الإسكان: جار تنفيذ 64 برجا سكنيا بها 3068 وحدة.. و310 فيلات بتجمع صوارى في غرب كارفور بالإسكندرية    الانتفاضة الطلابية بأمريكا.. ماذا يحدث في حرم جامعة كاليفورنيا؟    دور العرض ترفع أحدث أفلام بيومي فؤاد من شاشاتها.. تعرف على السبب    بحضور السيسي.. تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    سفير روسيا لدى واشنطن: اتهامات أمريكا لروسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرانيا بغيضة    طقس أسيوط اليوم.. جو ربيعي وانخفاض درجات الحرارة لمدة يومين    ارتفاع في أسعار الذهب بكفر الشيخ.. عيار 21 بكام؟    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    قوات الجيش الإسرائيلي تقتحم مخيم عايدة في بيت لحم وقرية بدرس غربي رام الله ومخيم شعفاط في القدس    "الحرب النووية" سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    إجراء عاجل من الفلبين ضد بكين بعد اشتعال التوترات في بحر الصين الجنوبي    رامي ربيعة يهنئ أحمد حسن بمناسبة عيد ميلاده| شاهد    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 2 مايو 2024    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    بحضور السيسي، تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    نسخة واقعية من منزل فيلم الأنيميشن UP متاحًا للإيجار (صور)    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: لم نرصد أي إصابة بجلطات من 14 مليون جرعة للقاح أسترازينيكا في مصر    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    تشيلسي وتوتنهام اليوم فى مباراة من العيار الثقيل بالدوري الإنجليزي.. الموعد والتشكيل المتوقع    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    تامر حسني يوجه رسالة لبسمة بوسيل بعد الإعلان عن اغنيتها الجديدة.. ماذا قال؟    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    كوكولا مصر ترفع أسعار شويبس في الأسواق، قائمة بالأسعار الجديدة وموعد التطبيق    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    الخطيب يطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة افشة .. فماذا حدث ؟    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    انخفاض جديد في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 2 مايو بالمصانع والأسواق    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر والمحلل السياسى أحمد شرف يفضح أوراق جماعة الإخوان المسلمين
نشر في شباب مصر يوم 19 - 12 - 2006

كارثة.. لقد قررت جماعة الإخوان المسلمين الكشف عن جناحها العسكرى بطريقة مستفزة وصلت إلى حد وقاحة فى قلب جامعة الأزهر فبمجرد أن أصدرت الجامعة قرارا لم يعجب الجماعة قررت إظهار العين الحمرا للحكومة بطريقتها الخاصة فراحت ميليشياتها تهدد الجميع باستعراض القوة فى قلب الجامعة دون أدنى احترام للقوانين المنظمة لها هناك.. إن تاريخ الجماعة يؤكد على عمليات عنف غير عادية تتبناها حتى لو أخفت ذلك.. ومن ثم كان لزاما علينا أن نعيد فتح حوارات كان قد تم إعدادها مع خبراء ومهتمين والذين كشفوا لنا عن جذور الجماعة وارتباطها بالاستعمار وتاريخها الأسود فى العنف..
*****
المفكر اليسارى أحمد شرف :
- التيار الإسلامى فشل فى تقديم برنامج عملى بسبب الخواء الأيدلوجى
- المنظمات الدولية للإسلام بها شبهة ارتباط بالاستعمار
- لا يوجد فصيل إسلامى يحمل بين جوانبه علامات الجودة الكاملة
- من رءوس الأموال فى مصر فى يد الحركة الإسلامية
- التنظيم الدولى للإخوان مرتبط بالمخابرات الأمريكية
- الحوار القومى الإسلامى كان شكليا وممولا أجنبيا
- عمليات فرز كبرى تعيشها تيارات الإسلام السياسى فى المنطقة
- اليساريون خسروا معركتهم الكبرى بعد انكشاف حقيقة موقفهم
- الإرهاب تم تغذيته فى أحضان المخابرات الغربية
- هناك محاولات جادة لخلق إسلام على الطريقة الأمريكية
- الجماعة الإسلامية فشلت فى إعلان توبتها عن العنف المرتبط بتمويل أجنبى
- حوار الأديان يسعى لإخضاع جميع الديانات للإمبريالية
كان لزاما علينا ونحن بصدد إعداد هذا الملف الضخم أن لا نتوقف عند مجرد رموز من الحركة الإسلامية وأبنائها.. وإلا اعتبر الملف ناقصا تماما.. فكان يجب توقفنا عند رجل من الاتجاه المعاكس.. يحمل فكرا آخر.. لكنه فى ذات الوقت يراقب ويدرس ويبحث.. فتوقفنا عن الكاتب والمفكر اليسارى أحمد شرف الذى عاش تجربة سياسية كبرى مع كافة التيارات السياسية الموجودة على الساحة واقترب من الحركة الإسلامية واعتقل جنبا إلى جنب مع أبنائها.. وكان فى لحظة من اللحظات متحدثا باسم الحركة رغم التناقض بين الفكرين ..
وقد رصد لنا شرف عمليات الفرز التى تمر بها تيارات الإسلام السياسى بالمنطقة.. وكشف لنا عما يدور داخلها فى الوقت الراهن وما يمكن أن يحمله المستقبل لهذه الحركة.. وإمكانيات التنسيق مع الحكومات والتقارب الذى يمكنه أن يحدث بين كافة فصائل العمل السياسى.. بالإضافة إلى معلومات وحقائق أخرى كشفها لنا أيضا فى هذا الحوار..
*****
الحركة الإسلامية تقف الآن فى مفترق طرق.. وفى أخطر مرحلة من مراحل التحولات ..من وجهة نظرك أين تقف حركات الإسلام السياسى الآن؟ وهل تبتعد فى موقفها عن بقية التيارات الأخرى؟
الحركة الإسلامية تخضع حاليا لعملية فرز سياسى تشمل كافة التيارات السياسية الأربعة فى المجتمع الإسلامى والليبرالى واليسارى والقومى وهى تخضع لعملية تطور بنيانى وموضوعى وهذا التطور يضفى عليها بعض النضج فى جوانب منها وينزع عنها عدم النضج أو بعض الملابسات السيئة فى جانب آخر ..
