تعودنا طوال السنوات الماضية على رفض الأنظمة العربية و"مثقفيها" للديموقراطية الغربية، نظراً لخصوصيتنا الثقافية وأننا لا نقبل بالإباحية والمنكرات التي تروج لها الديموقراطيات الغربية، ونظراً لأن لنا في تراثنا الإسلامي ما يغني عن الديموقراطية الغربية. إلا أن هذا كلام حق يراد به باطل، فمن العجب العجاب أن نرى أنظمتنا العربية تستورد كل ما هو معيب وإباحي ومرفوض شرعاً وعرفاً من الغرب، فيما بقيت عصية على استيراد القليل من الإيجابيات التي يتمتع بها التراث الغربي!! استوردت الخمور وسمحت بترويجها بحجة تشجيع السياحة، وافتتحت الفضائيات الهابطة والراقصة بحجة التحديث والتطوير، وحورب الحجاب واللباس الإسلامي والتقليدي بحجة محاربة التخلف. أما عند الكلام عن عدم تخليد الحاكم على كرسيه، وعند الكلام عن مشاركة المحكوم للحاكم في عملية اتخاذ القرار، وعند الكلام عن تداول السلطة بشكل سلمي، وعند الكلام عن انتخابات نزيهة، فجأة يتذكر حكامنا وأولي الأمر أن لنا تراثاً إسلامياً لا يجوز تلويثه بهذه "الزندقة" وهذه "اللوثات" الفكرية، وابتدعوا لنا ديموقراطيات عربية مخزية جمعت أسوأ ما في الغرب والشرق، وحكمونا بها طوال عشرات الأعوام، وروجوا لها وكأننا أغبياء لا نميز الصالح من الطالح. ونستعرض في المقالات القادمه الديموقراطيات التي ميزت عالمنا العربي خلال الفترة الماضية، والتي بدأت تتهاوى مع سقوط نظامي بن علي ومبارك.