فنهضت سريعا من فوقه زاحفا إلى الوراء مرتعدا لأكتشف أنه توفى وفى تلك اللحظة سمعت وقع نعال على السلم وقد بدا أنهم عدة أشخاص يقتربون من الطابق الذى توجد به الشقة فنهضت مهرولا إلى داخل الشقة فى إحدى الغرف الأخرى التى تقع بجوار غرفة الحاج اسماعيل وفطنت أن الباب المفتوح قد يجلب الإنتباه لزوار السلم وكنت أحاول بقوة ردع أنفاسى السريعة والمتلاحقة وعمل نوعاً من القوة ورباطة الجأش ولكن باءت كل محاولاتى بالفشل إلا المحاولة الأخيرة وبالفعل حدث ما توقعت حيث صرخ الأول صرخة مدوية كامرأة سرقت حقيبتها الخاصة فى شارع عام " قتيل , قتيل " بينما لم أسمع صوتا للآخر سوى وقع قدمين تتحركان بهدوء وحذر شديدين وسمعته يقول بصوت مرتعد صارخ بعد أن توقفت قدماه للحظات " قتيل آخر , إنه الحاج اسماعيل " وهنا تأكدت أن الحاج اسماعيل بالفعل قد فارق الحياة وامتلأت مدامعى حيث خالج تفكيرى شيئا واحدا وهو حكم الإعدام بقتل اثنين لم أقتل منهما سوى واحدا بدون قصد حيث لم تكن نيتى على الإطلاق أن اقتله ولكنه الحظ العثر , تخبطت جميع الأفكار فى رأسى والهواجس والمشاهد دقت قلبى المفطور سلفا فاقشعر جسدى وسرعان ما انتشلنى صوت وقع نعال الإثنان يهرولان خارجا مرتعدان من هول الواقعة حيث سمعت أحدهما يردد " يا ساتر يارب , يا ساتر يارب , اللهم ارحمنا , ماذا حدث فى هذه الحياة ؟! وماذا حدث للبشر ؟! " بينما سمعت الآخر يقول مرتجفا وقد استحوذ الهلع عليه : " سأتصل بالشرطة حالا ولكن علينا الإبتعاد عن تلك الشقة المنكوبة حتى لا يتم الاشتباه بنا " وعندما شعرت أنهما قد غادرا المبنى هرولت مسرعا خارج الغرفة وانتشلت إحدى المفارش الصغيرة الملقاة على إحدى المقاعد وقمت بتنظيف الأماكن التى توجد بها بصماتى من داخل غرفة الحاج اسماعيل ومن حول كريم ولاحظت فجأة أن يدى اليسار تنزف وما أن فتحتها فوجئت بوجود قطعة الزجاج الغليظة التى قتلت بها كريم فأخفيتها فى المفرش وطويته ونظرت نظرة أخيرة على الحاج اسماعيل المقتول دون قاتل أعلمه , فلكم ينتابنى إحساس الفضول بمعرفة شريكى فى الجريمة ثم اتجهت إلى باب الشقة الذى ترك مفتوحا من هول المفاجأة على زوار السلم ونظرت خارجا يمينا ويسارا بحذر شديد ثم هرولت مسرعا إلى شقتى التى احتضنتنى بمجرد الدخول . حاولت تجميع أنفاسى بشتى الطرق وأنا أغسل يدي محاولا بكل الطرق أن أتنصل من الجريمة الملقاة على عاتق ضميرى المرهق ولكن بدون فائدة , فأنا قاتلا أولا وأخيرا ولن يرحمنى القانون ولكن أين روح القانون ؟ انتابتنى العديد من الأسئلة الغير مرتبة والغير مفهومة وحينما استحوذ على قلبى الهلع بات عقلى بلا أدنى فائدة تذكر ولكن كان السؤال قاسيا عندما واجهته بنفسى " كيف فكرت فى مسح بصماتى ؟! وهل هذا عمل طبيعى لإنسان لا يعلم أى نوع من أنواع الجريمة ؟! " انتابنى الخوف فى هذه الثوان المعدودة حيث اقتنعت فى داخلى أننى مجرما بلا أأأhFDMDFدنى شك على الاطلاق . وفجأة سمعت صوت نقر أقدام خارج شقتى فى الممر الذى يحوى جميع الشقق فى طابقى ويبدو أن صاحب الأقدام يجر شيئا على الارض بصعوبة شديدة حيث كان الصوت كصوت الرياح الخريفى الذى يداعب الأشجار ولكنه صوتا لا يبعث فى القلب إلا الخوف والألم ولم أحاول التلصص لمعرفة من بالخارج فيكفينى فضولا , ففضول أخر قد يؤدى إلى جريمة أخرى بالفعل وصلت الشرطة وتعالت دقات قلبى تباعا مع كل خطوة للشرطة وهنا تنبهت أن الضوضاء الخارجية التى صدرت حين محاولتى التقاط الهاتف كانت بسبب احتفالية يقيمها إحدى المحال الشهيرة لافتتاح أحد أفرعه فى منطقتنا حيث أعلن عن ذلك منذ يومين وكان الجميع فى انتظار ذلك الحدث لما يقدمه فى أول يوم من خصومات تصل إلى التسعون فى المائة هدية لزبائنه الكرام وامتنانا لهم وتذكرت أننى كنت فى انتظار ذلك اليوم كى استطيع أن اشترى شيئا خاصا لى ولكننى نسيت تماما الموعد وليتنى تذكرت . قفزت بعيدا عن الباب محاولا أن أجعل من نفسى آذان صاغية والخوف والرجفة تنهش جسدى الذى أوشك على السقوط وحاولت فى مضض أن أقنع نفسى بأن الشرطة لن تجد دليلا واحدا على إدانتى وسيمر الأمر بسلام وانصرمت بعض الدقائق من بعد دخول الشرطة حيث سمعت أحدهم يحدث آخر : " هناك جثة واحدة فقط لشاب مقتول بطعنات عدة فى صدره " فرد أحدهم وهو يشعل سيجارة حيث كان صوت قداحته ينهش الهدوء البغيض : " لكن البلاغ يقول أن هناك قتيلين " " تستطيع أن ترى بنفسك " بعد لحظات معدودة قال وقد بدا فى صوته الثقة : " سأرى " انتظرونى فى الجزء الرابع عمرو الجندى