وبالتالى هى دخلت فى مرحلة عدم التبلور.. وأقصد بذلك أن الحركة الإسلامية أو حركة الإسلام السياسى فى مصر كتيار وطنى نشأت نشأة ملتبسة. لأنها نشأت فى غير ما يجب أن تنشأ فيه حيث لم تنشأ فى مواجهة الاستعمار وأخذت نهجا براجماتيا يقتضى بالضرورة فكرة الوصول إلى السلطة وهذا فى حد ذاته جائز لكن هذه الفكرة جعلتها تنطلق من منطلق أن العالم منقسم إلى قسمين ديار الإسلام وديار خارج الإسلام وأخذ هناك صراع يشتد بين تياريين داخليين على أن يكون عالم الإسلام مغلقا فى أعضاء الحركة ذاتهم أو عالم الإسلام الممتد أى صراع الإسلام الطبيعى أم جماعة المسلمين .
وهذا الأمر أخذ ردحا طويلا من الصراع. وأدير فى الفترة التى بدا فيها أن الاستعمار التقليدى قد زال عقب أحداث الاستقلال وبالتالى أنا أتحدث عن مرحلتين :
مرحلة النشأة التى صارت مرحلة مختلطة ولم تنشأ فى مواجهة الاستعمار.. حيث نشأت جماعة الإخوان مثلا على أصول برجماتية قائمة على فكرة عدم تبنى نظرية حقيقية للصراع. وانحازت مع أحزاب الأقلية ضد الحركة الوطنية فى فترة من الفترات وانحازت لتيارات القصر ضد الحركة الوطنية وبعد أن تم الاستقلال نزعت فكرة العداء للاستعمار وبدت كما لو أنها قول بسيط وتركت النظرية الاجتماعية فتأصلت النظرة القائلة بديار الإسلام وديار غير المسلمين. وبدأت تسلم نفسها لفكرة الصراع بين ديار الإسلام وغير الإسلام .
ووسط كل هذا الجو نشأت كل ما يسمى بالانشقاقات داخل الحركة الإسلامية ..
حدث انشقاق القطبيين ثم انشقاقات الجماعات الإسلامية ثم تيار التوحيد ثم تيارات الجماعات الجديدة.. وكلها نشأت فى رحاب فكرة جماعة الإسلام المغلقة وجماعة الإسلام الطبيعية .
وفى الفترة الأخيرة وهى المرحلة الثالثة.. بدأ يظهر من جديد العدو الاستعمارى خلال فترة التسعينيات وبعد اشتداد الهجمة الإمبريالية الصهيونية وبدأ ظهور فكرة العدو الرئيسى وهو العدو الصهيونى ومن هنا بدأ الفرز الوطنى يعاد ترتيبه وامتد هذا المحور من الفرز إلى الحركة الإسلامية وبدأت من ثم الحركة تدخل درجة من درجات النضج الموضوعى لأن عليها أن تحدد موقفها من الاستعمار بطريقة لا لبس فيها أوغموض ولم يعد هناك مجال للعداء الكامن على أساس ديار الإسلام وديار خارج الإسلام. وأصبحت الحركة الوطنية فى مجملها فى مواجهة الحركة الاستعمارية فى مجملها. وهذا هو التطور الإيجابى الذى يقوى كافة الحركات الوطنية الأخرى وفى الوسط منها الحركة الإسلامية . وهذا التطور يجبر على الحركة الإسلامية بشكل خاص درجة من درجات التطور وهذا ما نلحظه الآن فى تركيا والذى يدفعنا إلى أن نتساءل بدورنا :
هل ما حدث فى تركيا أخيرا محاولة للتزاوج بين الكمالية أو الثورة الكمالية وبين الإسلام على أساس الانحياز لأوروبا والانحياز للاستعمار؟
وأعتقد أن إجابة هذا السؤال تخضع هى الأخرى لعملية الفرز الآن ..
وإذا ما أخذت الحركة الإسلامية جانب العداء للاستعمار فإنها سوف تعبر عن وجه حقيقى ..
وإذا ما تم استيعابها فإنها سوف تعبر عن القوى العميلة للحركة الإمبريالية .
إن القانون الرئيسى الذى يحكم الحركة الإسلامية السياسية هو الذى يحكم الحركة الوطنية فى مصر وفى العالم العربى والإسلامى.. وهو تحديد الموقف من القضايا الموضوعية من العداء للاستعمار والصهيونية وهذا ما أحدث نوعا من الالتباس فى لحظة من اللحظات .. حيث ثبت فى لحظة أن كلهم جميعا أعداء الاستعمار والاشتراكية وبالتالى يسقط الشيطان السوفييتى ويقوم بتوسيع الطريق لنا من أجل مواجهة الشيطان الآخر دون التفرقة بموضوعية بين أن هذه إمبريالية وهذه حركة معادية للإمبريالية والآن عقلاء الحركة الإسلامية يترحمون على قتل الاتحاد السوفييتى .. لا لأنهم يريدون ممارسة الاستقواء على العدو بعدو آخر فهم يمارسونها الآن بدرجة من درجات الانتهازية السياسية فالقضية مختلفة لأننا أساسا فى معسكر معاداة الاستعمار.. وهذا اقتراب من النضج فى التيار الإسلامى لأننا يجب أن نسأل لماذا فشل فى تقديم برنامج حتى الآن؟ ولم يقوى على تقديمه؟
والإجابة تكمن فى أنه كان يعانى الخواء النظرى أو الأيدلوجى ولم يكن هناك تبلور أيدلوجى .. أو موقف أيدلوجى متبلور. والموقف الأيدلوجى مهم جدا حيث أن لدينا فى التطور الدينى فى الأديان السماوية.. عندنا دين مغلق وهو الدين اليهودى.. وجاء الدين المسيحى لكى يكون دين الكافة وأممته الإمبراطورية الرومانية القديمة وحينما ثارت مصر على ذلك ظلت مسيحية مصر مسيحية وطنية أشبه بالمسيحية الوطنية منها إلى المسيحية العامة .
