مشهد دراماتيكي رائع أستقيظ عليه الشعب المصري في الثالث من يوليو عقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، المشهد إكتملت صورته الجمالية بكافة تفاصيلها، وأخذت لقطاته بحرفية تامة، وكان بمثابة مشهد النهاية لمرحلة قاسية أغلقت أبوابها للنهاية كما ظننا، وفي ذات الوقت كان البداية لمرحلة قادمة من المفترض أن تفتح أبوابها للشعب المصري بأكمله. أبطال المشهد كانوا مزيج من رجال الشرطة بلباسهم الشرطي وأبناء من الشعب المصري بمختلف أشكالهم يتبادلون العناق والقبلات الحارة التي تذيب جبال الجليد التي إعترت العلاقة بين الشرطة والشعب على مدار سنوات طويلة. أخرجت الشرطة هذا المشهد ومهدت له ببراعة تامة حينما رفضت حماية مقار جماعة الإخوان المسلمين حينما كانت الجماعة تلفظ أنفاسها الأخيرة. وسربت الجرائد خبر حدوث مشادة بين وزير الداخلية محمد إبراهيم وبين الرئيس المعزول محمد مرسي بسبب رفض الأول حماية المقار الإخوانية، وكان موقف الشرطة وموقف وزيرها الدافع المحرك لإنهاء أحداث القصة المأساوية التي كثيراُ ما جمعت بين الشرطة والشعب في مشاهد عديدة رسخت إهانات بمذاق العلقم بين الطرفين. الشرطة المصرية أعلنت أمام الشعب أجمع أنها تعلمت الدرس جيداُ، ولن تكون أداة في يد الحاكم يبطش بها حيثما يشاء، وأعلنت أن ولاءها للشعب، وأقرت أن الدرس المرير قد تعلمته جيداُ منذ يوم الثامن والعشرون من يناير عام 2011 حيينما أصطدمت بصخرة الشعب وتبعثرت قواها على أطرافها. وذهبت لجنة الخمسين المنوطة بتعديل دستور 2012، من خلال لجنة نظام الحكم من تعديل نص المادة 176، ليخلو من جملة «رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية»، أي أن الشرطة لن يصبح رئيسها رئيس الجمهورية كما كان في دستور الإخوان لعام 2012 وأن من الآن فصاعد ستكون «في خدمة الشعب وولاؤها له». وبالطبع إلى الآن لم يستفتَ على التعديلات التي أدخلت على الدستور الإخواني المنشأ والمستفتي عليه في عام 2012، والذي يحتوي على تعديل المادة 176 السابق ذكرها، ولكن هذا يؤكد أن الجميع قد إستوعب الدرس المرير من أفراد الشرطة وقيادتها وكذلك أيضاُ النخبة وصانعو القرار في جمهورية مصر العربية. الشرطة المصرية في السادس والعشرين من نوفمبر الحالي وأمام مجلس الشورى، إستخدمت القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين الرافضين لقانون التظاهر الجديد، والرافضين للمحاكمات العسكرية للمدنيين، وكشرت عن وجهها الحقيقي وتملصت من الرداء المسرحي الأنيق، الذي كانت تتزين به في أدائها الرائع للمشهد الدراماتيكي في الثالث من يوليو والذي أذرف دموعنا وإعتصرت بسببه قلوبنا، ورفعنا أيدينا بالشكر والدعاء إلى الله ان الشرطة والشعب أصبحا يدا واحدة. ويبدو أن الشرطة لم تتعلم الدرس جيداُ، ويبدو أن الشرطة تناست الدرس المرير، وتناست أيضاُ وعودها التي وعدت بها الشعب المصري، وتأكيدها مراراُ وتكراراُ بأن عقيدتها قد تغيرت بالفعل، وأصبحت جنباُ إلى جنب الشعب. يجب على الشرطة أن تعلم أنها تستقطب أعداء جددا وأنها توحد شمل المعارضة ضدها، ويجب عليها أن تعلم أيضا أنها تعبث بالخريطة السياسية في مصر وسوف تقلب الأوضاع السياسية رأسا على عقب. محاولات الشرطة وكافة العقول المفكرة والمصطفة جنباُ إلى جنب السلطة ومحاولات شيطنة المعارضة وتصوير أن كل المعارضة إخوان، لن يضفي إستقراراُ للأوضاع السياسية في البلاد بل على العكس سيصبح المشهد السياسي أكثر تأزماُ. على الشرطة المصرية أن تراجع فكرها وعقيدتها، وأن تكون بالفعل في خدمة الشعب وليس في "قمع الشعب". وعليها أيضاُ أن تعلم أن أفعالها ما هي إلا جسر سيعبر عليه الإخوان أجلاُ أم عاجلاُ وصولاُ إلى أهدافهم المنشودة.