقد سئمنا السلطة " .. قد يقول قائل ان الرئيس / على صالح سوف يرفض الاستجابة لمطالب الشعب باعتبار انه مسلح بالحرس الجمهورى ، و هنا يكون قد سلب الشعب خياراته السلمية و لم يعد للشعب إلا خيار اقتحام القصر الجمهورى و القبض عليه و إعلان سقوط نظامه ، و سوف يكون الاقتحام لحظة تحول فاصلة فى احداث الثورة ، و ليس لدى أى شك ان الجيش أو الحرس الجمهورى لن يطلق النار او يمارس عنفا على المقتحمين ، لأسباب عديدة منها ان الشعب أقوى من تلك القوى و ثانيا انه لن يجرؤ قائد او ضابط على استعمال القوة ضد شعب بأكمله ، و سوف تشكل محاكمة قادة شرطة مصر بتهمة إطلاق النارعلى الثوار فى ميدان التحرير درعاً لثوار اليمن يحميهم من رصاص الغادرين ، و قد يتحسب على صالح لذلك الاقتحام و يفر من القصر محتمياً بإحدى وحدات الحرس الجمهورى أو معسكرات الجيش ، و بذلك لن يتيسر القبض عليه ، غير ان الفضائيات التى ستنقل للعالم صورة اقتحام المتظاهرين لقصر الحكم و فرار الرئيس ستكون ايذاناً بسقوط نظام حكم على صالح ، مثلما كان سقوط تمثال صدام حسين فى ساحة الفردوس اعلاناً بسقوط النظام .. فهيا يا شباب اليمن الأبى و يا رجالها ويا شيوخها و يا فتياتها و يا أطفالها و يا كل من يحب اليمن تقدموا الصفوف نحو القصر الجمهورى لتظفروا بالنصر باذن الله تعالى ..