وفى الإسلام أيضا هناك نظريتان تتجاذبه هى نظرة إسلام العامة. وإسلام القبيلة ابتداء من الإسلام الهاشمى والتشيع لآل البيت إلى الإسلام المفتوح لكل التيارات.. وأنا هنا لا أدخل فى صراع الشيعة والسنة بل أدخل فى الموقف الأكثر عمومية وهو :
هل الإسلام هو دين الكافة؟
هل هو تبشير للكافة؟
إن الإسلام كان ولازال بمثابة أداة يمكن أن تستخدمها فى التقدم وتستخدمه فى التأخر.. ولكنه أيضا فى صميم كونه أصل من أصول الأمة لم يكن فى يوم من الأيام عقبة أمام التقدم .
تأخر
بعد حوالى قرن من الزمان لازال البعض يتحدث عن عمليات تحول ونضج وفرز داخل الحركة الإسلامية.. ألم يتأخر هذا الفرز قليلا؟
نعم بالفعل لسبب بسيط للغاية أن الصراع لم يتم قراءته بشكل صحيح حيث ظلت حركة تيار الإسلام السياسى منذ العشرينات وحتى عهد قريب يسيطر عليها موقف واحد فقط رئيسى هو أن هناك فريقين :
فريق الإسلام.. وفريق خارج ديار الإسلام .
ولم تفرز القضايا أى فرز آخر ذا بال لأن الإسلام يشكل عقيدة ودين ولا يشكل رابطة اجتماعية. أى ليست هناك أمة إسلامية بل عالم إسلامى لكن فيه أمة عربية لأن مقومات القومية العربية مقومات لها أصول من أصول الاقتصاد والتاريخ واللغة المشتركة..
والقضية هنا أن هذا التأخر فى النضج السياسى نبع من التباس المفاهيم ونبع من أن الفرز الموضوعى لم يتواجد إلى الآن ولذلك فإننا اليوم كلنا فرحنا بالتغيرات التركية الأخيرة ولكن هذا الفرح اختفى بسرعة وبدأ فى نظر العقلاء بفترة من الانتظار وفى نظر المتشائمين بفترة من الإدانة لأننا إزاء إسلام أمريكى.. إسلام ينادى بالاندماج فى المجتمع الأوروبى وينادى بضرب العراق.. إسلام أمريكى أى إمبريالى وهو بعيد عنى كإسلام.. لأنه إسلام تابع.. يكرس للتبعية.. أو بمعنى أصح هى حركة إسلامية تدعى الإسلام وهى حركة مكرسة لخدمة الاستعمار ..
ونقط الفرز فى السياسى هى نقط سياسية وموضوعية وليست نقط دينية ولا عقيدية وفى الدين اليهودى نقاط إيجابية ونقاط سلبية. وفى الدين المسيحى كذلك لكن أكثر الأديان سماحة هو الإسلام لأنه جاء للناس كافة .. وقضية المخاطبة بالاختلاف قضية رئيسية فى الإسلام وبالتالى حصره فى أمة ليس صحيحا وتعبير الأمة الإسلامية تعبير خاطىء بالمعنى الأكاديمى.. فلا توجد أمة تقوم على جزء من الاعتبار الثقافى لأن الدين جزء من مكونات الاعتبار الثقافى ومن هنا تكون جريمة الصهيونية أنها تجعل من جزء من المقوم الثقافى الناشىء أو المترتب على ممارسة الديانة اليهودية أساس لقيام قومية أو رابطة أمة وهذا غير الواقع .
اتصالات وتنسيق
أنت تدين الإسلام على الطريقة الأمريكية فما رأيك فى بعض الجماعات التى تحاول الاتصال بأمريكا لإثبات حسن النية وإثبات أنها جماعات لا تمارس العنف سبيل؟ وأنها ضد ضرب المدنيين ..
أليس ذلك خروجا على دورها الوطنى الذى تؤكده .
هناك قضية يجب أن نضعها فى الحسبان الآن وهى قضية الإرهاب.. فهو أساس واستصلاح أفعال ومسالك استعمارية وإمبريالية وعندما يوجد الإرهاب فتش عن الاستعمار .. حتى لو لبس الإرهاب عمامة وعلى سبيل المثال فإن تنظيم القاعدة تنظيما مخابراتيا أى تم إنشاؤه فى المخابرات الأمريكية.. والمنظمات الدولية للإسلام مثل تنظيم الترابى للجماعات الدينية الدولى أو تنظيم الإخوان الدولى بها جميعا شبهة ارتباط بالاستعمار.. بينما الإسلام المقاوم لم يكن تنظيما دوليا.. وعلى سبيل المثال أتحدى أن يثبت لى أى إنسان أن حزب الله به كوادر من أفغانستان مثلا؟ .. مستحيل أن يكون به كوادر من الأفغان العرب لأنه لم يلوث بالتربية فى مدرسة الإمبريالية حتى مقاوموا حماس رغم أن فكرهم مختلط سياسيا إلا أن المقاتلين أيضا لا يقربون من قريب أو بعيد لفكرة الأفغان أو التربية على أيدى الأمريكان وبالتالى فإن طلب العفو والسماح والإذن من أمريكا على أنها تحارب الإرهاب جوهر الخطأ لأن أمريكا هى قائدة الإرهاب نفسه والإمبريالية والإرهاب فكر استعمارى مع ملاحظة أن مقاومة الاحتلال ليست إرهابا بأى حال من الأحوال وبالتالى لا يوجد مقاومة إرهابية أبدا فى التاريخ كله. لكن درج الاستعماريون من بداية القرن العشرين على تسمية حركات المقاومة بالإرهاب. لأن أساس الفكر الإرهابى أنه فكر استعمارى. وعندما وقع حادث الأقصر قلت: فتش عن الاستعمار وبالتأكيد خلف هذا الحادث تنظيما صهيونيا إمبرياليا حتى لو كانت لابسة عباءة مصرية إسلامية فهم عملاء حتى لو لم يشعروا لأنه من الممكن أن يكونوا مدعومين من قبل قوى أخرى وبالتالى أية محاولة للقول بأن أمريكا هى التى تعطى الضوء الأخضر أو السماح بالعمل فإنه يكون مماثلا لتركيا التى بدأت فى الدخول لنكسة كارثة.. لأن الإسلام كان يمثل درجة من درجات الاستقواء للهوية التركية المعادية للاستعمار وغير الذائبة فى الاستعمار ضد ما يسمى العلمانية الكمالية التى أدمجت تركيا فى الفكر الاستعمارى السائد فى الغرب ..
