فرق الله عز و جل بين الإنسان و الحيوان بالعقل, فمن كرم الله علينا كبشر أنه خلقنا بعقل بمقدورنا أن نفكر به و نستخدمه كي نستريح في الحياة من خلال الاختراعات و الابتكارات التي تساعدنا كثيراً في الحياة اليومية. و فرض علينا أن نستخدمه بطريقة صحيحة كي نساعد في رفعة الأوطان و الحفاظ علي مكانتنا كمصريين. فها هي مصر, تواجه أبشع فترات حياتها علي مر التاريخ, فداخلياً يتمني أولادها أن يفروا منها في أقرب فرصة و خارجياً يتوعد لها الأعداء. مصر تحارب في جبهات كثيرة و نحن نواجه أكبر اختبار في حياتنا ألا و هو البقاء للدفاع عن قلب العالم مصر. أنا لا أحتاج أن أذكر مميزات مصر و فضلها علي العالم للذين يدعون أنهم مصريون, لأن من ليس له انتماء لوطنه أتمني منه أن يتنازل عن هويته المصرية و يغور في أقرب فرصة لأننا لا نحتاج له و لأمثاله الذين انعدم عنهم نعمة التفكير و العقل. نعم, أنا أهاجم من يكره مصر بأنه ليس له عقل, لأن من لديه عقل سيتأكد أن السبب في التخلف الذي نعيش فيه هو أشخاص وضعوا أنظمة و سياسيات استطاعوا من خلالها أن يسرقوا مصر طوال العقود الماضية و مصر ليس لها ذنب في شيء. لكن للأسف, لا أحد يفهم و لا حياة لمن تنادي.. لأصحاب العقول, تأكدوا أن كل دولة في العالم لها فترات تكون فيها متقدمة في معظم المجالات و لها أيضاً فترات مضطربة فانجلترا لم تصل لما هي عليه في يوم و ليلة, لكن وصلت الي ذروة التقدم و النجاح بسبب جهد أبناءها الشباب و تعبهم و حبهم لها الذي تعدي الحدود للذكر, مصر في الاربعينات كان يأتي اليها الانجليز و الفرنسويين كي يعملوا "حلاقين في مصر". لأصحاب العقول, الرجل بحق هو من يسخر كل جهده لخدمة وطنه و يحاول بكل صحته حتي يستعيد وطنه المركز الحقيقي له و يحصل علي مكانته الغالية. متي يفيق أبناء مصر؟ متي سيعرفون قيمة وطنهم؟ متي نتخلص من الجمود الفكري الذي أصابنا؟ متي نتخلص من العواجيز الذين يحكمونا من عقود طويلة بحجة أنهم أصحاب خبرة؟ فلتفتحوا كتب التاريخ, الذي أثبت دوماً أن الشباب هم أساس رفعة أي دولة. فأسامة بن زيد خير مثال لهذا الكلام, هذا الصحابي الجليل تولي قيادة جيش المسلمين بأمر من النبي صلي الله عليه و سلم و هو يبلغ وقتها 18 عام فقط و عندما توفي النبي و أُختير أبوبكر كخليفة لرسول الله أصر علي تكملة أو تأكيد أمر رسول الله بأن أسامة هو القائد وسط كبار الصحابة و القادة العسكريين. فعندما خرج أسامة رضي الله عنه لغزو الروم رجع بعد 40 يوم بدون فقد أي جندي واحد. مثال في وقت العصر الحديث: ها هو الزعيم مصطفي كامل الذي أرعب المملكة البريطانية بمقالاته. فهو زعيم لكل المصريين و قد مات و هو يبلغ 34 عام فقط. فلماذا لا نستعين بشباب مصر في الحكم و إدارة شئون الدولة؟ لماذا نتركهم يسافروا بداعي الفقر و أنهم يحتاجون أموال كي ينفقوا علي أولادهم إن كانت لهم أٌُسر أو حتي يساعدوا أهاليهم؟ لماذا نترك عقولنا الفذة و الرهيبة تخدم و تستفيد منها دول أخري؟ لماذا لا يجتمع مسئول ما بالدولة ببعض الشباب في مختلف المدارس و يقدمون له بعض الحلول للدولة و إن كانت فعلاً جيدة فلما لا يوصلها للحكومة مثلاً حتي تبدأ في تنفيذ بعض منها؟ و عندما يتكلم مسئول ما بالدولة عن زحمة الطرق فلملذا لا يفكر أن يجتمع مع دكتور فاروق الباز الذي لديه مشروع سوف يحل الكثير من أزمات الطرق و يحل أيضاً المشاكل الإقتصادية العويصة التي نواجهها حالياً؟ لكن مادام باقِ لنا عمر بإذن الله, الأمل موجود. فلا يأس للحياة و لا معني للحياة مع اليأس.