الصراحة والوقاحة الثقة بالنفس والغرور المجاملة والنفاق التأني والبطء الحزم والتعسف الثبات والجمود المرونة والميوعة الشجاعة والتهور الحذر والجبن المرح والاستخفاف الكرم والتبذير الحرص والبخل الإحترام والمداهنة الإهتمام والتدخل الحرية والإنفلات التدين والتشدد التجمل والتبرج التفصيل والإفراط التواضع والخنوع السلام والخضوع التوكل والتواكل الحب والامتلاك التوجيه والتحكم الطيبة والسذاجة العفو والتفريط الصبر والسلبية الإصرار والعند كلها أمور متشابهه , نقع فريسة لإختلاط وقعها علينا طوال الوقت , وهي أخطر وأخبث من الأثام التي لا تحتمل الخطأ أو التأويل , فعندما نرتكب تلك لأثام الواضحة التي لا جدل علي بطلانها , كالكذب والسرقة والقتل , نكون علي دراية تامة بعظم ما نرتكب من معصية , وتتفاوت درجات وخز ضمائرنا بقدر قوة إيماننا , ولكن يظل عقلنا الواعي يعمل وهو مدرك تماما لأن ما نفعله خطأ ولا يتوافق مع فطرتنا السليمة , وهذا ما يدفع المذنبين للتواري والتكتم والخوف من أنفضاح أمرهم . أما تلك المشتبهات فتعمل كالمخدر الذي نغيب به ضمائرنا كي نأتي بها براحة كاملة وثقة تامة ولها سبغة شرعية تمكننا من ارتكابها وحث الأخرين علي ارتكابها دون أدني شعور بالذنب علي الرغم من أن ارتكابها يفضي في نهاية الأمر إلي المعصية , وهذا لعمري أسوأ وأفدح أخطاء البشر وأكثرها مدعاة للحزن , تلك الأخطاء التي ترتكب باسم الفضيلة وتحت لوائها , فتهلك من تهلك وتغوي من تغوي وتودي برمانة ميزان الحق سالبة إياه إتزانه وسالبة ضمائرنا مجساتها الفطرية السليمة التي هي صوت الله بداخلنا فيذهب عنا وتصم أذاننا عنه فنصبح كالسفينة التي ضاعت بوصلاتها وأظلمت سمائها وإنطفأت نجومها فهامت في بحار مظلمة لا نهائية لا تجد لها أرضا ولا مرفأ . لقد حذرنا الرسول (ص) من الوقوع في المشتبهات , ولم يحذرنا من الوقوع في الحرام لأنه (بين) لا لبس فيه , وهذا يعني أننا في تلك الحياة مطالبون بتحري الدقة والصحة في كل ما نفعل ونقول , لأننا محاطون بكل أشكال المتشابهات في حياتنا اليومية , ونقع في مئات الأشراك دون أن نقصد ذلك ودون أن ندري أن عقولنا الواعية تزين لنا الخطأ كي يسهل ارتكابه , وإذا أردت أن تضع معايير أولية بسيطة تري بها مواقفك وأفعالك علي حقيقتها محاولا تلمس صحتها من عدمه فما عليك سوي أن تتبع ما قال الرسول الكريم (ص) في حديثه الشريف إذ أمرنا باستفتاء القلب أي الضمير , وعليك دائما أن تضع نفسك مكان الأخرين كي تري الأمور بمنظار محايد , وعندها سيتبين لك ما قد تعجز عن إدراكه , وسترتفع معاييرك الأخلاقية إلي درجات لم تكن تتخيلها , وعندها سيغدو الوقوع في المشتبهات غير ممكن , اما إذا قصرت نظرك علي مصالحك وسيطرت عليك أنانيتك , فسيصبح خداع النفس وتخدير الضمير أمرا مفروغا منه , ولكنك ستضيع في تلك الحياة كما ضاع قبلك كثيرون , وتنضم إلي طابور الخطاة الطويل الذي يبدأ عند باب المشتبهات وينتهي عند بوابات الجحيم . حذار أن تخدع نفسك , حذار أن تكف عن محاسبتها , حذار أن تفقد قدميك الطريق الصواب , حذار أن ترتكب المعاصي بضمير مغيب ظنا منك أنك تفعل الصواب , ولنعيد جميعا قراءة تلك المشتبهات والتفكر في معانيها جيدا , لأن الفارق بين الصواب والخطأ قد يكون هشا إلي درجة لا تتصورها عقولنا .