تطوير وفرز
قلت إن هناك محاولة تطور داخل التيارات الإسلامية.. والبعض الآخر قال إنه من المتوقع خروج تيارات وفصائل أخرى بعد ذوبان التيارات الحالية!!
هناك معياران مرتبطان معا .. (الفرز والتطور).
التطور لن يتم بدون فرز. ولابد من فراق بين قوى وقوى.. والفرز أساسه الموقف من العدوان الإمبريالى الصهيونى فى مواجهة العالم كله بما فيه الغرب نفسه. والمجتمع الأمريكى ذاته يواجه عدوانا صهيونيا عليه وبمقدار تحرر الشعب الأمريكى نفسه من العدوان الإمبريالى الصهيونى سوف يكون محررا أو تابعا أو مستعبدا ..
وكذلك نحن فى الشرق وفى كل الأماكن وهذا الفرز يعمل فرزا حقيقيا فى كافة التيارات وينقسم هذا الانقسام وتصدق القولة الذهبية لزكى مراد الذى قالها عام 1979م "لقد تحددت الخنادق وأصبح هناك خندقان.. خندق الوطن وأحباؤه وخندق أعداء الوطن وخونته.. لا تقل لى أنت شيوعى أو إخوانى أو وفدى أو ناصرى لكن قل عمن تدافع أقل لك فى أى الخندق تقف " ..
والوضع الآن يقول: إن هناك شيوعيا يقف فى معسكر الاستعمار والإمبريالية والصهيونية وشيوعى يقف فى المعسكر المضاد وهناك الآن إسلام يقف فى المعسكر الغربى الاستعمارى الإمبريالى الصهيونى وهناك الآن أيضا إسلام يقف فى المعسكر المعادى. وهناك ليبرالى يقف كذلك وآخر فى المعسكر المضاد.. ومن ثم فإنه سوف ينشأ إسلام تحرير افتقدناه فى السنوات الأخيرة وهو إسلام تحررى مثل إسلام حزب الله وحماس والجهاد .
هل أنت مع الاستعمار والإمبريالية والصهيونية أم ضد هذا؟
تلك هى القضية.. وليست القضية هل أنت مع التحديث أم ضده مثلا؟
أو مع أو ضد الديمقراطية .
حوار
فى إطار عمليات الفرز التى تتم هل يمكن حدوث تلاقى بين بعض الفصائل الإسلامية وبين الحكومات العربية؟
بمقدار الوضوح حول الفرز الموضوعى ونتيجة وضوح هذه الصورة اندفعت القوى الغربية لاصطناع معركة فرز جديدة يريدون بها التشويش على الفرز الموضوعى وهى معركة هل أنت مع الإرهاب أم ضده؟
لا يوجد شىء اسمه إرهاب فى قاموسنا نحن فالإرهاب صنيعة استعمار .. وأنا شخصيا مع الإرهاب طالما أنه إرهاب مقاوم للاستعمار لأنه فى هذه الحالة لا يصبح إرهابا .. بل مقاومة للمخطط الاستعمارى الصهيونى. وضد أى فعل. وتنظيم القاعدة مثلا أسس على أيدى الاستعمار والصهيونية وإذا كان انشق الآن ودخل فى مرحلة التحرر فإنه سوف يتخلى عن الأفعال الإرهابية وسيقيم فعلا مقاوما. وبالتالى فى هذه الفترة بالذات تنشط قضية إيجاد إسلام أمريكى نسخة جديدة من الإسلام الأمريكى على النمط التركى وعلى النمط المغربى وعلى نمط ما يحدث فى إيران. ومن ينشط فى هذا الاتجاه هم الأمريكان ومروجيهم. وقد بدأت جريدة الأهرام فى نشر مقالات عن ضرورة إيجاد إسلام جديد أى إسلام غربى تابع .
هناك الآن محاولة للفرز الموضوعى والعقلانى والمطلوب لكن هناك فى نفس التوقيت فرز مصطنع لخلق نسخة مضروبة لهذا الفرز للتشويش على العملية الأصلية التى تجرى فى واقع الأمر. وكل الفصائل سوف تنساق إلى الفرز الموضوعى أو المصطنع.. وعلى سبيل المثال فإن اليسار اليوم يكاد يكون خادما رئيسيا للمخطط الإمبريالى الصهيونى فى مصر وللأسف فإن قيادات شرعية تبدو رسمية لليسار هى التى تعبر عن هذا التوجه حاليا وأقول هذا رغم أننى رجل يسارى .
والسؤال الآن :
هل العداء التقليدى والضرورى لليسار ضد الاستعمار والصهيونية قائم لدى هؤلاء؟
بالطبع ليس قائما.. وبالتالى ومثلما يحدث فى اليسار يحدث فى تيارات الإسلام السياسى ..
هناك إسلامى مطبع مع أمريكا.. هادىء ومهادن.. ويؤكد بصفة مستمرة أنه ليس مع الإرهاب بل ضده فى محاولة لنيل رضاء أمريكا وأنه يمكن أن يكون أكثر أمريكية من أمريكا مثلما يحدث حاليا فى تركيا.. حيث أصبح الإسلام هناك متهما بأنه إسلام منحاز لأمريكا وحتى الآن لم يثبت العكس والإسلام التقليدى انزوى وتم ضربه.. من خلال حزب العدالة الذى أعلن عن موافقته على ضرب العراق قبل أى طرف آخر ..
