دوت صرخته أرجاء البيت قام الكل فزعين من نومهم خال لهم أن كابوسا واحدا قد أصابهم الكل تسأل في وقت واحد ماذا حدث ؟؟تجمعوا في الصالة ينظر كل واحد للأخر صاحوا بصوت واحد عم فتحي وإنتشروا جميعا بالبحث عنه أخذوا يطرقوا باب الحمام بشدة نادوا عليه بصوت واحد أجش لم يرد عليهم هموا جميعا دون إتفاق بضربة رجل واحد ليكسروا الباب ليجدوه مسجى على الأرض والدماء تنزف من مؤخرة رأسه هموا بلف جسده النحيل ببطانية وسارعوا به إلى أقرب مستشفى تلاقفته أيدي الاطباء والممرضات إلى غرفة العمليات في حين إقتادت الشرطة زملائه بالسكن إلى غرفة التحقيق في المستشفى لإحتمال وجود جناية أو شروع في القتل وما أن إنتهوا من الإسعافات الأولية حتى خرج محمود وزملائه من غرفة التحقيق بعد أن أثبتت التقارير الطبية خلو الامر من أية جناية وأن الأمر كله لايعدو حادثة عادية تحصل لأي شخص كل يوم الا وهي الوقوع بالحمام ولكن كان السبب في ذلك لعم فتحي هي أزمة قلبية هاجمته وجعلته يقع على حافة البانيو ليرتطم رأسه ويصاب بجرح عميق في رأسه .بالكاد بدأ يفتح عينيه ليرى وجوهم وقد إختلطت ملامح الحزن بملامح الفرح لعودته للحياة مرة أخرى فقام مسرعا من السرير ولكن يد الشباب الذين يشاركونه السكن كانت أسرع منه ليرقد مرة أخرى بعد أن خدعته صحته وقواه وما أن شرع في الكلام حتى أسكته محمود قائلا حمدا لله على سلامتك عم فتحي كل شيء على مايرام قدرالله تعالى مشاء ولطف لاتقلق فنحن معك مثل أبناءك أقبلت الممرضة لعمل التحاليل له بادرها على الفور متى اخرج من هنا يا إبنتي ؟؟إبتسمت له الممرضة قائلة إعتبر نفسك في إجازة يا عم فتحي .قال بتنهد إجازة؟؟ وكيف وهنالك أفواه مفتوحة بجاجة لمن يسد رمقها وعيد على الأبواب لايرحم بطلباته لاوقت للإجازات ياإبنتي أرجوكي دعي الطبيب يوقع على خروجي من المستشفى فأنا على موعد لحضور العيد في بلدي مصر وسط أبنائي شعر بوخز مثل الإبر بصدره جعل الممرضة تهم على الفور بإعطاءه حقنه أخذ يشعر بالدوار رويدا ..رويدا ..وصوت إبنه الصغير محمد يدق بأعماقه أجراس الإنذار بأن يفي بوعده له .أبي لا تنسى القطار الذي يسير على سكة حديد أريد لونه أزرق وأرسل لنا نقودا لكي يتسنى لنا شراء ملابس العيد أخشى أن تتأخر في المجيء لم يعد وقت هنالك يأبي .وتقبل أمونة هكذا يحب أن يناديها بوجهها الجميل أوعى تجي من غير الفستان الأحمر الدانتيل الذي وعدتني فيه والدمية التي تمشي وتتكلم هرجعك تاني يابابا ومش هسلم عليك نزلت عبراته من عيناه الغائرتين من الهزال تسابق مفعول الحقنة ليسدل حفونه على أحلام أطفاله ويستسلم للنوم رغما عنه .البرد قارص اليوم قال مدحت بصوت أجش إلتف كل من محمود وأشرف وأحمد حول الموقد يقطع صمتهم رشقات وفرقعات الجمر وهي تتطاير مسكين عم فتحي لقد تعب كثيرا في حياته فالمسؤليات كبيرة على عاتقه وراتبه بالكاد يفي بطلبات أولاده والعيد أت وصحته في زوال وجسده لم يعد يتحمل بعد الذي حدث له يجب ياجماعة أن نحاول جمع مبلغ من المال ونعطيه إياه هكذا كان راي أشرف هز محمود راسه بالنفي قائلا لا ..لا .يا أشرف عم فتحي حساس جدا وكرامته تأبى عليه أن يأخذ المبلغ وهو في حالة حرجة لانريد أن ينفعل أجاب مدحت معك حق يا محمود فيما تقوله وعاود الصمت يخيم على أجواءهم ويطبق عليها أبحر كل واحد منهم بأحلامه وغربته ومعاناته واحد تخيل نفسه عم فتحي فترقرقت عيناه بالدمع ومحمود أقرب شخص لعم فتحي جلس القرفصاء واضعا رأسه بين يديه قائلا بينه وبين نفسه هاهي السنون تجري ولم يخر المال بعد لتمكنه بالزواج ممن أحبها فطلبات الأهل بمصر لاتنقطع وفاطمة قد ملت إنتظاراتها العقيمة له وبدأ الخطاب يتزايدون على طرق بابها خيوط حبها له بدأت تضعف ومقاومتها للصبر أخذت بالتلاشي هكذا أخذ يشعر كلما كان يحدثها ولا عذر له يتعذر به تذكر أخاه الذي تخرج من الثانوية العامة ويريد دخول الجامعة وأخته التي خطبت منذ فترة وتنتظر مساعدة أخاها لكي يقوم بمساعدتها للدخول إلى قفص الزوجية لم يستيقظ محمود إلا على حرارة شرارة طارت من الموقد وكأنها تطالبه أن يعيش واقعه المرير دون توقف إحتضن وسادته بعد أن ذهب للخلود للنوم ليلقي بجسده المتعب على السرير وما أن أغمض عينيه حتى تجلت له أمل بإبتسامتها الساحرة ووجهها الطفولي وقلبها المليء بالحب له فأشرقت إبتسامة على ثغره .