لا شك أن امساك الدفاتر المحاسبية , واعداد الحسابات الختامية , والميزانية العمومية من أولى مهام المحاسب ومن الطبيعي والمفترض أن يكون مدرك وملم وعلى دراية تامة بها فالمحاسب المالي يبدأ عمله الفعلي سواء كان في منشأة فردية أو شركات الاشخاص او تلك شركات المساهمة أو قطاع الاعمال العام في تحليل العمليات المالية بالتسجيل و القيد بالدفاتر المحاسبية وترحيل القيود اليومية الى دفتر الاستاذ المساعد ومن ثم اعداد ميزان المراجعة الأمر الذي يتبعه اعداد الحسابات الختامية واقفال السنة المالية بالميزانية العمومية التي تعبر عن الأرصدة والمركز المالي للمنشأة أو المنظمة ونحن هنا بصدد محاسب مالي قدير لكنه انشغل بكل ما سبق ذكره عن القضية الاساسية وعن قضايا أخرى فرعية – فاذا نظرنا بتمعن وموضوعية وتأملنا بمنطق وحيادية واذا تدبرنا ما حولنا وأحوالنا سيتبين لنا أن القضية أوظاهرة الربيع العربي وافرازاته المبهرة الرائعة بالثورات العربية أراها مجملا وتفصيلا كما يتهادى ويتآلف المساء مع النسيم العليل المخضب بلون الأرجوان والمعتق بعبير الياسمين والمشبع بخيالات الندامى، حيث تهادي وتحالف مثلث مراكز القوى وصنع القرار والمتمثلة في اللوبي الصهيوني والبنتاجون والادارة مع نسيم الصهيونية فحمل النسيم كل فراشات السيادة الواهنة والطموحات الباطلة والأمل الواهي المعتق بعبير خطط الامن الاستراتيجية والصهيونية وبعثرها بمكر ودهاء في ليلة قمراء من ليالي الوطن العربي المصاب بحالة مرضية مزمنة وأخرى مستوطنة فقد اصيب بوباء التصدع والنزاع الداخلي والسياسي الذي أدى بدوره الى التفكك والفرقة والتشتت بجانب أمراض مستوطنة في أماكن متفرقة من جسده وكيانه بالفقر والجوع والحرمان وتفتحت أزهار الشباب بمشاعر الأرق في حقول الغضب والثأر فتارة يتأرجح على تلك الأزهار فراشات خارجية وتارة أخرى داخلية وتشد القوى المغناطيسية المعادية بما تتمتع به من خواص طبيعية بأيادي ليست بخفية تشد النجوم السياسية والوطنية كي لا تغيب بمحركات التمزق والانشقاق وآليات التفكك والانقسام , فلا انكل أنا بالثورة المصرية ولا أقلل أبدا من شأنها وكونها ولا استنكرها انما ارى الوجه الحقيقي لها دون زيف او تجميل او تشويه , وفي نفس الوقت لا اراها بالعين المجردة نظرا الى الأحداث المريرة السريعة والمتلاحقة التي مرت به البلاد العربية وما تمر به حتى الآن كان مبعث الفكر والتحليل وسبب الدرس والبحث وقد فرض علي هذا والزمني أن أدرس وأبحث وافكر وأحلل بعناية وتمعن وارتب التسلسلات الزمنية للاحداث – فالقضية التي نحن بصددها والتي نعيشها ليست هي الربيع العربي بشكل عام أو بالأحري ما يخصنا ليست القضية الاساسية هي الانتفاضة الشبابية الشعبية او الثورة المصرية بل هي على حسب ما أدركته وأراه تمزق الوطن العربي وذلك بآليات ومحركات تعمل على تفكك وتفتت البلدان العربية وزرع الفتن والدسائس وجني ثمار التصدع والانقسام , والقضايا الفرعية ليست كما يظن البعض انها تتلخص في امساك المناصب وامتلاك المفاصل من فصيل معين وانما هي ذلك اللهو والانشغال واللهث وراء الجاه والسلطان ومن ثم الانصراف وعدم الانتباه لتلك الآليات الباعثة والمحركات العابثة والمقومات الدافعة التي تعمل بكل ما أوتيت به من قوة و حنكة , وخبرة , ومهارة على صنع حالة التمزق وتحقيق هدف التفكك والانحلال واعطاء الفرصة والسماح لها بالعمل في مناخ جيد وخصب حتى يساعدها في تحقيق اهدافها العظمى الذي يتلخص في اعادة رسم خريطة الوطن العربي واحلال وتبديل الهيئة وتغيير الهيكل العربي والأدلة والبراهين واضحة وبينة كشمس ساطعة حيث انطلقت اول شرارة في تونس الخضراء , و ليبيا , و مصر , و سوريا وقبلهم تفكك السودان بين شمال وجنوب وما أخشاه هو زيادة حدة الصراع والنزاعات السياسية الداخلية واستمرار حالة التمزق والانقسامات السياسية والاجتماعية والاصرار على امساك المناصب وامتلاك المفاصل والانشغال بهذا الاصرار وذاك التمسك الذي يؤدي بنا في نهاية الأمر الى الوصول الى حالة اللاوعي وعدم الفهم وفقد الادراك لما يدور حولنا من خطط وتحركات لتحقيق أهداف وغايات الأعداء – يجب علينا الآن أن نفيق من غفوتنا وغفلتنا وألا نتمادى فيها حتى لا تصير الحالة الى غيبوبة نهايتها ان يفيق البدن ويتعافى انما بعد وقت ليس بقليل يستغرقه في مرحلة العلاج والبحث عن الدواء ولا ندري هل حينئذ سنعاني من شدة ومرارة الدواء رغم اني اراه أهون كثيرا من طول مدة البلاء أو ستكون النهاية بدون زيف أو تجميل واهي لوجه الحقيقة هو الموت , في حقيقة الأمر أري أن تفتت وتفكك الوطن العربي هو الموت بعينه للكيان العربي ما أحوجنا الى احياء الوطن العربي بوحدته واتحاده وسلامة أراضيه وما أحوجنا الى معرفة وفهم وادراك الأمر ان قوتنا في وحدتنا وضعفنا في التفرق والتفكك . فيا كل داعي ويا كل هادي , و يا كل فاهم واعي , و يا كل حاكم وقاضي ويا كل صادق وثائر حق , ومناضل صدق أفيقوا , وانتبهوا , كفاكم لغوا ولهوا , كفاكم عبثا ولهثا وراء ما لا يستحق وصرف وغض النظر عما يستحق , و ما هو أولى وأهم , واعتبروا اذا غضب الله على قوم رزقهم الجدل و منعهم العمل فعلينا ان ننسي ما مضى ولا نأسى على ماضي تولى وانقضى وعلينا ان نهدأ ونهتدي ونرضى ونرتضي , نعبد الله ولا نشرك به شيئا والالتفاف حول هدف واحد و طريق واحد ولم التفككات وجمعها واحتواء الأزمات وعلاجها كي تستعيد الأمة العربية أمجادها .