فهل ذلك إسلام؟
إنه إسلام استعمارى إذن وأمريكى.. مثل الإسلام المغربى الذى يعتبر أقرب للصهيونية منه إلى الإسلام.
اعتذار تاريخى
لم تعلن أحد الفصائل الإسلامية رأيها بوضوح وعلنى فى قضايا وطنية محسومة خاصة بعد سبتمبر.. هل لأنها تخاف من النتائج؟ أم أن ذلك يدخل فى مرحلة الفرز أيضا؟ .
التطور اليوم يرتبط بالفرز.. والصراع على أشده الآن وأنا الآن أرى أن من يتأخر فى هذه المهمة سوف يتنكب طريقه لكننى أدعى أن هناك قوى إسلامية تنضج وتقدم اعتذار تاريخى الآن عن دورها فى إسقاط الاتحاد السوفييتى كقوة مقاومة للاستعمار.. وقد عقد حزب الوسط منذ عام ندوة عن تقييم تجربة الالتحاق بفصائل المجاهدين فى أفغانستان والدور فى إسقاط الاتحاد السوفييتى وتحدث بعض المحللين عن سطوة المخابرات الأمريكية فى ذلك الموقف وتبرأوا من هذه التجربة ووجهوا نقدا لها .. وهو نوع من الشجاعة الأدبية الواعية التى تنتج حركة واعية محترمة وحركة قوية لأنها تقوم على النقد الذاتى وأنا لا أنكر أن هناك اليوم فصائل إسلامية يشتد عودها وساعدها داخل القوى الإسلامية بما فيها داخل الإخوان أيضا يناصبون العداء للاستعمار وللصهيونية ولذلك فأنا مدرك تماما أن المرحلة الآتية سوف تسفر عن الآتى :
حركة إسلامية معادية للاستعمار والصهيونية
وحركة إسلامية منصاعة وتابعة للاستعمار والصهيونية أيضا
وحركة ثالثة تثير البلبلة والوعى وهى احتياطى إستراتيجى للثانية
وتميزنا فى مصر أننا لسنا مثل تركيا حيث ناصب الشعب التركى العداء للكمالية ولليمين المحافظ التقليدى واليسار المحافظ التقليدى فكنسه كله لأنه وجد فيه ضياع الهوية التركية فى مواجهة الاحتلال الغربى واستقوى بمن يمكن أن يشكل سندا للهوية التركية وهى الحركة الإسلامية فإذا بالحركة الإسلامية تلك تظهر أنها أكثر موالاة للاستعمار وأكثر تخلى عن الهوية التركية من سالفتها وهو ما سيخضع للفرز أيضا ..
مراجعة ناقصة
تابعت مثلما تابع غيرك عملية التحول الكبرى فى تاريخ الجماعة الإسلامية وهى المراجعات الأخيرة.. فما رأيك فيها كرجل يسارى؟
أشجعها لكننى أرى أنها ناقصة لأن التوبة يجب أن تكون عن العنف الذى ارتبط تمويلا ومساندة بالحركة الإمبريالية وهذا ما لم تقوى على النقد فيه بأسلوب هادىء لأن كل العنف السابق لها ارتبط بمخطط أجنبى وليس هناك عنف أو إرهاب بالمعنى الإصطلاحى ينشأ بدوافع وطنية أو تحررية أو دوافع ديمقراطية وعليها أن تواصل تأصيل توبتها وتأصيل اعتذارها فى أنها استعارت مع صدق النوايا أساليب استعمارية أو أساليب أعدائها لكن كون أنها ترد إلى عوامل فقهية إسلامية أو غير إسلامية فهذا أمر غير صحيح .. لأن هناك إسلام تابع وإسلام مقاوم للتبعية.. وإسلام المقاوم للاحتلال والعدوان وهناك إسلام مستسلم والخاضع والخانع ..
ونحن على دراية بأن الإسلام ليس تيارا واحدا والعقيدة تستقيم ويعبر عن استقامتها الأسوياء والعقيدة تلوى عنقها ولا تستقيم إذا عبر عنها غير الأسوياء .
دعنى أسألك توضيحا عما تعانيه بكلمة "الإسلام ليس تيارا واحدا"؟
أقصد بأنه عقيدة واحدة ودين واحد.. لكنه تيارات اجتماعية وسياسية متعددة. لأن العقيدة والدين فى النهاية شىء مجرد.. فمن كان قويا فى الجاهلية فهو قوى فى الإسلام.. والعقيدة يمكن أن تلوى ذراعها وممكن أن تستقيم.. ويلتوى فهمنا لها والاعتقاد فيها.
ذوبان
هل من الممكن أن تنجح بعض الفصائل فى تطوير نفسها أم من الممكن أن تعمل على ممالأة الحكومات وتذوب فيها؟
ذكرت أن توبة بعض الفصائل الإسلامية ناقصة فى حد ذاتها إذا تم ممارسة التوبة بنقد ذاتى يرى تأثيم هذا الفعل لأنه فعلا مستعارا من الجعبة ومن الترسانة الاستعمارية الصهيونية .. وإذا تم التوقف عند ذلك الحد فإن المحاولة فى هذه الحالة تعتبر محاولة لإحياء تراث المخاتلة والمخادعة والميكافيللية التى ارتبطت بنشأة الإسلام السياسى. حيث تبنى الإسلام السياسى الفكرة الميكافيللية وهى فكرة التقية. أى هناك وجهان وجه مع العدو.. ووجه مع الأحبه.. وهذه مخاتلة ومخادعة والمقاومون لا يخادعون.. قد يضعف إلى أن يستقوى لكن فى ظل موقف معين .