كم أنت جميلة يا أمل كم أشعر معك بوجودي وكياني وكم يحدوك الأمل رغم أنك تسيرين على حد الخنجر وتزفين للهموم كل يوم خاضعة لأقدارك بكل حب ورضا لم أكن أسوأ حظ منك كم أنت رائعة يا أمل وجميلة في زمن يشوبه الكره والقبح ولن أنسى موقفك من مرض عم فتحي كم كنت تختطفين الأضواء بالمستشفى وأنت تحتضنين باقة الورد التي تستمد الأريج من خصالك الجميلة كم كنت أتباهى بمعرفتك أمام الجميع فأرى نظرات الغيرة والحسد بعيونهم لقد إاتقيت بك يا أمل في الزمن الخاطئ شق شروده دخول أحمد بقامته الممشوقة وبشرته السمراء وبادره قائلا بماذا تفكر يا محمود بخطيبتك ؟؟ أجابه بل بأمل رد أحمد قائلا أشعر أن أمل إنسانة نادرة هذا لو كنت كل ما تقوله عنها صحيح .بل هي أكثر من ذلك .على ما يبدو إنك أحببتها رد محمود بسخرية وهل من مثل أمل لاتجد من يحبها أنا أين ؟؟ وهي أين ؟؟ أجابه أحمد ولكنني أشعر أنها ...قاطعه محمود أرجوك لا تكمل دعنا نطمئن على صحة عم فتحي الان .أتصدق لقد تبرعت أمل لعم فتحي ما يعادل ما جمعناه جميعا لا أدري كيف أرد لتلك الإنسانة جمائلها علينا .في الممرالمؤدي للغرفة التي يرقد بها عم فتحي قال أحمد الا تلاحظ أن صحة عم فتحي قد تحسنت لقد بدا ليلة أمس كأنه في العشرين من عمره لدرجة أه جالسنا طويلا قطع حديثه مرور صف من الممرضات فأبتسم لهن مواصلا كلامه ولما لا وكل الحسناوات حواليه يقمن على خدمته ليتني كنت مكانه يا أخي فتح محمود باب غرفة عم فتحي وهو يضحك من كلام أحمد وقعت عيناه على السرير الذي يرقد عليه عم فتحي وجده خالي منه تسأل كل واحد منهم للأخر خرج محمود مسرعا وخلفه أحمد يتقصوا الأمر وجدوا حركة غير عادية في الممر المؤدي لغرفة العمليات سأل الممرضين والممرضات عن سبب الفوضى الكل ينهرهما بالإبتعاد عن باب غرفة العمليات إجتذب الاطباء بسرعة من أيدي الممرضين إلى الداخل وعلامات الوجوم والقلق بادية عليهم وأقفل الباب بثواني ليضاء النور الأحمر الذي يحذر وينذر بوجود الخطر وقف رجل مسن بجانبهم يضرب كفا على كف وهو يبكي بكاء الأطفال قائلا بصوت متقطع متحشرجمسكين عم فتحي كم كان طول الوقت يتمنى أن يحضر العيد في مصر كم كان بوده أن يشتري هدايا العيد لأطفاله قاطعه محمود وأحمد بصوت واحد وعالي من تقول عم فتحي ؟؟هل هذا الرجل الذي بغرفة العمليات هو عم فتحي ؟؟أجابهم الرجل المسن بصوت واهن نعم هل تعرفونه ؟؟وما هي إلا دقائق حتى خرج الأطباء منكسين رؤسهم بالأرض وهم يقولون لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .إندفع محمود للداخل ليجده مسجى على السرير دون حراك وكل جسده مغطى ببطانية بيضاء تنم عن الرحيل الأبدي كشف محمود عن رأسه وألقى بجسده على صدره وهو يصيح ويبكي ويناديه وهو يهز جسده النحيل ليسقط الشيك من يديه على الأرض يلتقطه أحمد ويعيده ليد محمود الذي ألقاه على عيني عم فتحي مناديا إياه ومطالبا له بان بفتح عينيه لثواني قائلا له إنظر هذه الورقة إنه شيك بمبلغ لا باس به نحن أبناءك يا عم فتحي لا تقلق فرجت والحمد لله وأجهش محمود ببكاء مرير لم يستيقظ منه إلا على صوت الممرض وهو يناوله الهاتف النقال لعم فتحي ويقول له بأسى واضح الظاهر أهله بمصر يريدون التحدث معه وضع محمود الهاتف على أنه ليتسرب صوت أمونة إبنة العم فتحي وهي تقول أبي ..أبي ..لماذا لاترد لا تنسى الثوب الأحمر والدمية التي تتكلم وتمشي وأخي يذكرك بالقطار الذي يسير على سكة الحديد هاك أمي ..أمي تريد طرحة حرير سوداء للعيد ولكنها مكسوفة منك ..وإنقطع الخط فجأة ومحمود واقف يحاول أن يلملم الكلمات التي تبعثرت على ثغره ولكن ليس قبل أن يلملم العيد رداء الفرحة ويرحل برحيل رجل مكافح إغترب عن وطنه وعاش في دروب الغربة وحيدا ومات وحيدا لا يملك حتى تذكرة تعيده إلى وطنه وأهله ..وإن عاد فأي عيد ذاك بدون عم فتحي