ما من شك أن أقسى أنواع الشعور وأبشعها هو الشعور بالظلم سواء كان على مستوى الفرد أو الجماعة أو الشعوب .وفى الآونة الأخيرة هبت الشعوب العربية لتنفض عن رؤوسها غبارا استمر سنوات وسنوات ظلت خلالها فى سبات عميق واستكانة غريبة حتى حانت اللحظة الحاسمة للإفاقة الجبرية التى تسببت فيها وطأة الظلم وشدة الطغيان والمبالغة فى إهانة الشعوب بل وإذلالهم وإخضاعهم بأسلوب أو بآخر ليرضوا رغم أنوفهم بتجرع كئؤوس الظلم ،وكان حكامنا العرب ينتهجون أساليب متنوعة ومتعددة ليصلوا فى النهاية إلى الغاية المنشودة لهم جميعا وهى الظلم نعم كان الظلم فى حد ذاته هدفا يعشقون التعب والمشقة من أجل تحقيقه وانجازه، إلا أن الشعوب التى عاشت سنوات الجور والاستعباد أبت إلا اليقظة والصحوة التى بدأت بالفعل فى اكتساح كل الأنظمة الفاسدة التى مصت دماء الشعوب فى مصر وفى تونس وفى اليمن وليبيا والجزائر والمغرب وغيرها لتعلن أن الصوت فى النهاية للشعب وليس للحاكم مهما بلغت وطأة ظلمه وصلفه وغروره كما يفعل مجنون ليبيا الآن ببنى شعبه ، نعم مجنون ..مجنون ذلك الذى يسفك دماء شعبه من أجل الزعامة المزعومة التى يتبنى نهجها ويقتل ويبيد شعبه من أجلها ، لكنه فى غفلة و وهم سرعان ما يفيق منهما على الحقيقة المرة التى لا مهرب منها وهى أنه سينتهى ويبقى الشعب حتى لو أباد نصفه سيبقى ويرحل القذافى كما رحل زين العابدين ومبارك وسيرحل على صالح وكل هذه الأنظمة التى كان نهجها نهب ثروات البلاد ومقدرات شعوبها وما تركه "بن على" خير دليل ، وما تكشف أخيرا عن رجال النظام المصرى البائد من اللصوص أمثال أحمد عز وجرانه والعادلى وغيرهم دليل آخر والبقية تأتى . لقد كانت أنظمة تعددت والظلم واحد. مجموعة من حكام مستبدين ،نهجهم فى الظلم واحد وإن كانت أدواتهم تنوعت خانوا شعوبهم وخانوا أوطانهم نهبوا وسرقوا وظلموا وطغوا وتجبروا فكان من الطبيعى أن ينهار الظلم ويسقط الظالمون وأما عقابهم عند ربهم فهذا شأن آخر وحساب آخر بل هو الحساب الحقيقى عن شعوب ضيعوها و لله درك يابن الخطاب " لو تعثرت بغلة فى العراق لسئل عنها : لما لم تمهد لها الطريق ياعمر؟" يارب لقد تعثرنا نحن المسلمين ولسنا بغالا ولا أنعاما تعثرنا وهم الذين تسببوا فى عثراتنا وكان بأيديهم أن يقيلوا عثراتنا ولم يفعلوا رغبة منهم فى إذلالنا ودوام ضعفنا يارب أنت الحكم العدل أنت الحكم العدل وأنت المستعان ونحن فى انتظار قصاصك فى الدنيا وفى الآخرة .