علاقة
هل أنت راضٍ عن علاقة اليسار بالحركة الإسلامية؟
هناك تيارات متعددة فى الحركة الإسلامية وفى اليسار أيضا.. فمثلما يوجد تيار معادى للاستعمار فى الحركة الإسلامية فهناك تيار مماثل فى اليسار ومثلما يوجد تيار مطبع مع الاستعمار فى الحركة الإسلامية هناك كذلك تيار مماثل فى اليسار وكلا التيارين سوف يتوحدان ويكون لهما علاقة مشتركة كل تيار مع المماثل له .
أنصار الخندق الأول فى الخندق الأول
وأنصار الخندق الثانى مع أنصار الخندق الثانى .
والمقاومة لها مؤيديها
هذا عن القضايا الوطنية العامة المعروفة .. فماذا عن الموقف من القضايا الإجتماعية الداخلية؟
وحتى فى القضايا الاجتماعية وكافة القضايا الداخلية سوف تجد فرقا مختلفة وأصحابها سوف يلتقون من كافة التيارات سواء إذا كان تيارا شيوعيا أو ليبراليا أو إسلاميا ..
ودعنى أسألك هل ممكن أن تتحدث عن الديمقراطية دون وضعها من الموقف الخارجى ؟
لا يمكن .. فمثلا هناك بعض المدافعين عن الديمقراطية الذين يركبون بعض المنظمات الحقوقية هذه المنظمات تدافع مثلا عن حق تقرير المصير فى الجنوب السودانى.. فهل هذه ديمقراطية؟ وكيف تدافع عن انفصال الوطن الواحد؟ إنها ديمقراطية استعمار وبالتالى هذا يروج لمخططات الاستعمار ضدك.. بعضهم مع الأسف كان شيوعيا وبعضهم إسلاميا وعلى شاكلة هؤلاء كثيرون من المدافعين عن مزاعم الديمقراطية.. من الحقوقيين الذين أثبتوا أن حركة حقوق الإنسان حركة مخترقة ضد مصلحة الشعوب وحركة إزدواج المعايير .. وموالين بقوى أجنبية .. وهؤلاء اليساريون الذين يتقلدون مناصبهم داخل حركة حقوق الإنسان استلموا هذا الإرث من الإسلاميين أى أن الكل متهما والقضية هنا أن كله يخدم على ذات شركاء الخندق ..
حوار شكلى
كانت هناك ذات لحظة محاولة للتقريب بين القوميين والإسلاميين.. لماذا توقف هذا الحوار؟
لأنه كان حوارا شكليا وحوارا يتم فى إطار مجموعة من الأرزقية وبه درجة من درجات التمويل الأجنبى تماما مثل حوار الأديان ومجمع الأديان الذى يتبناه بعض الشخصيات التى لا صلة لها بالقضية.. فهو مثلا ليس حوارا للأديان بل يعمل على إخضاع كل الأديان للإمبريالية .
لقاء
هل من الممكن أن تلتقى كافة التيارات السياسية على مائدة واحدة من أجل توحيد هدفها؟
الملتقى العربى لمواجهة الصهيونية عقد ندوة حول إمكانية التقاء كافة التيارات السياسية فى الأمة أو فى الوطن لمواجهة الصهيونية وكان موجود رموز من كل التيارات.. ناصريون وإسلاميون وشيوعيون.. واتفقنا على خطة موحدة لمواجهة العدو الخارجى ..
هذا عن العدو الخارجى فماذا عن التحديات الداخلية؟
العدو الخارجى له امتدادات داخلية.. فهل اليوم ناهبوا أموال الوطن أبرياء من التبعية للاستعمار الخارجى؟ لا أعتقد .
والعبرة هنا بوقوف هذا التيار أو ذاك من معسكر الاستعمار أو ضد المخطط الإمبريالى الصهيونى المعتمد على قاعدة وطنية .
والمقاومة هنا ليست مجرد كلمات وتصريحات فهنرى كوريل مثلا وكتاب يرفعون شعارات عديدة فى كتابهم حول مقاومة الاستعمار وأنهم ضده وفى نفس الوقت يعملون من أجل تسييد رابطة قومية على أساس دينى وهى الصهيونية فى فلسطين وإعطاء جماعات قومية متعددة الأعراق صفة الشعب والأمة فى إسرائيل أقول أن ذلك استعماريون.. ويخدمون أهداف الاستعمار لأنه أحضر شتات قومى من أجل إنشاء حركة استيطانية استعمارية تفصل شرق الأمة العربية عن غربها وبالتالى يعمل على ضرب فكرة الوحدة العربية والحق المشروع للأمة فى أن تكون دولة واحدة. ولا يهمنا إذن أن يكون شيوعيا أو مسيحيا أو إسلاميا أو برنيطة خواجة يهودية.. لا يهمنا كل ذلك بقدر ما يهمنا هنا الهدف والغرض والموقف الحقيقى من الاستعمار .
فشل
لماذا فشل اليسار السياسى مع القوى الأخرى فى تشكيل جبهة واحدة ؟
لا ندعى أن هناك نجاحا كاملا أو فشلا كاملا بل هناك رابطة نشأت قديما بين القوى التحررية والقوى التحرر العالمية إبان الاتحاد السوفييتى وإبان الفترة الحالية التى تنشأ فيها حركة مقاومة العولمة والتيار الاستعمارى الحديث هناك درجة من درجات التنسيق لكن هذا التنسيق دون المستوى ونحن حاليا خارجون من فترة ظلام لم تكن فيها الأمور واضحة ولم تكن فيها الخنادق واضحة والمعسكرات ليست واضحة واختلط فيها الحابل بالنابل. والآن ميزة فترة الراهنة أنها تخضع للفرز الذى يتم على ضوء بسيط من النور يقول إن المخطط الإستعمارى الإمبريالى المعتمد على قاعدة فى الداخل هو الشر الأعظم. هذا الأمر واضح بمقدار.. وعندما يدعى أحدهم مثل خالد محيى الدين الذى يدعى البعض أنه زعيم اليسار الذى أعلن أخيرا عن اختلافه مع عبد الناصر والسادات وأن العصر الذى نعيش فيه هو أفضل العهود فإنه بذلك يعبر عن رأيه الشخصى وليس رأى اليسار لأنه يعبر عن أوجه استفادته من العهود الماضية.. فناصر كان بطل تحرر وطنى والسادات كان خائنا وطنيا ومبارك ليس كله إيجابيات وليس كله سلبيات أيضا .
