ان حالة العرب اليوم بعد انطلاق ما يسمى الربيع العربي .. وبعد هذا المخاض العسر في انتائج بدائل متطوره فكريا عن الانظمه التي رحلت ، فمن تونس التي انجبت حكومه اسلاميه حتى اليوم لم تقدم شيء على ارض الواقع وحالة العمال والبطاله في ازدياد ، الى ليبيا المشبعه حتى التخمه بالميليشيات . مرورا بمصر التي عانت من تخبط اداري وسياسي واقتصادي خلال فترة حكم الاخوان القصيره – وما يقومون به الان من محاولات تعطيل للحياة – ومحاولات اخرى لاشعال نار الحرب – الى العراق المثخن بالجراح اليوميه عبر سيارات مفخخه . وعبوات ناسفه ومجاهدين يقتلون اخوتهم ، الى سورية التي تعيش حرب طاحنه تأخذ كل شيء امامها . فمن طفى على السطح في كافة تلك الدول يحمل عنوان واحد – السلفيه والتطرف . ومن يتابع هذا السيل من الافتاء وحالة الحلال والحرام يجد اننا نعيش وفق مدرسة طالبان – وطالبان هذه هي تلك الجماعه والتي ذاع سيطها في منتصف التسعينيات من القرن الماضي – وكان المغذي اللوجستي لها والاوحد تقريبيا هي (( السعوديه )) التي سهلت لهم وصول المال والرجال – بل كانت ثاني من اعترف بهم بعد باكستان كممثل شرعي لافغانستان . وما اجتماع القاعده (( بن لادن )) وطالبان (( الملا محمد عمر )) الا تتويج لعمل سعت اليه المخابرات الامريكيه عن طريق ((السعوديه)) ، فقد كانت طالبان في ذلك الوقت اداة تنفيذ للمشروع الامريكي لأضعاف وتصفية الخصوم القدامى ، فبعد ان سقطت العاصمة كابل في يد طالبان بعد انسحاب القوات الحكومية منها ، وقيام الحركه بأعدام رئيس أفغانستان السابق الشيوعي محمد نجيب الله ، ليلة دخولها كابل . وبدخول طالبان الى كابل دخلت افغانستان في عتمة الجهل – واختفت كل اشكال الحضاره منها فمنعت الاغاني ونزلت الاحكام التي قالوا عنها شرعيه – وبدأ الحديث عن امير المؤمنين (( الملا عمر )) . وبدأ التدخل في لباس الناس وماذا يفعلون – كانت طالبان هذه المدعومه من السعوديه ودول اخرى تريد قيام دولة الخلافه على مسار الخلفاء الراشدين . وبعد ان قامت طالبان بنزع كل مظاهر المدنيه من افغانستان تخلت اميركا والسعوديه وغيرهم عنها . من هذه العجاله في وصف حالة افغانستان – البلد الثري بمليارات المليارات من كل انواع المعادن والطاقه – وحتى الزراعه التي يستثمر منها فقط (( زراعة المخدرات )) . نجد ان تجربة اميركا والمال السعودي هناك – تنتقل الى الوطن العربي حامله معها كل صنوف الموت ، وتحت حجة الدين والدعوة – والدفاع عن الاسلام – ومحاربة المد الشيعي ، مره ونشر الديمقراطيه بصيغة الدعم الانساني للشعوب . إن حالة الافغنه التي تحدث اليوم في العالم العربي – لا تختلف عما حدث في افغانستان في القرن الماضي – فتدمير المقدرات – واعمال القتل وتعطيل الحياة - واعتبار كل من يخالف بالراي عدو – تحت حجة محاربه الشيوعيه في ذلك الزمان – تحدث اليوم ولكن في اشكال اخرى محاربة المد الشيعي – تطهير الارض من الفساد – رفض الديمقراطيه – وتتنوع الاشكال والصور – ولكن مصدر الدعم واحد (( المال السعودي )) والمخابرات الامريكيه . وما تقوم به الجماعات التكفيريه في سورية اليوم ليس الا السطر الاول من موضوع طويل يراد به الوصول الى كل الاقطار العربيه وادخالها في نفق لا يمكن الخروج منه . هذا النفق لا يقل سوء عن نفق الظلام العثماني الذي حكم المنطقه لاربعة قرون – نشر فيها الجهل ومنع التطور وسرق المقدرات وحول الناس الى مجتمعات تأكل وتشرب وتنجب وتنام . واليوم نكتشف مدى رغبة السعوديه التي تسعى بطلب من اميركا الى افغنت المنطقه العربيه وتحويلها الى جسد هامد يمنع فيه التعليم والعلم ونشر الكتب الا بما طابق ووافق (( هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر )) التي نجدها في كل تلك الجماعات . مدعية انها هي الوحيده التي تحمل راية الدين الاسلامي – يفسرون الايات بما يتلائم فقط مع خطواتهم ومصالحهم .. ومن عجائب الامر – انهم في مصر مثلا" صوروا للناس ان مرسي من الاولياء والصديقين – وهذا التصوير ليس هو المشكله – بل المشكله الكبرى بوجود من صدقهم وهنا الكارثة التي يجب الخوف منها والعمل على تلافيها . ومن يتابع القنوات الاعلاميه التي تدعمها السعوديه في نشر هذه الافغنه – يكتشف تماما غياب كلمة الجهاد ضد اسرائيل ...؟ او ضد اميركا ...؟؟ رغم ان الاولى تحتل القدس الشريف والثانيه هي التي تدعمها وتحميها طوال خمسين سنه او اكثر . وما حادثة بلدة معلولا السورية الى جزء بسيط من عمليه كبرى تهدف الى خلق حالة من النزوح الديني وتهجير الاقليات – وبعد ان يتم الامر (( اذا ما تم )) ستقوم السعوديه واميركا من خلفها بالتخلي تماما عن تلك المجموعات وترك تلك البلدان لمصيرها . ولا يهم الربح او الخسارة لتلك المجموعات فمهمتها الحقيقيه ليس انشاء دولة الخلافه كما يشاع بل تدمير الاوطان التي يدخلونها وتحطيم كل مظاهر الحياة المدنيه فيها وشل اقتصادها – واذا ما قدر ان تقوم تلك البلدان وتطرد تلك الجماعات – فانها سوف تحتاج لسنوات لاعادة ما تم تدميره وهذا بحد ذاته هو انتصار للفكر السلفي المدعوم من السعوديه واميركا . فهل من المعقول ان تكون السعوديه تريد نشر الديمقراطيه والعدل الاجتماعي ؟؟ واذا كان هذا هدفها فلماذا تعطل الحل في سورية مثلا" وتمنع من تشغلهم من الذهاب الى مؤتمر جنيف 2 ؟؟ ولماذ يتم محاصرة مصر ودعم جماعات متطرفه بالسر ؟؟ ولماذا حتى اليوم تدفع السعوديه الملايين لتدمير اي مشروع حوار في العراق . كل هذه الاسئله خلفها – عملية واحده هي افغنت المنطقه ، ومصلحة السعوديه هي استمرار حكم العائله وعدم انتقال ما يسمى ربيع عربي نحو اراضيها المشبعه بالظلم الاجتماعي والاقتصادي .