قالت لي بلهجة غريبة وحزينة جدًا: لم كل هذا الخداع ؟! لم كل هذه الخيانة ؟! لم كنت دائمًا تكذب عليّ وتقول لي كلمات رقراقة..لا طائلة منها ! هل تشعر حقًا بأنك أحببتني بصدقٍ ! هل بهذه القسوة تشعر بأنك علي ما يرام ! - كل هذه التساؤلات قد قرأتها من عينيها..حينما تقابلت معها آخر مرة في خريف العام الماضي..حينما كانت قد ذبلت أوراق الأشجار وجفت ، وتحجرت..وأقبلت علي التساقط ، ومفارقتها للشجرة التي كانت تعتبر لها هي الأم..وهي التي كانت ترعاها دومًا. - كنت أري في عينيها دمعاتٍ..لا تقدرعلي أن تحجبهما أكثر من ذلك مثل أوراق شجرة التوت التي أصبح لونها شاحبٍ ، وتزداد إصفرارًا وشحوبًا يومًا بعد يومٍ ، والتي كنا نستظل بظلها في ذلك الحين ؛ فهي لم تعد تقدر علي أن تستقر فوق أغصان شجرتها أكثر من ذلك. - كنت أود الرحيل عن عالمها الزائف الواهن..وعن كلماتها التي لم تعد تعجبني حقًا ، والتي لم تكن أيضًا حقيقية بالمرة ! وقفت برهةً..كي أجيب عن تلك التساؤلات !! بلغة العيون التي قد بدأتها هي معى ... وقُلت لها : أنا لم أخدعكِ يومًا قط .. ولم أخونكِ ..ولا أني يومًا قُلت لكِ كلمة واحدة كاذبة..فأنتي الآنثي الوحيدة التي إهتز لها كياني ووجداني..والتي حركت مشاعري الصماء التي لم تحركها آنثي قبلها..لكن قلبي هو أعّز ما أملك..وكيف لي أن أعطيه لشخصٍ لا يستحقه ؟! نعم : أنتِ لا تستحقين قلبي..لأنكِ لم تقدري على أن تثقي فيّ تمام الثقة..ولم تعيرنني كل إهتمامتك ! وبالأحري ؛ إنكِ ألصقتي بي الخداع والخيانة ، والكذب..فبهذا جعلتي من قلبي النابض..قلبّاً..قد ذبل وجف ، وتحجر ! - وما يؤسفني يا سيدتي أن القلوب مثل أوراق الأشجار..إذا ذبلت ..وجفت..وتحجرت..يصعب عليها البقاء فوق الأغصان . - لذا يجب عليكِ التعامل مع الحب والقلوب بشكلٍ خاص بشئٍ من الحيطة والحذر ؛ لأن القلب الذي يسقط علي الأرض..وتحاولين أن ترجعينه مرة ثانية بيديكِ..فأنتِ بذلك تجعلينه يتهشم ! - ولا تنتظرينني ثانيةً ها هنا في ربيع العام التالي..حينما تثمر، وتزهر الأشجار مرة آخري..فلن ولن تجدي..قلبي..قد أثمر، وأزهر مرة ثانية ! بعد ذلك... لم تستطع أن تمرق النظر إليّ..وتشحب لونها..وقررت الرحيل ، وهي تحاول أن تصرخ من تلك الكلمات التي وقعت عليها كالصاعقة ، وعلي أملٍ أن تستعطفني مشاعري نحوها ؛ لعلي قد أعيد التفكير في الآمر مرة ثانية ، لكن هذه الدمعات التي تذرف..ما هي إلا دمعات زائفات ..تحاول أن تستعطف مشاعري بها لا أكثر. - حينما رأيتها تذهب بعيدًا..تاركة هذا المكان الذي قد شابته الدمعات والكلمات التي وقعت عليها ، ووقعت عليّ أيضًا كالصاعقة ... #إرتفع_صوتي مناديًا عليها..وقائلاً لها : - خُذي هذا...! قالت : ما هذا ؟ّ - هذا ...الشئ الذي يذكرني بكِ..ويجعلني أتذكر أجمل أيام حياتي . قالت : شيئًا يجعلك تتذكر أجمل أيام حياتك ..هل تسخر يا هذا ! ..وتحاول خداعي ! - لا لا..هذا حقًا. قالت : لو أن ذلك حقًا يجعلك سعيدًا..لم تعطيني إياه..ولا تتشبث به .. - لا لا ..لم تعِ ما أقصد ! قالت : ماذا تقصد ؟! - أقصد أن هذا كان يجعلني سعيدًا..وأنا بجواركِ فقط .. هل فهمتي ماذا أقصد ؟! تنهدت برهةً ... ثم قالت : نعم فهمت..إعطني إياه. - خُذى ... قالت : أين هو ؟ّ! - هذا ... قالت : أنا لا أري شيئًا ! - دققى النظر ... قالت : ليس لديّ القدرة علي هذا الهراء. - أنا لا أقصد الهراء قط ! قالت : ماذا تقصد ؟! - أقصد أن الشئ الذي كان يعجلني سعيدًا هو حبي لكِ ..وها أنتي تذهبين بعيدًا إلي عالمٍ مجهول ، وستقطع علاقتنا. قالت : ولم كنت تقول لي..إذهبي ..ولا تنتظرينني ها هنا في ربيع العام التالي .. - أنا قمت بالإجابة علي هذا مسبقًا (بغضبٍ شديد) خلاص خلاص مفيش كلام يتقال ! قالت : وماذا تريدني أن أفعل ؟! - لا أريد شيئًا ... - إذهبي بعيدًا..وخُذي ذلك الحب الذي كنتِ تعطيننى إياه . قالت : نعم ...سأذهب ... - إذهبي..فقلبي..لم يعد يحتاجكِ بجانبه ، ولست بحاجة أن تشفقي عليّ بهذا الحب الزائف ، وحينما تتذكريننى فقط تبسمي سيدتي ؛ لأنني سأكون بحاجة كي أفرح برهةً..حينما آراكِ تتبسمين..فقراقنا كان حتمًا سيكون..فولي الآدبار وإتركيني وحدي !..فلكم كنت أتمني أن تكونين مثلما رأيتكِ أول مرة في ربيع العام قبل السابق..حيث الورود وأزهار السوسن ، والياسمين..وطيور الوروار المحلقة في عنان السماء..وأسراب الحمام التي كانت تلحق من فوقنا..وتكتب قصة عشقنا..على أسطح البنايات..وعلى أبواب مدينة العشاق..فكانت تداعبنا فرحتنا ؛ كى تخبرنا بأننا حقًا نستحق لقب " عشاق "... - فغيبى وتمادي ..فأنا لم أعد أشتاق ! --------------------------------- [email protected]