وهناك آراء وأفكار شتى بين كافة التيارات السياسية الموجودة على الساحة وهناك من يمثل الجميع .. ومن يمثل نفسه .. ومن يمثل الفرقاء ..
لكن رغم كل ما ذكرت إلا أن بعض الفصائل الإسلامية تنفى وجود الآخر بجوارها وأنها المعبر عن الفصيل الوطنى؟
هذه الفصائل تواجدت من أثر الفترات الماضية فى تطور الإسلام السياسى وللاسف لم تتواجد فى الإسلام السياسى فقط .. فالماركسيون والاشتراكيون قالوا إنهم يعبرون وحدهم عن الطبقة العاملة بينما نحن نعبر عن التيار الثورى فى مصالح الطبقة العاملة لأن هناك تيارا رجعيا أيضا يعبر عن مصالح كاذبة فى الطبقة العاملة . وخرج الوفد فى لحظة من اللحظات وقال إنه الأمة والمعبر فقط عنها.. وجاء الناصريون ليؤكدوا أنهم الشعب وأنهم تحالف قوى الشعب العاملة وإدعاء الشمولية السياسية إدعاء قائم فى كل الحركات السياسية فى مصر وأقلهم تورطا فى التمثيلية هم الاشتراكيون وأكثرهم تورطا هم الإسلاميون.. لما عزلوا الجميع فى خندقين.. ديار خارج الإسلام وديار داخل الإسلام.. وهذه هى السياسى ينضج الناس بمقدار نظرتهم للقضايا العامة خاصة القضايا الوطنية .
ولذلك فإن الإسلامى المقاوم للاستعمار والصهيونية أقرب إلى كشيوعى من الشيوعى المنضوى فى صلب المخطط الاستعمارى الصهيونى .
والإسلامى المنضوى فى ذيل المخطط الاستعمارى أبعد للإسلامى المقاوم للمخطط الاستعمارى. وهذا هو جوهر التطور السياسى الذى يتم التشويش عليه اليوم. والإسلام السياسى إذا ارتدى العباءة الأمريكية فلن يفيد الإسلام مثلما يحدث فى تركيا .
وميزة الإسلام أنه ليس متصادما مع حركة المجتمع ولا يستطيع أن يركب أحدا موجة الإسلام فى مصر لأن الإسلام فى مصر إسلام مصرى.. ذو طابع قومى مصرى.. شعب نسيجه واحد.. شعب لا يمكنك تفرقته.. ولا يمكنك أن تنشأ فيه شعب سنى وآخر شيعى.. وتستطيع أن تفرقه لفصائل عديدة بالمعنى الدينى .
وقد حدثت معى تجربة وموقفا فى هذا الشأن إبان اعتقالات عام 1981 حيث كنت مسئولا عن جماع السياسيين الشيوعيين والقوى الأخرى وكان حلمى الجزار مسئولا عن التيارات الإسلامية بمن فيهم الإخوان وقد طلب أعضاء التكفير والهجرة من إدارة السجن أن أمثلهم أنا فى الإدارة وليس حلمى الجزار لأننا كنا نعطيهم الطعام فى رمضان بينما يمنعه عنهم الآخرون من الفصائل الإسلامية الأخرى باعتبار أنهم شركاء لنا فى الوطن فوعوا الدرس وطلبوا أن أكون أنا ممثلا ومسئولا عنهم .. فقلت لهم: الفصائل الأخرى أقرب لكم منا؟ فقالوا: ومن قال ذلك ونجحوا فى أن يقننوها دينيا.. وهو اختلاف على سلوك اجتماعى وليس اختلاف على عقيدة. وكل شخص يغرف من بحرها كما يراها.. فإذا استقمت فى تفسيرها كانت مستقيمة وإذا التويت هى لن تلتوى بل أنت الذى يلتوى ..
مجرد جنازة
دعنى أسألك.. هل رأيت جنازة مصطفى مشهور المرشد العام للإخوان؟
لا .. ولكن قيل إنها بلغت 15 ألف مشيع.
غير صحيح .. بل كانت حوالى نصف مليون
وليكن.
حدث ذلك رغم الحصار الأمنى.. والجنازة سارت بطريقة عجيبة.. شباب فى عمر الزهور ينصاع لأوامر قياداته فى مكتب الإرشاد ..
قل لى من الذى سيطر على فكرهم بهذه الوسيلة والانسياق بطريقة عجيبة؟
ودعنى أسألك أنت: من الذى جعل هذه الحركة فى تركيا تحوز هذا الإعجاب؟
السبب أن هناك اهتزازا للهوية فى مواجهة الاستعمار.. والجميع فى حاجة إلى هوية حقيقية تعبر عن الكل .
واليوم هناك اهتزاز فى صورة الهوية فى مصر.. وبالتالى الإسلام السائد فى مصر حاليا اليوم جراء محاولة إحياء الهوية الإسلامية المصرية الصميمة لكنها لم تأت جراء فصيل إسلامى معين.. ولو ركب التيار الإسلامى السياسى ولم يحقق الهدف سوف ينقلب عليه الناس.. والشعب المصرى له معارك ونكت فى ذلك الشأن .
ولماذا لم يفعل التيار اليسارى مثلما فعلت جماعات الإسلام السياسى ؟
لأن زعماء الحركة اليسارية تنكبوا طريقهم وأصبحوا خدما للاستعمار ودليلنا فى ذلك من يدعى أنه زعيم اليسار حيث حدد موقفه من الحكومة على أساس مصلحته الشخصية ومنفعته على أساس سجن أو لم يسجن.. استفاد أو لم يستفد ومثل هذا اليسار لن يكون له أى جمهور لأن حكايته انكشفت ومن لم يتم اكتشافه مثلى فالدور قادم عليه. فقط يأتى الفرز.. وهو الذى يحدد الوضع .
