فى الحقيقه أصبحت حالات الانتحار حرقاً هذه الايام هى الشغل الشاغل لكل من تسول له نفسه وشيطانه أن يتخلص من هموم لازمته معتقداً أن هذه النهاية المأساويه سوف تكتب له نهايه لألامه واوجاعه وأنه سيكون أكثر راحه بعد ان يقدم على هذه الخطوه الشيطانيه . وكان الشاب التونسى " بوعزيزى " قد أشعل فتيل هذه الموضه القميئه الخبيثه ليتخذها من بعده مريديه فى كل مكان فى العالم ، فوجدناها فى موريتانيا وفى مصر وفى فرنسا وفى غيرها من البلدان الاخرى ، على إختلاف الاسباب والدوافع التى أدت الى مثل هذا التصرف الاحمق . والسؤال الذى يطرح نفسه بشكل ملح ، أين ذهبت عقولهم ، وأين ذهب الواذع الدينى الذى يحرم على إختلاف الاديان السماويه قتل النفس تحت اى ظرف وتحت أى مسمى ومهما كانت الدوافع ، فقاتل نفسه بأى وسيله وبأى أداه فهو كافر ومأواه جهنم ، هذا من قول النبى صلى الله عليه وسلم : (حدثنا قتيبة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقالوا ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه من أهل النار فقال رجل من القوم أنا صاحبه قال فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أشهد أنك رسول الله قال وما ذاك قال الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة)[1] من هذا الحيث الشريف يتضح انه حتى من يقدم على قتل نفسه لكى يستريح من الم مفرط لا يتحمله بشر فهو من اهل النار ، فما الذى يدفع إذا الانسان أن ينهى حياته بهذه الصوره المأساويه وفى الحقيقه لا يوجد على وجه الارض ما يدفع الانسان الى ذلك الامر فالدنيا كلها الى زوال ، بكل ما فيها من متاع وألام ، ولكن هذه ليست دعوه الى السلبيه والاٍستكانه وإنما هى دعوه للتعقل ووضع الامور فى نصابها الصحيح ، وأن يسلك الانسان الطرق المشروعه لكى يحقق أهدافه مهما كانت هذه الطرق وعره وحالكة الظلام ، فليس هناك فى هذه الحياه ما يتحقق بدون عناك ومثابره وصبر وفشل ومعاوده من جديد وفشل مره اخرى ثم نصر يكتبه الله فى الوقت الذى يشاء وبالطريقه التى يشاء سبحانه وتعالى . وفى الحقيقه ما أكبر الشبه بين هذا الشاب التونسى وبين هابيل إبن سيدنا ادم عليه السلام ، فهابيل هو من إستن القتل فى الارض وكما اخبرنا النعصوم صلى الله عليه وسلم فإن كل قاتل أو قاتله على وجه الارض يحمل وخطيئته ثم يحمل هابيل مثلها ، وكذلك هذا الشاب الذى استن حرق النفس ، فكل إنسان على وجه الارض يقوم بفعل هذا متبعاً لهذا الشاب فإنه يحمل خطيئته ثم يحمل هذا الشاب مثلها الى يوم الدين طالما ظل هو ملهماً لهذه الفكره الشيطانيه التى أيقظت الشيطان من ثباته فصال وجال فى أرجاء الارض يحث هذا على حرق نفسه وهذا على قتل نفسه ، كل ذلك تحت شعارات واهيه و كاذبه لا تمت للواقع بأى صله . فلو أن كل إنسان وجد أمامه عائقاً ما أو مشكله ما قام بالتخلص من نفسه ، فلن تحل مشكله ولن يزال عائق . أفيقوا يا شباب الامه ، فإذا كنت أيها الشاب لا تجد المال ولا تجد العمل فعليك بإتباع الخطوات التى يرضاها لك ربك وعليك بترك الخطوات التى يرسمها لك شيطانك ، اترك اليأس وإعتنق الصبر وجاهد نفسك وحاول حتى تصل الى ما تتمنى "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً" ، ولا تخسر دنياك واخرتك فى لحظة شيطانيه تحوم حولك فيها روح هابيل لكى تفوز بك الى جوارها فى مصير النادمين . تامر عزب [email protected]