كلمة بلطجى هى فى الاصل كلمة تركية تعنى حامل البلطة و هى فرقة عسكرية فى الجيش العثمانى على غرار الفرق الخاصة التى تتلقى تدريبا عاليا و خاصا ، و الكلمة تتكون من مقطعين ( بلطة – جى ) اى حامل البلطة او مستخدم البلطة ، و حرف ( جى ) فى اللغة التركية هو ضمير الفاعل ، و بالتالى فحامل البلطة او البلطجى هو مهنى بدرجة عالية فى استعمال البلطة و ذو تدريب خاص و قوى يصل به الى مستوى رفيع من المهارة ، يقذف البلطة من على بعد بقوة شديدة تشق الضحية من خلف لتقتلها فى الحال بعيدا عن المواجهة القتالية ، و يلعب الغدر دورا مهما فى اسلوب القتل الذى ينعكس على شخصية هذا المقاتل ، الذى يذهب الى ضحيته لينزع منها البلطة ثم يقوم بعد ذلك بضرب العنق بقوة ليفصل الرأس عن الجسد بشراسة و لا مبالاة ، و يستمر فى القتل و جمع الرؤؤس ليضعها بعد ذلك امام قادته و يتم مكافأته حسب عدد الرؤؤس التى أتى بها .. هذه الشخصية المقاتلة ، او هذه الآلة المدربة على القتل ، تنعكس عليها عيوب هذه المهنة حتى تصبح صفات ملازمة لها ، فهى شخصية تتسم بالغدر و الشراسة و الجنون و القتل من اجل المكافأة ، و هى فى العادة المال . كل هذه هى صفات البلطجى الذى اطلقته الخلافة العثمانية على المصريين بعد وصول الجيش العثمانى مدعيا تحرير ارض مصر من الكفار على حد قولهم و المقصود بهم جنود الحملة الفرنسية .. ترك العثمانيون هذه الفرقة الخاصة المسماة بالبلطجية فى مصر بدعوى القضاء على الفوضى و نشر الأمن و ألأمان فى ربوع المحروسة ، و لم يعطوهم مرتبات ليتعيشوا منها فاضطروا الى الخروج الى الاسواق ليأكلوا و يشربوا ، و عندما يطلب منهم الباعة نقودا مقابل ما أخذوه كانوا يضربونهم ، و كان المصريون لا يملكون الا الدعاء عليهم قائلين ( يارب يا متولى اهلك العثمانلى ) ثم زادت الامور سوءا و تعقيدا عندما شعروا بقوتهم و شراستهم التى كانت تخيف الناس البسطاء ، فأصبحوا يقلدون المماليك و يغيرون فى جماعات على الأسواق ليسلبوا و ينهبوا .. ثم قسموا القاهرة بينهم و اصبحت كل فرقة تتمترس فى حى من الأحياء و تعيش على الاتاوات التى يفرضونها على الباعة و المكاريين فى المواقف وعلى الفلاحات اللاتى يأتين من القرى القريبة ليبيعن بضاعتهن من الخضر و الفاكهة و الطيور ، و كانوا يثيرون الذعر عندما يدخلون الى الحارات و الاسواق لينهبوها حتى ذاق المصريون منهم الأمرين ، حتى سمى هذا العصر بحق بعصر غياب القانون و اللا دولة . و اصبحت البلطجة منذ هذا الزمن مهنة تتوارث بسبب هذه الفئة من المقاتلين الذين صنعتهم على يديها و نسيتهم الخلافة العثمانية فى مصر بقصد متعمد لتأديب الشعب المصرى الذى تجرأ و ثار ضدهم . و اصبح المصريون يطلقون كلمة ( بلطجى ) على كل من يستغل قوته و سطوته محتميا بسلطة ما ليفرض اتاوة او ليأخذ ما لا يستحقه من الضعفاء و التجار و الأغنياء ، حتى ان بعض الأغنياء كانوا يستعينون بهؤلاء البلطجية فى حمايتهم و حماية ممتلكاتهم و بضائعهم ووكالتهم ، الى ان وصل الأمر بالسلطة و الحكام فى الاستعانة بهم لترويع و ترهيب الشعب المصرى المسالم .. و كما قلنا سالفا فهذا (البلطجى ) لا يتورع عن فعل شىء فى سبيل الحصول على المال فهو يقف الى جانب اى شخص طالما يدفع له فهو عبد للمال و يفعل ذلك بمنتهى الخسة و النذالة فهو شخصية تتصف بالغدر و الامبالاة و الشراسة و الدموية و التباهى بقوته و سلطته ، و هو مطمئن دائما لما يفعل ، لأن ظهيره هم الأغنياء و اصحاب النفوذ و هو أداتهم فى مواجهة الشعب المسالم و هو أحيانا كثيرة أداة السلطة فى كل زمان التى تكسر بها انف الناس و ترهبهم بها ..