الناس أساسا معبأة ضد الاستعمار.. وضد ضياع الهوية.. وليس أدل على ذلك من انفجار المظاهرات تضامنا مع الانتفاضة صغيرا وكبيرا فهل ذلك صنيعة تيار بعين ؟
كلا بالطبع هو صنيعة وضع عام .. حتى أن ابنة ابنتى التى تعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية وهى طفلة الآن تردد أغانى وطنية من نوعية "القدس هترجع لنا" فمن الذى شحنها؟
هل هم الإخوان؟ أو اليساريون؟
كلا بالطبع أنها جراء وضع عام يعيشه الجميع فى الوطن العربى .
وبالتالى سوف تجد الإخوان يسير فى جنازاتهم الآلاف ماظلوا معادين للاستعمار وللمخطط الاستعمارى الصهيونى كما ذكرت. لكن وحتى نكون موضوعيين لابد أن نؤكد على أن حركة الإسلام السياسى حركة لم يتم فيها الفرز بعد .. خاصة وأن 35% من رؤس الأموال فى مصر فى يد الحركة الإسلامية والباقى فى يد الحركة المسيحية والحركة العلمانية . وبالتالى فإن هذه الحشود التى سارت فى جنازة المرشد ليست سوى توجه عام وليس انسياقا خلف فصيل بعينه.. والدليل على ذلك أنه وإذا قامت ثورة ضد المستعمر وخدمه فإن الجميع سوف يتصدى لأصحاب رءوس الأموال من الإخوان الذين يقتربون من مخططات هذا الاستعمار ويعتبرون جزءا منه.. ويتصدون لأصحاب رءوس الأموال المسيحيين أيضا بقدر اقترابهم أو ابتعادهم عن هذه المخططات .
وبالتالى فلا يهزنى هذه الحشود.. لأنها سوف تسير فى جنازة أى زعيم وطنى أيضا.. والدليل على ذلك أن ملايين سارت فى جنازة عبد الناصر الذى اعتقل الإخوان وتم تعذيبهم فى عهده .. ولما مات السادات لم يسر فى جنازته سوى بيجن وكارتر. ونحن فى ذلك شهداء واقعة حيث لم يكن هناك أى دافع شعبى للسير فى جنازته ولما مات عبد المنعم رياض الشعب أيضا سار فى جنازته ولما مات مصطفى النحاس لم ينساه الشعب وسار الجميع خلفه حشودا والناس إذن مع القوى الوطنية وعقلاء الإخوان سوف يؤكدون لك ذلك أيضا أن هذه الحشود التى سارت فى جنازة المرشد ليست دليلا على قوتهم بقدر ما هى دليل على استقامة موقف معين أو عدم استقامته لأن الإخوان مازالوا يحسبون حتى هذه اللحظة على القوى المعادية للاستعمار وهم خاضعون للفرز الآن أيضا مثل غيرهم.. والقضية ليست فى قوة تيار بعينه. ولما ماتت مثلا سعاد حسنى خرج فى جنازتها الكثيرون مثل المرشد.. لأنها عبرت عن أحلام هذا الشعب البسيط.. ولو ماتت فنانة مبتذله ولها كل السطوة فلن يسير فى جنازتها الكثيريين لأنها لم تعبر عن هذا الشعب وأحلامه وهويته .
واستشراء ظاهرة الحجاب اليوم لا تعبر إلا عن تماسك الناس بهويتهم الوطنية التمايز فى بيئة تخضع للعولمة الرأسمالية و للمخطط الاستعمارى ولسيطرة التيار الاستعمارى باعتباره تيارا رئيسيا فى الثقافة الغربية الآن وهو ما يجعلنى مثلا شيوعيا وزوجتى محجبة لسبب بسيط للغاية وهى أنها تعبر عن هويتها الوطنية بهذا الحجاب .
اختلاط
هل من الممكن أن يحدث لقاءً بين الدولة وبين بعض الفصائل الإسلامية؟! وألا يهز ذلك هيبة الدولة؟!
من المؤكد أنه فيما يسمى بعملية الفرز سيحدث اختلاط بين كافة التيارات وبعضها وإعادة الإصطفاف هنا قائمة.. وجيش الخونة لا ينقصه إسلاميون لأنه فى الأساس مزود بالإسلاميين وجيش التحرر أيضا لا ينقصه الإسلاميين لأنه مزود بهم. وجيش الحكومة لا ينقصه إسلاميين. وعندنا مهندس عملية الانتقال للصلح بين الإسلاميين والحكومة كان عثمان أحمد عثمان شخصيا وهندس هذه العلاقة التى دامت والدولة فى عهد السادات ومبارك أقرب إلى الإسلام السياسى من أية جماعة أخرى حتى لو تمت بعض المصادمات ..
ورغم ذلك فأنا أؤكد أن التنظيم الدولى للجماعة الإسلامية الذى يشرف عليه حسن الترابى نفسه كان خاضعا لأمريكا.. و تحديدا للمخابرات الأمريكية.. والتنظيم الدولى للإخوان نفسه خاضع لأمريكا والمخابرات الأمريكية ورأس المال الدولى والاحتكارات الدولية .. ومن ثم فلا يوجد فصيل يحمل فى ذاته علامة الجودة ..
هناك الإسلامى الخائن والإسلامى المقاوم .. وحزب الله قوى عوده عندما نضج فى مواجهة الاستعمار والصهيونية وقبل ذلك كان متنكبا طريقه وكانت تقوده المقاومة والقوى اليسارية التى تنكبت طريقها فيما بعد .
إذن مبادلة الأدوار هنا هى بقدر وضوح الفكرة فى مقاومة الاستعمار وهذه نقطة الفرز الرئيسية .
جريدة شباب مصر
العدد 37 19ديسمبر2006 م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.